|
ماذا يعني أن تكون في هيئة تحرير الحوار المتمدن؟
شاكر الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 2490 - 2008 / 12 / 9 - 10:16
المحور:
ملف مفتوح بمناسبة الذكرى السابعة لتأسيس الحوار المتمدن -دور وتأثير الحوار المتمدن على التيارات و القوى اليسارية والديمقراطية والعلمانية
قبل أكثر من ست سنوات وصلت الدنمرك لاجئا سياسيا معترفا به من قبل الأمم المتحدة . وصلت هذا البلد الحلم وأنا أشد توقا لمكان آمن يخفف عني عبء سنوات من القلق والهروب والاختفاء والسجون والتهديد بالقتل والاختطاف والجوع ، وبعد رحلة لعل وصفها برحلة العذاب لا يكفي لشدة قسوتها ولأن الموت كان قاب قوسين أو أدنى مني ومن عائلتي بعد رحلة الهروب ومساومات تجار البشر. وصلت الدنمرك وقد حملت معي إرثا سياسيا وفكريا وتجربة حزبية لها وطأة كبيرة على كاهلي وعلاقاتي وأسلوب كتابتي ، هي تجربة تستحق أن يقال عنها أنها تجربة الاتجاه الواحد فكرا وممارسة، فالحل واحد ولاشيء سواه ، . كان أول من استقبلني هو الزميل رزكار الذي تعرفت إليه في السليمانية في عام 1998 حيث عاد في زيارة قصيرة وكنا ننتمي إلى حزب سياسي واحد وبعد ذلك عرفت أنه قد ترك الحزب مستقيلا وباشر بالعمل في موقع الكتروني ( الحوار المتمدن) لم أكن أجيد الوصول إليه لعدم معرفتي بالانترنيت والكومبيوتر ولقلة أو انعدام إمكانية دفع تكاليف استخدام الانترنيت في تركيا . من رزكار عرفت أن مشروعه يهدف إلى إعادة التعريف باليسار والاشتراكية والحركة العمالية والنقابية وتنظيمات اليسار ودعمها إعلاميا رغم الاختلافات التي يمكن تأشيرها بسهولة بين التنظيمات المذكورة والتي تصل حد التكفير والإلغاء وعدم الاعتراف بعضها البعض فلكل منها رؤيته ومنهجه وممارسته ،هي الصحيحة وما سواها خطأ . كنت أنتمي إلى مثل هذه التنظيمات وكنت المس انهياراتها المتواصلة وكيف تأكل كوادرها وأعضاءها. فمشكلتها الأساسية لا ترتبط بالمجتمع وما يدور بداخله قدر انشغالها بما يدور داخلها من صراعات فكرية وتنظيمية كانت تزيد من تعقيد أوضاعها وتزيد من ضعفها السياسي والتنظيمي ،إذ كانت تسعى لخلق مجتمعها أولا ومن ثم تصديره للمجتمع الآخر الذي تتواجد فيه . من هذا المنطلق كنت لا أستسيغ وجود كلمة نقد بحق الحزب الذي أنتمي إليه أو بحق قيادته في أي مكان فكيف أذا كان في الحوار المتمدن وكنت لا اخفي غضبي من رزكار الذي كنت أعده شريكا في وجود ونشر هكذا انتقادات.
كان رزكار لوحده في بادئ الأمر وقد التحقت به بيان صالح بعد ذلك ثم التحقت أنا بهم بعد تفكير وصراع طويل مع الذات ، فالخطوة تعني الكثير بالنسبة لي شخصيا. لم يكن الأمر سهلا في بداية الحال مع الحوار المتمدن بل كان كما قلت صراعا قويا وواجه معوقات كثيرة يجب تذليلها حتى أتمكن من العمل وانجاز شيء ما أريده لنفسي . لم تنقطع الحوارات فيما بيننا كمجموعة حتى نصل إلى درجة معينة من الانسجام الذي ينتج عملا مثمرا ويشار إليه بالبنان. ضخامة العمل الذي نقوم به تجعلنا نعجز عن أنجاز الكثير من الأشياء التي وضعناها في سلم أولوياتنا وكان لابد من وجود أشخاص يشاركوننا في هذا العمل . الأمر صعب جدا وحساس بشكل كبير خصوصا وأن الحوار المتمدن قد أصبح هدفا للحجب في عدد من الدول العربية وكذلك هدفا للتخريب من قبل ممثلي الله وحراس شريعته على الأرض.. جاء سفيان ثم حميد كشكولي ثم فواز ، توسع قسم الأخبار وليكون له من يديره أيضا ، محمد لولة وعثمان وعمر الخطاط وليتوج كل هذا الجهد بلوحات فنية غاية في الجمال والتعبير تبدعها أيادي الفنانة العراقية الأصيلة نسرين نشابة.
