سيار الجميل
الحوار المتمدن-العدد: 768 - 2004 / 3 / 9 - 08:39
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
انه الارهاب بعينه !
لم يعد هناك من يتفلسف ويقول بأن لا ارهاب يسود ولا صراع يعود وان ليس هناك الا اواصر المحبة والعروبة النقية والتشدق باسم الدين في عالم متمزق يريد هذا أكل لحم ذاك !! لم يعد هناك من يتشدق بالاخلاق والامجاد والحمية العربية والارومة الواحدة والثقافة الموحّدة ! لم يعد هناك بشر سوي على هذه الارض اليباب .. قتل جماعي على ارض وادي الرافدين والقاتل يتحرك هنا وهناك باختياراته العجيبة مرة في النجف ومرة في بغداد واخرى في الموصل وتلك في كركوك والفاجعة في اربيل والاعتى منها جميعا في الكاظمين وكربلاء .. والحبل على الجرار .. ايها العراقيون لا اريد منكم ان تفّكروا الا بمن له مصلحة حقيقية لا آنية .. ومن له من كيد وخصومة أزلية معكم ؟؟ ومن له خبرة وتجارب في مثل هذا الاداء ؟ ومن له عداء عتيق مع العراقيين ؟ وكل من سقطت اوراقه كاملة مع سقوط نظام صدام حسين ؟ وضد كل من يعلن مجابهته ووقاحته وكل رذائله ضد العراق والعراقيين ؟ وضد من تعلم ان يقتل ويختفي ؟ أسألكم : من كان المستفيد الاول من بقاء الاحوال على ما كانت عليه لسنوات طوال من قهر العراقيين ؟ من يريد ان يبث ادوات الشر هنا او هناك في المدن العراقية ؟ من يريد ان يزرع الشك او انه يخلط الشك باليقين ازاء مستقبل العراق ؟ من يريد تمزيق العراق ؟ من جعل نفسه داعية مهووس بمستقبل اسود حالك للعراق ؟
التحريض العربي لا غيره
استمعنا الى اقاويلهم السمجة وتناهت الى مسامعنا شعاراتهم القاسية ورأيناهم على شاشات الفضائيات ينعقون صباح مساء .. جالسناهم وشممنا روائحهم المنتنة .. قرأنا كتاباتهم في صحفهم ومجلاتهم ومواقعهم .. انهم يعبّرون اليوم اصدق تعبير عما تخالجهم به نفوسهم ازاء العراق والعراقيين ! لم التق بواحد من هؤلاء من شتى الملل والطوائف والاديان والمدن في اصقاع هذه ( المعمورة ) العربية التي يسمونها بـ ( الامة المجيدة ) الا ووجدت كم تضحك عليهم بقية الامم .. لم اقف يوما الا ما ندر على اناس يقولون كلمة سواء بحق العراقيين ويا للاسف الشديد .. لم استرسل معهم ، الا وأجدهم يحملون في قلوبهم من غل واحقاد لا متناهية ضد كل العراقيين الذين منحهوهم خيراتهم وجعلوها للاخرين من اشقائهم منذ عشرات السنين ! لم افتح موضوعا عن العراق ، الا وتجد صورة مختلطة ومشّوشة بلهاءعن العراق والعراقيين في الاذهان العربية .. ان العرب – كما يبدو- قد تربوا على معلومات خاطئة ومن المؤلم ان يبني الانسان مواقفه على معلومات خاطئة وانه عدو ما يجهل
مرة اخرى : دعونا وشأننا ايها المجاورون الجاحدون
لا يمكن البتة ان يتعامل العرب مع العراق بمثل ما يحملونه اليوم من انفاس لا تستقيم والواقع الجديد .. وسواء قبل العراقيون واقعهم ام رفضوه فهذا من شأنهم وحدهم ، اذ لا يمكن للعرب ان يتدخلوا بشأن العراق كما كانوا يتدخلون على امتداد عشرات السنين ! لا يمكن للعرب ان يتنطعوا باصلاح نظامهم العربي من خلال دقات اجراس وصفارات انذار امريكية تزعق بوجوههم ليل نهار ، وهم يتفننون بالقاء التهم على العراقيين ، وكأن العراقيين هم الذين كانوا وراء هزائمهم المريرة ! ولماذا لم نسمع ادانات صارخة من لدن الاخوة العرب عندما تصيب التفجيرات والتفخيخات والقتل الجماعي اهل العراق بمثل هذه الشراسة وبمثل هذه الهمجية وبمثل هذه القسوة ؟؟ هل ان الناس البسطاء الطيبين من العراقيين الذين يسقطون ضحايا الارهاب الاسود هم الذين يشرعون للاحتلال ؟ من الذي يساهم بسلوكياته وتصريحاته واعلامياته وفضائياته واحاديثه وخطبه وصحفه في دعم هذه الموجة الكسيحة ضد العراقيين الصابرين المحتسبين ؟ حتى اسامة بن لادن ادان تلك العمليات واعلن انه لم يكن مسؤولا عنها ؟ وجاءت ادانات شيوخ دين من السعوديين الاجلاء يدينون هذا الارهاب المجنون ! اذن من اين يأتي هؤلاء الذين لهم خبرتهم وطقوسهم وتجاربهم ليقتلوا اهلنا في العراق ؟
