|
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السابعة عشرة
فائز الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 2494 - 2008 / 12 / 13 - 07:31
المحور:
سيرة ذاتية
عقوبـة الجلـد في مخـيم جهـرم بعد السيول الجارفة التي أجتاحت مخيم جهرم في بداية شهر كانون الأول / ديسمبر من عام / 1986 حدثت في المخيم تطورات عديدة بسبب أنعدام الخدمات المقدمة لللاجئين وصمت من يدعون أنهم ممثلي الشعب العراقي أو أدارة المخيم وتركت آثارها على نفسية اللاجئين بشكل كبير وبدأت تظهر مشاكل وصراعات ليس بين اللاجئين والأدارة فحسب وأنما بين اللاجئين أنفسهم ، وفي وسط تلك الصراعات سمع اللاجئين العديد من القصص والشائعات حيث كانت أرضية المخيم خصبة لتقبلها بسهولة ، أمثال قبول كافة اللاجئين الموجودين في مخيم جهرم من الأخوة الأكراد في السويد والأخوة المسيحيين في الولايات المتحدة كذلك عن فتح هذه السفارة أو تلك أبوابها لقبول اللاجئين وعلى غير المسلمين من اللاجئين اعتناق الأسلام قبل مغادرتهم أيران ، حدث الهرج والمرج في المخيم وسافر على ضوء تلك الشائعات المئات من اللاجئين الى العاصمة طهران ليقفوا في طوابير أمام السفارات المعنية ليقدموا أوراقهم للجوء وسط أستغراب الهيئات الدبلوماسية فيها وكان رد تلك السفارت واضح بعدم تسلم أي طلب وعادوا بخفي حنين !!! ومن جانب آخر وخلال تلك الفترة العصيبة كانت هناك قصص حقيقية تختلف كليا" عن السابقة ومن أبرزها قصة الحب المتبادلة بين الشاب ( علي غلام ) والشابة ( فاطمة ) والتي أنتهت بمأساة ، حضرنا في شهر كانون الأول من عام 1986 عملية جلدهما حسب القوانين الأسلامية وحسب التهمة الموجه لهما وهي ممارسة الزنا ، وعقوبة الزنا وفق الشريعة الأسلامية والقوانين المعمول بها في جمهورية أيران الأسلامية هي عقوبة الجلد .
يؤكد البعض من فقهاء الدين ان (( عقوبة الجلد Lashes Penalty )) مقررة في القرآن والسنة النبوية ، واذا طبقت في حدودها التي وردت في الشريعة الأسلامية فهي عقوبة فعالة ، وهي أكثر عدالة من عقوبة السجن والغرامة ، فالسجن عقوبة تؤذي عائلة السجين ، وتؤثر على مصالحهم وحقهم في الرعاية والتربية ، أما العقوبة المالية فتأثيرها غير عادل فالغني لا يعبأ بها وقد تؤذي الفقير وتزري به ، فيما عقوبة الجلد تؤذي شخص الجاني ، هذا من حيث العموم . ان المتابع لتطبيقات عقوبة الجلد Lashes Penalty في بعض الدول الأسلامية التي تطبق الشريعة في قوانينها يلاحظ انها غير عادلة ومبالغ بها ، أضافة الى الأسراف في استخدامها ، حيث تصدر أحيانا" وبأنتظام أحكام بآلاف الجلدات ، فيما لم يرد في الشريعة الأسلامية عقوبة أكثر من ( مائة جلدة ) ففي الآية الثانية من سورة عقوبة زنا غير المحصن العقوبة تكون مائة جلدة ، وفي الآية الرابعة منها عقوبة القذف ثمانون جلدة ، وفي السنة المطهرة حديث النبي محمد حيث قال ( لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله ) . يقول تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِـدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ } . ( و يصف فقهاء الدين المسلمين عقوبة الزنا وهي الجلد بأنها ((( عـذاب ))) ، والعذاب يعنى أن يظل الجانى حياً لا يموت ، وبتعبير آخر لا محل هنا لعقوبة الرجم التى تعنى الموت ) . ويؤكد فقهاء الشريعة عادة ما