|
كيفيات التعاطي المغاربي المجدي مع التحديات
عبدالله تركماني
الحوار المتمدن-العدد: 2491 - 2008 / 12 / 10 - 05:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
بعد نهاية الحرب الباردة شهد العالم، بأجمعه، تحوّلات فارقة، فسقطت رؤى، وانبثقت بديلاتها، تراجعت استراتيجيات وظهرت أخرى، تشكلت علاقات دولية جديدة، تحكمت في نشأتها وتبلورها مصالح جديدة بديلا عن تلك التقليدية، فراحت الوحدات الجغرافية في العالم تشهد تقسيما جديدا للعمل، مما حدا بجزء غير يسير في العالم إلى إعادة تشكيل ذاته وبناء مستقبله تأسيسا على المعطيات الدولية الجديدة والمفاهيم المستحدثة للتعاطي مع تحديات العصر. وفي المغرب العربي متغيّرات جديدة وأسئلة جديدة، تتطلب تشخيصا معمّقا للتحديات ولكيفيات التعاطي المجدي معها، إذ نواجه مجموعة من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تدعو إلى تجنّب المآزق والأزمات المعطِّلة لمشاريعنا في الإصلاح والتنمية. وهو الأمر الذي يستدعي الدفع بمشروع اتحاد المغرب العربي خطوات إلى الأمام، من أجل تعزيز آليات التعاون المغاربي لما يخدم مصالح شعوب المنطقة. كما يتطلب الكثير من المساعي القادرة على تجاوز تركة الماضي، للتمكّن من بناء الروافع التاريخية والفكرية الجديدة المساعدة على تأسيس حقبة جديدة في تاريخنا المعاصر. فهل تستطيع الدول المغاربية أن تتخطى مشاكلها وتتجاوز النظرات الضيقة، لتخطَّ لنفسها استراتيجية تتكيف مع روح التكتلات والتنظيمات الإقليمية الجديدة لتحمي نفسها من جبروت العولمة. أم أنّ أماني شعوب المنطقة تبقى ضحية أنانية الحكام والمصالح الضيقة لبعض القوى الخفية، هل من تفعيل حقيقي للاتحاد المغاربي بعد كل هذا التأخر؟ إنّ المفارقة القائمة اليوم هي أنّ الطموح الاتحادي المغاربي الذي بدا مطلبا شعبيا، ومشروعا طرحته النخب السياسية المغاربية، غدا اليوم مطلبا استراتيجيا دوليا ملحا، خصوصا لدى الاتحاد الأوروبي الذي ينظر إلى منطقة شمال أفريقيا بصفتها امتدادا حيويا له وقنطرة وصل ضرورية مع القارة السوداء والشرق الأوسط. أهم التحديات التي تواجه المغرب العربي في محاولتنا معرفة أهم التحديات التي تواجه الدول المغاربية وجدنا أنها تتركز على الخصوص في: البطالة، والفقر، والهجرة، والإرهاب، وضعف الأداء الاقتصادي، ومحدودية التنمية الإنسانية، وإشكاليات الصحراء الغربية، وتعثر الاتحاد المغاربي. إضافة إلى تحديات أخرى، تتمثل في: (1)- الثورة الصناعية الثالثة ( ثورة المعلوماتية ووسائل الاتصال والإلكترونيات الدقيقة ). (2)- ظاهرة التكتلات الاقتصادية الكبرى ( أوروبا الموحدة، والتكتل الآسيوي، واتفاقية دول أمريكا الشمالية " نافتا "...)، التي أصبحت تمثل أهم اتجاه في العلاقات الدولية لمرحلة ما بعد الحرب الباردة. (3)- تعاظم دور الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، التي تريد لنفسها مزيدا من فتوحات أخرى في الأسواق العالمية. (4)- تفاقم حالة استنزاف الموارد المالية والبشرية المغاربية، فأموالنا مستمرة في التدفق نحو المراكز العالمية الكبرى، إما ردّاً لديون متراكمة وإما تسديداً لثمن سلاح، أو بقصد الاستثمار هناك. (5) - أزمة المشاركة، وهنا لا نريد أن نثير الجانب السياسي من المسألة بشكل مباشر، بل جانب إشراك كل الناس، وكل فئات المجتمع في أية عملية تنموية فعلية وصحيحة، لأنه من أول شروط تحقيق التنمية واستدامتها، مشاركة أبناء المجتمع كافة فيها، مشاركة الناس في نقاش الخيارات المتاحة، وشعورهم بأنّ لهم دورا ورأيا وحضورا في هذه المسألة، بل شعورهم بأنّ هذه العملية تمثل تطلعاتهم ومصالحهم في الحاضر والمستقبل. (6) - ضعف هيئات المجتمع المدني، فبالرغم من وجود العديد من المؤسسات المهنية والنقابية والعمالية والبيئية والاجتماعية والثقافية، التي تقوم بنشاطات قيّمة في مجال الحفاظ على البيئة وحقوق الإنسان ومسائل اجتماعية واقتصادية وثقافية مختلفة، إلا أنّ هذه المؤسسات ما زالت دون حجم التحديات والحاجات القائمة. (7) - هيمنة المركزية وضعف الحياة البلدية أو المجالس المحلية، إذ تتميز الأنظمة الإدارية المغاربية - بشكل عام - بهيمنة أجهزة الدولة المركزية على حياة الهيئات المحلية من بلديات ومجالس أو إدارات مستقلة، وبضعف اللامركزية الإدارية. (8) - ضعف حضور دولة الحق والقانون، فمسألة تعادل الفرص والمساواة أمام القانون مسألة حيوية جدا، وهي تشعر المستثمرين والمواطنين بالطمأنينة والاستمرار في عملية التنمية، وبدونها يسيطر جو من انعدام الثقة بين المواطنين وأجهزة الدولة، وهو ما يولّد قلقا اجتماعيا عميقا يعيق أية عملية تنموية فعلية. التحديات الاجتماعية إنّ أكبر التحديات التي تواجه منطقة المغرب العربي تكمن في عدم قدرة الاقتصاديات المحلية على توفير فرص عمل كافية للشباب، مما يزيد معدلات البطالة ويهدد الاستقرار الاجتماعي، ومخاطر الهجرة غير الشرعية