عاشوراء كالعنقاء تجدد نفسها رغم انوفكم
لقد سمعنا منذ زمن ليس بالقصير من يوعد ويهدد ويقسم اغلظ الايمان انه لن يرحمهم .. اقسم بالله العظيم انه لم يرحمهم لا بالقلم ولا بالصوت ولا بالسلاح ! ولكن هل تصل درجة الكراهية الى مثل هذا المنحى من السفالة ؟ سألني هذا السؤال احد اصدقائي العراقيين الذين وجدتهم يبكون اهلهم ومعارفهم من اطفال وشيوخ ونسوة ورجال ماتوا في الصحون المقدسة .. لقد انتظروا سنوات طوال كي يحتفلوا على طريقتهم بمثل هذه المناسبة التي تعتبر واحدة من مناسبات رمزية عند كل المسلمين والتي تتجلى فيها كل المعاني التي تفصح عن غسل الانسان لذنوبه .. وان يشعل الاطفال شموعهم في الشوارع العتيقة كما رأيتهم يتقدمون المواكب او ان يتجّرد الناس لتوزيع الطعام على ملايين الزائرين .. ما لكم واياهم ؟ ما لكم ان تنتجوا اعادة الجريمة من جديد في يوم عاشوراء الذي اصطبغ بالدماء القانية منذ قرابة الف واربعمائة سنة ؟ ما لكم تريدون قتلهم بمثل هذه البشاعة وتهربون ؟ الم يسمع العرب بالحدث ؟ فماذا يصنفونه : ارهاب ام مقاومة ؟ ابعد هذا كله اليس لديهم ضمير يستفزهم لقول كلمة حق واحدة ؟ هل هناك من يدمج هكذا عمليات في اباحة القتل وسفك الدماء ليسميها اعمال مقاومة وطنية ؟ بئس المقاومة اذا ما وجدت غارقة في دماء العراقيين ! بئس اي شعوب لا تفصح عن الحقائق الا بالقدر الذي تمليه عليها مصالحها وارتزاقاتها الاثيمة ! بئس اولئك الاشرار الذين لم يعرفوا من العراق الا خزنة مال كان يعبون منه في جيوبهم او ابار نفط كانت تتدفق ليعيشوا من خيرها من دون ان يسألوا يوما عن كنه العراق وعن عذابات العراقيين .. واسأل اولئك الذين يملأوون الصحف العربية بالمقالات السخيفة : لماذا لم تكتبوا كلمة واحدة في تأبين من سقط في عاشوراء ؟
مهرجان الموت الاحمر
ماذا أحدثكم ايها السادة ؟ ماذا تريدون ان اقول لكم بعد هذا المهرجان الاحمر الذي صبغته الدماء من دون رحمة ؟ ما الذي اقوله لاولئك التعساء من اصحاب الكلمة والقلم العربي الذين ليس لهم الا التهريج ومباركة البشاعة باسوأ صورها ؟ قلت لصاحبي ودموعه في مآقيه : انها ردود فعل كنت اتوقعها وايم الله من اناس فقدوا رصيدهم من قيم الحياة قبل قيم السماء ! كان العراق بالنسبة لهم منجما من الذهب .. كانوا قد تربوا منذ خمسين سنة على اكذوبة بالية طالما رددها المتعصبون والفاشيون والمجرمون والمتسلطون باسم الوحدة العربية .. وجعلوا منها حقائق ثابتة لا تتزعزع .. وفجأة ينهار كل ذلك ويجرفهم الى حيث القيعان العفنة .. لقد ذهبت اعراسهم .. لقد ماتت احلامهم .. لقد طارت هيبتهم .. كنت اراهم يركضون حيث مناسبات العراق الوطنية والبعثية ليحتفلوا في سفارات النظام .. كنا نراهم واحدا واحدا من وزراء وسفراء وبرلمانيين ورجال اعمال وشيوخ معممين وتجار سلاح ورؤساء جامعات او محرري صحف او امناء قوميين او حزبيين ونقابيين يأكلون ويشربون بكل شراهة وهم يتحدثون عن جوع العراقيين وحصارهم وامراضهم .. كنا نسمعهم كيف يهتفون وكيف يقولون ما لا يعلمون وكيف يتبجحون باسم حب العراق وعشق العراقيين .. كيف يكتبون اشعارهم ومدائحهم .. كيف يغنون ويرقصون بحضرة الرئيس القائد حتى رقص يوما هو نفسه مع بعض اناس متخلفين رجعوا من عنده في باصاتهم يهزجون وبيد كل واحد منهم عطايا الريس .. كانوا يكسبون من اعمال الردح ويقتاتون من الخيانة والوشايات ! انهم اليوم يباركون قتل العراقيين بكل شناعة من دون اي ضمير ولا اخلاق .. وأسأل : ان كان لديكم حس او اخلاق فارفعوا عقيرتكم وقولوا : لا لقتل العراقيين ولا للارهاب المجنون !
