|
أثر الأنفاق على الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة- قراءة اولية
محسن ابو رمضان
الحوار المتمدن-العدد: 2493 - 2008 / 12 / 12 - 04:02
المحور:
القضية الفلسطينية
بدأت ظاهرة الأنفاق واستخدامها لأهداف تجارية ، على ضوء الحصار المشدد الذي فرض على قطاع غزة في منتصف العام الماضي 2007 ، وذلك في إطار تكيف المواطنين والتجار مع هذا الحصار وإتباع أساليب رافضة ومقاومة له ، في سبيل العمل على تأمين الموجودات اللازمة للسوق المحلي والتي لم تعد تصل من إسرائيل بسبب إغلاق المعابر التجارية ، واعتبار قطاع غزة كياناً معادياً في 19/9/2007 . ورغم التهدئة التي عقدت وبرعاية مصرية وبموافقة فلسطينية فصائلية شاملة قبل ستة أشهر من الآن ، إلا أن إسرائيل لم تلتزم باستحقاقات التهدئة ، فلم تصل الكميات المطلوبة واللازمة علماً بأن عدد الشاحنات التي كانت تدخل إلى قطاع غزة قبل الإغلاق والحصار المشدد كانت تصل إلى 700 شاحنة ، ولكن بعد التهدئة لم يعد يصل منها إلا 70 شاحنة ، معظمها محملة بالمواد الاستهلاكية ( الألبان ومشتقاته ، والشيكولاتة ، والسكاكر ،والخضار ، والفواكه ) ، أما المواد الخام اللازمة لعملية الإنتاج الصناعي والزراعي ، فلم تصل إلا بكميات محدودة وعندما كان يتم السماح لبعض الكميات من الاسمنت للدخول إلى قطاع غزة ، كان يتم منع إدخال الحديد والحصمة ، وعندما تم السماح بدخول الحصمة وهذا حصل مؤخراً لم يتم إدخال الاسمنت وهكذا ، علماً بأن البنية التحتية والمنشآت بحاجة إلى جميع تلك العناصر والمواد بصورة متكاملة لكي يتم استخدامها لعملية البناء ، كما استمر الاحتلال بمنع إدخال المواد الخام الضرورية للمصانع ، حيث تم إغلاق 3750 مصنع من أصل 3900 مصنع وبالتالي تضررت المصانع المنتجة للأثاث والصناعات الغذائية ، والجلود ، والأنسجة ، والألبان بصورة كبيرة ، كما أن منع عملية التصدير استمرت أيضاً ، وقد ألحق ذلك خسائر كبيرة في بنية الاقتصاد في قطاع غزة ، تقدر بملايين الدولارات . ويذكر أن قطاع غزة كان يصدر ما يقدر بما بين 150 - 200 مليون دولار بالسنة إلى إسرائيل أو عبرها ، كما يستورد ما نسبته 700 مليون دولار سنوياً . إن ارتفاع مستوى الفقر والتي وصلت إلى 80% من نسبة عدد السكان والذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية من الاونروا وغيرها من المنظمات الإنسانية الدولية ، ونسبة البطالة وصلت إلى 35 % من حجم القوى العاملة ، إضافة إلى ظاهرة سوء التغذية لدى الأطفال والأمهات الحوامل ، إضافة لازدياد الطلب على الاحتياجات الأساسية التي لم تعد تصل من إسرائيل أو تصل بكميات كبيرة وضع التجار لاستخدام آلية الأنفاق كوسيلة للحصول على المواد والاحتياجات من السوق المصري . وبهذا الصدد يجب الإشارة إلى التالي :- 1. ان غض النظر عن الأنفاق يرمي إلى أهداف سياسية ، وهي دفع الفلسطينيين في غزة للتفكير في بدائل عملية تبعدهم عن المطالبة بفتح المعابر التجارية مع إسرائيل ، والتواصل مع الضفة الغربية ، وبالتالي يجب الانتباه لهذه النقطة . 2. هذا لا يعنى عدم استخدام هذه الآلية الاضطرارية والتي أصبحت واسعة ، حيث تقدر عدد الأنفاق على الحدود المصرية مع غزة ، بأكثر من 1000 نفق . 