|
العراق بحاجة الى قراءة جديدة للوضع الراهن من اجل تقدمه
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2511 - 2008 / 12 / 30 - 03:19
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نحن على ابواب العام الجديد و الوضع القائم في العراق يشهد حوادث سياسية غريبة و تصرفات و سلوك حزبية او فردية شاذة و استثنائية بعيدة عن السلوك السياسي اللائق لمجتمع صاحب اعرق حضارة في المنطقة ، نسمع و نرى ما يصدر من سب و قذف و قدح يندى له جبين في مسار اخلاقيات الشعب و مميزاته التاريخية و صفاته النخبوية و مواصفاته العالية و افكاره السامية . المؤسسات الحكومية لها هيبتها و شخصيتها المعنوية العامة في اية دولة حرة مستقلة صاحب سيادة ،وتكون مميزة لما لها من المواصفات التي يجب ان تكون عليها ، الا ان العراق الجديد جلب معه ما يمكن ان يوضع في خانة الخروج عن الادب و الاطار المسموح للاداب العامة و سلوكيات المجتمع و السلطة و اليات عملها ، من ما يبدر من مسؤوليه و قياداته و مؤسساته الحكومية و المدنية . و الاصح انما استورده خلال هذه السنين القليلة الماضية من الركائز الاخلاقية و غير ما كان المجتمع العراقي يتصف به رغم الشطحات الشاذة هنا و هناك من قبل ، ان التخلخل في مستوى الوعي العام و عدم تلائم وتناسب من يعتلون المواقع افرز عادات لم تكن متبعة هنا ، و منهم من استغل الحرية لحد الفوضى و عدم الالتزام بقواعد والسلوك الانساني و دوٌى صدى افعاله و اثر بشكل سلبي على الوضع الجديد لعراق ما بعد الدكتاتور . و لم يكن الارهاب من الصفات التي كان يتمتع به الشعب العراقي من ما يؤمن به اجتماعيا و اخلاقيا و فكريا ، الا ان الحاجات الفردية فرضت تغيير السلوك و هذا ما اثر على المسيرة السياسية في زمن كان لابد ان يبنى العراق به وفق اسس علمية متينة من كافة الجوانب و منها السياسية الاجتماعية ، و اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب ، على الرغم من زرع الخوف و توارث بعض الصفات التي ابتداها الدكتاتورية و حاولت زرعها في اخلاقيات و جواهر الفرد العراقي لما فرضت عليه الاعمال التي تقع في خانة اللااخلاقيات و السلوك الشاذ لتثبيت اركانها ، و هذه ما احدثت الخلل حتى في كيان العائلة الواحدة ، الا ان السقوط الدكتاتوري مسح الشواذ نسبيا التي كانت في مراحله الاواى ، و كان لابد ان تعود المياه الى مجاريها من ما يتمتع به الشعب من الاصالة والعفة و الكرم و الشهامة الفردية التي انعكست بدورها على الاخلاق العام للمجتمع و لمؤسساته الحكومية و الاجتماعية، غير ان التدخلات و ما استورد من دون قصد قلب الموازين و الوضع و لم يستقر كما كان المامول منه. بين حين و اخر نرى بعض الحوادث الشاذة و اساليب و سلوكيات غريبة و تفرز منها ردود افعال و معطيات يجب التعامل معها بشكل صحيح ، و يحتاج هذا الى عقول منفتحة و مستوى ثقافي عالي و وعي عام مُرضي لما يجب ان يُتعامل معه لتسوية الخلل و حل الاشكاليات و ترسيخ ما هو الملائم و الصحيح للشعب و سمعته ، و هذا ما شغل الجميع و فرض نفسه لدراسته الا انه غطى الحسنات و يحتاج لحل مقنع . اليوم نحن بحاجة الى قراءة عامة جديدة لما هو موجود على الارض وفق تقييم علمي محايد من اجل البدء من نقطة مضوية و أفق سليم و و تصفية حسابات الماضي و التوائم مع ما تتطلبه السنة الجديدة بعيدا عن العاطفة و انما بنوايا صافية و النظر الى المدى البعيد ، و لما يؤول اليه الوضع في العراق خلال الفترة المقبلة ، و بقراءة جديدة و توحيد الجهود يمكن تغيير مسار العملية السياسية نحو الاحسن ، لتكن بداية عام جديد دافعا هاما لوضع الخطوة الصحيحة من اجل التقدم المنشود بعيدا عن الحقد و الضغينة . هذا ما يدفع المخلصين الى التاني و الصبر على مافرض نفسه من الصفات غير المنتظرة من الجميع ، و الانطلاق من نقطة الصفر ان كنا نريد التضحية من اجل مستقبل البلاد . و يجب ان تكون القراءة مشخصة لنقاط الضعف و محددة للمكان