لا تراهنوا ايها التعساء على الحرب الاهلية
لا تراهنوا ايها التعساء على اي حرب اهلية بين العراقيين .. فشكرا لأهل العراق الذين اثبتوا للعالم اجمع انهم قطعة صلدة واحدة لن تنقسم مذ اعلنوا شعارهم بأن ( العراق سنة شيعة .. هذا الوطن ما نبيعه ) سيذكر التاريخ مثل هذه الوقفة التاريخية المجيدة التي راهن وما زال يراهن عليها الخصوم الجغرافيين الذين اثبتوا للاجيال القادمة انهم اسوأ من اعداء العراق التاريخيين ! وعليه اقول بأن لا يراهن اخواننا العرب على اي حرب اهلية بين العراقيين وليعلم كل من يكتب في الصحف وكل من يتبجح في المنتديات والملتقيات والمؤتمرات القومية وشاشات الفضائيات ان العراق سيبقى وحدة ازلية واحدة حتى لو لعق الاخ جراح اخيه .. رهانات مستحيلة ارادها وما زال يرددها المعتوهون من الذين فقدوا رصيدهم عند شعب العراق على تمزيق العراق وتشويه سمعة العراقيين وعلى نهاية العراق وعلى كل ما هو سيىء وكريه في التقييم .. وليعلم كل هؤلاء الذين حشروا وما زالوا يحشرون انوفهم في شأن العراق ويتلذذون بقتل العراقيين ان شعبا عاش قرابة اربعين سنة من القهر والمأساة والحروب ودفع الالاف المؤلفة من ابنائه وقودا من اجل بقاء العراق سوف لن يقاتل بعضه بعضا من اجل ان تعيشوا انتم وتنعمون بخيراته وكوبونات نفطه وتتمتعون بمشاهده على الشاشات !
ايها العراقيون .. صابروا واحتسبوا
نعم ، سيأتي يوم من الايام تكشف فيه الاوراق والتحقيقات لتعلموا من قتلكم يا اهلنا في العراق او من الذي ساهم بقتلكم ! ربما ستتحيرون في امركم لأنكم لا يمكنكم ان تتخيلوا من يكون وراء هذا الماراثون المزعج من ذبح اهلكم في صحون المراقد المقدسة او في باحات اجهزة الشرطة او في شوارع العاصمة وبقية المدن العريقة او في قاعات الاحزاب الكردية او في مراكز وسفارات وهيئات ومنظمات .. ايها العراقيون انتم لم يعرفكم احد بعد على حقيقتكم .. انهم كانوا يعرفون المؤتمرات وقاعات التصفيق والتهريج وقصور الرئاسة .. يعرفون مهرجان المربد والولائم والعزائم .. انهم يعرفون الهدايا وساعات الرولكس المزينة بصورة الرئيس وحقائب السامسونايت المليئة بالدولارات .. يعرفون الكوبونات والهدايا والرواتب السرية .. يعرفون المكافئات والعطايا والسيوف الذهبية .. يعرفون السيارات اليابانية الفارهة والبيوت والجامعات .. يعرفون ملايين الدولارات لتمويل الحملات والمظاهرات والمسيرات والاحتجاجات .. يعرفون تمويل الصحف والمجلات والفضائيات ..
لتعش ذكرى عاشوراء الجديدة
عاشوراء الجديدة ثمن دموي جديد يدفعه العراقيون مكلل بالازهار والاعشاب الخضراء .. عاشوراء الجميلة التي تغنى بها الشعراء العراقيون منذ مئات السنين تجددت لتحكي قصة مؤلمة اخرى .. عاشوراء الرمز الذي لم يقصر امره على الشيعة ، بل كان رمزا جميلا عند اهل السنة وحتى عند المسيحيين العراقيين : عربا وكردا وتركمانا وكل التلاوين .. عاشوراء ستبقى علامة مجد وفخر لكل العراقيين الذين ناضلوا مجاهدين مؤمنين محتسبين ضد كل اشكال الظلم والقسوة وبشاعة الجلادين المتعصبين من ايام أشرس الامويين مرورا بكل الطامعين والجاحدين والغادرين ووصولا الى افعال الزرقاويين الارهابيين .
#سيار_الجميل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