|
هل العلّة في السينما باعبتارها شر ومفسدة ؟
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 2504 - 2008 / 12 / 23 - 09:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
شهد عام 2008 العجيب من بعض الفتاوى وهذا لا يعني أن الفتاوى بدأت به لكن الفتاوى التي صدرت في هذا العام لها طعم مميز عما سبقها من فتوى وتداخلت في كل كبيرة وصغيرة وحاولت مثلما يظهر إعاقة أي مشروع للحوار حول صلاحيتها وتعايشها في ظروف انطلاقها واعتبرت أي حوار حولها كأنه خروج عن الشريعة والدين وبالعكس فالبعض منها جعل الناس تتندر وتعزف ليس عنها بل عن أية محاولة لغلق باب التطور نحو آفاق علمية وعصرية تخدم المجتمع ليس الإسلامي فقط بل الإنساني أيضاً ويحس المرء بعد كل فتوى من هذا النوع الذي يقف حجر عثرة أمام الانفتاح واستقبال الجديد في التطور وبخاصة الذي يخدم مصالحه بنوع من الحنق والرفض يصل إلى اعتبار الدين والشريعة أس البلوى وكأن ذلك هو الهدف الذي يراد تحقيقه لأن الفتاوى لا تميز ما بين المفيد والمقبول وبين المرفوض والغريب كما دفعت الأكثرية للتفكير بشكل مستقل بعد تبلور الوعي الاجتماعي وإطلاعها على ما يجرى في العالم فوجدوا أن هؤلاء الذين يفتون بشرٌ مثلهم جعلهم الزمن في غفلة من الناس أمراء في الدين أو حكماء يفتون بما يناسب منطقهم وعقلهم ورؤيتهم وكلما وجد هؤلاء أنفسهم في ورطة مع التطور والعلم وعدم وجود ذهنية تقدم حلولاً منطقية بإبعاد الدين عن السياسية بل بمحاولاتهم زج الدين في السياسة لمصالح خاصة تستغله وتربح من خلاله المال والسلطة خرجوا بفتوى وهي تبدو قاطعة في أكثر الأحيان وفي تصورهم أن الناس كل الناس وبخاصة المسلمين سوف يلتزمون بها لكن ما أن يمر وقت قصير حتى تصبح الفتوى خارج الزمن والتاريخ وكأنها لم تكن فلا الناس طبقتها ولا المفتي أرادها أن تستمر فانزوى وتراجع عنها صامتاً لأنه أحس بتقاطع فتاواه مقبل أكثرية الناس . إن داء معاداة التطور العلمي والوقوف بالضد من أدواته المعرفية عملية مخالفة لأسس التطورات التي حدثت وتحدث في مجالات عديدة تمس حياة الناس فكل شيء ممنوع إلا الذي يوافق عليه المفتي هو مرغوب من قبل جمهرة واسعة من الناس وبالتالي فسنن الحياة الاجتماعية والوعي الاجتماعي الذي يتطور كحلقات حلزونية من الأسفل إلى الأعلى يراه متخلفاً ومعوقاً تلغيه عملية التطبيق الفعلي فإذا الفتوى قيلت في مجال معين ولا تطبق أو يلتزم بها الكثيرون فذلك يعني أنها أصبحت كحبر على الورق وهذا ما تحقق من خلال إطلاق عشرات الفتوى لكن أكثرية الناس نفروا عنها ووجدوها غير مناسبة في الظروف الراهنة فأهملوها وكأنها غير موجودة، وفي هذا المجال بالذات نلاحظ الفتاوى التي أصدرها ويصدرها البعض من شيوخ الدين في السعودية تدعو للاستغراب والتساؤل الاستغراب يأتي في المقارنة بينها وبين ما هو سائر وناجح في حياة المجتمعات الأخرى وبخاصة الإسلامية ولم يؤثر في اعتقاد الناس أو يلغي إسلامهم وتبقى قضية العلاقة بين الدين والإنسان ذاتية تخصهما، أما التساؤل على ما يظهر لم يستفيد الذين ما زالوا يركبون بغلة الجهل بأن بعض ما يدعون له لا يتلاءم مع التطورات الجارية في مجالات كثيرة ومنها الثقافة والفن كما لا يتلاءم مع تلك القوانين التي سنت من اجل الحقوق والحريات وبالأخص النساء فالذي يتابع هذه الفتاوى يجدها تتعارض مع مطلقيها لأنهم تماشوا مع التطورات التي حدثت في الثورة المعلوماتية السمعية والبصرية فهم خلال ثواني يرون فتواهم قد وصلت إلى إطراف العالم بواسطة الانترنيت والفضائيات وغيرهما بينما في السابق تطلق الفتوى وتموت في حدود المقاطعة أو المدنية التي يعيش فيه المفتي أي لا يمكن أن تعبر حدود بلد معين إلا بعد انقضاء شهور أو بعد سنين وهنا تصبح بدون فائدة تذكر كما أن التطور والبناء في مجالات عديدة في السعودية يثبت أن ركوب المارسيديس والطائرات العملاقة الحديثة أحسن مليون مرة من ركوب الجمال والحمير والسكن في شقة مكيفة بالتكييف الحديث وبخاصة في صيف السعودية الحار أفضل مليون مرة من خيمة الشعر وهكذا دواليك. الفكرة أو ناقوس الخطر الآن دق ضد السينما في السعودية وقد سبقها الفضائيات ومالكيها حيث أفتى الشيخ صالح