|
عبد الكريم سروش: اول واضع لبذور التعددية في العالم هو الله
شمخي جبر
الحوار المتمدن-العدد: 2503 - 2008 / 12 / 22 - 05:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يرى سروش ان الفقهاء مالم يجتهدوا في دائرة المباني والاصول ويطرحوا معرفة جديدة في اطار علوم الانسنة والوجود فأنهم لايتمنكنون من الاستجابة لتحديات الواقع وحاجات المجتمع البشري المعاصر.لان الفقه الكامل لايوجد على سطح الارض بل هو عند الله،ولكن علم الفقه علم بشري ، وكل العلوم البشرية تتحرك في صراط التكامل. تميزت الطروحات الفكرية السروشية بالجرأة والجدة المعرفية كما يرى السيد احمد القبانجي(فالقول بان المعرفة الدينية معرفة متغيرة ونسبية وتحتمل الخطأ والتناقض، او بشرية وتاريخية، وان الوحي والرسالة تابعان لشخصية النبي، يخالف الرأي السائد لدى اكثرية علماء الاسلام الذين يرون ان معارفهم الدينية هي معلومات صادقة وتامة،بقدر ماهي صحيحة وضرورية من حيث علاقتها بالاصل والنص، مما يجعل كل فريق يدعي ان فهمه للاسلام هو الفهم الاصولي الصحيح، وان خطه هو الخهط المستقيم، مستبعدا بذلك سواه من حضيرة الاسلام او من دائرة الايمان. ولد الدكتور عبد الكريم سروش(واسمه الحقيقي حسين حاج فرج دباغ) يوم عاشوراء من العام 1945 في طهران،يقول سوش عندما كنت في ريعان شبابي اطلعت على مصدرين في علم الاخلاق الاسلامي والسلوك العملي، الاول (جامع السعادات) للملا مهدي النراقي والثاني كتاب (المراقبات في اعمال السنة) للميرزا جواد اقا ملكي التبريزي.
مرجعية سروش
ويقول سروش (لم اكتفي بقراءة كتاب المراقبات بل التهمته التهاما والى الان عندما اتذكر هذا الكتاب تأخذني حالة من الهيبة والرهبة في اعماق وجودي، اذ اودع المؤلف المبدع نوعا من الامل والرجاء في هذا الكتاب القيم )بعد هذه المقدمة هل يمكن ان نقول ان سروش خرج من عباءة العرفان والسلوك والتصوف الاسلامي، فأهتزت روحه اهتزازا عظيما قبل ان يهتز عقله، كيف لا وقد وقع سروش تحت مساقط ظل كلمات العارفين واهل القلوب. ولكن يبقى السؤال قائما بشأن العلاقة بين القلب والعقل، بين اصلاح الروح وسمو العقل؟ وهل يمكن ان نجد تماهيا واضحا بين جرئة العارفين واطروحات سروش في الاصلاح الديني وتفوق هذه الاطروحات؟ كيف لا وهو القائل (في عام 1972 عندما كنت عازما للذهاب الى بريطانيا لاكمال الدراسة الجامعية اطحبت معي اربعة كتب: الاسفار الاربعة(العقلية)لصدر الدين الشيرازي، والمحجة البيضاء للملا محسن فيض الكاشاني، والمثنوي المعنوي لجلال الدين البلخي ــ الرومي ،وديوان شمس الدين محمد حافظ الشيرازي، الاول كان غذاء لعقلي والاخريات كن غذاء لروحي) وعلى الرغم من وجود سروش في لجة الغرب وفكره وحضارته الا انه كان متسلحا بحكمة الشرق وعقله وروحانيته بمواجهة مادية الحضارة الغربية،وكان الغزالي حاضرا بكتابه (احياء علوم الدين) ولكن لسروش موقف من الغزالي،اذ يقول سروش (لايمكن المقارنة بين حرارة ولهيب (مولوي) وبرودة ولطافة الغزالي، كنت افر من حرارة مولوي الى برودة الغزالي...شاهدت جرح روح الغزالي لشدة خوفه من سوء العاقبة.. وبسبب الجراح الكثيرة في مواقع الفكر الغزالي لايمكن مشاهدة بسمة واحدة في اجواء هذا الفكر ،كانت جروحه تبتسم بدلا عنه، الغزالي العارف الخائف وصاحب الروح الجريحة يملك هيبة لاتطاق، اله الغزالي عبوس يملك قلبا من حجر، غضبه غالب على عطفه وقهره على رحمته، كنت ابحث عن اله رحمن رحيم ، له قلب واسع، لاحدود له، وجدت هذا الاله عند مولوي، وجدت مولوي العارف العاشق الذي يحلق في سماء الوجدان واجواء العشق وآفاق الحب). كان هدفنا من هذا الاستشهاد المرجعي الطويل هو تبيان مرجعية سروش ومصادر فكريه والمؤثرات التي شكلت عقله التنويري.