أن تعمل بشكل جماعي وفي مجال الصحافة والإعلام فان الأمر لا يقترب من الروتين المعهود في الصحافة والإعلام اطلاقا ، بل أنه أسلوب عمل جديد ربما تكون الصحافة الشيوعية قد عملت بموجبه في مراحل مختلفة كالايسكرا مثلا. ليس ثمة مدير تحرير أو رئيس تحرير يصدر قرارات وينتهي الأمر، بل أن كل ما ينشر لابد وان يلقى موافقة الجميع أن كان فيه ما يدعوا إلى التوقف وإعادة القراءة والمراجعة. أن أسلوب عمل كهذا سيدفع القارئ لاكتشاف أن هذا الموقع مختلف عن الكثير من المواقع التي تزخر بها الشبكة العنكبوتية وأن فيه مساحات واسعة لكل الآراء .
أن تعمل في الحوار المتمدن لا يعني أنك تتخلى عن أفكارك ومبادئك ، بل على العكس من ذلك فما تتعامل معه من أفكار ورؤى فكرية وسياسية مختلفة ومغايرة يجعلك لا تتردد عن التعبير عن كل ما بداخلك ولكن دون تطرف أو إلغاء فمثلما تريد أن تعبر وتقول وتكتب وتوصل رأيك فان من حق الآخر أن يعبر عن رأيه. ومن هذا المنطلق بدأت بمراسلة العديد من الكتاب والباحثين العراقيين وفي مختلف المجالات ودعوتهم لنشر نتاجاتهم وأفكارهم الخلاقة والمبدعة في الحوار المتمدن وقد لبى دعوتي الكثير منهم ولعل وجود الأستاذ الدكتور قاسم حسين صالح معنا ككاتب في الحوار المتمدن من خلال دراساته وأبحاثه القيمة يشكل أمرا من حقي أن أعتز به بشكل كبير دون أن أخفي اعتزازي بوجود عدد كبير من الكتاب والأدباء العراقيين ومن أبناء مدينتي ( الناصرية) الذي وجدوا في الحوار ساحة يديمون فيها نتاجاتهم وإبداعاتهم بأمان وبإحساس عال بالمسؤولية .
كنا نسعى لتطوير حواراتنا المتواصلة حول الحوار المتمدن والأهداف التي يسعى إليها ومواقف الكتاب والتيارات اليسارية والاشتراكية ، من هذه النقطة قد بدأنا في التخطيط لإطلاق حملة العمل المشترك بين القوى اليسارية والديمقراطية في العراق والتي كان لي شرف كتابة مسودتها الأولى وتم تطويرها بما يمكنها من أن تكون رسالة لكل من يهمه أمر اليسار والديمقراطية بتأكيدها على ضرورات ملحة وبناءة تمكن اليسار والقوى الديمقراطية من البروز كقوة وكبديل أساسي في العراق والمجتمعات العربية . الحملات التي تم اطلاقها والملفات التي يطرحها الحوار المتمدن كانت نتيجة حوارات طويلة فيما بيننا في إدارة وتحرير الحوار المتمدن ومشاركة العديد من الكتاب . إن هذه الحوارات قد انعكست وبشكل مباشر على آليات النشر والتحرير. فما ينشر من مواضيع يعكس حالة من الحوار الذي لابد من اتمامه والوصول به إلى نتائج لا يستطيع أحد أن يقلل من أهميتها . الحوار الذي نتحدث عنه كان يتم وبشهادة الكثيرين بطرق مشحونة بالعداء والشتائم والتحقير في كثير من الأحيان.