تُنفَّذ عقوبات الجلد على الفور أمام الجمهور كما حدث أمامنا في مخيم جهرم ، ولا يتم أي أستئناف إلا بعد الجلد ولا يستطيع إلا الأغنياء من الطعن في الأدلة ويصرون على توكيل محام وتتاح لهم الفرصة لتبرئة ساحتهم ، بينما يقبل الفقراء الجلد كعقوبة طبيعية لأعتقالهم . وإمكانية تبرأتهم بعيدة للغاية لدرجة أنهم يفضلون القبول بجلدهم 40 جلدة بدلا" عن طلب توكيل محام لهم وربما يقضون أكثر من شهر في الاعتقال بأنتظار المحاكمة. بالتأكيد إن عقوبات المحاكم الشرعية تتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية لعام 1966 والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لنفس العام ، وعلى أساس الإعلان العالمي السابق الذكر هناك أكثر من 76 اتفاقية دولية توضيحية لحقوق الإنسان ، فهذه الوثائق الدولية ينظر إليها بأعتبارها وثيقة عالمية لحقوق الإنسان تعترف بها كل الدول الموقعة عليها ومنها بعض الدول الأسلامية التي تطبق الشريعة ، و تنص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 على عدم تعريض أي إنسان للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة للكرامة ، كما وتنص المادة السابعة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على عدم جواز العقوبة أو المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهنية .
تنفيذ عقوبة الجلد في مخيم جهرم
( علي غلام ) شاب وسيم في الثلاثين من عمره ، وهو من الأخوة الأكراد الفيلية ... هجر قسرا" مع عائلته الى أيران في بداية السبعينات من القرن الماضي بحجة التبعية الأيرانية وهو لم يزل صغيرا" ، لم تسمح له الظروف على مواصلة تحصيله التعليمي ، ذو جسم رياضي ، وأحد مهاجمي فريق كرة القدم المعروفين في المخيم وله الفضل في تحقيق الفوز لفريق المخيم على الفرق المحلية الأخرى ، عندما دعي للتطوع للذهاب الى الجبهة مع أعضاء الفريق كان من المعارضين لذلك بشدة لمعرفته مسبقا" بمصيره المحتوم وشجع زملاءه على التمرد أيضا" لذلك واجه وعائلته ضغوط كبيرة ولكنه تحملها بصبر كبير ، ( علي غلام ) .. خباز من الدرجة الأولى ، يعمل في فرن الخبز التابع لمخيم جهرم وهذا العمل هو مصدر رزقه وعائلته فهو المعيل الوحيد لهم بعد تقاعد والده لأسباب مرضية ، نراه كل يوم في داخل الفرن ونحن نقف في الطوابير للحصول على حصتنا اليومية من الخبز وقد خلع قميصه بسبب حرارة الفرن حيث يظهر جسمه الرياضي الأبيض .
أما ( فاطمة ) وهذا كل ما نعرفه عنها فهي من عائلة كردية فيلية مهجرة أيضا" منذ نهاية السبعينات ، عمرها لا يتجاوز الخامسة والعشرين ، لم يشاهدها أحد بسبب لبسها العباءة والبوشي بشكل دائم وعلى الطريقة الأسلامية في أيران . ربطت ( علي غلام وفاطمة ) علاقة حب دامت أكثر من سنتين وأتفقا على الزواج عندما تسمح الظروف المناسبة لذلك بدأ علي غلام يهيأ نفسه لبيت الزوجية المناسب بما يحصل عليه من عمله المرهق في الفرن وأعمال أخرى خارج المخيم . ذات يوم أصرت ( فاطمة ) على لقاء علي غلام لأمر هام رغم أنشغاله وجاء أليها مبكرا" وتم اللقاء وحدثت المفاجأة .....
ـ أنا حامل يا ( علي ) ... أنه طفلك !!!! دعنا نتزوج بسرعة قبل ان يكبر الجنين وننفضح !!!!
صدم (علي غلام ) لسماعه هذا الخبر وقال :
ـ هل انت متأكدة من ذلك ؟
ـ نعم متأكدة والدكتورة أجرت الفحوصات وأكدت لي ذلك !!!
