أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بوزكَو - الكذب على الذات














المزيد.....

الكذب على الذات


محمد بوزكَو

الحوار المتمدن-العدد: 2492 - 2008 / 12 / 11 - 08:19
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


حين تستيقظ كل صباح وتمشط شعرك أمام المرآة، غالبا ما لا تتفحص ملامحك بتدقيق وان فعلت فان ذلك لا يكون سوى لتقف عند مدى قبولك على مظهرك من عدمه.. تنظر بعين جاسوسية تشتغل على الانبهار بالذات الخارجية دون التمكن من قيادة حملة تمشيطية لعمق ملامحك وخبايا خلاياك المنسوجة من غبار تراب وطنك..
تخرج من الباب وتترك وراءك بقايا ملامحك تتراقص خجلا.. لتصطدم مع واقع يلغيك من أول خطوة.. أول ما يخدشك طابور لوحات المتاجر والمقاهي والإدارات وإعلانات مكتوبة بعربية فصحى.. "مجزرة الرحمة " "وسط المدينة، جميع الاتجاهات" "مصحة الريف".. أو بفرنسية مرقدة في الخل.. "café pourquoi pas " "syber café jbel arafa ".. وما أن يسخن الجو حتى تسخن عليك الأشياء.. تتكلم لغة ولغات أخرى مكتوبة والدنيا هانية، وأنت من الحامدين الشاكرين.. حتى أنك تتخيل أن قانون وجودك يمنع عليك كتابة لغة كلامك.. بمعنى: تكلمها أنت حر لكن لا تكتبها لأن ذلك ليس في مصلحة حريتك..
أما الطامة الكبرى هي أن يكون لديك ابن في المدرسة.. وفي مدرسة خاصة مُؤدى عندها.. ويأتيك في المساء باكيا لأن المعلمة أنقصت من نقطه لأنه نطق بلغته في قسمه... في حين لا يجد في المنزل من ينصفه لأن الكل منشغل بمسلسل مهند ونور أو سنوات الضياع.. في وقت سنوات جيل كامل غادية إلى الضياع.. مدرسة تحمل رسالة نبيلة، وإذا بها ترسل إليك ابنك كرسالة غير نبيلة.. ما معنى أن تنفق من أموالك في مدرسة كل أطرها ومربيها أمازيغ أقحاح ويفرضون على الأطفال الكلام بينهم بلغة غير لغتهم الأصلية..؟ هل هذا من قواعد التربية..؟ أم من عوائق التربية..؟ ألا يُسخن هذا رأسك، ويُطرطقه ..؟
أما إذا كنت مُزَيرٌ ولا تعرف القراءة إلا بلغتك، فانك حتما ستضعها في سروالك.. لأنك لا تعرف لا معنى المرحاض المكتوب على اللوحة ولا معنى toilette المُكَسل على الإعلان.. فلا تفطن إلا والرائحة طالعة معك..
وإذا كنت تحبذ الجلوس في شارع محمد الخامس بالناظور فستأكل أذنيك قناة الجزيرة بأخبارها ورياضتها، وكأنك في الشام.. الكل هناك متتبع للأخبار وللكرة بعربية فصيحة فيها من الجد المصطنع ما يمكن أن يصيبك بسيلان عاطفي ينسيك في تلك البرك المائية التي ثقبت كل الشوارع في مهمة رسمية من أجل رفع الستار عن جرائم التسيير الفاشل... وفي السر يلعنون الدين والعرب..
انظروا إلى وجوهكم في المرأة، تفرسوا في قسماته وحملقوا أكثر في عيونكم، إنكم حتما ستنتبهون إلى أن هناك شيئا ما ليس على ما يرام.. ليست الجزيرة على كل حال ولا حتى اللوحات تلك.. إنما الذي فيه إن هو أنت ناظر المرأة...
تتعايش مع كل شيء إلا مع نفسك...
وعلى نفس الإيقاع ولكن بفَقسة أكثر قد توصلك إلى حد فقص البيض، يذهب كثير من أبناء الريف المتعلمون المتنورون إلى نهج سياسة أسرية تنبني على فكرة استباق الضربة، بحيث لا يبتغون غير العربية لغة لأبنائهم.. مخففين على حكومة عباس الفاسي وزر سياسة التعريب في إطار عملية إعادة نشر الوعي بالذات عبر إنكار الذات نفسها.. وما قد يفشل فيه الفاسي ينجح فيه الريفي.. فما أن يبدأ النجل إخراج كلماته الأولى يكون الأبوين قد أدخلوا سياستهم تلك حيز التنفيذ.. تدهنه الأم كل صباح ببعض الكلمات العربية الخفيفة على البشرة، قبل أن تذيب له بعض الحروف في حليب ساخن لتسهيل عملية النطق.. وفي الغذاء يتكلف الأب بإحضار طعام جاهز مكون عادة من همزة مشرملة بالحركات والسكون، كالفتحة والضمة.. أما المساء فلن يناولوه سوى بعض الأساليب ومعانيها اشتروها خصيصا من السعودية أثناء أداء العمرة..
هكذا يترعرع أبناء بعض السادة المتعلمون المتنورون في ريفنا العزيز.. تكبر معهم اللغة العربية، يتربون في عزها.. بها يتقوى عودهم وشعرهم وأكتافهم.. إلى حين اصطدامهم بواقع فيه لغة أخرى ستكون عسيرة على الهضم بلا شك.. لغة بلا همزة..
نعم.. انه واقع مرير..
صورة مخموجة.. ومقلوبة..
باختصار..
كذب على الذات..
بكلمة..
النفاق..



#محمد_بوزكَو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرقص على لغتين
- تعريب السحور ..
- أَيور وشهر أيار... وباسل.
- أكوام عظم في الأرض.. واِثْري* في السماء
- ختان المرأة بالمركب الثقافي بمناسبة عيد المرأة
- أني كتبتُكِ وقرأتُكِ غدا...
- الرابطة المنحلة... فكريا
- تلفزتنا... قد نشاهدك لكننا لا نراك
- ماذا لو ذبح ابراهيم اسماعيل...
- التعريب...التغريب
- المغرب وطن لنا أم موطن لنا؟
- متاهة


المزيد.....




- إطلالة مدهشة لـ -ملكة الهالوين- وتفاعل مع رسالة حنان ترك لجي ...
- 10 أسباب قد ترجح كفة ترامب أو هاريس للفوز بالرئاسة
- برشلونة تعاني من أمطار تعيق حركة المواطنين.. وفالنسيا لم تصح ...
- DW تتحقق - إيلون ماسك يستغل منصة إكس لنشر أخبار كاذبة حول ال ...
- روسيا تحتفل بعيد الوحدة الوطنية
- مصر تدين تطورا إسرائيليا -خطيرا- يستهدف تصفية القضية الفلسطي ...
- -ABC News-: مسؤولو الانتخابات الأمريكية يتعرضون للتهديدات
- ما مصير نتنياهو بعد تسريب -وثائق غزة-؟
- إعلام عبري: الغارة على دمشق استهدفت قياديا بارزا في -حزب الل ...
- الأردن.. لا تفاؤل بالرئاسيات


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - محمد بوزكَو - الكذب على الذات