أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - يوسف ابو الفوز - ولنا عبرة في حكاية الفأس وشجرة البلوط !















المزيد.....

ولنا عبرة في حكاية الفأس وشجرة البلوط !


يوسف ابو الفوز

الحوار المتمدن-العدد: 768 - 2004 / 3 / 9 - 09:00
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


في سياق إحدى قصصه ، والمعنونة " الخالة بيري " يروي الكاتب السوفياتي الأذربيجاني ميرزا ابراهيموف حكاية معبرة ، على لسان بطلة قصته ، ألام الفلاحة ، التي عانت كثيرا من مظالم السلطة القيصرية ، واذنابها الإقطاع وملاكي الأرض في الريف الأذربيجاني ، الذي حررته مراسيم الأرض التي أصدرتها ثورة أكتوبر 1917 . تقول زوجتي ان ذات الحكاية معروفة في كردستان العراق ، وسمعتها من كبار السن ، برواية مقاربة . وكل هذا ممكن ، فالشعوب تتشابه وتتماثل في حكاياتها ، وتتبادل من خلالها خبراتها .
هذه الأيام ، تذكرت قصة الخالة بيري ، والحكاية التي تسردها لسامعيها ، وأنا أتابع سجال تصدى فيه اخوة خيرين من الكتاب العراقيين الديمقراطيين ، من ضحايا النظام الديكتاتوري المقبور ، ارتضوا حياة المنفى الثقيلة لسنوات طويلة من عمرهم حفاظا على حياتهم ومواقفهم ، في مقالاتهم ، التي نشرت في اكثر من مكان ، ردوا بها على " مثقف " غادر مركب الدكتاتورية قبل بضعة سنوات فقط من غرقها ، وبشهادته ، وفي اكثر من مكان ، كان في مواقع صنع القرار الثقافي في مؤسسات النظام المقبور.
صديق عزيز عاد الى منفاه الأوربي بعد زيارة الى وطنه العراق استمرت لعدة شهور، سألته عن ابرز مشهاداته في وطننا الخارج من كابوس الديكتاتورية ، حدثني عن الكثير ، ومن ذلك حالة اختلاط الحابل في النابل ، فيما يخص الحديث عن ضحابا النظام ، لحد في بعض الحالات ان الضحايا الحقيقيون تراجعوا أمام صلافة البعض ممن يدعون تلقي الظلم من أجهزة النظام المقبور ، وروى لي بمرارة كيف ان سجين سابق وبقضية جنائية أخلاقية معروفة حاول ان يوهمه بأن فترة سجنه كانت شيئا من الظلم ، وحاول تحويلها الى شكل من العمل المعارض . ولكن هل ينجح من يحاول تزوير الوقائع والتأريخ ؟ وهل ينجح " أبناء " النظام الديكتاتوري من صبغ أنفسهم بألوان الضحايا ؟ لا اعتقد ان الضحية تحتاج الى علامات كثيرة لتميزها عن الجلاد ، مثلما لا تحتاج الشاة المذبوحة لجهد كبير لتميزها عن القصاب . فدماء الضحايا ستنز من تحت اضافر الجلادين ، حتى وان نزعوا قمصان النظام الديكتاتوري وحاولوا ارتداء قمصان الضحايا . وعلى " أبناء " النظام المقبور الذين نفذوا بجلودهم من حوادث الانتقام العشوائي ، ومن مصير معلوم كانوا يتوقعونه ، على يد جموع الضحايا ، ان يشكروا ربهم ، وان يحاولوا البحث عن اساليب نافعة ، وناجحة من اجل التكفير عن ذنوبهم ، وتجنبهم الوقوف في المحاكم التي ستنصب لجرائمهم ، وحتى يمكن لضحاياهم ان يتقبلوا فكرة مسامحتهم وقبولهم من جديد بين صفوفهم . اما ان يواصل البعض من هؤلاء بث سمومهم ، وبذات العقلية البعثية العفلقية ، وان تستروا بثياب الضحايا ، فهذا لن يجلب لهم سوى المزيد من السخط والرفض .
فابناء الشعب العراقي يدركون جيدا ، ان النظام الديكتاتوري لم يستورد منفذي مجازر القبور الجماعية من المريخ ، بل هم كانوا من العراقيين ، من العاملين في مؤسسات النظام الامنية والحزبية البعثية ، وقادة حزبين بعثيين ينفذون جرائم النظام وبشيء من " الابداع " ! . وان كتبة التقارير الأمنية ، المتطوعين والبارعين ، عن أبناء شعبنا من مثقفين ومتعلمين ، والذين بسبب هذه التقارير اختفت اثار العشرات منهم ، وفي أهون الأحوال اضطر المئات منهم للهرب والنجاة بجلودهم إلى المنافي البعيدة ، نقول لم يكن كتبة التقارير الأمنية من سكان جزر الواق واق ؟ ولم يكن المجرم صدام حسين بنفسه يلحن ذاك الكم الهائل من الأغاني المقيتة ، التي تتغنى بالموت والعنصرية . اذكر هنا ملحن بائس ، يحاول ألان ارتداء ثياب الضحايا ، صرح متفاخرا مرة على صفحات مجلة " الف باء " بانه استلم كلمات أحد أغانيه التعبوية بالهاتف ، وفي التاكسي الى مبنى الإذاعة قام بتلحينها ، وفي الاستديو كان ينتظره جمهرة من "الفنانين " فسجل الأغنية ! كانت ايامها جبهة حرب النظام العدوانية المجنونة ضد الجارة ايران في أوج سعيرها ، تأكل شباب العراق وخيراته وتدفع بوطننا في احضان المجهول . ابناء الشعب العراقي لا يمكن ان ينسوا كل هذا ، وخصوصا ذلك التفاخر المقرف من قبل الملحن ، حتى وان راح هذا " الفنان " اياه يحاول ان يصنع ألان ألحانا بائسة عن "الديمقراطية" . ما ينتظره الشعب العراقي من هذا الصنف من "المثقفين" هو الاعتذار الصادق وبالعمل الجاد ، مع كشف الحساب علانية وبصدق ، والتبرء من كم التفاهات التي ساهموا في انتاجها ، تحت مسميات الفن والأدب . وابناء الشعب العراقي ، ومن مثقفيه الحقيقيين ، لا يمكن ان يخلطوا الثمار في السلة ، فهم يعرفون جيدا الأساليب المتنوعة التي يتبعها النظام لانتزاع قصيدة من شاعر ، حاول الصمت وعدم الاشتراك في وليمة مثقفي النظام الديكتاتوري ، ولكن أبناء شعبنا أيضا لا يمكن ان ينسوا شاعرا كتب في يوم واحد خمسة قصائد مرة واحدة ، ودون ان يطلب منه أحد ذلك ، أو يجبره على ذلك ، وراح يدور على المجلات والصحف يتوسل هذا وذاك من اجل نشرها وهو يردد : " لعل السيد القائد يحفظه الله يقرأ واحدة منها " ! ، هذا "الشاعر " وان ارتدى الان قمص الضحية ، وكتب قصائد تدين الديكتاتورية ، لكنه مطالب من ابناء شعبه بالاعتذار عن كم القصائد الرديئة التي كان يكتبها طوعا . لسنا بحاجة لفذلكات لغوية ليحاول بها فلان او علان ان يقنعنا بكونه كان ضحية النظام المقبور ، وهو الى الامس القريب ان لم يكن مشارك ، وبشكل ما ، في مجزرة الثقافة العراقية التي يرتكبها النظام ومؤسساته الثقافية القمعية ، فهو كان يتفرج برضا تام على ما يتعرض له الاف المثقفين العراقيين من ابعاد وتهجير ونفي وسجن وقتل بدون وجه حق ! واعود الان الى الحكاية التي يرويها لنا الكاتب ميرزا ابراهيموف ، على لسان الخالة بيري ، وهي عن شجرة البلوط الصغيرة التي شكت يوما الى امها ، شجرة البلوط الضخمة ، قائلة :
ــ الا ترين يا امي ، كيف تنكل هذه الفأس الحادة بنا ، نحن الشجرات ، تنكيلا ، وحشيا ، لا رحمة فيه ؟
فضجت شجرة البلوط باغصانها الجبارة ، وقالت :
ــ يا ابنتي ، هذا لان مقبض الفاس مصنوع من خشب البلوط !
فأيه يا عصي فأس النظام المقبور ، لكم ان تكفرّوا ألان عن جرائمكم وذنوبكم ، اما بالمكاشفة والاعتراف الصريح وبدون فذلكات ولف ودوران والاعتذار الصادق من الشعب العراقي ، أو ارحمونا بصمتكم ، وكفوا عن مد لسان كلماتكم الصفيقة الى ضحاياكم ، والسعي لتسلق تلة الاوضاع الجديدة ، بحثا عن موقع جديد لتتسلطوا منه على رقاب ورزق الناس !