وفي لحطة الغضب هذه أخذ (علي غلام ) يضرب رأسه بالجدار الذي يستند عليه وهو يصرخ ..
ـ كيف ؟... كيف ..؟ يحدث هذا يا ( فاطمة ) ؟ أنا من كثرة حبي لك لم أمسك أبدا" !! ولم أقترب منك يوما" ولم ألتقي بك منفردا" ولم أعاشرك للحظة فكيف يكون ما تحملينه هو طفلي ؟؟
وجاء أصرار ( فاطمة ) بأن ما تحمله أحشائها هو لطفله وليس لشخص آخر وهي تسرد له أحداث وأمسيات لم يسمع بها أو يتذكرها . مرت الأيام ببطئ كان (علي غلام ) لا يعرف النوم خلالها ، أصبح شارد البال لا يركز على شئ مما أثر ذلك على عمله في الفرن وتعرض الى حروق عديدة وهو يدرك أنه لم يمس حبيبته ( فاطمة) وان ما تحمله في أحشائها ليس طفله أبدا" وهو متأكد من ذلك وهناك شئ ما قد أخفته ( فاطمة )عنه !!!
ـ يا ربي أليس هناك وسيلة للتأكد من أن الطفل هو أبني لكي أتخذ الموقف الصحيح !!
فقد أستشار الأطباء دون جدوى وجاءه الجواب ليس هناك فحوصات طبية تأكد ذلك في الوقت الحاضر على الأقل وان وجدت فهي مكلفة ولا يستطيع دفع تكاليفها . مرت أسابيع كان الجنين ينموا في أحشاء فاطمة ، لجأت الى والدتها لتبوح لها بسرها وتطلب المساعدة ، ألتقت العائلتان وهم أعرف بعلاقة الحب بين فاطمة وعلي غلام لتسوية الخلاف بينهما والأسراع بالزواج تجنبا" للفضيحة !!! ....كان أصرار (علي غلام ) على موقفه واضح بأن الطفل ليس منه وهو متأكد من ذلك ، تدخل الأقارب والمعارف والوجهاء ورجال الدين لحسم الموضوع دون جدوى وسط أصرار ( علي غلام ) على رأيه بأمتناعه من الزواج ( بفاطمة ) . فشلت كل الجهود في ايجاد حل للمشكلة ووصل الأمر للمحامين من الطرفين وعرضت القضية على احدى المحاكم الأسلامية في المدينة أخذت عدة أسابيع بعد أمتناع (علي غلام ) على الحل المطروح وهو الزواج لتصدر قرارها بجلد ( علي غلام وفاطمة ) وأعتبار ان معاشرتهما للبعض بدون زواج هوغير شرعي ويعتبر زنا وفق الشريعة الأسلامية وسط أعتراض ( علي غلام ) الذي يؤكد برائته ولم يعاشر فاطمة فكيف يعاقب بممارسة الزنا !!
أصدرت المحكمة الشرعية في جهرم قرارها بجلد ( علي غلام ) بخمس وسبعون جلدة وعلى ( فاطمة ) بخمسين جلدة رغم علمهم أنها حامل وقد تفارق الحياة في حالة تنفيذ هذه العقوبة وحدد يوم معين لتنفيذ هذه العقوبة في مخيم جهرم وأمام الجمهور ليكون درسا" لللآخرين . في اليوم المحدد لتنفيذ العقوبة وفي الساعة الثالثة ما بعد الظهر أخذت ميكرفونات المخيم تذيع الخبر وتطلب من جميع سكنة المخيم من الرجال التوجه الى الساحة الرئيسية المقابلة لباب المخيم وعلى النساء التوجه الى المسرح العسكري لحضور تنفيذ العقوبة أمام الجميع ولخلق نوع من الرعب في نفوس اللاجئين المقيمين في المخيم على حد سواء .