نحو دول شمال البحر المتوسط. وبسبب ذلك ارتفعت معدلات الفقر في السنوات الأخيرة في دول المنطقة، خصوصا في الجزائر والمغرب وموريتانيا، إذ يقدر عدد الفقراء بنحو 18 في المائة من مجموع السكان، وكانت هذه النسبة لا تتجاوز الـ 12 في المائة في بداية تسعينيات القرن الماضي. ضعف الأداء الاقتصادي كان ضعف الأداء الاقتصادي من العراقيل التي حالت دون استفادة المنطقة من الجانب الإيجابي للعولمة، خصوصا أنّ نمو التجارة العالمية زاد بنسبة 8 في المائة سنويا، فيما لم تتجاوز التجارة المغاربية مع الخارج الـ 3 في المائة, كما أنّ حصتها من تدفق الاستثمارات الأجنبية ظلت ضعيفة، مقارنة بمناطق أخرى عبر العالم، خصوصا دول جنوب شرقي آسيا والصين، على رغم نجاح برامج الخصخصة في جذب استثمارات مهمة إلى المنطقة. لقد أظهرت إحصاءات اقتصادية أنّ دول الاتحاد المغاربي تخسر نحو عشرة مليارات دولار سنويا، ما يعادل نحو 2 في المائة من ناتجها القومي الإجمالي، بسبب غياب التنسيق في المواقف الخارجية, وتعثر قيام سوق مغاربية مشتركة, واستمرار الاعتماد على الأسواق الأوروبية في تسويق الصادرات واستيراد المواد الضرورية. وبحسب المعطيات التقديرية لا تتجاوز التجارة البينية بين دول المغرب العربي نسبة 5 في المائة من مجموع تجارتها مع الاتحاد الأوروبي، المقدرة بنحو 80 مليار دولار. ومن المؤسف أنّ التجارة البينية المغاربية تمر عبر أطراف ثالثة غالبا ما تكون دول الاتحاد الأوروبي، إذ لا تستورد المغرب من الجزائر سوى 5 في المائة من المشتقات النفطية المقدرة بنحو 2.5 مليار دولار. والجزائر بدورها تستورد أقل من 1 في المائة من صادرات المغرب الغذائية, فيما تستورد بنحو 5 مليارات يورو من السلع الغذائية الأوروبية، وبعضها أُنتج في المغرب. ويخسر البلدان معا بين 5 و 6 مليارات دولار سنويا بسبب الحواجز الجمركية المعقدة، وإغلاق الحدود وغياب تشريعات متناسقة. والشيء نفسه ينطبق على صادرات الأسماك، فعلى رغم أنّ المغرب أكبر مصدر للأسماك في المنطقة، فإنّ إيطاليا وإسبانيا هما أكبر مزوِّد لأسواق تونس وليبيا من الثروة البحرية. ومن جهة أخرى، يُعزى تردد المستثمرين عن الإقبال المكثف على المنطقة إلى استمرار التفكك وغياب سوق إقليمية قوامها 82 مليون مستهلك. ومن الواضح أنّ كثافة الحواجز الجمركية وثقل أعباء الإجراءات الإدارية، فضلا عن غياب خطوط النقل الحديدية والبرية الحديثة، شكلت كلها عناصر أثنت المستثمرين الأوروبيين عن التوجه إلى الضفة الجنوبية للمتوسط، التي لا تستقطب حاليا سوى 2 في المائة فقط من الاستثمارات الخاصة الأوروبية، فيما هي تتجه بكثافة إلى أمريكا اللاتينية وآسيا وأوروبا الشرقية. والأخطر من ذلك، أنّ علاقات الأقطار المغاربية مع أوروبا وأمريكا تطغى عليها ذهنية المنافسة بحثا عن امتيازات خاصة، ما أضعف موقعها التفاوضي فرديا وجماعيا، ومنح الأطراف الأخرى هامشا كبيرا للمناورة وابتزاز تنازلات ما كانت لتحصل عليها لو كانوا متضامنين. إنّ السوق المغاربية تشكل ما يساوي السوق الألمانية، وسيبلغ عدد سكان المنطقة 100 مليون نسمة بعد 15 سنة، لكن من المحتمل أن يبقى هذا الفضاء سوقا للمنتوجات الأوروبية والآسيوية، بسبب انعدام حد معقول من التنسيق في السياسات الاقتصادية. تعثر الاتحاد المغاربي لقد ترتب على تأسيس اتحاد المغرب العربي في العام 1989 إبرام حوالي 37 معاهدة تتعلق بمجالات مختلفة، كان من المفترض أن تُكرِّس توحيد السوق المغاربية وإنشاء اتحاد جمركي وإلغاء الحواجز بين بلدان الاتحاد وتكريس بطاقة هوية موحدة. لكنّ الاتفاقات لم تُنفَّذ، بل جُمِّدت هياكل الاتحاد منذ عام 1994 تاريخ آخر اجتماع لمجلس الرئاسة، الهيئة الوحيدة التي تتمتع بسلطة القرار في الاتحاد. إنّ تأسيس الاتحاد المغاربي كان لحظة قوية على طريق استيعاب التحوّلات التي عرفتها العلاقات الدولية، وكان في إمكانه أن يعيد ترتيب أولويات المنطقة، الموزعة بين الأمن والتنمية والديموقراطية، لكنه ظل مشروع نيات، يحتمي به الشركاء المغاربيون حين تواجههم إكراهات سياسية واقتصادية وثقافية على قدر أكبر من حدة السؤال، ويهربون منه كذلك لتبرير فشل خيارات مستوحاة من صراعات حرب باردة منتهية، إلا أنّ الألغام التي زرعتها تبقى قابلة للانفجار ما لم يتم الاهتداء إلى كواشف إرادية تنير طريق المستقبل. لقد كان الرهان على أنّ التزامات الجزائر والمغرب ضمن الفضاء الإقليمي مع الشركاء الأوروبيين في منظومة " 5+5 "، أو في الانخراط الجماعي في الحرب على الإرهاب، في إمكانها فتح الآفاق أمام وفاق ثنائي، غير أنّ شيئا من هذه الرهانات لم يحدث. إنّ الأكثر أهمية في استيعاب دروس الإخفاقات المغاربية أن يُنظَر إلى الفرص، التي كان يتيحها الاتحاد المغاربي، على صعيد النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لشعوب المنطقة، كي لا يظل الحديث عن اتحاد كهذا مجرد ترف فكري وسياسي.