اللحيدان رئيس مجلس القضاء الأعلى في السعودية " جواز قتل ملّاك القنوات الفضائية " أما السينما فهي هذه المرة جاءت من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المعروفة والتي تعتبر تقريباً مؤسسة أمنية تلاحق من تراه خارج عن توصياتها وسياستها في المجتمع السعودي وهي وجدت فرصتها بالضد من الفيلم السعودي " مناحي " الذي يعرض في مدينة جدة وقد لاقى إقبالاً كبيراً من قبل الرواد على الرغم من فصل الرجال عن النساء في القاعة حيث أشار رئيس الهيئة الشيخ إبراهيم الغيث في محاضرة ألقاها الأخير " نحن نرفض السينما وهي شر وفيها مفسدة، ونحن نسمع الآن عن عرض فيلم في جدة وكلنا يعلم أن السينما لا خير فيها " لكنه تراجع عن ذلك ليعدل الموقف بتصريح أطلقه يوم الأحد 21/12/2008 وأشار انه ليس بالضد من الأفلام السينمائية إذا كانت تدعو إلى الخير ونحن ندرك أن الخير المعني في نظرهم يختلف عن الخير في نظر أكثرية المواطنين فالخير عندهم مقدس متعالي بدون شوائب ولا يمكن أن يمس أو حتى إعطاء رأي حوله بينما الخير عن الأكثرية ضلالة وشر ورجس من عمل الشطيان يخالف الشريعة ويجب إن يحارب ويغير إلى خيرهم الخاص ويعني بذلك رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الشيخ إبراهيم الغيث يطالب بواجب عرض الأفلام عليهم أولاً وحسب رؤيته بضرورة استشارة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكنه لم يستطع تحديد رؤية المواطنين السعوديين أو مشاهدتهم الفضائيات التي تعرض الأفلام وأجهزة دي في دي وسفرهم إلى الأقطار العربية التي فيها العديد من دور السينما؟ فليس من المعقول أن يفتي بحرمانهم من دخول السينما هناك وهي تعرض على الشاشات الكثير من الأفلام التي يراها الشيخ بأنها شر ومفسدة لأنهم لم يستشيروهم حتى يؤذن لهم ، كيف سيستقيم الأمر والعالم يتجه إلى اكتشاف الفضاء ويرسل عشرات المركبات والأقمار الصناعية وفي جعبته مئات الاختراعات والبعض يريد منا أن نزحف ونلطم ولا ندخل السينما أو نسمع ألاغاني أو قراءة الكتب الممنوعة بوجهة نظرهم وقد يكون المطلوب العودة لركوب الجمال والحمير ولله في خلقه شؤون
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانقلاب والمؤامرة هواجس مريضة وفاسدة
-
التفاخر بقندرة الزيدي هلوسة في الشعارات
-
الرشاوى وانتشار الدوائر والوزارات في المناطق السكنية
-
الحوار المتمدن رؤيا تقدمية وعصرية
-
الشعب العراقي ليس بالمسؤول عن التعويضات
-
ازدواجية المواقف وغش لوعي المواطنين
-
مخاطر الصراع الخاطئ على الأوضاع السياسية في العراق
-
كيف يرى الإنسان المعقول طريقاً؟....
-
وأخيراً وقعت الاتفاقية من قبل مجلس الوزراء
-
مصداقية بيان المركز الوطني للإعلام حول جائزة نوبل للسلام!
-
السيد بديع عارف ولكم من أين لهم هذا...؟
-
حدثت المعجزة وفاز باراك اوباما المعجزة
-
ملامح من حياة قصيرة
-
بالضد من استغلال القوات الأمريكية الأراضي العراقية
-
أهداف الاحتقان السياسي في العراق
-
الاتفاقية الأمنية الموقعة
-
وكان التحول في نظام المآتم
-
المجموعات الخاصة لاغتيال النخب السياسية والثقافية الوطنية
-
أسامة النجيفي وجريمة الاغتيالات وتهجير المسحيين من الموصل
-
ما بين التطبيق والإلغاء للمادة ( 140 ) والحقد الشوفيني
المزيد.....
-
الضربات الجوية الأمريكية في بونتلاند الصومالية قضت على -قادة
...
-
سوريا.. وفد من وزارة الدفاع يبحث مع الزعيم الروحي لطائفة الم
...
-
كيفية استقبال قناة طيور الجنة على النايل سات وعرب سات 2025
-
طريقة تثبيت تردد قناة طيور الجنة بيبي الجديد 2025 TOYOUR BAB
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال اقتحم المسجد الأقصى المبارك 21
...
-
” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل
...
-
زعيم المعارضة المسيحية يقدم -ضمانة- لتغيير سياسة اللجوء إذ أ
...
-
21 اقتحامًا للأقصى ومنع رفع الأذان 47 وقتاً في الإبراهيمي ا
...
-
24 ساعة أغاني.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 على النايل
...
-
قائد الثورة الاسلامية:فئة قليلة ستتغلب على العدو المتغطرس با
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|