توجهت كغيري الى الساحة مجبرا" وتوجهت زوجتي أم سوزان الى المسرح العسكري لتشاهد عن كثب هذه المأساة الأنسانية ، المئات من سكان المخيم بما فيها عائلة ( علي غلام ) وعائلة ( فاطمة) ينتظرون في الساحة للوقوف على عملية التنفيذ .... سيارة أسعاف وصلت الساحة وأتخذت مكانها المناسب وهنا أدركنا مدى خطورة الجلد ، ترجل منها دكتور شاب يلبس صدرية بيضاء ويضع سماعة الفحص حول رقبته ، قاضي معمم بعمامة بيضاء ينظم الى جوقة المسؤولين حاملا" بيده مجموعة من الأوراق ويبدوا انها قرار المحكمة وبدأ يتصفحها بهدوء ، سيارة سوادء تحمل العلم الأيراني تقف بجانب سيارة الأسعاف وترجل منها ( علي غلام ) وهو مقيد اليدين بالأصفاد يرافقه أثنان من الحرس بملابسهم الرسمية ... رفعت الأصفاد من يديه وطلب منه خلع قميصه وسرواله وقرأ القاضي قرار الحكم أمام الجميع وسط التكبير بالله من المتخلفين ممن غسلت أدمغتهم بقوانين الشريعة ( ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ) ، تقدم الحارسان منه وربطاه على عمود الكهرباء المجاور ثم طلب رجل الدين المعمم من أحد الموجودين تنفيذ العقوبة .
أخرج الجلاد من السيارة قايش شاحنة طويل مفتوح يصل طوله اكثر من متر ونصف وربط مقدمته على ذراعه أستعدادا" لتنفيذ مهمته . وهنا بدأ التكبير مرة أخرى ( ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ) ونحن بدورنا نلعن هذا النظام وقوانينه . بدأ الجلاد بتنفيذ عمله بأشارة من القاضي وهو يبتسم ، كان الضربة الأولى موجعة لدرجة كبيرة على ظهر ( علي غلام ) بسبب نشاط الجلاد وقسوته وشدة درجة الحرارة ، صرخ خلالها بشدة ... ( يا علي ) أما القاضي فأخذ يعد ، واحد ويتبعه المتخلفون بالصياح ... واحد... أثنان .... ثلاثة ... ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ... وكلما زاد عدد الجلدات يخفت صوت ( علي غلام ) تدريجيا" ولا تسمع منه غير كلمة ( يا علي أمير المؤمنين ) ، عشرون ... واحد وعشرون... بدأت الخطوط الحمراء تظهر على ظهر ( علي غلام ) وبعضها أخذ ينزف دما" وكلما زادت الضربات كان أكثر صبرا" وتحملا" لغاية بدأ لا يشعر بالألم سوى حركة جسمه اللاأرادية بسبب وقع السوط عليه ، لقد خدر جسمه كليا" وأصبحت صرخاته خافتة تدل على الألم الشديد ولكنه كان ذو كبرياء عال لا يود ان يجعل الأخرين يسخرون به لاحقا" ، الكثير من المقيمين واللاجئين البسطاء عقدوا رهان بينهم بأن ( علي غلام ) سيسقط قبل أن يصل الى الجلدة الخمسين ، عائلة فاطمة تهلهل وتصفق أحيانا" أنتقاما" ... وتكبر أحيانا" اخرى ألله ومصلي على محمد وآلي محمد ، أنها عملية تعذيب بشعة لمن يشاهدها ، أن من يمارس وينفذ عملية الجلد هذه هو بالتأكيد خبير بالتعذيب ويعرف أين يوجه ضرباته ولا يتردد بتعذيب أي أنسان عندما يكلف بذلك .
واصل الجلاد تسليته والقاضي يواصل العد يتبعه رهـط كبير من الحاضرين ...أربع وسبعون .... خمسة وسبعون ... ألله ومصلي على محمد وألي محمد ، أنتهت عملية الجلد فتح رباط ( علي غلام ) من العمود الكهربائي وتوجه نحوه الدكتور وقدم له قدح من الماء ...
ـ هل انت بخير نرجوك الركوب في سيارة الأسعاف لنقلك الى المستشفى لعلاجك .
نظر( علي غلام ) بنظرة حاقدة الى الدكتور وهو يرفض ركوب الأسعاف وشرب الماء ثم توجه الى القاضي وهو يصرخ بوجهه . .... ـ هل تود المزيد من الجلدات فأنا مستعد لذلك .