إشكاليات الصحراء الغربية عانى المشروع المغاربي، الذي انبثق من ديناميكية حركة التحرر الوطني في الخمسينيات، منذ بداية حقبة الاستقلال من صراع المحاور الداخلية، الذي تركز في التنافس المغربي - الجزائري داخل الدائرة الإقليمية وامتداداتها عربيا وأفريقيا. ولم يكن اختلاف نماذج الحكم و الخيارات الأيديولوجية والتوجهات الاقتصادية هو العائق الأساسي الذي حال دون نجاح الاندماج المغاربي، بل إنّ المشكل المحوري الذي اعترض هذا المشروع هو التضارب القائم بين الطرفين المركزيين في الاتحاد، من حيث العلاقة الثنائية والملفات الإقليمية، مما تمتد جذوره إلى ما هو أبعد من موضوع الصحراء، مع الإقرار بأنّ هذا الموضوع هو بدون شك العقدة المستعصية اليوم في الرهان المغاربي. إذ يدور الصراع بين الطرفين حول ثلاث نقاط أساسية: أولاها، من سيخرج منتصرا في نزاع الصحراء الغربية. وثانيتها، من سيحظى بود واحترام الدول الكبرى. وثالثتها، من سينسج علاقات مع دول مرشحة لأن تكون فاعلة في الساحة الدولية مستقبلا. ومن المفارقات الملفتة أنّ الجزائر والمغرب ملتزمان علنا بالإبقاء على الاتحاد المغاربي وتطويره وتفعيله كفضاء للحوار والتكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي، غير أنه لا يمكن الحديث عن فضاء بهذه الأهمية الاستراتيجية مع استمرار الحدود المغلقة بين دولتين جارتين تشكلان مركز الثقل في البناء المغاربي، والحال أنّ تأثير هذا الوضع غير الطبيعي ينسحب سلبا على المنطقة المغاربية برمتها، ولم يعد مقبولا من الطرفين انتهاج سياسات سلبية يتضرر منها شركاؤهما في الاتحاد المغاربي. فعلى سبيل المثال لم يتجاوز عدد السنوات التي بقيت الحدود خلالها مفتوحة بين الجزائر والمغرب سوى 14 سنة منذ استقلال الجزائر الذي مضت عليه 46 سنة. تحدي الإرهاب هناك قناعة تتشكل يوما بعد يوم، بالنظر إلى الأحداث الإرهابية التي عرفتها المنطقة المغاربية، أنّ المناطق التي تغيب عنها سيادة الدولة وغير المراقبة بشكل كافٍ، خاصة على طول الساحل الصحراوي الممتد من شمال موريتانيا إلى شمال تشاد والذي يخترق جنوب الجزائر، يشكل مصدرا حقيقيا للقلق، وهو قلق يهم دول المغرب العربي وأوروبا وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية. إذ ثمة مخاوف تشير إلى أنّ منطقة الساحل الأفريقي جنوب الصحراء يمكن أن تتحول إلى " أفغستان جديدة ". ولعله لهذا السبب تحديدا زاد الانشغال الأمريكي بالأوضاع في منطقة الساحل جنوب الصحراء، خاصة في ضوء تفكيك خلايا نائمة كانت تتوخى استقطاب المناصرين الراغبين في التطوع إلى جانب المقاومة في العراق. كيفما كانت الحال، فإنّ المشكلة عند انفجارها بحدة لن تكون قضية جزائرية أو نيجيرية أو مالية فقط، ولكنها قابلة للامتداد في مساحات أفقية وعمودية لا حصر لها. وما يبعث على القلق ويدعو إلى الحذر أنّ اشتعال فتيل التوتر ليس بعيدا عن مخازن ثروات الأرض من بترول وغاز وأورانيوم واحتياطات معدنية تسيِّل لعاب الشركات المتعددة الجنسية. ضعف التنمية الإنسانية إنّ التنمية المستدامة التي تسعى إلى تحقيق حاجات المغرب العربي حاضرا وتأمين استمرارها مستقبلا، بما هي نمط ثقافي له أبعاد اجتماعية واقتصادية وبيئية ومؤسساتية، تواجه اليوم تحديات وعقبات على مستوى ثقافة التنمية السائدة وعلى مستوى المؤسسات وإدارة الشؤون العامة في كل قطر مغاربي. (1) - مؤشرات ضعف التنمية الإنسانية المغاربية ثمة مؤشرات كثيرة تدل على ضعف عملية التنمية الإنسانية المغاربية استنادا إلى معظم، إن لم يكن كل، مؤشرات هذه العملية. إذ أنّ الجزء الظاهر من هذه المشكلة يتمثل في الفقر واللامساواة ( المعدل المتوسط للفقر يصل إلى 18 بالمائـة )، لكنّ الفقر في الحقيقة ليس سوى جزء من المشكلة، فإلى جانبه هناك مؤشرات كثيرة: ضعف مستوى الرعاية الصحية، وتراجع واضح في فرص التعليم الجيد، وضعف في سياسات الأمان الاجتماعي. وتبيّن المؤشرات الأساسية للتنمية المغاربية لسنة 2006 ما يلي: - النسبة المئوية لمعدل النمو السنوي للسكان: 1.63 بالمائة. - النسبة المئوية للمجموعة العمرية أقل من 14 سنة: 31.6 بالمائة من مجموع السكان البالغ 82 مليون نسمة. - الناتج القومي الإجمالي للفرد بالدولار: 3004 دولار. - العمر المتوقع عند الولادة: 68.8 سنة. - معدل البطالة خلال الفترة 2000 – 2003: 16.3 بالمائة. - صافي نسبة القيد في التعليم الابتدائي لسنة 2003: 89.2 بالمائة. - صافي نسبة القيد في التعليم الثانوي لسنة 2003: 46 بالمائة. (2) - معوّقات التنمية المغاربية ما هي المعوقات التي تحد من انطلاقة المغرب العربي ليأخذ دوره الطبيعي كقوة اقتصادية وسياسية وبشرية مؤثرة على الساحة العالمية ؟ وما هي الأسباب التي تؤدي إلى تعثر محاولات التنمية المغاربية ؟ إنّ الموقف الإجمالي في المنطقة بعيد تمام البعد عن كونه مُرضياً, حيث يعتمد اقتصاد الجزائر وليبيا على صادرات النفط والغاز، كما يعتمد اقتصاد المغرب إلى حد كبير على الإنتاج الزراعي ( والذي يتأثر بالطقس على نحو واضح ) والتحويلات النقدية من المغتربين، بينما تعتمد تونس على الطلب من قِبَل المستهلك الأوروبي وعلى السياحة. ولاشك أنّ عدم تجانس التشريعات الاقتصادية يحد من الأهمية الاستراتيجية للمنطقة، ويفقدها في المتوسط 2.5 في المائة من الناتج الإجمالي بسبب إغلاق الحدود وضعف التجارة البينية. ومن جانب آخر لا يوجد في مغربنا العربي أسلوب عمل الفريق، ولذا لا نجد الأنظمة السياسية والاقتصادية تبحث عن التكامل والشراكة في مجال الصالح العام، بل كل فرد أو مجموعة يعمل لصالحه الخاص. إنّ غياب هذا النمط من التفكير على المستوى السياسي والمجتمعي والأسري يؤثر