4 اذار 2004
سماوة القطب



#يوسف_ابو_الفوز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بطاقات وفاء في يوم المرأة
- بيـــــــــان استنكار
- قبل 24 عاما … في ذكرى استشهاد الحسين
- هيئة تنسيق القوى السياسية العراقية العاملة في فنلندا- في أول ...
- معنى يوم الشهيد الشيوعي ؟
- الشفافية عن هدر الأموال يا مجلس الحكم !
- لسنا بحاجة إلى إجراءات تشرع الطائفية يا مجلس الحكم !
- خذلتنا يا مجلس الحكم الانتقالي !!
- سيناريو ــ هوامش يابانية
- حين تكون في الشمال لن يكون هناك اتجاه نحو الشمال !
- على حافة الشعر
- هل أتاك نبأ المحلل السياسي الجديد ؟!
- حقا ... من هو - الآخر - ؟
- من يقف خلف الدعوة المشبوهة للحوار مع فلول النظام المقبور؟
- رسالة مفتوحة إلى الأستاذ زهير كاظم عبود
- من اجل سمو الكلمة المسؤولة و إعلاء شأنها
- يا أهلنا ... عيدكم مبارك !
- عن الخيانة والشماتة ، وما حول ذلك !
- تحويل العرس إلى مآتم ، وما بعده !
- أفكار في العمل السياسي في العراق


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - يوسف ابو الفوز - ولنا عبرة في حكاية الفأس وشجرة البلوط !