ولعل الحوارات واللقاءات التي حصلت بين عدد من القوى اليسارية والديمقراطية في العراق والنتائج التي تمخضت عنها تلك الحوارات كانت حصيلة جهود طويلة ولكنها كانت نقطة شروع أساسية تميزت بعقلانيتها وواقعيتها بدأت من الحوار المتمدن ، نتمنى ونسعى لان تكون أرضية مناسبة لان تبادر كل القوى اليسارية والديمقراطية في العراق للنزول من عليائها وأبراجها العاجية ومساوماتها من أجل الفتات والمشاركة فيها بجد وحرص يكون الهدف الأساسي منها إنقاذ المجتمع من الظلامية والتطرف الديني والتعصب القومي الأعمى الذي أوصل العراق وكل المجتمعات الأخرى إلى حافة الانهيار وسحق التاريخ النضالي لأبناء هذه المجتمعات والحركات الاجتماعية المختلفة فيها من أجل التحرر والعيش بمجتمع آمن يليق بكرامة الإنسان. أطلقنا حملات متعددة وفتحنا ملفات كثيرة وحساسة جدا وواجهنا هجمات شرسة متطرفة لا تحمل سوى التهديد والوعيد والتخوين والتآمر والعنصرية...
اليوم يكون الحوار المتمدن قد دخل عامه الثامن بمجموعة من المشاريع والرؤى والآمال الكبيرة والهموم الإنسانية. حققنا الكثير ومن حقنا أن نفخر بانجازاتنا التي ستكون في المحصلة النهائية انجازات كل إنسان تواق للحرية والسلام و العدالة الاجتماعية. إن إشاعة ثقافة الحوار والاعتراف المتبادل بالرأي والرأي الآخر وتحويل تلك الثقافة إلى ممارسة حياتية واجتماعية سيبقى هدفا أساسيا لنا مثلما هو هدف للكثير من الناس الذين اكتووا بنار التعصب والتفرقة وامتهان كرامة الإنسان ، أن الحوارات والجدالات السياسية والفكرية التي تدور بين العديد من الكتاب والمفكرين حول مختلف القضايا بطرق متحضرة واحترام عال لإنسانية وأفكار المتحاورين ، كان مسعى وهدفا للحوار المتمدن ولم يزل يسعى من أجل جعله ظاهرة واسعة الانتشار . لغة الحوار والتفاهم بروح متمدنة كفيلة بحل الكثير من الأزمات وتعميق الجدية في العمل من أجل تحقيق آمال وطموحات الإنسان المعاصر.
#شاكر_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جديد السعودية ...حملة الرفق بالإنسان...!!!!
-
يا سيادة الرئيس ، هذه دروس لاقدرة لنا على تحملها ...!
-
لقد عاد.. كشاهد وليس كشبح ..عن صورة ماركس في غلاف ملحق جريدة
...
-
الاعدام عقوبة وجريمة وحشية ياوزارة حقوق الانسان في العراق
-
ما لايفهم في تصريحات أشاوس البرلمان العراقي حول حقوق الاقليا
...
-
لكي لا تتحول فتاوى حراس الشريعة إلى قيود تكبل آمالنا
-
كلكم من طينة واحدة ، يا قرضاوي!
-
ياجلالة الملك... مبروك لك هذه البلابل المغردة...!!!
-
ضحايا الدويقة... من يشوه صورة مصر؟
-
الاحزاب السياسية في العراق وعقدة الزعامة التاريخية
-
فرقة مقامات... حين تخترق الموسيقى جدران العزلة
-
في مدينتنا حوزة
-
هل العراق دولة إسلامية أم علمانية..؟
-
طالباني وباراك و الاشتراكية الدولية
-
عن الأسود والحملان في عراق جلال الدين الصغير
-
إلى متى الصمت عن مآسي النساء في البصرة؟
-
حرائق الطائفية في العراق...الجزء الثاني
-
حرائق الطائفية في العراق...الجزء الاول
-
المصالحة والتعايش ...أستغاثة الافكار من سطوة الاسلحة
-
من يحكم من... النزعات الانسانية أم التعصب القومي؟؟؟؟
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
المزيد.....
|