على عملية التنمية التي تحتاج دوما إلى تضافر الجهود العامة والخاصة. وأخيرا يكمن أحد التفسيرات الرئيسية لتعثر التنمية المغاربية في افتقارها إلى التكامل, ففي أوروبا ومناطق أخرى من العالم يعمل التكامل الإقليمي بالتدريج على تغيير البيئة السياسية، وتعزيز ثقة المجتمعات بنفسها وثقة العالم بها. والحقيقة أنّ بعض الشروط الأساسية اللازمة للشروع في عملية التكامل الإقليمي متوفرة بالفعل في الأقطار المغاربية، لكنّ الأمر يحتاج إلى تناول جديد. وتتلخص الوسيلة الوحيدة لتفعيل التكامل في خلق كيان إقليمي مغاربي, وقد يساعد إحياء اتحاد المغرب العربي في خلق هذا الكيان الجديد, لكنّ تصميمه الذي يتجه من القمة إلى القاعدة يعيق فعاليته. سياسات القوى الدولية في المغرب العربي المنطقة المغاربية توجد في قلب التوازنات الدولية، من حيث كونها تمثل امتدادا حيويا للمجال الأوروبي، وبوابة رئيسية للقارة الإفريقية وللدائرة الشرق أوسطية. إنّ سياسات القوى الدولية ترى في المنطقة خزانا نفطيا، وموقعا استراتيجيا، فضلا عن كونها سوقا للسلاح بامتياز. لكنّ معطيات إقليمية ودولية أصبحت أكثر تأثيرا في ترسيم راهن المنطقة ومستقبلها، وتملي الإذعان لتنازلات أو مساومات التحوّل البارز في مسار العلاقات الأوروبية ـ الأميركية. ففي سباق محموم تتنازع الدول المغاربية الخمس استراتيجيتان: أولاهما، قديمة نسبيا، وهي الاستراتيجية الأوروبية التي تتعامل مع هذه المنطقة من منطلقين: أولهما، توسيع نفوذ أوروبا الاقتصادي والسياسي لتعزيز قدراتها التنافسية مع بقية التكتلات الإقليمية. وثانيهما، وضع حد لمعدلات الهجرة المغاربية والأفريقية المتصاعدة تجاه أوروبا، خصوصا بعدما تحولت إلى صداع ينخر في رأس القارة العجوز ويسبب لها ارتباكات اقتصادية وأمنية شتى. وثانيتهما، الاستراتيجية الأمريكية التي بدأت تتشكل ملامحها منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، عبر مشروع شراكة أمريكية - مغاربية حول السياسة الاقتصادية، وتحقيق الاندماج المغاربي، وإرساء تعاون اقتصادي يقوم على التبادل الحر، وإسناد دور أساسي للقطاع الخاص مع إجراء الإصلاحات الضرورية للنهوض بهذا القطاع. لقد حدد السفير الأمريكي في تونس روبرت كوديك، في لقاء المنتدى الدولي لمؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات في يونيو/حزيران 2008، أولويات بلاده في المنطقة في أربع نقاط: تبدأ بدعم التعاون وتحقيق الرفاهية الاقتصادية، إلى جانب تحقيق الإصلاح والانفتاح السياسي، وتحقيق الاستقرار في وجه التطرف والعنف، وأخيرا مواجهة التحدي الأكبر في تحقيق التعاون الإقليمي. ولاحظ السفير الأمريكي أنّ العنف والتطرف خطر حقيقي في المنطقة، وأنّ الإرهاب قد يكون التهديد الأكبر للمغرب العربي، وهو ما يحتم - على حد تعبيـره - درجة أكبر من التعاون الإقليمي على مختلف المستويات، ولاسيما الأمني لمواجهة هذا الخطر. وقال: إنّ ظهور تنظيم القاعدة في " المغرب الإسلامي " وتفاقم ظاهرة انضمام شباب من شمال أفريقيا إلى شبكة القاعدة جعل من دعم التعاون الأمني أمرا حيويا. وفي الواقع، تتجلى أهمية المغرب العربي، بالنسبة للبنتاغون، في كونه يقع في منطقة حساسة عسكرية للمخططات العسكرية الأمريكية، فهذه المنطقة تطل على البحر الأبيض المتوسط الذي يمر منه خمس التجارة الدولية ويبحر فيه باستمرار الأسطول السادس. أما وزارة الخارجية الأمريكية فترى في المغرب العربي منطقة حيوية سياسيا، في محاولة لتحجيم دور الاتحاد الأوروبي، الذي يهدد زعامة الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلا. وكان طبيعيا، وسط موجات الاستقطاب الأمريكي المتلاحقة للدول المغاربية، أن تعيد أوروبا النظر في علاقتها بهذه الدول، لتضخ في شرايينها دماء جديدة. ولذلك لجأت، وتحديدا فرنسا وإيطاليا وإسبانيا والبرتغال ومالطا، إلى إعادة إطلاق مبادرة الحوض الغربي للبحر المتوسط والتي تضم معها الدول المغاربية الخمس (تونس والجزائر، والمغرب، وليبيا وموريتانيا). وركزت على عدة رهانات تشكل في مجموعها عناصر قوة أو دفع للتعاون الأورو - متوسطي، ومن أهمها الرهان البشري الذي يكتسب أهميتة من الطموح إلى حل مشكلة الهجرة من الجنوب إلى الشمال، بطرح بدائل منها تنمية جنوب المتوسط، من خلال تدعيم الاستثمار الأجنبي والحد من الآثار السلبية للعولمة وتكريس الاندماج الاقتصادي. وهذان الرهانان، البشري والتنموي، يقودان حتما إلى الرهان الأمني، بالتعاون من أجل استئصال جذور الإرهاب، وتجفيف مصادر تمويله. ومن جهة أخرى، فقد اختار التحالف الأمريكي - الأوروبي حلف الأطلسي ليكون مدخلا وأداة لترتيب الأوضاع في الشمال والغرب الإفريقي، في إطار حملته العالمية ضد الإرهاب. واعتمد مبدأ الشراكة والتسهيلات التي توفرها تنظيمات حلف الأطلسي، بديلا عن إقامة قواعد عسكرية ثابتة تثير كثيرا من المشكلات داخل التحالف ودول الجوار، واستخدام مصطلح " الفضاء المتوسطي ". على أن يكون لهذا الفضاء عمق أفريقي، يمتد من ساحل المحيط الأطلسي عبر الصحراء الأفريقية إلى ساحل البحر الأحمر والمحيط الهندي, والملاحظة هي أنّ هذا العمق يتداخل ويتقاطع مع الفضاء الذي يعمل فيه تجمع الساحل والصحراء. أهم المفارقات في المغرب العربي إنّ الجارين المغاربيين، الجزائر والمغرب، يلتقيان تحت مظلة منظومة 5+5 بين الدول الشمالية والجنوبية للبحر المتوسط، وينضويان تحت لواء الحلف الأطلسي في توجهاتهما الأمنية، إلا أنهما يعجزان عن اللقاء تحت سقف المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة. والمفارقة في حسابات البلدين أنّ ما عجز عنه الاتحاد المغاربي، الذي يعتبر بكل المعايير الموضوعية