وهنا هلهل أخوة وأقارب ( علي غلام ) كدليل على براءته ( علي ) لتحمله العقوبة وتقدموا نحوه ووضعوا قميصه على كتفه ونقلوه بسيارتهم الى بيته وهو يشتم القاضي ومن حوله جميعا" أما الآخرين فكانوا يدعون له بالشفاء .
اما في المسرح العسكري وحسب ما شاهدته زوجتي وروته لي فقد استدعيت ( فاطمة ) لدخول المسرح وهي مقيدة اليدين وترتدي العباءة السوداء والبوشي ، في الخارج تم تحضير سيارة أسعاف ودكتورة وممثلة عن المحكمة تلبس النقاب وبجانبها أمرأة ضخمة محجبة ، أجبرت ( فاطمة ) على الجلوس على ركبتيها وسط المسرح وأسندت ذراعيها على كرسي خشبي ثم جاء من يقيدها بشدة الى هذا الكرسي ، قرأ على فاطمة قرار المحكمة وطلب من المرأة الضخمة بالتنفيذ .
لا أستطيع ان أتصور كيف تتحول المرأة وهي الأنسانة الرقيقة الى جلادة وتعرف ان ضحيتها حامل وقد تفارق الحياة بين يديها وأستدرك نفسي أحياما" عندما أتذكر بعض النساء من نفس العقلية والمدرسة الدينية والتوجيه وهن يلبسن الأحزمة الناسفة لتقتل نفسها وتقتل معها العشرات من الأبرياء في المدن العراقية غير مبالية فيما اذا كانوا من الأطفال او النساء او الشيوخ .
في الضربة الأولى صرخت ( فاطمة ) بصوت عال سمعه الكثيرون وعلى مساحة واسعة من المخيم وسط هلاهل عائلة ( علي غلام ) الذين يودون الأنتقام من ( فاطمة ) ووسط التكبير( صلي على محمد وآلي محمد ) ، لم تستطع ( فاطمة ) تحمل الجلد ولم تتجاوز عدد الجلدات التي نفذت بحقها العشرة جلدات من أصل خمسين جلدة حكمت بها حتى أصابها النزيف الحاد وأجهضت من شدة الألم وأغمي عليها ونقلت بسرعة الى المستشفى بسيارة الأسعاف . لم تستطع زوجتي أم سوزان نسيان هذه المشاهد المروعة والدماء التي غطت المسرح لأسابيع عدة لاحقة ، أنها عملية قتـل بشعة تمارس بالأنسان بأسم الدين والشريعة الأسلامية .
مرت الأيام ولم نسمع عن ( فاطمة ) إلا الشئ القليل وكل ما نعرفه عنها من نساء المخيم أنها لا زالت حية وأصيبت بتشوه في كتفها الأيسر .... أما ( علي غلام ) فكنا نتابعه من خلال عمله وتواجده في فرن الخبز وحل محله شخص آخر وبعد ثلاثة أيام أطل علينا وهو يمارس عمله في الفرن وكأن شئ لم يكن عدا ما نشاهده من خطوط حمراء وزرقاء وهي من مخلفات عملية الجلـد على ظهره الأبيض عندما يخلع قميصه أثناء العمل بسبب حرارة الفرن .... وهو ينظر الينا ويبتسم للجميع ويدرك اننا نتابع أخباره عن بعد .
يتبع في الحلقة القادمة
كانون الأول / 2008
#فائز_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السادسة عشرة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الخامسة عشرة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الرابعة عشرة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثالثة عشرة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثانية عشرة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الحادية عشرة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة العاشرة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة باتجاه الوطن ، الحلقة التاسعة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثامنة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السابعة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة السادسة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الخامسة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الرابعة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثالثة
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الثانية
-
من الذاكرة ، أيام صعبة بإتجاه الوطن ، الحلقة الأولى
-
أحياء بغداد ومقاهيها الشعبية منبع الأدب والثقافة
-
الصابئة المندائيون والأرهاب عبر التأريخ
-
الصابئة المندائيون ، شعب أم أمة أم طائفة دينية ... الحلقة ال
...
-
الصابئة المندائيون بين الهوية والمستقبل المجهول
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|