أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم عبد مهلهل - كم كانت أحلامنا جميلة ..!














المزيد.....

كم كانت أحلامنا جميلة ..!


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 2492 - 2008 / 12 / 11 - 08:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يدركُ الأنسانُ في احلامه الكثير من أمنيات يتخيلها في الليل ويودها حقيقة في النهار ، فقط ليتبدل من حالٍ الى حال . والحلم في الشرق يلاحقهُ في اغلب الأحيان ظلال بيت الشعر الشهير لأبي الطيب المتنبي الذي يقول : لا كلما يتمنى المرءُ يدركهُ ....تجري الرياحُ بما لاتشتهي السفن. وبعضهم وصل الى قناعة مطلقة بعد أن قرأ معظم التاريخ البشري في رؤيته وسيرته الأنسانية والروحية الى قناعة أن الأنسان ولد ليحلم وإلا لما كتب تلك الأساطير وملاحم الحب والحرب وبنى سور الصين العظيم وجنائن بابل واهرامات الجيزة ، واخيراً غادر الارض صعوداً ليصل القمر والكواكب الأخرى.
صناعة الحلم هي وحدها التي لاتحتاج الى براءة أختراع ، فبمقدور الجميع أن يحلموا فيما يرغبون وليس هناك رقيب يمنعكَ أن تصير امبراطوراً أو صاحب يخت أو مدير شعبة في دائرتك التي لم تزل ومنذ 20 عاماً بمنصب معاون ملاحظ لايزيد ولاينقص. أنها المساحة الوحيدة التي يحقُ لنا فيها أن نمارس حرية المطلق في تمني أي امرأة يُغرينا جَسدُها على شاشة السينما وأي منصب متقدم في الدولة ونسب ونلعن اي سلطان لايلتقي مع مزاجنا ومبادئنا ، أو أي شيء نحسهُ ، حتى تلك الافكار والأخيلة التي تولد من الأمراض النفسية والعُقد.
يتحدث ( سيجموند فرويد ) عن الأحلام بصفتها العوالم الأكثر شخصية بالنسبة لنا عندما نفتش عن رغبة دفينة ، وهي واحدة من انعكاسات السلوك ولكن بشكله الغيبي ،لهذا فقد ينفع تفسير الحلم تشخيص حالة ما ، حتى في الأمراض الجسدية وليس النفسية فقط.
تقترن الأحلام بعالم الطفولة أكثر من أي مرحلة أخرى ، ففيها تبنى ممالك وتشيد قصور وتمتد دروب المستقبل الى ما نتمنى أن نكون عليه ، واحلام الفقراء هي أخصب الأحلام وأجملها ، فهي ترتبط بوعي من نوع خاص ،لاتسيطر عليه اي فلسفة أو معادلة رياضية لأنه يمتلك القدرة على الخلق والصنع والذهاب الى ابعد مايكون ،وربما احلام الطفولة هي من تجعلنا نتمنى من اجل الآخرين اكثر مما نتمناه لأنفسنا عندما يشاهد الطفل قساوة ما يجري من حوله مثل عوز الأب وشحة الدمى والغذاء الجيد ، وعدم توفر الحديقة امام المنزل ، وبالرغم من هذا كانت أحلامنا أجمل وأثرى من أحلام الأغنياء والتجار وملوك الجزر المرجانية.
كانت الناصرية ( 360 كم / جنوب بغداد ) ، مدينة لايتعدى عدد تجارها أصابع اليد ،فيما فقراءها بعدد نجوم الليلة الصافية ، ترتدي الفرات ثوباً لصباحاتها والليل السومري الذي ينساب ضوءه من مرايا حناجر المنشدين ، فخورة بأنها مدينة للكادحين ومطارق الصفارين وأنامل صاغتها المندائيين ، ومن بينها كان يعيش حلم الشاعر الثمل والرسام الغارق في فضيحة اللون وكاتب القصة الذي يمسك اجفان شبعاد في حكايتها مع قيثارتها ، وكان هناك المعلم الذي يتغلب على اناقة باريس بربطة عنقه الطويلة كما ظفائر النجوم على صدر الملتهب من العشق ،وكان هناك الجندي الذي تأويه ثكنة ذكريات الصباحات وأبواق النفير. كان هناك صياد السمك والعذارى اللائي يدرك الناظر من سحرهن فتنة الضوء وخجله ، ولهذا كانت أحلامنا شاسعة وبريئة وتمتلك معنى .وعندما يصبح للحلم معنى يمسك أهداب الفلسفة ويصير رؤى لما نتمناه لحياتنا وأوطاننا والانسانية كلها.
أحلام لاتعرف الكذب والخديعة ومانراه اليوم من موبقات العولمة وتأسيس النظم وعسكرتها ، كان آباءنا يتحدثون عن براءة وجه الملك فيصل الثاني ونعومة خديه وهو يتسلم ولاية عهد أبيه الملك غازي ولم يتعد الخمسة اعوام ،وحين سحقت كعوب البنادق جسد الملك الصغير في قصر الزهور في انقلاب العسكر عام 1958،تحول عشقهم الى سدارة الزعيم عبد الكريم ،وتهاسموا عن طفولته الفقيرة وحلمه بدفن الأقطاع الى الأبد ،وكبرنا وسدارة الزعيم مزقتها الأنقلابات ومن جاء بعده سقط مع طائرته في عاصفة ترابية ، والى حكم عبد الرحمن عارف وعينا حياتنا وكبرنا من أجل الجغرافية والتاريخ والتنظيم الطلابي. وعشنا سبعينيات هادئة ودافئة حتى مجئ الحرب فتاهت تلك الأحلام بين أمل نهاية الحرب ونعوش الشهداء وانجازات قلوبنا في لهفة الشوق لمن عشقنا وصادقنا وعاشرناهم في خنادق الجبهات الممتدة على طول اجسادنا ونحيب الأمهات.
الآن كبرنا ، والاحلام قبعت مثل مرتجف من البرد في قعر كيس الذكريات ، وماتبقى هو أرث اللحظة الذي نستعيد فيها ماكان ..وليته يعود .ولكن لاعودة لما كان ..الحياة تمضي ..واعمارنا معها تسابق خطوة الطريق ..وبالرغم من كل ما كان وسيكون تبقى احلامنا غذاءً روحياً لرغبة العاشق والجائع وسجين الزنزانة.



