أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - حكم القانون ... من أين نبدأ؟!















المزيد.....


حكم القانون ... من أين نبدأ؟!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2503 - 2008 / 12 / 22 - 08:21
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


غالباً ما نردد عبارة «حكم القانون»، ولكننا نختلف كثيراً حول تحديد معناها ومبناها ومبتغاها، فالبعض يستخف بالقانون طالما يستخف به الحاكم، وبالمقابل فإن من هم في السلطة أو قريبون منها يقومون بتمجيده، وأحياناً بتجميده إذا كان يتعارض مع مصالحهم في اللحظة المعينة، الأمر الذي يثير اشتباكاً وتعارضاً ويضعف ثقة المواطن بالدولة.
ولعل موضوع الحديث هذا له علاقة مباشرة بندوة انعقدت في عمان تحت عنوان «... إرساء حكم القانون في المنطقة العربية» كان قد نظمها «المركز العربي لتطوير حكم القانون والنزاهة»، وهو مركز إقليمي دولي متخصص، وله مساهمات متميزة في نشر الثقافة القانونية والوعي الحقوقي، لاسيما في إطار المجتمع المدني، فضلاً عن تدريب أعداد كبيرة من العاملين في المؤسسات الحكومية العربية وخارجها. وتميّزت ندوة عمان بالمشاركة الحكومية والرسمية إضافة إلى المشاركة الفاعلة لمؤسسات المجتمع المدني وهيئات نقابية وإعلامية وجمعيات حقوقية.
وإذا كان القانون هو مجموعة القواعد القانونية السلوكية التي تسنّها سلطة لها حق التشريع لتنظيم علاقة الأفراد بالدولة وبين بعضهم بعضا، وتكفل تطبيقها سلطة تنفيذية «حكومة»، ويفرض الجزاء على من يخالفها أو يمتنع عن تنفيذها، قضاء مستقل، فإن الدعوة الى حكم القانون تعني حصراً علاقة الفرد، المواطن بسلطة بلده، وعلاقة السلطة به، وهو ما يمكن أن نطلق عليه صفة المواطنة بمعناها الحديث، المكفول من جانب سيادة القانون، لاسيما بعلو أحكامه باعتباره خاصة من خصائص الدولة العصرية.
وحكم القانون هو شكل من أشكال إدارة الحكم، خصوصاً إذا اعتمد على مبدأ المساواة وعدم التمييز، بإخضاع الجميع بمن فيهم الحكام وجميع المؤسسات والهيئات العامة والخاصة لحكم القانون والمساءلة والمساواة أمامه بهدف تحقيق العدالة وإنصاف المظلومين عبر قضاء نزيه وفعّال ومستقل، بحيث يمكن حماية الإنسان وحقوقه، فضلاً عن مشاركة الجميع وحقهم في صنع القرار وتوّلي الوظائف العامة من دون تمييز.
ولكن من الذي يحدد حكم القانون؟ هل هي سلطة إلهية أو موروثة أو انقلابية بحجة دينية أو قومية أو طبقية؟ وكل ذلك كان سبباً من أسباب تعطيل حكم القانون في أحيان كثيرة، بإخضاعه لمصالح خاصة وضيقة، وتحت ذرائع أو مسوّغات غالباً ما تكون «غير قانونية»!
أما في الدولة العصرية فتوجد دساتير تحدد سيادة القانون من خلال اعتماد مبادئ قانونية وتوجهات دستورية، لرسم الحدود الفاصلة بين صلاحيات سلطات الدولة الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتنظيم التعاون فيما بينها بما يؤدي إلى تحقيق العدالة من خلال المساءلة والمسؤولية في تطبيق القانون.
ويعتبر العدل من أهم أركان حكم القانون لاسيما بالمساواة وبعدم التمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو الدين أو اللغة أو المنشأ الاجتماعي أو الاتجاه السياسي، الأمر الذي يقتضي وضع مسافة واحدة بين الأفراد والقانون وسلطة الدولة، بحيث تضمن الحقوق المتساوية للجميع.
وحكم القانون يقتضي توافر عنصر الإرادة الشعبية للتعبير عنه وذلك عبر إجراء انتخابات دورية وديمقراطية حرة ونزيهة، لاختيار الحكام واستبدالهم نزولاً عند رأي الشعب صاحب السلطة والسيادة، الأمر الذي يستوجب الامتثال لإرادته، خصوصاً بتوسيع دائرة المشاركة، ولاسيما من جانب مؤسسات المجتمع المدني، التي تعتبر شريكاً ورقيباً وقوة اقتراح يمكن أن تسهم في تعزيز حكم القانون. ولعل هذا هو الركن الثاني لحكم القانون.
أما الركن الثالث فيتعلق بخضوع الحكام مثلهم مثل غيرهم لمبدأ حكم القانون، الذي يقيّد سلطتهم ويجعل المواطنين متساوين، لاسيما أمام القانون، الذي تسنّه سلطة يفترض فيها التمثيل الشعبي عبر الانتخابات الحرة النزيهة، والتي يتوّلى السهر على تنفيذ أحكام القانون قضاء مستقل ونزيه ومحايد، بحيث يصون الشرعية ويؤمن مستلزمات تحقيق العدالة.