والروابط التاريخية والامتداد الجغرافي أقرب إلى انتسابهم الطبيعي، يراد أن يكون الاتحاد المتوسطي بديلا عنه. ومن المفارقات أنّ بلدان الجوار المغاربي، في الضفة الشمالية للبحر المتوسط، يعتمدون مقاربات في الحوار مع الأقطار المغاربية تضع في الاعتبار مخاطر تنامي التطرف والهجرة غير الشرعية والإرهاب والجريمة المنظمة، بينما المغاربيون يعيشون في عصر آخر تسيطر فيه الخلافات السياسية، على حساب الضرورات الأمنية والإنمائية والاستراتيجية. إنّ أوروبا تريد للمغرب العربي أن يتوجه نحو حد أدنى من الوحدة، ليضمن نوعا من الازدهار، الذي يدفع المهاجرين الأفارقة إلى البقاء في شمال أفريقيا بدل العبور إلى أوروبا. وإذا تحقق ذلك، تكون الأقطار المغاربية قد اضطرت إلى طريق الوحدة، لا خدمة لشعوبها أو لتحقيق أحلام المغرب العربي الموحد، بل ستفعل ذلك لحماية المصالح الأمنية الأمريكية والأوروبية. كيفيات التعاطي المجدي مع التحديات يبدو جليا اليوم أنه بات من المستحيل للدول المغاربية مواجهة تحديات العولمة، بما تنطوي عليه من قوى احتكارية متوحشة، بالاعتماد فقط على السياسات الوطنية في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. مما يفرض عليها تكثيف الجهود من أجل إحداث نقلة نوعية في العمل التكاملي والاندماجي المغاربي. فلم يعد معقولا ولا مقبولا، ونحن نشاهد ما يجري في العالم، أن نواصل التعامل مع قضايانا التاريخية وإشكالاتنا السياسية بالطرق التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه اليوم. فهل يعقل أن لا تقيم النخب السياسية المغاربية، خاصة في الجزائر والمغرب، اليوم تمييزا بين شروط نشأة وتطور أزمة الصحراء الغربية في لحظات تشكلها في سبعينيات القرن الماضي، وبين مآلها الراهن في علاقاته بالمتغيّرات الجارية سواء في المغرب الكبير أو في العالم ؟ عمق العلاقة بين التنمية والديمقراطية كي ندرك عمق العلاقة بين التنمية والديموقراطية فإنه لابد أن نتطرق إلى أهمية العنصر البشري في عملية التنمية، وإلى التأثير البالغ الذي تحدثه الديموقراطية لتطوير قدرات هذا العنصر وتفعيل دوره في عملية التنمية. إذ أنّ الإنسان هو العامل الحاسم والمحرك في هذه العملية، فبقدر ما تتاح له الفرص لتطوير القدرات الكامنة فيه، وبقدر ما تتوفر له الحوافز لتوظيف هذه الطاقات في الأوجه الصحيحة بقدر ما يتمكن من استخدام الموارد المتاحة لتحقيق تنمية حقيقية ذات أبعاد إنسانية. من هنا تأتي أهمية الديموقراطية، فهي بإفساحها في المجال أمام المواطنين للمشاركة في صنع القرار تمكّن من وضع الحاجات الإنسانية في مقدمة أولويات عملية التنمية. ولا حاجة إلى القول بأنّ تلبية هذه الحاجات من شأنها أن تعمل على تطوير قدرات المواطن وتوسيع الخيارات أمامه على نحو يساعده على تحقيق ذاته، وإطلاق طاقات الخلق والإبداع الكامنة فيه. إنّ المطلوب من الدول المغاربية لمواجهة التحديات التنموية أن تعيد صياغة توجهات ومسار التنمية المغاربية، بما يساعدها على الاستفادة المتبادلة من الإمكانيات والموارد المتوفرة لديها ككتلة إقليمية قادرة على الاستمرار والتواصل، وتطوير التعليم التكنولوجي وتضييق الهوة ما بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وفقا للتطور العلمي والتكنولوجي، وهذا يتطلب توفير بيئة سياسية وأمنية مناسبة مستقرة، تحمي الطبقات الفقيرة وتحفظ حقوق الإنسان الأساسية وتلتزم بقيم العدل والمساواة وتحفظ استقلال الوطن وأمنه وتؤمن مستقبله ومستقبل أجياله. كما يتطلب تنسيق التشريعات المالية والاقتصادية وفتح الحدود أمام التجارة البينية, وإنشاء سوق استهلاكية مشتركة تزيد جاذبية المنطقة في مجال استقطاب الاستثمارات الأجنبية, تؤدي على المدى المتوسط إلى تعزيز تكامل اقتصادي حقيقي بين دول المنطقة, تقلص تبعيتها الخارجية وتوفر لديها سيولة أكبر للإنفاق على التنمية. خاصة أنّ المنطقة تمتلك شروط التكامل بين الطاقة والزراعة والمعادن والسياحة والصناعة والخدمات, ما يجعلها مستفيدة من الوضع الدولي بسبب موقعها الجغرافي وانفتاحها الثقافي في الفضاء الأورو - متوسطي. وفي الواقع يمكن للدول المغاربية، إذا رغبت وصممت، أن تغيّر الوضع القائم وتقود المسيرة نحو تحقيق الأهداف المرجوة بتبنّي إدارة حكم جيدة، وسياسات إصلاح عادلة لصالح الفقراء والطبقات الوسطى، وإدارة موارد نشطة وفاعلة، وتحديد أولويات واضحة ودقيقة للتنمية، وتبنّي برامج الإصلاح الاقتصادي القادرة على خلق فرص عمل تمتص الداخلين إلى سوق العمل، وتستقطب نسبا متزايدة من صفوف العاطلين عن العمل، ومعالجة الفجوات بين المدن والأرياف. إنّ نجاح الخطط التنموية المغاربية ومواجهة تحديات العولمة واقتناص فرصها، يتطلبان توفير شروط كثيرة، تأتي في مقدمتها توفير مؤسسات ديمقراطية تمكّن المواطنين المغاربيين من المشاركة في صياغة مستقبل أوطانهم والمفاضلة، بحرية ووعي واستقلالية، بين الخيارات التنموية المتاحة وطرق ووسائل بلوغها، وبالتالي إجراء مفاضلة صحيحة بين الأعباء والمردودية المتوقعة لكل من هذه الخيارات. مما يتطلب ضرورة الانطلاق من الأهداف والمنطلقات التالية: (1) ـ رفع مستوى الأداء الاقتصادي، أي رفع مستوى الإنتاجية وزيادة حجم الإنتاج المغاربي، ضمن نمط قطاعي متوازن قدر الإمكان. (2) ـ إتاحة المزيد من السلع والخدمات التي تلبي الحاجات الأساسية للشعوب المغاربية. (3) ـ توفير فرص العمالة المنتجة ومحاولة خفض البطالة، المكشوفة والمقنّعة، وتعبئة المزيد من الموارد البشرية بما يؤدي إلى تأمين المزيد من القدرة الشرائية في يد العدد الأكبر من المواطنين المغاربيين. (4) ـ إصلاح نمط توزيع الدخل داخل الأقطار