|
تبريد لبنان
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 2507 - 2008 / 12 / 26 - 09:44
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
دخل لبنان مرحلة هدوء في يوم21أيار2008مع اتفاق الدوحة بعد عواصف داخلية كبرى بدأت مع صدور القرار الدولي1559في2أيلول2004،ليؤرخ ذلك اليوم بدايةً لمرحلة لبنانية ونهاية لأخرى،في وضع شبيه بماكان عليه يوم13تشرين أول1990لماأُزيح العماد ميشال عون من قصر بعبدا وكُرِس اتفاق الطائف بفعل توافق ثلاثي أميركي- سوري- سعودي أتى بعد شهرين من توافقهم ضد غزو صدام حسين للكويت وماأعقب هذا وذاك من توافقهم أيضاً على التأسيس لمرحلة شرق أوسطية جديدة كان عنوانها(التسوية)من خلال مؤتمر مدريد الذي انعقد في تشرين أول1991. كماكان يوم 2أيلول 2004 حصيلة لتصادم أميركي- سوري على خلفية التناقض بينهما حيال العراق المغزو والمحتل فإن يوم21أيار2008قد أتى كنتيجة لفك اشتباك بينهما كانت الساحة اللبنانية الميدان الرئيسي له خلال أربع سنوات مضت،ولوأن ايران دخلت على الخط ضد الولايات المتحدة منذ استئناف برنامجها لتخصيب اليورانيوم في آب2005(بعد توافق أميركي – ايراني حول العراق بدأ في خريف2002)لتأتي حرب تموز2006،بشكل أوبآخر،حصيلة لهذا الوضع.لهذا،فإن اتفاق الدوحة لم يتزامن في يومه فقط مع موافقة أميركية ضمنيةبعد منع أميركي للإسرائيليين استغرق سنوات عدةعلى استئناف المفاوضات السورية-الإسرائيلية في استانبول وإنما أيضاً مع وضع الخطط الأميركية-الإسرائيلية الخاصة بضرب البرنامج النووي الإيراني على الرف. بكلمة أخرى،لقد كان اتفاق الدوحة عنواناً ليس لمرحلة لبنانية جديدة وإنما أساساً لمرحلة شرق أوسطية جديدة كان ماجرى لبنانياً انعكاساً لها،وهذا طبيعي إذا أخذنا بعين الإعتبار أنه إذا كانت في الشرق الأوسط بؤر ملتهبة عدة،في أفغانستان والعراق ولبنان وفلسطين،خلال السنوات القليلة الماضية،فإن تلك اللبنانية كانت الأكثر تركيزاً لمحصلة القوى المتصارعة في المنطقة= الولايات المتحدة والسعودية ومصر ضد سوريا وايران مع موقف تركي غامضوأكثرها تأثيراً على مجموع المنطقة،وهو مايمكن لمسه لماقلبت نتائج حرب تموزالوضع في المنطقة بمجملها لغير صالح واشنطن رغم تحسن الوضع الأميركي في العراق بمجريات عامي2007و2008ثم أتى يوم7أيار2008ليجبر الإدارة الأميركية على تبريد الساحةاللبنانيةوالمنطقةعبر(الدوحة)بعد اتجاه من قبلها منذ القرار1559لتسخين بلاد الأرز(من أجل تعديل أوضاعها العراقية الصعبة)وجعلها مثل ذلك الفرن المشتعل الذي أريد من خلاله منذ يوم13نيسان1975انضاج طبخة التسوية(التي بدأت مع الرئيس السادات)عبر تطويع المقاومة الفلسطينية أوتصفيتها. هنا،لايمكن عزل ماجرى بذلك اليوم الطويل في الفندق الدولي بالعاصمة القطرية عن واقع وصول المشروع الأميركي للمنطقة إلى مأزق كبير،كانت عناوينه واضحة في كابول وبغداد وغزة ثم أتت بيروت لتوصل ذلك للذروة،وهو ماتتابع خلال أشهر قليلة من صيف 2008 مع(جيورجيا)و(وول ستريت)،لينشأ من خلال الحدثين الأخيرين وضع دولي جديد(ولوأن ماجرى في الشرق الأوسط كان بشكل"ما"مدخلاً لهما)ربما سيسمح باستدامة الوضع الشرق أوسطي الجديد البادىء مع(الدوحة)،وخاصة مع مجيء إدارة أميركية جديدة من الواضح أنها ستكون"واقعية"في السياسة الخارجية،لتتعامل مع الوقائع القائمة في المنطقة ومن خلالها من أجل تحقيق الأهداف الأميركية،ولن تسعى إلى تغيير الوقائع القائمة(ومنها النظم أوبعضها،والثقافات)بخلاف المحافظين الجدد المسيطرين على الإدارة الأميركية الراحلة،الذين حدَد أحد باحثيهم(وهو جوشوا موراشفيك في عدد مجلة "ناشيونال انترست"بأيلول الماضي)ملامح سياستهم- بالتناقض مع الواقعيين- بأنها"تشمل منح أهمية أكبر للعامل الأيديولوجي في السياسة.......والإستعداد الأكبر للجوء إلى القوة وفي ابداء تقدير أقل للأمم المتحدة". السؤال الرئيسي الآن:هل سيكون شرق أوسط مابعد(الدوحة)،في عام2009مع باراك أوباما وبنيامين ناتنياهو،في وضع شبيه بذلك الذي أتى على إثر مجيء مناحيم بيغن للسلطة عبر انتخابات أيار1977بعد أشهر من وصول جيمي كارتر للبيت الأبيض،ليقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بقلب الطاولة الشرق أوسطية القائمة التي كانت تتجه إلى (مؤتمر جنيف2)و(تسوية عربية-اسرائيلية شاملة)منذ مؤتمر الرياض السداسي(تشرين أول1976)الذي أنهى الحرب اللبنانية ووضع ياسر عرفات تحت سقف خيمة التوافق السوري-المصري-السعودي،ليكون الحدث الإسرائيلي ذاك منذراً بانسداد أفق(التسوية) ،حتى كسر الرئيس المصري هذا الإنسداد بزيارته للقدس في يوم19تشرين الثاني من عام1977،وماأعقب هذا من اشتعال جديد للبنان في شهر شباط 1978مع حادثة الفياضية؟......... ====================================================
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس المدني الذي حجّم العسكر
-
بوتفليقة: الرئيس المدني الذي حجَم العسكر
-
استخدام اليمين لكارل ماركس
-
تنامي قوة دول الجوار العربي
-
اهتزاز الخارطة الأيديولوجية العالمية
-
نهاية فصل شرق أوسطي عاصف
-
تدخلية الدولة في الإقتصاد: كينز وخصومه
-
بين أزمتي 1929 و2008: دراسة مقارنة
-
حول تداعيات الضعف المستجد للقطب الواحد
-
هل انتهى مدُ(الليبرالية الجديدة)؟....
-
القوميات الثلاث المستهدفة
-
لينين ويلتسين:من رأسمالية الدولة إلى اقتصاد السوق
-
جورجيا وروسيا:الجيرة الصعبة
-
استهداف السودان
-
مابعد جورجيا:هل وصل (القطب الواحد)إلى مرحلة الأزمة؟
-
تحولات أميركية جديدة
-
عسكر موريتانيا:العودة من وراء الستار
-
ثالوث السياسة العربية
-
هل انتهت الثورة اليمينية؟
-
الماركسيون العرب والإسلام
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|