وهكذا فإن دولة القانون لا تقوم إلاّ في ظل دولة تنبثق فيها السلطة من حكم القانون، وتعود لتنضبط بالقانون الذي هو تعبير عن إرادة المواطنين، الأفراد، الأحرار، المتساوين ويكون القانون حامياً لحقوقهم، وهو فوقهم مثلما هو فوق الحكام!
إن حكم القانون هو وحده الذي يؤمن حماية متساوية لحقوق الإنسان التي لا يمكن أن تكون مكفولة ومضمونة، إلاّ في حمى القانون، حتى إن تضمنتها معاهدات واتفاقيات دولية ووردت في نصوص دستورية، وهكذا يشكّل احترام هذه الحقوق معياراً أساسياً للحكم الصالح وتأكيداً على دولة القانون التي تتولى حماية حقوق الإنسان كافة.
وقد وصل الفقه الدولي المعاصر إلى تأكيد عدد من المعايير والمؤشرات لحكم القانون، باعتبار الحكم الصالح بما فيه حكم القانون مدخلاً مهماً لتحقيق التنمية البشرية، وقد عبر الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان عن ذلك، حين قال «الحكم الصالح هو الوسيلة الأهم لتحقيق التنمية والقضاء على الفقر».
وحسب تقارير الأمم المتحدة، فإن حكم القانون هو أحد المقاييس التي يقاس بها مدى اقتراب الحكم من الصلاح أو عدمه، خصوصاً وهو ضمانة لتحقيق الشفافية والمساءلة، إضافة إلى المشاركة الفاعلة، لاسيما لمؤسسات المجتمع المدني.
إن حكم القانون هو الضمانة الحقيقية للأفراد والمجتمع في حماية حقوقهم وحرياتهم، على أساس المساواة وعدم التمييز، فضلاً عن ذلك فهو وسيلة رادعة ضد الفساد الإداري والمالي والسياسي، وضد سوء الاستخدام أو التبديد للمال العام.
ولعل حكم القانون يعتبر الأساس في الأمن الاجتماعي والتطامن السياسي والتعايش المجتمعي، لأنه يشكل أحد مقوّمات الأمن الإنساني، ومن دون حكم القانون، لا يمكن تأمين احترام حقوق الإنسان ولا محاسبة الحكومة أو مراقبتها، ولا إجراء الانتخابات الحرة النزيهة، ولا تطوير المجتمع المدني ولا احترام دور الإعلام في التنمية وتعزيز المشاركة، وهذه المبادئ كانت قد ذهبت إليها الوثيقة المفتاحية التي عرضتها الجهة المنظمة لندوة عمان المهمة حول حكم القانون.
وإذا كانت الهوة سحيقة بين التطور الدولي ومجتمعاتنا بشأن مسألة حكم القانون، فإن القضية المركزية التي ستظل تشغل العالمين العربي والإسلامي بشكل خاص و«العالمثالثي» بشكل عام، هي كيف السبيل لإنفاذ حكم القانون، خصوصاً أن القناعة بدأت تتعزز بأننا لا يمكن الخروج من غلواء التخلف والتعصب وعدم المساواة واللحاق بركب العالم المتقدم، دون تحقيق حكم القانون، الأمر الذي يتطلب أولاً وقبل كل شيء وضع القانون فوق الجميع، وهذا يقتضي رصداً دقيقاً لتطوير منظومة القوانين والمؤسسات والممارسات في العالم العربي بما تستجيب إليه ظروف وحاجات المجتمعات العربية ودرجة تطورها، والسعي لمواءمة ذلك مع المعايير الدولية بما يؤدي إلى تفاعل الخصوصية الثقافية والقومية مع التطور الكوني.
وإذا كانت قضية تأمين حكم القانون في الدول العربية مسألة أساسية، فهي تقتضي بداية تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وقانونية من شأنها أن تزيد من فاعلية مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، فلا يمكن تأمين حكم القانون دون تعاون طرفي المعادلة (الحكومات والمجتمعات)، بما يساعد في تحقيق التنمية البشرية بجميع أركانها.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يتمكن أوباما من إغلاق جوانتانامو؟
- حقوق الإنسان بين التقديس والتدنيس!!
- «نفاق» حقوق الإنسان.. وقفة تأمل!
- جائزة التسامح
- المواطنة «المفترضة»!
- شرق أوسط ممكن شرق أوسط مستحيل
- الاتفاقية الامنية رهن للعراق وشعبه
- الاتفاقية العراقية- الامريكية من الاحتلال العسكري الى الإحتل ...
- المعاهدة العراقية-الأميركية: من الاحتلال إلى الاحتلال! (2-3)
- أوباما الشرق أوسطي!!
- زمان الطائفية
- أولويات الرئيس أوباما!
- استحقاقات أوباما
- الإرث الثقيل
- المعاهدة العراقية-الأميركية... من الاحتلال إلى الاحتلال! (1- ...
- ست حقائق أفرزتها الانتخابات الأميركية
- بغداد - واشنطن بين التبرير والتحذير
- المستقبل والمجتمع المدني
- سباق اللحظة الأخيرة بين بغداد وواشنطن
- هل المجتمع المدني شريك للحكومات؟


المزيد.....




- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...
- جدل في لبنان حول منشورات تنتقد قناة محلية وتساؤلات عن حرية ا ...


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - عبد الحسين شعبان - حكم القانون ... من أين نبدأ؟!