المغاربية. (5) ـ تقليص الفجوة التنموية بين أقطار المغرب العربي. (6) ـ تطوير قدرة البيئة الاجتماعية والثقافية والسياسية، بحيث تستطيع أن توفر للاقتصاد الأفكار والمعارف والمواقف والمؤسسات الضرورية للتحرك الاقتصادي بكفاءة، بحيث يكون نموه وتحسن أدائه متواصلا. (7) ـ بمواكبة كل ذلك تحقيق مشاركة شعبية واسعة، واتخاذ القرارات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المتصلة باستراتيجيات وسياسات التنمية. لا حلول سحرية، ولا بدائل معلبة، لكنّ الانطلاق الحقيقي والشجاع في هذه المواجهة العصيبة، يبدأ بإقامة نظام تعددي ديمقراطي سليم، يؤسس دولة الحق والقانون، ويضعها تحت الرقابة والمحاسبة والمساءلة، ويقر استقلال القضاء وتداول السلطة واحترام الآراء المتعددة والمختلفة، ويطلق حرية الصحافة والرأي والتعبير. إنّ هذا النظام الديمقراطي وحده قادر على طرح رؤية سياسية اقتصادية اجتماعية وطنية، تعتمد التنمية الشاملة بمشاركة القطاع الخاص، وإعادة تأهيل القوة البشرية الهائلة، مع تحديث المنظومة الثلاثية المعروفة، وهي التعليم والثقافة والإعلام. في سياق كل ذلك فإنّ الاعتماد على الذات مغاربيا يحتاج إلى حرية انتقال عوامل الإنتاج المغاربية من رؤوس أموال وقوى عاملة ومنتجات، كما يحتاج إلى ترشيد العلاقات الاقتصادية مع العالم الخارجي ووضعها على أسس متكافئة نسبيا، بحيث يمكن تحقيق مزايا جماعية لأقطار المغرب العربي من خلال: (1)- نقل وتوطين التقنية والمعرفة العلمية بالشروط الملائمة. (2)- تنمية القدرات الذاتية وتوسيع إمكانات التصنيع المحلية. (3)- تنمية الصادرات المغاربية المتنوعة وتقليص الاستيراد من البلدان الأجنبية إلى حده الأدنى، وزيادة حجم التجارة المغاربية البينية والتبادل التجاري مع الدول النامية. وهكذا، فإنّ التنسيق والتكامل المغاربيين يمكن أن يخلقا إمكانية تنمية حقيقية تلبي الحاجات الأساسية للشعوب المغاربية، وتضمن استقلال الإرادة المغاربية. إذ أنهما ينطويان: أولا، على إمكانية تطبيق مبدأ الميزة النسبية بالنسبة إلى إنتاج كل من الأقطار المغاربية، وما يترتب على ذلك من زيادة في الكفاءة الإنتاجية، وذلك بأن يتخصص كل قطر في إنتاج السلع التي يتمتع فيها بالكفاءة الإنتاجية. وثانيا، زيادة فرص التوظيف الكامل، فبعض البلدان المغاربية تعاني من انتشار البطالة، بينما يعاني بعضها الآخر من نقص الأيدي العاملة. وثالثا، تقليل المخاطر الناجمة عن التنافس في التجارة الخارجية بين الأقطار المغاربية ذات الإنتاجية المتشابهة، وما يستتبع ذلك من زيادة في قدرة هذه البلدان على المساومة للحصول على أسعار أفضل وشروط أفضل في تسويق حاصلاتها. ورابعا، تمكين المغرب العربي من اللحاق بركب الدول المتقدمة، عن طريق التخطيط المشترك لتسريع النمو الاقتصادي ورفع المستوى المعيشي للمواطنين المغاربيين. إنّ المسألة ذات التأثير البالغ على مستقبل التنمية المغاربية تتمثل في عدم الفصل التعسفي بين السياسة والاقتصاد، فالكثير من أسباب فشل التنمية يعود إلى الوهم بإمكان تعجيل التنمية الاقتصادية في غياب تحرك واضح في اتجاه التحديث السياسي. وثمة قضية هامة أخرى تتمثل في الموقف من القطاع العمومي، إذ أننا نعتقد أنّ أية تنمية مغاربية ناجحة في المستقبل مرهونة بالمحافظة على دور هذا القطاع في الاقتصاد الوطني، خاصة في المشاريع الاستراتيجية. إذ أنه لابد من تدخل قوي لسلطة الدولة في وضع المعايير والقوانين والسياسات، وفي جمع الموارد المالية وتوزيعها، وفي إعداد البرامج الاجتماعية ومراقبتها من أجل ضمان الرفاهية للشعوب المغاربية. وأخيرا من المفيد الاستئناس بمطالب " ميثاق مغرب الشعوب " الذي صادق عليه المنتدى الاجتماعي المغاربي في ختام دورته الأولى في 28 يوليو/تموز2008 بالمغرب، وخاصة: فتح الحدود وحق الأشخاص في حرية التنقل داخل الفضاء المغاربي، والاندماج الاقتصادي للمنطقة المغاربية والتقسيم العادل للثروات، وتطوير الحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحريات الفردية والعامة والدفاع عنها، وإرساء نظام تربوي مغاربي يشجع على البحث العلمي المشترك مع تخصيص الإمكانيات الضرورية لتطويره، وحق المواطنين والمواطنات في التمتع بالخدمات العامة ذات الجودة. تفعيل الاتحاد المغاربي اتحاد المغرب العربي إلى أين ؟ سؤال بات تقليديا ولكنه ما انفك يعود في كل مرة مع حلول الذكرى السنوية لإعلان هذا الفضاء قبل تسعة عشر عاما في مدينة مراكش عام 1989، ليظل عالقا في كل مرة دون جواب مقنع حول الآفاق المستقبلية للاتحاد المغاربي، وهو الذي حمل إعلانه لمختلف شعوب المنطقة الكثير من الأحلام والآمال بأنّ المنطقة المغاربية باتت على وشك تغيير جذري في واقعها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والسياسي، وهو مشروع طموح في ظل مختلف التكتلات الإقليمية والدولية ذات الصبغة الاقتصادية والسياسية والأمنية القائمة في العالم، قبل أن يتضح، على مدى مسيرة الاتحاد، أنّ كل تلك الآمال كانت مجرد سراب، بعد أن ظل الاتحاد عاجزا عن تلبية الأهداف التي جاء من أجلها، وذلك في ظل استمرار تباين مصالح الدول المغاربية المعنية وتباعدها أمام توفر فضاءات إقليمية أوسع، قد تغري دول المغرب العربي بالسعي لتحقيق مصالحها الاقتصادية والتجارية وغيرها مع القوى الأقدر على فرض موقعها على الساحة الدولية، سواء في علاقاتها الثنائية مع الدول الأوروبية، أو حتى ضمن الفضاء الأورو – متوسطي، أو كذلك الفضاء الأمريكي، أو حتى الفضاء الآسيوي. إنّ بناء المغرب العربي هو طموح شعبي لسكان المنطقة، وأي تجاهل لهذا الطموح هو ازدراء بالرغبة الجماعية للتوحد. وهو يشكل فرصة نادرة لتنمية