|
العراق .. انتصار في مجلس النواب وانتصار في مجلس الامن
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2507 - 2008 / 12 / 26 - 09:42
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان الحالة السياسية اللانتقالية في العراق غدت تقوى على تجاوز المنعطفات الحادة التي تواجه مسيرتها في كل يوم ، لكونها تعتمد الآلية الديمقراطية لعبور الازمات ، هذه المصاعب متوقعة في اية مرحلة تحول ، وعليه فأن ما تشهده العملية السياسية هو لا يتعدى كونه اعتمالات وافرازات تصاحب عادة عملية الانتقال من مستوى الى اخر ، وقد رصدت خلال الفترة الماضية العديد من العثرات الذاتية ، والعقبات الموضوعية التي كان بعضها وضع مقصوداً لاجهاض مسيرة التحول وابقاء الوضع في حالة الفوضى الدائمة ، املاً باعادة الامور القهقرى ، وبالحصيلة النهائية افشال التجربة الديمقراطية في العراق لكي لا تشع خارج حدوده ، ولكن يقتضي الامر عدم اغفال العامل الداخلي الذي يكون على الدوام هو الحاسم في مجرى حركة التحول . يجدر التنويه الى ان الوضع السياسي الراهن في العراق الذي ترتب على اثر سقوط النظام السابق ، قد حمل في ثنايا تأسيسه عوامل ضعفه ، ابتداءاً من تشكيلة مجلس الحكم التي ارسيت على توازن قومي وطائفي دائم التأزم ، وكان ذلك قد فُرض بدلاً من ان يتم على اساس توازن سياسي وطني عادل يتمتع بعوامل الاستقرار والتطور والرسوخ ، بيد ان تركيبة الحكم هذه قد ادخلت بمتاهة وعرة منذ البداية ، اذ تلبست بما عرف بالمحاصصة الطائفية والاثنية ، التي شكلت منبعاً للخلافات والصراعات المصلحية ، وفي ذات الوقت صارت مبعثاً لعوامل الخراب الذي حل في البلد ، وما عزاء شعبنا العراقي وتحديداً الخيرين من ابنائه ازاء ذلك الا الديمقراطية كآلية لتداول السلطة ومن خلال المؤسسة التشريعية التي افرد لها الدستور 15 مادة كحقوق وصلاحيات فاعلة ، ابتداءاً من المادة 49 الى المادة 63 منه ، وها نحن نشهد اليوم كيف حسمت الامور بالآلية الديمقراطية فيما يتعلق بازمة رئيس مجلس النواب الاخيرة ، فمن البهديهي ان يتعرض الوضع السياسي في العراق الى المزيد من هذه الاختناقات ، ويمكن ان تكون مكامن التوتر في مستويات السلطة المختلفة ، والاخطر من كل ذلك ان تصعد سخونتها الى قلب العملية السياسية اي في مواقع القرار ، وشاهدنا المباشر على ذلك هو تفجرها في موقع القرار التشريعي ، وان عوامل ظهورها مازالت كامنة ولا ضمان بعدم تسببها لازمة في هذا الموقع او ذاك . ومجمل ذلك ينتسب الى عامل اساسي مختل ، وهو عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، ومعيار المناسب هنا هو ثلاثي الابعاد اي التحلي بالنزاهة ، وبالكفاءة ، وبالوطنية العالية ، و غياب وجود ذلك الاساس المهم هو نتيجة لابتلاعه من قبل القوائم المغلقة ، التي صادرت حرية اختيارالمواطنين لمن هم الانسب كممثلين لهم في مجلس ، ان شعبنا اليوم على مشارف عملية اختيار جديد لممثليه في مجالس المحافظات وهذا ما يدعو الى الاتعاظ ، سيما وان زوبعة رئاسة مجلس النواب بقيت مخلفاتها مؤثرة ، وتلقي بظلالها على عملية اختيار رئيس جديد للبرلمان ، علماً انها مازالت تستند على قواعد المحاصصة و المساومات الاخرى ، مما يجفف عملية الاختيار ويفقدها المرونة ، وتجلياتها الاولية سرعان ما برزت للعيان بحصول انشطارات في جبهة التوافق ، صراعاً على احقية اختيار البديل الجديد من بين اطرافها ، فهل يصلح الاختيار على النمط السابق ما افسدته المحاصصة ؟ . رغم كل ما جرى من اشكالات الا ان النتيجة الاخيرة والممارسة الديمقراطية في تغيير رئيس مجلس النواب العراقي قد حسبت انتصاراً للعملية السياسية ، وبالمناسبة لايسعنى الا ان نلفت الانتباه الى انها جاءت متزامنة مع انتصار اخر اكثر اهمية وهو قرار مجلس الامن الدولي الجديد ، الذي اخرج العراق من الفصل السابع من قانون الامم المتحدة ، والذي واعتبر فيه البلد كونه يشكل خطراً على الامن الدولي في حينها ، وذلك بموجب القرار الاممي المرقم 1959 لسنة 1990 وما تبعه من قرارات اخرى وصل عددها الى اربعين قراراً ، ومن المؤسف حقاً ان يتم في وسائل الاعلام العربية التعتيم عليه ، في حين قد القت ذات الوسائل الاعلامية بثقل يفوق الجهد الاعتيادي فيما يخص اعتقال الصحفي منتظر الزيدي وحسبت ذلك جريمة لاتغتفر ، ولكن يبدو تحرر العراق من بعض قيوده في تقديرها قضية فيها نظر !! . ان الخط البياني غدا يتصاعد باتجاه تحسن الوضع العام في العراق ، الا انه يبقى يعاني من ضعف في ادارة العملية التنموية والامنية التي تتوقف عليها اعادة بناء الدولة المدنية الديمقراطية ، وذلك تبعاً لضعف الكفاءات الادارية ، وربما كان شعوراً من قبل الحكومة مما جعلها تدعو الكفاءات المغتربة وعقد مؤتمراً لها في بغداد مؤخراً ، وكل انجاز يتم يبقى معلقاً لحين وضعه تحت رعاية الكفاءات المهنية الوطنية المخلصة .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثغرة { الدفرسوار } في دفة الحكم !!
-
المدنيون ... من ابناء محلتنا
-
اوباما .. وجه جديد ام مجرد واجهة ؟
-
الاتفاقية الامنية ... اختبار نهاية المطاف
-
منطلقات مواقف الرفض والقبول للاتفاقية الامنية
-
التعامل مع اغتيال الشخصيات.. جريمة لاتغتفر وجريمة مشابهة فيه
...
-
تمخض الاحتلال فولد اتفاقية امنية
-
الاتفاقية الامنية يستلزمها جواز مرور ام سلامة ظهور ؟
-
وحدة الصف الوطني تحت رحمة المحاصصة
-
سلامات ياخدمات !!!
-
البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟
-
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقاز
-
{ ارض متنازع عليها ,, } اكذوبة صدقها من اطلقها !!!
-
كامل شياع .. كنت قنديلا احمرا اطفأتك ريح سوداء
-
الامن في العراق بين استراتيج الحكومة وتاكتيك الارهابيين
-
قانون مأزوم وناخب مظلوم
-
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!
-
{{ الراصد }} اصلحوا الدستور تٌصلح الامور
-
{{ الراصد }} التصعيد في الازمة ... تدحرج الى الهاوية
-
{{ الراصد }} قانون انكبح متعثراً بعتبة البرلمان !!
المزيد.....
-
لماذا يستخدم -حزب الله- اللبناني أجهزة -البيجر-؟
-
حزب الله يتوعد.. إسرائيل مسؤولة عن انفجار أجهزة الاتصالات
-
عقب تفجيرات متزامنة لأجهزة لا سلكية في لبنان.. -حزب الله- ي
...
-
إير فرانس تعلق رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب حتى الخميس
-
المكسيك تحتفل بعيد الاستقلال بحضور الرئيس المنتهية ولايته أن
...
-
ارتفاع حصيلة قتلى وجرحى انفجارات أجهزة الاتصال في لبنان
-
لوفتهانزا تعلق جميع الرحلات من وإلى تل أبيب وطهران
-
جنرال إسرائيلي سابق: تفجير الأجهزة في لبنان خطوة معقدة تم ال
...
-
الرئيس الجزائري يؤدي اليمين الدستورية
-
البرلمان الفرنسي يناقش ملف عزل ماكرون
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|