أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - فقه النكد ..!!















المزيد.....

فقه النكد ..!!


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 2492 - 2008 / 12 / 11 - 08:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


1 ـــ هذا العنوان من إختراع الصديق الراحل الدكتور فرج فودة رحمه الله جل وعلا.
عندما احتفل الناس بإغنية " من غير ليه " التى غناها الموسيقار محمد عبدالوهاب وهو فى الثمانيين من عمره ، أصدر الشيخ عبدالله المشد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر فتوى تعترض على الأغنية وتساؤلها عن سبب مجيئنا إلى هذه الدنيا وإلى أين سنذهب بعدها ، وتعطى درسا دينيا للفنان محمد عبد الوهاب ...!!
كانت جلسة نتندر فيها على أحوال الشيوخ وعقلياتهم فقال فرج فودة رحمه الله " يبدو أن الشيخ المشد سأل عن الأغنية وهل تقبلها الناس ، فقيل له نعم ، فاغتاظ من وجود شيىء يفرح به الناس فأصدر هذه الفتوى، وهذا هو " فقه النكد " الذى ينغص به الفقهاء على الناس"، وضحكنا .. وكتب فرج فودة مقالا بهذا العنوان حسبما أذكر .
2 ـــ قام الموسيقار محمد عبدالوهاب بتلحين أول أغنية للسيدة أم كلثوم وهى " أنت عمرى " وسعد بها الجميع ماعدا فقهاء النكد ... أتذكر أن الكاتب الراحل " عباس محمود العقاد" مدح الأغنية فى حوار له فى جريدة الأخبار ، ومدح المقطع الأول فيها والذى قامت أم كلثوم بتغييره . ولكن أشهر واعظ فى حينها وهو الشيخ محمود كشك شن هجوما صارخا على أم كلثوم وعلى أغنية " أنت عمرى " وشاع شريط الخطبة وذاع ، وأتذكر أنه كان يصرخ فيه قائلا" اذهبوا إلى المرأة التى تقول – خذنى لحنانك خذنى ... عن الوجود وابعدنى ... بعيد بعيد ... أنا وانت ..بعيد بعيد وحدينا ..على الحب تصحى أيامنا . على الشوق تنام ليالينا "،وقد ذكر الأغنية كاملة على المنبر فى خطبة الجمعة ، متوقفا مع كل بيت فى الأغنية بالهجوم على أم كلثوم والسخرية من الأغنية ، فكانت مأساة ملهاه تدل على أن فقه النكد لا يخلو أحيانا من طرافة ، تحقيقا للمثل القائل ( شر البلية ما يضحك ).
3 ـ واليوم فإن فقه النكد صناعة رائجة بسبب سيادة الدين الوهابى المتزمت المنغلق الذى يكشر لكل ما هو جميل ويقطب حاجبيه لكل ما هو مستحسن ، يغضب إذا فرح الناس ، ويفرح لما يحزن الناس . إذا إحتاج الناس للإستفادة من المخترعات الحديثة بادر إلى تحريمها ، وإذا حاقت بالناس كارثة أسرع إلى تأنيبهم ولومهم .
فقهاء النكد لديهم رغبة سادية فى تعذيب الناس وإيلامهم ، وتضييق رحمة الله تعالى عليهم ، وهم يتطوعون بهذه الرغبة مع سبق الأصرار والترصد ، وليس لهم عذر فيما يفعلون .
قد يكون هناك عذر لتشدد زعيمهم ابن تيمية فى العصر المملوكى، فقد كان تشدده إنعكاسا لمحنة معاناته من السجن والاضطهاد ، ولكن أولئك بالملايين يلعبون ،وبزينة الحياة الدنيا يرفلون وبالنعيم يتمتعون ولديهم من الشهرة والحظ ما لم يحظ به الفقهاء السابقون، ثم يلتفتون للناس بوجه محزون وبفقه النكد مفتون .
4 ـــ من جرائم فقه النكد أنه يقف حائلا دون إنقاذ المرضى والمصابين فى الحوادث ؛ فتاوى فقهاء النكد تحرم التبرع بالأعضاء وتحرم إستنساخ قطع غيار بشرية ... وتقف بالمرصاد لأى تقدم علمى يستفيد منه البشر ...
وكل البشر بمنجاة من فقه النكد وفقهاء النكد إلا أولئك الذين يحترمونهم ويستفتونهم ، ولهذا ففى كل دقيقة يتقدم العالم للأمام فى ثورة الإتصالات والمعلومات والاختراعات بينما يتخصص الوهابيون فى مطاردة هذا التقدم العلمى بفتاوى التحريم وفقه النكد . .
لو افترضنا وجود فقهاء النكد فى مجتمع متحضر لتم وضعهم فورا فى غرف العناية المركزة فى مستشفيات عقلية ونفسية يتم تعقيمها وعزلها عن العالم الخارجى ، لتقام عليهم التجارب العلمية.
فقهاء النكد الوهابيون يتقدمون بالمسلمين الى الخلف فى تقديسهم إفرازات السلف وفرضها على التعليم والاعلام ، وبهذه الافرازات السلفية المقدسة يطاردون التقدم الغربى ، فما لم يعرفه السلف يكون بدعة ، (وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار ) حسب زعمهم . فالابتداع والاختراع ضلالة فى النار،أى فالاسلام غير صالح لهذا الزمان ،أى جعلوه متهما بالتخلف والسلفية والماضوية والرجعية .