المنطقة وتحقيق الرفاهية لشعوبها، فكون المنطقة جذابة لرؤوس الأموال الخارجية الراغبة في الاستثمار يؤشر على إمكانيات دعم النمو وتطوير التجارة البينية وخلق فرص العمل ورفع الحواجز عند الحدود. وبالمقابل، فإنّ غياب مغرب عربي موحد هو فشل اجتماعي- اقتصادي بالنظر إلى الفرص التي يتم تضييعها وعدم استغلال عوامل التكامل. كما أنّ بناء المغرب العربي هو كذلك حاجة أمنية ملحة، بالنظر إلى الأخطار المتعددة التي تحيط بالمنطقة وبأمنها الجماعي واستقرارها من قبيل الإرهاب والهجرة غير القانونية وتهريب البشر والمخدرات والأسلحة، وهي أخطار عابرة للحدود ولا يمكن لأية دولة بمفردها مواجهتها في غنى عن التنسيق والتعاون مع الدول الأخرى، إنه خطر واحد يستوجب استراتيجية موحدة وتنسيقا وتشاورا وتحركا جماعيا. ومن المفارقات المغاربية أنّ السفير الأمريكي في تونس قد اعتمد على بعض إحصائيات البنك الدولي، الدالة على إمكان المغرب العربي أن يحقق ارتفاعا في الناتج المحلي الخام بنسبة 50 في المائة لكل مواطن بحلول العام 2015، إذا أقدم على الإصلاحات المطلوبة وحقق اندماجا اقتصاديا أفضل. وقال السفير: أنه غالبا ما يجد نفسه أمام سؤال متكرر عن سبب تردد بلاده في مزيد الاستثمارات في المنطقة، واعتبر أنّ جزءا من الإجابة مرتبط بحجم التبادل التجاري المحدود بين دول المنطقة، وشدد على أنّ مزيدا من الاندماج بين دول المنطقة من شانه أن يساعد على تطوير استراتيجية صلبة للتصدير، وأنّ الدول الغنية مثل ليبيا والجزائر بإمكانها أن تستفيد من التنوع الاقتصادي الإقليمي للمنطقة، فيما بإمكان دول مثل المغرب وتونس أن تحظى بوجود سوق أكبر للخدمات. ولا شك أنّ إقامة منطقة للتجارة المغاربية الحرة سيؤثر بشكل كبير على التجارة البينية في المنطقة، بحيث سترتفع الصادرات من تونس إلى المغرب بحوالي 15 بالمائة، بينما سترتفع صادرات تونس إلى باقي الدول المغاربية بـ 124 بالمائة. وستشهد الصادرات من المغرب إلى تونس ارتفاعا في حدود 136بالمائة و54 بالمائة بالنسبة لباقي الدول، وسترتفع صادرات دول المغرب الأخرى نحو المغرب بـ 30 بالمائة و93 بالمائة بالنسبة لتونس. إنّ ما يبعث على الاطمئنان - نسبيا - أنّ أكثر الإكراهات تحديا يفرض النزوع إلى معاودة تفعيل البناء المغاربي، فبعد أن كانت الخلافات إزاء التعاطي مع تنامي التطرف والإرهاب تضع مفارق طرق بين العواصم المعنية أصبحــت " مغربة " هذا الهاجس قضية مشتركة بين الأطراف كافة، إلى درجة أنّ الفرقة السابقة باتت تحتم المزيد من التنسيق وتبادل المعلومات والخبرات. وبعد أن كان نزاع الصحراء حاجزا أمام أي انفراج في العلاقات المغربية - الجزائرية، الطرفين الرئيسيين في معادلة البناء المغاربي، صار في الإمكان ترحيل خلافاتهما إلى حسم الأمم المتحدة. والمفارقة القائمة هنا، أنه فيما أخفق الاتحاد المغاربي في تحقيق الحد الأدنى من النجاح في مساره طيلة السنوات الماضية، يلاحظ أنّ بعض دوله نجحت في تنفيذ اتفاقات شراكة اقتصادية مع أطراف ودول وتجمعات خارجية لإقامة مناطق تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك مع دول عربية، كما هو الحال في " اتفاق أغادير " التجاري الذي يتعلق بأربع دول هي: المغرب وتونس والأردن ومصر، ترتبط كلها باتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي، وتسعى معا إلى خفض الرسوم الجمركية تدريجيا على كل السلع والمنتجات في دول المنشأ، وصولا إلى إلغائها كاملة قبل العمل بالمنطقة التجارية الحرة الأورو - متوسطية في العام 2012. إنّ فرضية فصل السياسة عن الأمن لا تكتمل، مهما اتخذ التنسيق والتعاون الأمنيان أبعادا ملحة وضرورات مفروضة. بيد أنها يمكن أن تشكل أحد المداخل الرئيسية للتعمق في قراءة الملفات المنسية أو المغيبة، وقد يكون من المفارقات أنه في الوقت الذي ما زالت فيه الدول المغاربية تفرض الحواجز أمام تنقل الأشخاص والبضائع والممتلكات، طالما أنّ كل دولة تلتزم قوانينها الخاصة في هذا المجال، تنزع حركات متطرفة إلى اختراق تلك الحواجز من خلال التنسيق واستقطاب المناصرين. وهكذا، ما عجز عنه الاتحاد المغاربي سياسيا قد يبدأ في إنجازه أمنيا، شرط أن يرتبط الأمن بالسياسة والاقتصاد، ومعاودة انبثاق الدور الغائب لمنطقة سيقارب سكانها 100 مليون قريبا. إنّ خيار المغرب العربي استراتيجي ومهم في هذه المرحلة، وستعمل الحكومات المغاربية، كما وعدت مؤخرا، على تفعيل اتفاقات التعاون بينها لقيام سوق مغاربية مشتركة، وإلغاء تدريجي للحواجز الجمركية، وتحرير التجارة وتنقّل رؤوس الأموال والاستثمارات وتطوير دور القطاع الخاص، وإشراك رجال الأعمال والفاعلين الاقتصاديين ومنظمات المجتمع المدني. ولا شك أنّ قيام السوق المغاربية المشتركة في مجال الاتصالات والطاقة، والتحرير المالي والمصرفي، سيجلب إلى المنطقة استثمارات كبيرة تحتاجها للتنمية المحلية، وتقليص معدلات الفقر وتوفير فرص عمل جديدة، إضافة إلى تعزيز القدرة التفاوضية للدول المغاربية مع الاتحاد الأوروبي، وفسح المجال للإفادة من منافع العولمة وتحرير الأسواق الدولية. إنّ الدول المغاربية مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بإيجاد أرضية اقتصادية وتجارية مشتركة، بعيدة عن المؤثرات السياسية، تجسد شبكة من المنافع والمصالح الاقتصادية المتبادلة بينها، تمهد الطريق أمامها لتحقيق التكامل المنشود، الذي لن يحقق لكل دولة منها المزيد من القوة والمنافع فحسب، بل سيكون سبيلها للبقاء والوجود في عالم تتحكم به التكتلات والتجمعات الاقتصادية العملاقة. الحل الوسط في الصحراء الغربية بعد رحلة الشقاء الأيديولوجي وحرب الزعامات الإقليمية الخاسرة، والتوترات المفتعلة، وبعد أن اكتشف النظامان، في الجزائر والمغرب، تعثر تجاربهما التنموية، وبعد أن تبين لهما أنّ الأمن الإقليمي تصنعه إرادة الشعوب في الحوار والتعايش، لا افتعال الأزمات والتوترات، ألم يحن أوان النخب الثقافية والفكرية والسياسية الحرة والديمقراطية في التفكير في مستقبل العلاقات المغربية –الجزائرية ؟ أما حان الوقت لأن تبادر قوى المجتمع المدني إلى فك العزلة، التي تطوق الشعبين بسبب جريمة إغلاق الحدود، وإلى أن تعمل على إطلاق مبادرات التواصل والتبادل، خاصة وأنّ أوروبا أضحت تبحث، لخلق منطقة للتبادل الحر في المغرب العربي، عن شريك تجاري واقتصادي وسياسي متجانس ؟ أليست هذه القوى مجتمعة مطالبة، اليوم، بلعب دور تاريخي من خلال بلورة رؤى مشتركة للتعاطي مع الإشكاليات المستعصية التي تواجه البلدين: من فقر، وبطالة، وعنف سياسي، وحريات عامة، وإكراهات قادمة من الاقتصاد المفتوح وتدخل سافر للقوى الأجنبية في إعادة تشكيل المنطقة بما يخدم مصالحها الاستراتيجية، وأزمة الهوية داخل المجتمع، والحركة المتنامية للمواطنة الباحثة عن حلول لمعضلاتها، ومواجهة الأنظمة والدفع بها إلى دمقرطة المشهد السياسي وبناء المؤسسات الوطنية الديمقراطية القادرة وحدها، ومن ورائها القوى الاجتماعية بكل ألوان الطيف الذي تمثله، على تقرير مصير الشعبين. وفي السياق نفسه نتصور أنّ مواصلة العمل في مجال تفعيل مؤسسات اتحاد المغرب العربي المعطلة، يمكن أن يساهم بدوره في بناء اقتراحات إضافية معززة لآلية التفكير في إيجاد مخرج متوافق عليه. ذلك أنّ بناء برامج تنموية مشتركة سيساهم في إنشاء شركات ومؤسسات تدفع في اتجاه بناء اقتصاديات مغاربية مندمجة، وهو الأمر الذي تترتب عليه إمكانية وصول المنتجات الاقتصادية المغاربية والمنتجات المعدنية الجزائرية إلى موانئ المغرب في المحيط الأطلسي، فيصبح المستفيد من كل ما سبق هو مجتمعات المغرب الكبير. ربما كان خطأ المتعاطين مع نزاع الصحراء أنهم لا ينتبهون إلى هذا التعايش، الذي استمر أكثر من ثلاثين سنة، تغيرت خلالها معطيات دولية ومفاهيم سياسية، وفتحت أجيال جديدة عيونها على الواقع، من دون حدوث تغيير في المواقف. إنّ مقترح الحكم الذاتي الموسع في الصحراء، الذي قدمه المغرب ورحّب به المجتمع الدولي، جاء لكسر الجمود وطي صفحة الماضي، وهو يستجيب لقاعدتين أساسيتين: أولاهما، اعتبار أنه في كل صراع ليس هناك طرف يمكن أن يأخذ كل شيء، مهما كانت شرعية حقوقه. وثانيتهما، أنّ هذا الحل يعتبر أنّ القضية يمكن أن تُحَلَّ على أساس خلق وضعية خاصة، تسمح للسكان بتدبير شؤونهم اليومية دون الارتقاء إلى شخصية دولية منفصلة. إنه الخيار الأفضل لحل هذا المشكل بشكل نهائي وطي صفحة الماضي والتوجه نحو المستقبل، لرفع تحديات الإصلاح السياسي وتحديات التنمية الشاملة وبناء مغرب عربي موحد، متضامن ومتماسك، بدل السعي وراء بلقنة المنطقة، لتحقيق مصالح ذاتية ضيقة والبقاء رهينة لأيديولوجيات بالية صارت جزءا من الماضي ولم تعد تصلح للحاضر والمستقبل. ولاشك أنّ مفتاح هذا الحل الوسط هو بيد المغرب والجزائر، باعتبارهما اللاعبين الأساسيين في المعادلة والقادرين عبر توافر الإرادة السياسية على تحقيق التوافق بشأن حل قضية الصحراء وتسويتها سلميا وطي صفحتها, قبل أن تنفجر وتعبث بها الأيادي الخارجية. وهذا الحل الوسط لن يساهم فقط في إنهاء المشكلة، بل من شأنه أن يقود إلى إعادة تطبيع العلاقات بين البلدين وتطويرها، ومن ثم إعادة إحياء اتحاد المغرب العربي. إنّ التوازن الحقيقي في المنطقة لن يُبنى بمنطق من يقود ومن يتبع، وإنما وفق منظور التحوّلات الدولية التي تؤكد استحالة العيش في انغلاق. فأية قضية تُحل عبر الحوار، وأية مقاربة لا تنشد المفاهيم المستقبلية محكوم عليها بالفشل. وعسى أن يتعزز الاقتناع بأنّ حل المشاكل الإقليمية والمحلية من خلال البدء في إقرار تنظيمات اللامركزية هو الأفضل، سواء اقتصر الموضوع في مرحلة أولى على إقليم الصحراء بسبب طول أمد النزاع، أو تعداه في وقت لاحق ليصبح منهجية عصرية في إدارة الشؤون المحلية في أرجاء المنطقة المغاربية كافة. إذ أنّ التجارب الإنسانية، التي اتخذت هذا الاتجاه، أوضحت الفرق بين انتكاس بناء الدولة المركزية، الذي يزيد في الأعباء كما في تجارب الدول الجنوبية لحوض البحر المتوسط، وبين التطورات التي عرفها الاتحاد الأوروبي في ضوء الحفاظ على خصوصية مكوّناته وتنوعها. تكلفة اللامغرب الأوضاع المغاربية والعربية والدولية تفرض علينا اليوم أن نتعامل معها بأدوات مختلفة، تلغي الأمزجة الشخصية والحسابات الضيقة والمشاحنات الظرفية، حتى نحقق هذا البناء المغاربي الذي حلم به الرواد المؤسسون. إذ أنّ الإيمان بالمغرب العربي يتنافى مع الحسابات الجيو - سياسية القطرية، ضيقة الأفق، التي لا تتسع لرحابة المستقبل ولا تعكس الإرادة الحقيقية للشعوب. فلو كان هناك مجلس تأسيسي مغاربي منتخب ديمقراطيا وطُلب منه الإدلاء برأيه في القضايا التي تعيق مسيرة البناء المغاربي، لحسم دون تردد لصالح الوحدة والديمقراطية، اللتين بدونهما لا يمكن تحقيق أية تنمية. وهكذا، يحدونا الأمل بأنّ دول المغرب العربي، التي تتوفر على إمكانيات مهمة ومؤهلات هامة، ستكون قادرة على التعاطي المجدي مع التحديات والصعاب، إذا كثّفت جهودها من أجل إقرار الآليات الكفيلة بالسير قدما نحو الاندماج.
#عبدالله_تركماني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حقوق الإنسان في التشريعات العربية
-
حوار الثقافات .. إلى أين ؟
المزيد.....
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
-
عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|