|
الحركة النسائية في ايران
يوسف عزيزي
الحوار المتمدن-العدد: 767 - 2004 / 3 / 8 - 19:41
المحور:
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2004 يوم المرأة العالمي
يصادف يوم الاثنين الثامن من مارس، اليوم العالمي للمرأة حيث يحتفل به العالم و خاصة النساء تقديرا لدور المرأة في المجتمع الانساني. ولايران حالة شاذة في هذا المجال؛ فلم يعترف لا النظام السابق و لاالنظام الحالي بهذا اليوم. اذ كان يوم ولادة ام الشاه السابق وزوجة الشاه الاسبق والذي يصادف 16 ديمسبر يوم المرأة الايرانية وقد ابطلت الجمهورية الاسلامية بعد قيام الثورة الاسلامية، هذا الامروعينت يوم ولادة فاطمة الزهراء بنت الرسول يوما للمرأة الايرانية. غير ان مجموعات نسائية علمانية نشطة في المجتمع الايراني دعت مؤيديها ولاول مرة في 8 مارس من العام الماضي للاجتماع في احدى حدائق طهران محاولة بذلك تطبيق يوم المرأة الايراني مع صنوه العالمي. وحضرت ذلك الاجتماع شيرين عبادي التي حازت على جائزة نوبل للسلام في اكتوبر الماضي. والتاريخ في ايران و كسائر البلدان الاسلامية هو تاريخ ذكوري لم يتسع فيه المجال للمرأة الا القليل جدا؛ لكن وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأت المرأة الايرانية تخرج من شرنقتها وتدخل المعترك الاجتماعي والسياسي رويدا رويدا. وبما ان ايران بلد واسع و متنوع قوميا و جغرافيا وثقافيا، يختلف وضع المرأة فيه وفقا لهذه الاعتبارات. صحيح ان هناك هموم مشتركة تربط المرأة في ايران من شمالها الى جنوبها و من شرقها الى غربها وذلك بسبب وجود قوانين مدنية و قضائية موحدة لكافة مناطق ايران، لكن تتمتع كل منطقة و كل قومية في ايران بسماتها الخاصة تضفي بطابعها على وضع المرأة الايرانية. او يمكن ان نقول بان هناك شرائح نسائية تختلف معاناتها ومشاكلها وفقا لانتماءاتها القومية وينم هذا عن التباين في مستوى التطور الاجتماعي و الثقافي في المجتمع الايراني. فعلى سبيل المثال ان وضع المرأة الفارسية في العاصمة طهران يختلف مع وضعها مع المرأة البلوشية في محافظة بلوشستان او العربية في محافظة الاهواز او الكردية في محافظتي عيلام و كردستان. فهناك تقاليد بالية و تخلف تاريخي مفروض على هذه القوميات تؤثر سلبا على الحياة الاجتماعية للمرأة غيرالفارسية حيث نرى ان نسبة الانتحار بين النساء في محافظة عيلام هي الاعلى في البلاد و اجبار الفتيات للزواج المبكر هو اكثر رواجا في كردستان و الامية متفشية في صفوف المرأة العربية في الاهوازاكثر من سائر المحافظات الايرانية. ويعود تاريخ الحركة النسائية في ايران الى اوائل القرن العشرين حيث اخذت المرأة تشارك في النشاطات الاجتماعية و الثقافية و السياسية وتصدر صحفها الخاصة بها. وقد حاول الشاه رضا البهلوي (25-1941) المنبهر بتطورات الغرب تقليد ما قام به نظيره التركي كمال اتاتورك في جميع المجالات و خاصة فيما يتعلق بالمراة، حيث اصدر اوامره بكشف الحجاب عن المرأة الايرانية واجبارها على السفور في الشوارع و الدوائر والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية. ولم تنجح التجربة بسبب العنف الذي رافقها حيث اضطر العديد من النساء المكوث في بيوتهن لفترات طويلة خوفا من شرطة الشاه الاسبق التي كانت تجبرهن على خلع حجابهن بالقوة. فقد شاركت المرأة الايرانية بكثافة في الثورة الاسلامية عام 1979 حيث يمكننا الادعاء بان الثورة ساعدت على خروج المرأة من جحرها المسمى بالبيت حيث شاهدنا الملايين من النساء في التظاهرات الجماهيرية، جنبا الى جنب الرجال يهتفن و يطالبن بسقوط الشاه. وقد انخرطت المرأة الايرانية بعد ذلك في العمل الاداري و الاجتماعي و السياسي بشكل لامثيل له من قبل. اذ كانت المرأة التقليدية التي ترتدي الحجاب اوالعباءة (التشادور الفارسي) لم تثق بالجهاز البيروقراطي لحكم الشاه بسبب الاجواء التي كانت تعتبرها فاسدة و غير اسلامية. وتجاوز عدد الطالبات البنات في الجامعات الايرانية، عدد الطلبة الذكور في الاعوام الاخيرة حيث بلغ اكثر من 50 في المئة من كل الطلبة الجامعيين؛ الامر الذي اقلق التقليديين محاولين الحد من تطور هذه الظاهرة غير انهم لم يتمكنوا من فعل شي بسبب معارضة الاصلاحيين والنساء لهم. و انتقدت السلطة الاسلامية ما قام به الشاه رضا البهلوي من فرض السفور على