|
تحديات مغاربية
عبدالله تركماني
الحوار المتمدن-العدد: 2500 - 2008 / 12 / 19 - 09:31
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
في المغرب العربي متغيّرات جديدة وأسئلة جديدة، تتطلب تشخيصا معمّقا للتحديات، إذ يواجه مجموعة من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تدعو إلى تجنّب المآزق والأزمات المعطِّلة لمشاريعه في الإصلاح والتنمية. وفي محاولتنا معرفة أهم التحديات التي تواجه الدول المغاربية وجدنا أنها تتركز على الخصوص في (1): البطالة، والفقر، والهجرة، والإرهاب، وضعف الأداء الاقتصادي، ومحدودية التنمية الإنسانية، وإشكاليات الصحراء الغربية، وتعثر الاتحاد المغاربي. إنّ أكبر التحديات التي تواجه منطقة المغرب العربي تكمن في عدم قدرة الاقتصاديات المحلية على توفير فرص عمل كافية للشباب، مما يزيد معدلات البطالة ويهدد الاستقرار الاجتماعي، ومخاطر الهجرة غير الشرعية نحو دول شمال البحر المتوسط. وثمة مؤشرات كثيرة تدل على ضعف عملية التنمية الإنسانية المغاربية استنادا إلى معظم، إن لم يكن كل، مؤشرات هذه العملية. إذ أنّ الجزء الظاهر من هذه المشكلة يتمثل في الفقر واللامساواة ( المعدل المتوسط للفقر يصل إلى 18 بالمائة ). وتبيّن المؤشرات الأساسية للتنمية المغاربية لسنة 2006 ما يلي: - النسبة المئوية لمعدل النمو السنوي للسكان: 1.63 بالمائة. - النسبة المئوية للمجموعة العمرية أقل من 14 سنة: 31.6 بالمائة من مجموع السكان البالغ 82 مليون نسمة. - الناتج القومي الإجمالي للفرد بالدولار: 3004 دولار. - العمر المتوقع عند الولادة: 68.8 سنة. - معدل البطالة خلال الفترة 2000 – 2003: 16.3 بالمائة. - صافي نسبة القيد في التعليم الابتدائي لسنة 2003: 89.2 بالمائة. - صافي نسبة القيد في التعليم الثانوي لسنة 2003: 46 بالمائة. لقد كان تأسيس الاتحاد المغاربي في العام 1989 لحظة مهمة على طريق استيعاب التحوّلات التي عرفتها العلاقات الدولية، وكان في إمكانه أن يعيد ترتيب أولويات المنطقة، الموزعة بين الأمن والتنمية والديموقراطية. لكنّ الموقف الإجمالي في المنطقة بعيد تمام البعد عن كونه مُرضياً, حيث يعتمد اقتصاد الجزائر وليبيا على صادرات النفط والغاز، كما يعتمد اقتصاد المغرب - إلى حد كبير - على الإنتاج الزراعي والتحويلات النقدية من المغتربين، بينما تعتمد تونس على الطلب من قِبَل المستهلك الأوروبي وعلى السياحة. ولاشك أنّ عدم تجانس التشريعات الاقتصادية يحد من الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، ويفقدها في المتوسط 2.5 في المائة من الناتج الإجمالي بسبب إغلاق الحدود الجزائرية - المغربية وضعف التجارة البينية. وهكذا، يبدو جليا اليوم أنه بات من المستحيل للدول المغاربية التعاطي المجدي مع أهم التحديات بالاعتماد فقط على السياسات الوطنية، في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، مما يفرض عليها تكثيف الجهود من أجل إحداث نقلة نوعية في العمل التكاملي والاندماجي المغاربي. فلم يعد معقولا ولا مقبولا، ونحن نشاهد ما يجري في العالم، أن نواصل التعامل مع قضايانا التاريخية وإشكالاتنا السياسية بالطرق التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم. فهل يعقل أن لا تقيم النخب السياسية المغاربية، خاصة في الجزائر والمغرب، اليوم تمييزا بين شروط نشأة وتطور أزمة الصحراء الغربية في لحظات تشكلها في سبعينيات القرن الماضي، وبين مآلها الراهن في علاقاته بالمتغيّرات الجارية سواء في المغرب الكبير أو في العالم ؟ إنّ ما يبعث على الاطمئنان - نسبيا - أنّ أكثر الإكراهات تحديا يفرض النزوع إلى معاودة تفعيل البناء المغاربي، فبعد أن كانت الخلافات إزاء التعاطي مع تنامي التطرف والإرهاب تضع مفارق طرق بين العواصم المعنية أصبحت " مغربة " هذا الهاجس قضية مشتركة بين الأطراف كافة، إلى درجة أنّ الفرقة السابقة باتت تحتم المزيد من التنسيق وتبادل المعلومات والخبرات. وبعد أن كان نزاع الصحراء حاجزا أمام أي انفراج في العلاقات المغربية - الجزائرية، الطرفين الرئيسيين في معادلة البناء المغاربي، صار في الإمكان ترحيل خلافاتهما إلى المفاوضات المغربية – الصحراوية تحت رعاية الأمم المتحدة. وهكذا، يحدونا الأمل بأنّ دول المغرب العربي، التي تتوفر على إمكانيات مهمة ومؤهلات هامة، ستكون قادرة على التعاطي المجدي مع التحديات والصعاب، إذا كثّفت جهودها من أجل إقرار الآليات الكفيلة بالسير قدما نحو الاندماج. (1) – جزء من ورقة قُدمت في إطار ندوة مغاربية حول " خمسينية المشروع المغاربي " بدعوة من " مختبر الدراسات الدستورية والسياسية " – كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – جامعة القاضي عياض – مراكش، بمساهمة من " مؤسسة كونراد أديناور " خلال يومي 28 و 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2008.
#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق الإنسان في عالم متغيّر
-
كيفيات التعاطي المغاربي المجدي مع التحديات
-
حقوق الإنسان في التشريعات العربية
-
حوار الثقافات .. إلى أين ؟
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|