التعددية وفرقة ناجية
يرى سروش ان اول واضع لبذور التعددية في العالم هو الله ، وذلك حين ارسل أنبياء متعددين فتجلى لكل واحد منهم وبعثه الى مجتمع معين، وجعل في ذهن وعلى لسان كل واحد منهم تفسيرا خاصا به لفهم الشريعة وتطبيقها ، يقول سروش (لا لاتشيع هو الاسلام الخالص ولا التسنن ولا الاشعرية هي الحق المطلق، ولا الاعتزال،لا المالكي ، لا الزيدية،لا الوهابية، لاكافة المسلمين في معرفة الله وعبادته عارون وخالون من الشرك، ولا قاطبة المسيحيين،ادراكهم الديني خال منه، كلا ، بل لقد ملأت الدنيا الهويات غير الخالصة، فلم يتربع الحق في جهة من الجهات دون جهة اخرى، لتكون باطلا محضا، وعندما نذعن لهذا الامر فسوف يتسنى لنا هضم الكثرة بشكل افضل. وفي كتابه (الصراطات المستقيمة )يقول سروش ان فهمنا للمتون والنصوص الدينية متنوع ومتعدد بالضرورة، وهذا التعدد والتنوع لايقبل الاختزال الى فهم واحد، وليس هذا الفهم متنوعا ومتعددا فحسب بل سيالا ايضا والسر في ذلك ان النص صامت ونحن نسعى باستمرار لفهم النصوص الدينية وتفسيرها سواء في الفقه او الحديث او القرآن من خلال الاستعانة بمسبوقاتنا الفكرية وتوقعاتنا من النص والاسئلة التي تدور في أذهاننا في مرحلىة سابقة. وبما انه لايوجد تفسير من دون الاعتماد على التوقعات والاسئلة والفروضات المسبقة، وبما ان هذه التوقعات والفروضات المسبقة مستوحاة من خارج الدين، وبما ان الفضاء المعرفي خارج الدين متغير وسيال، كما ان العلوم البشرية والفلسفة ومعطيات الحضارة الانسانية تزداد وتراكم وتتغيير باستمرار لهذا كله كانت التفاسير المترتبة على هذه الاسئلة والتوقعات والفروضات المسبقة متنوعة ومتغيرة. وعن اثر المكان والبيئة والثقافة التي انتجت الاسلام يقول سروش( لاجدال في ان الاسلام لو نزل في اليونان او الهند او بلاد الروم بدل الحجاز لكانت عرضيات الاسلام اليوناني والهندي المتغلغلة الى اعماق طبقات النواة المركزية تختلف اختلافا كبيرا عن الاسلام العربي، كما ان الاسلام الايراني والهندي والعربي والاندونوسي اليوم، وبعد قرون من التحولات والتفاعلات، تمثل انماطا من الاسلام تختلف عن بعضها في انساقها او بيانها ونتاجاتها، الى جانب المشتركات فيما بينها، ولاتقف التباينات عند تخوم اللغة والظواهر بل تمتد الى اعماق الوعي والثقافة الدينية)
#شمخي_جبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أزمة بناء الدولة وتعديل الدستور
-
التوافقية وانتظار القرار
-
الديمقراطية التوافقية .. مخاضات التجربة العراقية
-
ورش منظمات المجتمع المدني وبناء القدرات
-
مشكلة كركوك و الديمقراطية التوافقية
-
المصالحة الوطنية في العراق وجنوب أفريقيا...بعض من أوجه المقا
...
-
المفكر كامل شياع... راهن على المستقبل فأغتاله الماضي
-
العصيان المدني... سلوك مدني لاعنفي
-
الاحزاب العراقية والخيار الديمقراطي
-
المثقف والمؤسسة والشاعر البهلوان
-
العنف ضد المرأة ..أشكاله ومصادره وآثاره
-
المرأة العراقية بين قانون (188) لسنة 1959 والمادة (41)
-
هل طرح نظام صدام مشاريع للاصلاح السياسي؟
-
الاسلاميون والتحولات الديمقراطية
-
التمييز الذكوري المجتمعي لايسمح للمرأة بالوصول الى مراكز صنع
...
-
قلق الهوية
-
الانتخابات.. والامانات التي لابد ان تسترجع
-
العقل الخرافي وتسليع المقدس
-
المثقف دون طوق نجاة
-
الفيدرالية ليست حلا
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|