5 ـــ ولهذا فإن أكبر جريمة يرتكبها فقه النكد هو أنه ينسب نفسه زورا الى الأسلام ، وهو ضد الأسلام على طول الخط ...
إن تشريع الأسلام يقوم على التيسيروالتخفيف ورفع الحرج، وهو نقيض الحظر والمنع والنكد الذى يقوم عليه الفقه السنى ....
أن الأصل فى تشريع الأسلام هو الحلال المباح ، ولكن الأصل فى تحريم الدين السنى الوهابى هو التحريم . إن التحريم فى تشريع الاسلام إستثناء من القاعدة ، ولكن التحريم فى الدين السنى الوهابى هو القاعدة، والحلال هو الاستثناء. فى الاسلام لا يصح تحريم ما أحله الله تعالى ، ولكن التحريم فى الفقه السنى له قواعد مطاطة تجعل كل المباح الحلال حراما إذا أرادوا.
طبقا للاسلام فإن الحلال المباح هو 99% من تفصيلات الحياة البشرية ، والباقى إما واجب فرض مأمور به أو حرام منهى عنه ، وليس لبشر أن يتدخل فى تحريم ما أحلّ الله جل وعلا أو استحلال ما حرم ،ومن يفعل ذلك فقد جعل نفسه إلها مع الله – سبحانه وتعالى عن ذلك علوا كبيرا- لأنه شرع من الدين ما لم يأذن به الله ... وفقهاء النكد السنى يستحلون قتل المرتد و الزانى ( المحصن ) و الخارج على السلطان المستبد ، فى نفس الوقت الذى يحرمون فيه الحلال والطيبات من الرزق ، وسائر المستجدات التى لم يعرفها السلف .
الحلال المباح ( وهو 99 % من تفصيلات الحياة ) قد يحتاج إلى تنظيم وتقنين فى إطار المعروف والمنكر ، وهنا نحتاج إلى علماء متخصصين،وليس فقهاء سلفيين .. ففى نطاق الأدارة نحتاج لمتخصصين لصياغة قوانيين الإدارة ، وهكذا فى الإسكان والمرور والطب وغيرها ... يقدم الخبراء رأيهم ، وتصاغ فى قوانين على أساس المعروف أو القيم العليا الاسلامية والانسانية المتعارف عليها وهى العدل والتيسير وحفظ حقوق الأفراد ،ثم يتم إصدار هذه القوانيين وفق برلمان حرّ يعبر عن رأى الشعب ويأتى بإنتخابات نزيهة فى دولة ديمقراطية .
وكل دولة ديمقراطية هى دولة إسلامية،وكل دولة مستبدة هى دولة كافرة فاسدة .
وبينما لا تحتاج الدول الديمقراطية إلى فقهاء النكد فإن الدول الظالمة المستبدة لابد لها من فقهاء نكد لتعذب بهم شعوبها ولتنغص حياتهم ، فالنكد من ملامح التعذيب، وهم شيوخ التعذيب و شيوخ النكد .
6 ـ وعندما ظهر القرآنيون يبشرون بحقائق الاسلام وجمال الاسلام و تيسيرات الاسلام و(إنسانية) الاسلام وصلاحية الاسلام لكل زمان ومكان هاجمهم فقهاء النكد والتعذيب ، واستعدوا عليهم أسيادهم الحكام المستبدين ..
ومع ما يعانيه القرآنيون من مشاق وعنت واضطهاد ومطاردة وتشرد وسجن وتعذيب وانعدام الاحساس بالأمن إلا إنهم يواصلون طريق الآلام ...فى صبر وابتسام ..
وأتذكر أننى عندما كنت فى السجن عام 1987 كانت مباحث أمن الدولة قد قبضت عشوائيا على بعض رواد المساجد التى كنت أخطب فيها ، وكانوا أناسا عاديين لا شأن لهم بالفكر ، مجرد ناس اعتادوا الصلاة فى هذا المسجد أو ذاك، فتم اعتقالهم معنا.
فى بداية السجن كانوا ينظرون لى شذرا ، يعتبروننى السبب فيما حصل لهم ، فبذلت وسعى فى التخفيف عنهم وإضحاكهم . فى هذا الوقت كانت هناك مسرحية مشهورة معروضة للفنان سعيد صالح اسمها ( نحن نشكر الظروف ) فكنت كلما مررت بهم أسلّم عليهم قائلا : نحن نشكر الظروف،وأظل أداعبهم حتى حلّ الابتسام محل الخصام، وأصبحوا من أعز الأصدقاء. ثم كانوا من أوائل من أفرجوا عنهم ، وهم من بلاد شتى من الصعيد الى الاسكندرية والقاهرة و الدلتا ،وقد كانوا يبكون وهم يودعوننى فبكينا لبكائهم ، وفى صدق شديد كانوا يريدون البقاء الى أن نخرج معا، وفى صدق شديد كنا نهنئهم بالافراج عنهم ليعودوا الى حياتهم العادية وعائلاتهم بعيدا عن مشاكلنا.. وأتذكر أن رجلا منهم ـ يرحمه الله جل وعلا ـ فى الثمانين من عمره، وكان صاحب سطوة فى الحى الذى يعيش فيه فى الاسكندرية ، هذا الرجل الثمانينى كان يبكى وهو يحتضننى ويقول إن (حى ّ ) كذا فى الاسكندرية يرحب بمجيئى لخطبة الجمعة ، وأنه سيفدينى بروحه، وأن أولاده طوع أمرى ولا بد أن أزوره فى منزله دون خوف...
ولم نلتق بعدها.

