عادل عطية
كاتب صحفي، وقاص، وشاعر مصري
(Adel Attia)
الحوار المتمدن-العدد: 2496 - 2008 / 12 / 15 - 03:18
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
عندما كنا صغاراً ،
وكنا نتلقى العقاب من احد والدينا على جنوحنا ، وشقاوتنا 00
كان يصيح احدهما على وقع ضرباته ، قائلاً :
" سوف اميتك ضرباً " 0
أو : " سوف أضربك حتى الموت " 0
وكنا نعرف – رغم طفولتنا - ،
أن مثل هذه العبارات ،
ليست غير كلمات عارية من أى معنى فى قانون عقابنا ،
فهى تنطق ؛ لنسمعها فقط ، ولا يؤخذ بها !
ولكن ها هى التهديدات الخيالية ،
تنطلق من بيوتنا ،
لتصبح حقيقية فى عقول الذين كادوا أن يكونوا رسلاً ،
فكانوها ، ولكن رسلاً للموت !
من منا لايذرف قلبه بالدموع ، على : " إسلام " 00
الذى لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره ،
ولم يكن يعرف أن صباح ذلك اليوم الحزين ،
هو آخر الصباحات التى سيرتدى فيها زيه المدرسى الجميل ،
وهو يجرى مسرعاً إلى مدرسته 0
عندما اخذ مدرس الرياضيات عصاه الرهيبة ،
تسبقه تكشيرته المرعبة ،
وأخذ يعاقبه على عدم تأديته لفروضه المدرسية 0
كانت العصا غليظة ، ومؤلمة 00
وبقدرالالم كان صراخه 0
وبقدر صراخه ،
كان يزداد الاستاذ هياجاً ، ووحشية 00
فأخذ يركله : فى بطنه ، وفى صدره 0
وأخيراً صاح فيه : اجرى اقعد مكانك يا حيوان !
لكن إسلام لم يستطع العودة الى مكانه ،
فقد سقط على الارض يتلوى من شدة الالم ،
وقلبه يحاول اللحاق بتلابيب الحياة الهاربة ،
والتى ركلتها الاقدام 0
وفى المشفى ،
رحل عن عالمنا القاسى قبل ان يفرح مع زملائه بأعياد الطفولة !
ومن منا لا يتمزق قلبه حزناً وأسى ، على : " خديجة " ،
التى لحقت بزميلها ، ولم يمض على وداعه شهراً 00
فهى أيضاً لم تخرج كراسة واجباتها المدرسية ،
فأخذ مدرسها يكيل لها الضربات الدامية ،
ويطلق عليها شتائمه البذيئة ،
التى فاقت العذاب المؤلم 0
وأخيراً سقطت على الارض؛ لتعلن نهاية قصتها كطالبة !
وهكذا أصبحت العصا ،
فى يد المدرس ،
من أداة تشير إلى أرقام وحروف المعرفة ،
إلى أداة تشير إلى القسوة ، والعنف ، والذل ، والموت !
وهكذا أصبح التأديب ،
الذى له اصوله ، وحدوده الانسانية ،
تعذيباً ليس له حدود ، ولا نهايه ، إلا النهاية !
،000،000،000
إن موت طفل ،
يشبه أنطفاء نجمة مشعة ، أو سقوط شهاب 0
وهذا يعنى نقص كمية الجمال ، والبراءة ، فى الكون 0
00 وهذا أمر محزن !
#عادل_عطية (هاشتاغ)
Adel_Attia#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