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أعلان ضد الأفلام الأباحية ( وهَتك الجسد )..!
- سعر برميل النفط في 1 شباط 2009
- البصرة .. الأقليم والبهارات وحسين عبد اللطيف..
- طارق بن زياد ، وصديقة الملاية...
- القاصة السورية ماجدولين الرفاعي ...نصوص لها طعم الورد
- مكائد النساء تبعثر خيالات الأمكنة ..(( قرية شوبنكن الألمانية ...
- أبي ولينين ويوم العطلة في الصين
- الحزب الشيوعي العراقي وأسطرة الفتوى ...
- كِشْ وبَره .. كش ملك .. كش العجوز..
- تراكمات الوجع الكبير
- المندائيون ومنظمة اليونسكو والدولة العراقية...
- جنود ميثولوجيا زقورة أور..
- عيون خضر ، فراشة حمراء ، وماعون صيني...
- بطيخ من المريخ ..مشمش من العواشك ...
- مدينة عفك ، لا تحب مدينة شيكاغو...
- مديح لزهور حسين ..عتب على البرلمان ...
- دموع التماسيح ودموع المطر ...
- كلام عن أنوثة المحظور..في وطن محتل
- مسيحيو سهل نينوى ...
- مارتن لوثر .. وعشائر بني ركاب ..


المزيد.....




- ماذا فعلت الصين لمعرفة ما إذا كانت أمريكا تراقب -تجسسها-؟ شا ...
- السعودية.. الأمن العام يعلن القبض على مواطن ويمنيين في الريا ...
- -صدمة عميقة-.. شاهد ما قاله نتنياهو بعد العثور على جثة الحاخ ...
- بعد مقتل إسرائيلي بالدولة.. أنور قرقاش: الإمارات ستبقى دار ا ...
- مصر.. تحرك رسمي ضد صفحات المسؤولين والمشاهير المزيفة بمواقع ...
- إيران: سنجري محادثات نووية وإقليمية مع فرنسا وألمانيا وبريطا ...
- مصر.. السيسي يؤكد فتح صفحة جديدة بعد شطب 716 شخصا من قوائم ا ...
- من هم الغرباء في أعمال منال الضويان في بينالي فينيسيا ؟
- غارة إسرائيلية على بلدة شمسطار تحصد أرواح 17 لبنانيا بينهم أ ...
- طهران تعلن إجراء محادثات نووية مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نعيم عبد مهلهل - كم كانت أحلامنا جميلة ..!