المرأة الايرانية حيث سرعان ما فرضت الحجاب على المرأة ومنعت السفور خارج البيت. وفيما ترى الحكومة الاسلامية في الحجاب فرضا دينيا اسلاميا؛ يرفض التحديثيين اجبار المرأة بفرض السفور اوالحجاب عليها. فبرغم محاولات الحكومة الاسلامية لخلق مجتمع اخلاقي نموذجي في ايران غير ان قوانين المجتمع الصارمة كانت اقوى من النيات والاتوبيات حيث ارتفع عدد بنات الهوى في شوارع العاصمة و المدن الكبرى في الاعوام الستة الاخيرة وذلك بعد ان قامت حكومة خاتمي الاصلاحية بتخفيض القيود الاجتماعية على النساء. وتتحدث بعض الاحصاءات عن وجود نحو 300 الف شرموطة في طهران. الى جانب ذلك شهد المجتمع الايراني خلال العقد الاخير تطورا في الحركة النسائية الايرانية او ماتعرف هنا بالحركة الفيمينية حيث قامت المرأة الايرانية بانشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات المدنية الخاصة بها، بعضها محسوب على الاصلاحيين و البعض الاخر على المحافظين، لكن المستقل منها قليل جدا. كما ان هذه المؤسسات النسائية تنحصر بالمرأة الفارسية ولم تضم النسوة من القوميات غير الفارسية بسبب التفاوت في اللغة و الثقافية وماشابه ذلك من امور. واصبح للنساء صحف و مواقع على الانترنت و دخلت المرأة قطاع الشرطة و احتلت مناصب هامة في قطاعات مختلفة منها منصب مساعد رئيس الجمهورية غير ان الدستورالايراني لايزال يحرمها من الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية. كما وهناك اهتمام خاص بالمرأة الايرانية من قبل المنظمات الدولية ومنها الامم المتحدة و مؤسسات حقوق الانسان في اوروربا و الولايات المتحدة الامريكية. وقد ادى ذلك الى حصول العديد من النسوة الايرانيات جوائز مختلفة اهمها جائزة نوبل للسلام التي منحت للمحامية الناشطة في مجال حقوق الانسان شيرين عبادي. فالحركة النسائية في ايران وكما اشرنا لاتضم النسوة من جميع القوميات و المناطق بل تنحصر في العاصمة و بعض المدن الكبرى وخاصة الفارسية منها. فعليه و برغم توسعها الافقي في المجتمع الايراني غير انها لاتزال تعاني من فقدان التنظيم العام والقيادة الموحدة في كل ايران. وتفرض ظروف المجتمع الايراني المحكوم بالسلطة الدينية على الحركة النسائية التاكيد على مطاليب فورية و اقلية كالحصول على الفرص و التكافؤ في الحقوق بين الرجال والنساء. كما وتناضل المرأة الايرانية لنيل اهداف مرحلية كالتكافؤ في الارث و الدية بين الرجل و المراة وقد شجعها في ذلك التساوي في الدية بين اهل الذمة من الاديان الاخرى والمسلمين والذي حصل مؤخرا. وتحتج هذه الحركة على ماتصفه بقمع المرأة وعدم التكافؤ مع الرجل في حقوقها الانسانية ان كانت في البيت او المجتمع. وقامت السلطة القضائية الايرانية مؤخرا بتعديل بعض فقرات القانون حيث منحت الحق للمرأة المطلقة للا حتفاظ باولادها حتى يبلغوا سن السابعة بعد ان كان سابقا السن الثانية. ومع ذلك فان حق الطلاق لايزال بيد الرجل. وتدعي الناشطات من النساء بان قانون الاحول الشخصية (قانون الاسرة) يحتوي على تمييز تجاه النساء في ايران وان المرأة وبعد الزواج تصبح تحت الهيمنة التامة للرجل وليس لديها اي حق على الرجل الا حق "الحضانة" ! كما وانها تعاني من العنف المنزلي والجنسي من قبل الرجل والذي لم يعاقب عليه قانونيا. انتهت
#يوسف_عزيزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايران ومصر: هل تعود العلاقات التاريخية؟
-
الزلزال الذي هز التاريخ
-
المعايدة الكبرى على ضفاف نهر كارون الحبيبة .. و حضور الآلاف
...
-
عرب الاهواز؛ هل هم شعب؟
-
الادب الفارسي الحديث بذور العداء للعرب صاحبت ولادة الادب الف
...
-
الدين والسياسة في ايران
-
القوميات غير الفارسية في ايران : وزنها وتأثيرها
-
سماحة الاخ ياسر عرفات رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية
-
المثقفون في ايران ؛ بين الدين و العلمانية
-
اللغة الفارسية و تعاملها مع اللغات الايرانية الاخرى
-
التصدع يتسع في المؤسسة الدينية - والصراع السياسي يزداد ضراوة
...
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
الموقف الإسلامي من المرأة بين الاجتهادات المغلوطة والأنانية
...
/ جمعة الحلفي
-
بدون المرأة لن تكون الثورة وبدون الثورة لن تتحرر المرأة
/ جبهة التحرر الشعبي الثوري - تركيا
المزيد.....
|