و الزمان و الحل و البديل المقنع ، وليس بشكل خيالي ، و انما النظر و الاعتماد على الواقع و ما يمكن العمل عليه و ان يزكيه الواقع بنفسه . و من خلال القراءة والتشخيص و الحلول العلمية يمكن تحديد الاجندة العامة لعمل الجميع في العراق الجديد بدقة متناهية من اجل تقدمه، و هذا لا يمكن الا بخطوات متعاقبة و يجب ان يشترك الجميع فيه ، و في مقدمتهم النخبة المثقفة و الفئات والطبقات الكادحة قبل السياسيين ، وايجاد آلية لفرض اراء و مواقف المجتمع بشكل عام ، و الهدف ايضا هو التقدم المنشود وما يستحقه العراق و شعبه ، و الهدف الاكبر هو ضمان الحرية و الديموقراطية والحداثة لتوفير العدالة الاجتماعية و المساواة كاهداف سامية لكافة القوى و الفئات . القراءة الصحيحة لما هو موجود بشكل صريح هي التي تُحرك و تُهيج الجهات لايجاد الحلول ، فالتستر على الفساد و التحزب الفئوي المذهبي الضيق الافق و المركزية المفرطة يُضٌيق ساحة الحرية و الديموقراطية و يُسهٌل الصراعات غير الشرعية ويجسد الغاء و تسقيط الاخر و سيطرة فئة معينة على مصير الاكثرية ، الانفراد و التراجع في تطبيق مباديء الديموقراطية و العلمانية ،ويجب اعادة النظر في المكتسبات من اجل اهداف شخصية او حزبية ، و استغلال السلطة و الاستئثار بها و خرق الدستور و عدم اقرار القوانين المصيرية . كل ذلك من السلبيات التي من الواجب و في مقدمة الاهداف التي تفرض ايجاد الحلول المناسبة لها بعد تحليل وتفسير اسباب ونتائج المستجدات الطارئة على الوضع و ما انتجها من الشواذ. بعيدا عن الخيال و الطوباوية التي يمكن ان تسيطر على تفكيرنا احيانا ، علينا تحليل الوضع الاجتماعي الحالي ، و السياسة المتبعة و نقاط الضعف الموجودة ، و الدخول في ادق ثنايا الحكم و النظام السياسي ، و البدء بخطوة عملية فعالة من قبل الجميع و هو عقد مؤتمر سياسي عام يضمن اجندة عمل واقعية و من تحضيرات جدية و بحضور كافة القوى المؤثرة و ممثلي كافة الشرائح و فئات الشعب لوضع النقط على الاحرف بشكل شفاف و بخطط رصينة يمكن ان يُستهل هذا العمل الجبار بخطوات قانونية صارمة . على الرغم من ان ايام السنة كافة تفرض العمل الجدي من الجميع و بالاخص من المسؤولين في المواقع الحساسة ، الا ان راس السنة يمكن ان يكون دافعا لاعادة النظر و تقييم الماضي بشكل دقيق لتحديد الاخطاء و العمل على تصحيح الاوضاع و ما يفيد الصالح العام و ليس اعتباره طقسا ما و انما نقطة بداية للانطلاق من جديد وفق قراءة و تقييم جديدين .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كثرة العوائق امام مسيرة الشباب في اقليم كوردستان
-
هل تنجح امريكا في ابراز قوى معارضة في اقليم كوردستان كما تحا
...
-
تعديل الدستور عملية معقدة و تسيطر عليها المصالح الحزبية و ال
...
-
الاصرار على المركزية صفة غريزية للمتنفذين في السلطة العراقية
-
تحولات في الصراع الامريكي الايراني على ارض العراق في ظل الاد
...
-
ماذا تضم لنا السنة الجديدة سياسيا في العراق و المنطقة
-
في ليلة حالكة من ثمانينات القرن الماضي
-
مواقف المثقفين و مسار تقدم الشعب العراقي في الوقت الراهن
-
مهنية الصحافة و معتقدات الصحفي
-
هل بامكان روسيا الجديدة قيادة التيار اليساري العالمي؟
-
البحوث و الدراسات العلمية اولى الوسائل الهامة لارتقاء المجتم
...
-
ازالة الطابع الاسطوري الشرعي عن البنية الايديولوجية الراسمال
...
-
نهاية ال(نهاية التاريخ)
-
معرفة النفس بعد التامل و التركيز في كينونة الحياة
-
تمازج اليات العولمة مع موروثات الفلسفات الشرقية
-
قدرة الحوار المتمدن في تحقيق الأهداف اليسارية و الطبقة الكاد
...
-
هل تنبثق قوى معارضة في اقليم كوردستان؟
-
نظام اقتصادي عالمي جديد هو الحل للازمة الانية
-
ألم يأت دور الشباب بعد تسمين شيوخ العشائر في العراق
-
حان الوقت لاعادة النظر في صفة التكبر لدى امريكا
المزيد.....
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|