جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2508 - 2008 / 12 / 27 - 09:21
المحور:
في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
من بين كل 1000 مثقف عربي يوجد مثقف يساري حقيقي واحد فقط لا غير هو : أنت ,أو , أنا .
وهذا الواحد هو المضطهد ولكن الغالبية ليست مضطهدة لأنها لاتملك مثلك ومثلي أدوات التعبير .
والمثقف اليساري الحقيقي (الذي من أمثالي وأمثالك) يمارس خبرته في كل الظروف بينما المعارض لا يمارس خبرته لأنه أصلا لا يملك لا خبرة ولا ذاكرة .
ويبقى اليساري يساريا سواء أكان جائعا أو شبعانا ...عطشانا أو مرتويا ..بينما المعارض ينجرف خلف أي قطعة لحم تُرمى أمامه أو أي شربة ماء ..وبسرعة يتخلى عن معارضته ليقف في صف الحكومة ويمسك بيده العصا ليضرب بها اليساريين أو المعارضين للتخلى عن المعارضة .
والمثقف شخصية عادية يستجيب لما يستجيب له إنسان الشارع العادي وحتى المرأة المثقفة تبحث عن رجل أحلامها كما تبحث عنه المرأة العادية .. وكنت من عام 1994- 1997م أمينا عاما لنشاطات ملتقى إربد الثقافي وكانت تواجهني دوما شخصية المرأة المثقفة العنيدة والتي في نفس الوقت تبحث عن زوج ليس مثقفا أو عاديا أو زوجا تحلم به أي إمرأة عادية وكذلك الشباب فهم لا يستجيبون للمرأة المثقفة ويميلون للأخذ بإمرأة غير مثقفة عادية أو أقل من عادية بينما رأيت شبابا غير مثقفين عشقوا وتزوجوا من مثقفات وارتاحوا مع بعضهم البعض رغم أنهم ليسوا مثقفين .
والمثقف الأردني أو العربي أو العالمي والذي يدعي أنه يساري تجده يتأثر بسلوكياته بما يمليه عليه اليمين المعتدل .!!
ما الذي فعله مثلا مفكر مثل سلامة موسى , غير تأثيره بي وبك أنت ولكن في الغالبية لم يؤثر إطلاقا ..وكذلك طه حسين ...والعقاد ..ودُريني خشبه..ويعقوب صرّوف ..والشاعر الأردني الكبير عرار ..حتى المتنبي ..وحتى مثقفين معاصرين أمثال : سمير أمين !!و..برهان غليون ...!
إنها أوهام الثقافة فهم في الحقيقة لوحات وديكورات للتاريخ يتزين بها الملوك والسلاطين ورؤساء الجمهوريات لكي يثبتوا حُسن نيتهم في المستقبل أمام الناس رغم أنهم مكشوفون لنا وللتاريخ فكما كان المثقفون قديما أصبحوا هكذا وكذلك المثقفون الحاليون سيكونون واجهة مزورة ىللأجيال القادمة .
إن عسكري يحمل بندقيته أو مراسل فراش في وزارة الثقافة يملك تأثيرا على الناس في حين يعجز عن بث هذا التأثير المثقفون ..
والمثقف العربي اليساري والذي ينبذ الروح العشائرية أو مجتمع الدين والمسجد والقبيلة وينادي من أجل إقامة مؤسسات ثقافية ومجتمع مدني , نعم, نجد هذا المثقف يتلقى كل الدعم من مؤسسته العشائرية وهي التي تدافع عنه .!!!
وأعرف مثقفا أردنيا ثوريا حاول سنة 1984م تفجير مصالح شركات تأمين أمريكية وبعد عام 1989 أفرج عنه بعد دخول الأردن مرحلة الديمقراطية وعمل في نفس الشركة التي حاول تفجيرها براتب شهري مغري جدا .ههههه.
إن هذا المفهوم هو تجسيد لمفهوم روح المعارضة وليس تجسيدا لروح اليسار لأن اليسار يبقى يسارا أما المعارضة فإنها تُغير من رأيها كما سنرى ذلك لاحقا .
والمثقف العربي اليساري الشيوعي نجد أن دخله الشهري أكثر من مستوى دخل 10 عمال بروليتاريين كادحين !!!
والمثقف اليساري الأردني أو العربي على العموم نجده في بعض الأحيان يتخلى عن طروحاته اليسارية حين يصل إلى السلطة وبالتالي يسيء لنفسه ولليسار ظنا منه أنه معارض وليس يساريا , في حين أن المعارضة تنتقل من حزب إلى حزب ومن مؤسسة ثقافية إلى أخرى بينما اليسار لا ينتقل وهو ثابت على ماهو عليه حتى وإن أمسك بزمام السلطة فإنه لا يتخلى عن( يساريته )!!ويبقى يمارس خبرته اليسارية ويطورها بعكس السياسي أو المثقف السياسي المعارض, والذي سرعان ما يتخلى عن طروحاته في حال وصوله للسلطة وبالمثال على ذلك جماعة الإخوان المسلمين في الأردن ومصر حين يحملون حقائب وزارية فإنهم يبدأون بتقصير لحاهم وإكرام شواربهم ويخلعون الجلابيب والعُبي ويلبسون بدلات إفرنجية على آخر موديل .
فهذا النوع ليس يساريا أو ليس مثقفا يساريا بل هو معارض وهذا هو دور المعارضة وتلك هي بدايته ونهايته .
ليس للمثقف كرامة أو ليس لنبي كرامة في وطنه لأنه هو لا يعمل على حفظ كرامته :
فالمثقف كما قلت شخصية عادية تستجيب لما يستجيب له رجل الشارع العادي !!