7 ـ واجهوا فقهاء النكد بالابتسامة.. وبالاستهانة ..



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (2 ) الكفر السلوكى والتعامل معه خلال دولة النبى محمد عليه ال ...
- كيف انتصر جيش حسنى مبارك الشهم الشجاع ” ش ش- على الشعب المصر ...
- بسبب هذا المقال خطفت مباحث أمن الدولة فى مصر الكاتب ( رضا عب ...
- بيان من المركز العالمى للقرآن الكريم :عملاء أمن الدولة يجهزو ...
- الكفر السلوكى وملامحه فى قصة فرعون موسى :
- احمد صبحى منصور ... جدل القرضاوى والشيعة تجهيز لحرب أهلية
- ماهى جريمة القرآنيين ؟
- جهادنا العنيد ضد ثقافة العبيد
- فى الرّد على الأحبة فى مقال (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّ ...
- أمن الدولة يهدد بالقتل والدة الاستاذ (رضا عبدالرحمن على ) لأ ...
- شيوخ التعذيب : (تعليقا على اعتقال الكاتب الاسلامى : رضا عبدا ...
- أمر الله جل وعلا المسلمين أن يقولوا (لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَ ...
- الدين السّنى وتضييع العبادات الاسلامية
- لنكن جيل الحوار.. ليكون أبناؤنا جيل الاختيار
- تعليقا على اعتقال الاستاذ رضا عبدالرحمن الباحث بموقع (اهل ال ...
- القول الأمين فى اختلاف السّنيين فى معركة التدخين
- رمضان بين سطور التاريخ (14 ) ذنوب فى رمضان و زلزال فى ذى الح ...
- الدين السّنى والتشريع بما لم يأذن به الله جل وعلا.
- فقه التحريم فى تشريع القرآن الكريم دراسة عملية.
- رمضان بين سطور التاريخ (12 ) الغلاء فى أسعار رمضان


المزيد.....




- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - فقه النكد ..!!