3. إن هذا العدد الكبير والتجارة التي أصبحت منتشرة وواسعة عبر الأنفاق بحاجة إلى تنظيم ومأسسة وهنا تجدر الإجابة على التساؤلات التالية :- أ. من هي الأطراف التي يحق لها استخدام الأنفاق ؟ . ب. هل هناك جهة رسمية مشرفة على المسألة ؟. ت. هل هناك جهد رسمي ممأسس يعمل على تنظيم هذه المسألة ، علماً بأنه كما أشيع فإن بلدية رفح قامت بترخيص هذه الأنفاق أو بعض منها ، كما أن هناك ضريبة يدفعها التاجر عن الكميات من السلع والتي تأتي إلى غزة ؟ وهناك تعويض يدفع لقاء استشهاد الأفراد عند انهيار النفق يقدر ب 25 ألف دينار عن من هو دون ال 16 عام. ث. المعلومات الأولية تشير إلى أن هناك 20 ألف عامل يعملون بالأنفاق ، حيث يحصل كل عامل على 100 $ لقاء كل جولة ذهابا وإياب عبر النفق ، وهناك نسبة كبيرة من الفتية يستخدمون لتنفيذ هذه المهمة. 4. من الهام الانتباه إلى أن عملية التجارة تأخذ مساراً واحداً ، أي من الجانب المصري إلى الفلسطيني ، حيث يقوم الفلسطينيون في غزة بعملية الشراء باستخدام أموالهم وقدراتهم النقدية ، ويقوم المصريون بالبيع ، علماً بأنه لا تتم عملية تصدير مقابلة أي من الجانب الفلسطيني إلى المصري ، الأمر الذي أبقى أزمة التصدير في قطاع غزة قائمة كما هي ، كما أن هذا المسار من عملية التجارة عبر الأنفاق عزز من ظاهرة المجتمع الاستهلاكي في قطاع غزة ، بحيث أن عمليات التنمية الإنتاجية بقيت معطلة ، بسبب عدم إدخال المواد الخام من إسرائيل وكذلك من مصر عبر الأنفاق ، وقد ساهم ذلك بإبقاء المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة مجتمعاً استهلاكياً من جهة ويعتمد على المساعدات الإنسانية والاغاثية من جهة ثانية ، خاصة إذا أدركنا أن المواد التي يتم استيرادها من مصر هي ( الشيكولاتات بأنواعها ، الشموع ، الوقود بأنواعه ، الألبان ....إلخ ). تقدر عملية الاستيراد اليومي عبر الأنفاق إلى قطاع غزة بحوالي 40 مليون دولار شهرياً أي بحوالي 480 مليون دولار سنوياً ، علماً بأن الدخل الذي يأتي إلى سكان قطاع غزة يتكون من 3 قطاعات ( القطاع الحكومي ، الأهلي ، القطاع الخاص، المؤسسات الدولية ) ويذكر أن الكميات المدخلة من عملية الاستيراد تأتي عن إسرائيل وهي عبارة عن ال 20 سلعة المحددة منهم وتشمل الدقيق والسكر والأرز والألبان ومشتقاتها .... إلخ . وبالتالي نستطيع القول أن دخل الموظفين وما يتبقى من عمل القطاع الخاص إضافة إلى بعض الادخارات هي التي توظف في عملية استيراد وشراء المنتجات المصرية . نحن نريد فك عرى التبعية والعلاقة مع الاقتصاد الإسرائيلي ، ولكن هذا بحاجة إلى الترابط مع اقتصاد وأسواق الضفة الغربية ، وإلى خطة تنموية ، تقطع تدريجياً مع الاقتصاد الإسرائيلي وتعيد ربط الاقتصاد بالبديل المصري والعربي ، ولكن هذا بحاجة إلى مرحلة انتقالية ودراسة ، فمثلاً كنا نصدر نسبة محددة تقدر ب 150 – 200 مليون دولار سنوياً ، هل يمكننا القيام بعملية الإنتاج والتصدير ، كما أننا بحاجة إلى إعادة هيكلة البنية التحتية لتصبح مترابطة مع البنية المصرية بدلاً من الإسرائيلية ، المياه الكهرباء ، والأجهزة والأدوات ، ونحن بحاجة إلى إنشاء مجمعات صناعية مشتركة