الكأس المقدسة - جين ينظم جهاز المناعة

بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 772 - 2004 / 3 / 13 - 09:50
المحور: الطب , والعلوم
    

وجد العلماء برئاسة د. جوزيف بـنيـنجر من مستشفى الأميرة مارغريت في تورونتو-كندا جيناً ينظم جهاز المناعة، فأطلقوا عليه اسم الكأس المقدسة Holy Grail، وهي الكأس التي استعملها المسيح في آخر عشاء له، أو الجين سي دي 45 CD45))، وقد نـُشر البحث في مجلة نيتشر في 18-1-2001. أما كيف يعمل هذا الجين؟ لا بدّ لنا من إعطاء فكرة مبسطة عن عمل جهاز المناعة. من المعروف أنَّ في الجسم كريات دم حمر وبيض، وهذه الأخيرة تقوم بمهاجمة (المتسللين) إلى الجسم، مثل الجراثيم والفيروسات وكل جسم غريب ( خلية سرطانية مثلاً)، فتقضي عليها. وتكون الخلايا اللمفاوية القاعدة الفعالة لجهاز المناعة، حيث يوجد في جسم الإنسان ما يقرب من تريليون خلية. هذه الخلايا تكون على نوعين : خلايا اللمف ب ( B) وخلايا اللمف ت ( T ). تنتج الأولى المضادات البروتيـنية ( Antibodies ) أو ما تسمّى بـ (إميونوغلوبيولين Immunoglobulins). أما الخلايا (ت) فتنقسم إلى قسمين، الخلايا ( المساعدة ) التي تشخِّص الجسم ( الغريب ) وخلايا الجسم التي أصابها التلف نتيجة الإصابة والخلايا السرطانية، فتعطي هذه المعلومات ( جهاز استخبارات ) إلى النوع الثاني من خلايا (ت) المسماة بالخلايا ( القاتلة ) لتقوم بواجبها ( أداة تنفيذ ) تجاه الغرباء المتسللين المعتدين. تنتقل هذه الأخيرة إلى موضع الإصابة وتتكاثر بسرعة فائقة. وهذه الخلايا المتولـِّدة تفرز مادة سامة تتلف الخلايا المصابة والمتسلل الذي هو في داخلها. أما خلايا اللمف (ب)، فالمضادات البروتينية التي تـُنتـجها تتحد مع المادة البروتينية ( antigen ) الموجودة على سطح الجسم الغريب المعتدي فتحطمه. ثم تأتي الخلايا الملتهمـة Phagocytes فتلقف كل المخلفات وتموت، ومن هنا يكون القيح أو الصّديد.
وهذه صورة مبسطة جداً لعملية معـقدة جداً.
ولا ريب أنَّ لهذه العملية مخطِّطا أو ( مديراً ) يوعز بها أو يقوم بالسيطرة عليها أو تنفيذها أو إيقافها عند حدها. فماذا سيحدث لو أنَّ هذه العملية استمرت بعد القضاء على المعتدين وأخذت هذا الخلايا تفتك بخلايا الجسم السليمة (متوهمة) أنها غريبة ومعتدية أيضاً ؟ ستكون الأمراض المتعددة كمرض السكر وأمراض القلب والسرطان. ومن هنا يأتي دور الجين سي دي 45. إذ أنه بعد الإنتهاء من العملية يـُطفئ الإشارات الخلوية لمهاجمة الأعداء معلناً إنتهاء العملية، فـتتوقف الخلايا عن الحرب. فالجين يعمل كما يعمل منـظِّـم الحرارة ( ثرموستات )، فبضغط الزر يتقد السّخان ليصل درجة الحرارة المطلوبة ويتوقف عن العمل عند الوصول إليها. أما إذا كان ثمة خلل في الثرموستات، يستمر السخان في الإشتعال وتستمر الحرارة في الإرتفاع وقد يكون الحريق. وهكذا الأمر مع الجين، إذا أصابه خلل أوتشوه وفقد (الوعي)، يستمر جهاز المناعة في العمل دون رقيب أو سيطرة وتكون الكارثة! وهذا ما رأيناه ونراه أيضاً في البلدان التي تسيطر عليها الديكتاتورية القبلية الغبية!
المهم في الأمر أن تكون قادراً على ( إيـقـاد ) الحرارة عندما تكون في حاجة إليها، وتحتاج إلى ( زرٍّ ) مقارب يـُطفـئـها عندما تـنتفي حاجتك منـها.

#بهجت_عباس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات