أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - مابعد الإتفاقية - 2- الخيار الصعب بين إغراء الإستسلام للراحة وفتنة الحرية الإنسانية














المزيد.....

مابعد الإتفاقية - 2- الخيار الصعب بين إغراء الإستسلام للراحة وفتنة الحرية الإنسانية


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 2507 - 2008 / 12 / 26 - 09:43
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لاتزال طرية في ذاكرتي لقطات رائعة كثيرة من فلم "الفراشة" (1) الذي شاهدته لأول مرة في إحدى سينمات الموصل في السبعينات من قرننا الذي مضى، لكن واحدة منها تبقى متميزة بعمق معناها وفهمها للروح الإنسانية.
فبعد أن يلاقي الصديقان اللذان يمثل دروهما الممثلين القديرين(ستيف ماكوين) و (داستين هوفمان) أشد المآسي والصعوبات التي انهكت جسديهما وعمرهما ونفسيهما، بسبب محاولاتهما الفاشلة في الهرب من سجن ناء في غويانا الفرنسية، ينفيان إلى جزيرة صغيرة في وسط المحيط حيث تترك لهما حرية الزراعة والعيش في كوخ صغير ليقضيا بقية عمرهما. ولأن الجزيرة بعيدة في اعماق المحيط، لم يكن هناك ضرورة لأية حراسة على ما يبدو.

المفاجأة الأولى كانت حين التقى الصديقان القديمان اللذان مرا سويةً بكل تلك الأهوال، نفاجأ بأن (هوفمان) يتهرب من صديقه وينكر معرفته!!
لكننا سرعان ما نفهم ما يدور بخلده. لقد أرتبط وجه صديقه بكل المعاناة التي رآها، وصار يعتبره مسؤولاً عن كل ألآمه. لقد كان (ماكوين) دائماً المبادر إلى الدعوات للهرب، والتي فشلت جميعاً حتى تلك اللحظة ولم تجلب سوى الشقاء في نهاية الأمر، لذا فأن صديقه ينفر منه ويتجنبه خوفاً مما قد يجلب له من مصائب جديدة، وفوق كل ذلك فهو يراه العائق المزعج الذي يحول بينه وبين رغبته الشديدة بالإستسلام بعد كل ما مر به!

بعد قليل يعانق (هوفمان) صاحبه ويقبله صديقاً من جديد، وقد توقع أنه لابد أنه قد رضي مثله بالحياة في الجزيرة وتعب من الهرب.

لكن، وفي صباح يوم ما، يفاجئ ماكوين صديقه بأن لديه "فكرة" جديدة للهرب!!
يهرب هوفمان منه ويلحقه هذا يحاول أن يشرح له منطقية الفكرة وفرص نجاحها. لكن هوفمان كان قد أرهق تماماً، ولم تعد أية أفكار من هذا النوع تثير في نفسه سوى مشاعر وذكريات الأهوال التي رآها فيما مضى، فيهاجم صاحبه غاضباً ويلقي عليه بالأشياء التي تقع تحت يده في حالة هستيرية ولسان حاله يقول: "إبتعد عني، دعني من أفكارك التي تسببت لي بالكثير من الألم، لم يعد بإمكاني أحتمال المزيد من الأهوال".

ورغم أنه كان قد أعد "طوافة" من جوز الهند لكل منهما، يتفهم ماكوين إنهيار إرادة صاحبه، فيطلب منه أن يرافقه لوداعه فقط،.
على حافة الصخرة التي سيقفز منها "ماكوين" بعد قليل في رحلة الحياة أو الموت، يكشف هذا لصديقه سر الفكرة التي ابتكرها من مراقبة الأمواج التي تضرب الصخرة في الأسفل، ويريه مثالاً عليها، فيلقي بكيس مليء بالجوز في البحر ويريه كيف أن الأمواج تحطمه على الصخور، لكنه إن ألقى الكيس في "الموجة السابعة" فأن الكيس سيفلت من هذا المصير بفضل حركة تيارات البحر! وعلى هذا يودع ماكوين صديقه ويقول له أنه عرف الآن السر إن غير رأيه مستقبلاً ويقفز إلى كيس جوز الهند الذي ينتظره في الأسفل، ليعبر به البحر وأخطاره وهو يصرخ شاتماً سجانيه غير عابئ بالنتائج.

خرجت من السينما وكانت الشمس ترسل آخر أشعاعاتها على بيوت الموصل القديمة. مشيت في ذلك المساء من "الدواسة" في مركز المدينة عابراً الجسر القديم ومخترقاً الحقول إلى "المجموعة الثقافية" حيث قسمنا الداخلي في الجامعة دون أن أحس بالوقت أو الطريق، وأنا لا أمل من التفكير بـ (هوفمان) ألذي لم يكن جباناً أبداً، متفهماً وصوله إلى نهاية طاقته بعد كل الأهوال التي مر بها، ومعجباً وفخوراً بـ (ماكوين) الذي بقيت صورته في رأسي طوال الطريق، وهو يترنح بجسمه النحيف ووجهه الأشيب بين أمواج البحر على طوافة الجوز التي صنعها مراهناً بآخر أوراقه، وغير عابئ بالنتائج، تصرخ من خلال حنجرته إرادة الإنسان بأعلى من أصوات أمواج البحر شاتمةً سجانيها "أيها الأوغاد...ما أزال حياً أيها الأوغاد"، وهي تقود الطوف إلى قبلتها وقدرها الذي لاخيار لها فيه: الحرية.


(1) الفلم (Papillon) عن قصة واقعية: http://www.dvdtimes.co.uk/content.php?contentid=5068
ويعرض اليوم (غداً؟) الجمعة 26 ديسمبر الساعة الثامنة والنصف مساءً على قناة (RTL7) الهولندية لمن يلتقطها، ويمكن الحصول عليه بلا شك بسهولة من مخازن بيع الـ (DVD) بالنسبة للجميع.



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يرموننا بالأحذية؟
- الإحساس بالدونية وراء الهجوم على منتظر وليس الحرص على التهذي ...
- قصة حذائين
- الوطن المصاب بداء الشك بجدوى الكلمات
- ما شعور رسامي الكاريكاتير في العراق في هذه الفترة؟
- ما سر فتنة الحوار المتمدن؟
- ما بعد المعاهدة-2: عندما تريد شيئاً يمتلكه شخص آخر: هل صداقة ...
- ما بعد المعاهدة 1- إنتصار أعرج وتبييض أموال
- إذن فقد هزمنا.....
- .....والبعض مااجتمعوا.. إلا ليضيع دمه بين القبائل
- البديل الثالث للإتفاقية - لا سحب قوات مع أميركا ولاتمديد مع ...
- البديل الثالث للإتفاقية (2) - لا سحب قوات مع أميركا ولاتمديد ...
- قراءة غير مستعجلة لخطاب المالكي حول -إتفاقية سحب القوات-
- الشعب يستطيع الكلام حتى عندما يحرم الإستفتاء
- أما حان الوقت لننظر بشجاعة إلى الإرهاب في عينيه؟
- إحفظوا هذا النص ليحفظكم، دافعوا عن الدستور ليدافع عنكم
- بعد انهيار سعر النفط، ندعو لإعادة تسعير السفراء العرب
- السؤال هو من أي خطر إيراني بالضبط أحتاج لحماية الجيش الأمريك ...
- أين دستورية فتوى المحكمة الدستورية ؟
- لوكانت الأسماء بفلوس، ماذا كان سيكون أسم المعاهدة؟


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - مابعد الإتفاقية - 2- الخيار الصعب بين إغراء الإستسلام للراحة وفتنة الحرية الإنسانية