تساهم في توليد فرص العمل والتصدي لظاهرة البطالة ، إن هذا لن يتأتى إلا ضمن خطة وبرنامج عمل يستطيع أن يعزز من الترابط العربي وكذلك الترابط مع الضفة الغربية أيضاً ، حيث من الصعوبة بمكان تصور حل المشكلة الاقتصادية والديموغرافية في قطاع غزة بمعزل عن الضفة الغربية ، التي بها أراض أوسع وإمكانيات وموارد للتنمية أفضل من القطاع . يجدر الانتباه إلى أن إسرائيل ترمي إلى إلقاء أعباء قطاع غزة على مصر بما في ذلك العبئ الاقتصادي ، حيث أن قرار تقليص الشيكل ووقف التعامل بين بعض البنوك الإسرائيلية ( هيوعليم ، وديسكنوت ) مع بنك فلسطين المحدود في غزة ، يرمي إلى دفع الفلسطينيين للتفكير في عملة بديلة عن الشيكل وإلى تقليص إلى أدنى درجة ممكنة عملية استيراد المنتجات الإسرائيلية . إن خططنا الاقتصادية يجب أن تكون مبنية على رؤية سياسية موحدة ونظام سياسي برلماني وحكومي وقضاء موحد في إطار الحفاظ على الضفة والقطاع ، وبالتالي صياغة الخطط التنموية التي تعزز من قدرتنا على الصمود وتحقيق أهدافنا بالتحرر والاستقلال . ومن هنا فإن تجارة الأنفاق يجب ان لا تكون بديلاً عن استمرار مطلبنا بفتح المعابر التجارية والسماح بحرية الحركة وخاصة مع الشق الثاني بالوطن " الضفة الغربية " .
#محسن_ابو_رمضان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور الشباب في المشاركة السياسية وصناعة القرار
-
- الأزمة المالية العالمية وفلسطين -
-
الرأسمالية لم تعد قدراً للبشرية
-
- د. حيدر عبد الشافي بعد عام على رحيله - هل تعلمنا بعض من ال
...
-
فلسطين بين النكبة وسياسة التمييز العنصري
-
مؤتمر بيت لحم استثمار ام استلاب
-
تقديراً للدكتور رباح مهنا
-
دور المؤسسات المانحة في ظل حصار غزة
-
دور المنظمات الأهلية في الحفاظ على وحدة نسيج المجتمع
-
الشباب وحرية الراي والتعبير
-
في مفهوم وحدة اليسار الفلسطيني
-
نحو العودة إلى اصول الصراع
-
أي دور للمجتمع المدني في الظروف الراهنة؟؟
-
اثر الحصار على الاوضاع الاقتصادية في قطاع غزة
-
من اجل الوفاء للقائد الكبير - الحكيم -
-
منظمة التحرير الفلسطينية بين التفعيل والاستخدام
-
المشروع التنموي الفلسطيني بين انابولس وباريس
-
في مواجهة الاستقطاب السياسي الحاد هل من مبادرة نوعية جديدة
-
دور منظمات المجتمع المدني في مكافحة الفقر
-
هل اضاعة حركة حماس الفرصة ؟
المزيد.....
-
سقطت بعد ثوانِ من إقلاعها.. شاهد الفوضى بعد تحطم طائرة في في
...
-
تحليل بيانات يكشف ما فعله قائد طائرة الركاب -قبل ثانية- من ا
...
-
مدى الالتزام بتوجيه ولي العهد السعودي في المدارس بلبس الزي ا
...
-
السعودية.. فيديو احراق سيارة متوقفة بالطريق والداخلية ترد
-
-ديب سيك-: أسرار وراء روبوت الدردشة الصيني الجديد، فما هي؟
-
شرطة لوس أنجلوس تنقذ مسنة عمرها 100 عام من حريق في دار المسن
...
-
في دولة عربية.. أول عملية عسكرية للجيش الأمريكي ضد -داعش- في
...
-
صخب ترامب مؤشر على الحالة الأميركية
-
زوجة الضيف للجزيرة نت: لم يتنكر كما كان يشيع الاحتلال ولم يغ
...
-
قبل موتهم جميعا.. كشف آخر ما فعله مسافران قبل اصطدام طائرة ا
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|