وهو لا يستطيع التأثير على الحكومات العربية ولا على الألمانية ولا حتى على اليمين الفرنسي فرجل الثقافة لا يملك بيده مفاتيح علي بابا ولا هو قادر على فتح المغارة ولا يستطيع صناعة مؤثرات إيديولوجية تؤثر بالحكومة أو النظام ومن هنا تتجاهله الحكومات العربية وغير العربية وهذا بحد ذاته يثير إشمئزازنا جميعنا كمثقفين ونفضل ُ أن نكون مضطهدين ومسجونين على أن تبقى الحكومة هكذا تتجاهلنا , أليس هذا صحيحا ؟
لذلك نحن نعيش بخيالنا ألامحدود في أوهام الظلم والطغيان ونحن فعلا متفرغون لنتصور أنفسنا أننا ننتظر محارق محاكم التفتيش أو الضرب بالعصا على كفوف أيدينا كما ضُرب إبن المقفع أو ننتظر نهاية محزنة ومفجعة كنهاية السهروردي أو (جان دارك).
وبالتالي نحن أمام إسطورة الثقافة أو إسطورة المثقفين التي تكشف لنا أننا نكذب على أنفسنا أو بدون كذب نحن كمثقفين أناس عاديون جدا نستيقض باكرا وننام متأخرين أو حتى لو خالفنا الناس بمواعيد نومنا وأكلنا وشربنا فهذا لا يعني لنا أو لغيرنا أن مجرد إختلافنا عن الناس من أننا أناس مثقفون .
أصبحت كلمة ثقافة لا تخص حتى الصحفيين أو الأطباء فهؤلاء ليسوا معنيون بالثقافة ,لا هم ولا أساتذة الجامعات بكلمة ومدلول كلمة الثقافة, طالما أنهم غير معنيين كغيرهم بالقضايا الوطنية والعالمية على السواء.
وحين بدأت أمسك بيدي أول كتاب وأقرأه كنت أعرف أو أظن أن للمثقفين دور كبير في أممهم ومجتمعاتهم ..!!!!
.ولكن التجربة أُثبتت لي أنني مخطىءٌ جدا .
وأصبت بخيبة أمل كبيرة حين بدات أعرف أنني أعيش في أوهام جالينيوس ..وسذاجة المؤمنين العاديين ..وأنني مثلا لا أختلف عن أي شخص عادي وبعد فترة قلقة جدا وأصابني القلق والإكتئاب الداخلي المنشأ وأصبحت أعيش كما كان الملك لير أو مكبث وفي النهاية خفت أن تكون نهايتي كنهاية الملك هنري تيودور الثالث أنتقل من وضع لوضع ويزداد وزني وظخامتي ويمسكني من تحت إبطي رجلان لكي يسنداني حين أمشي ..ههههه.
نعم : المثقف لا يختلف عن الإنسان العادي إننا مصابون جميعا بأوهام الثقافة ومن أننا مضطهدون في حين أننا نحن الذين نضطهد الحكومات حين نتهمهم أنهم يضطهدوننا !!!!!.
وإحساس المثقف أنه مضطهد نابع بشكل رئيسي من عدم إستجابة المجتمع والحكومة والمؤسسات الإجتماعية لمطالب المثقف عندها يشعر المثقف أنه مضطهد وأن الحكومة تتابعه والمخابرات تتعقبه في كل مكان لذلك يفرض على نفسه الروح النضالية في سبيل تخليص نفسه وأشقائه من هذا العذاب .
ولكن ما الطريقة التي تجعلنا نشعر من أننا غير مضطهدين :؟
في الواقع الحكومات حتى الديكتاتورية لا تضطهد المثقف إضطهادا علنيا بل هي تعمل له من خلف الكواليس وفي الأعم الأغلب لا يعمل الحكومات وخصوصا العربية من وراء الكواليس ..فالمثقف ليس بحاجة ماسة للإضطهاد لأن المجتمع والناس والحياة العامة تعمل على إضطهاد المثقف أتوماتيكيا من خلال عدم إستجابة المجتمع لآراء المثقف .
ولكن مهلا قليلا :
ربما أنني قد زدتها كثيرا أو أنني أسخر من نفسي أو من الآخرين ولكن للثقافة عندي طقوس تجعل من يقرأ لي يعرف أنني أُقدس الثقافة لدرجة القداسة نفسها ولا ريب أنني أصنع من بعض كلمات قصائد شعر تجعل المار من قربي يُصدق أنها تنزل من السماء أو تطلع من تحت الأرض كما تطلع البراكين , وتنزل من السماء كما تنزل الملائكة .
إن المثقف شخصية إعتبارية وهو يتأثر برغم كل ماذكرت بأتفه الأشياء ويحس بما لا يستطيع أن يُحس به الإنسان العادي ولكن أثناء مسيرته يستجيب لمؤثرات عادية ويسلك بحياته سلوكيات طبيعية ولا يؤثر في الناس كما نحن متوهمون .
إذا كان كلامي مثلا نصفه صحيح ونصفه الآخر كذب ؟فلماذا مثلا تضطهد الحكومات بعض المثقفين ؟
هنا يجب أن نقف أمام نقطة نظام ..وهي أنه من بين 1000مثقف يوجد مثقف حقيقي وهذا هو المثقف الحقيقي الذي تضطهده وخصوصا الحكومات العربية ..أما باقي ما تبقى فهم موظفون إستخباريون وعملاء لليمين ولغير المثقفين .
اليساري يساريا سواء أكل أم لم يأكل وسواء جاع أو شبع ..
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