قرنفلة حمراء للنصيرات بمناسبة 8 آذار

هادي الخزاعي

الحوار المتمدن-العدد: 767 - 2004 / 3 / 8 - 05:41
المحور: ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2004 يوم المرأة العالمي
    

حينما قامت حركة أنصار الحزب الشيوعي العراقي , كشكل رئيسي من أشكال نضال الحزب ضد الدكتاتورية الفاشية في العراق ,عند نهاية سبعينات القرن الماضي, استجاب الآلاف من الشيوعيين وأصدقائهم لنداء الحزب. هناك من ترك مقاعد الدراسة الجامعية في خارج العراق وهو في آخر مراحلها, وهناك من ألتحق من داخل العراق , طلاب وعمال وكسبة وموظفون وعسكريون ومثقفون (أطباء ومهندسون وكتاب وفنانون وصحفيون وأخصائيون في مختلف المجالات).
كانت البداية صعبة رغم التجربة الغنية التي يمتلكها الحزب في هذا الميدان النضالي تأريخيا, فالأنصار هذه المرة لم يكونوا فقط من أبناء المنطقة الكردستانية (كري منطقه),ولكنهم هذه المره من مختلف مناطق العراق, من مناطق لم يألف أبنائها لا الثلج ولا وعورة الجبل, من البصرة,المعقل,خمسه ميل,القرنه, العماره,الناصريه,الديوانيه,الكوت,الحي,سوق الشيوخ,الشطره,الدغاره,العزيزيه,الهور,السماوه,الجبايش,المشخاب,الشاميه,الحمزه,عفك وكل مناطق الوسط,من النجف والكوفه وكربلاء والحله وبغداد والرمادي وهيت وعنه وتكريت وراوه وديالى وشهربان, صعودا الى المناطق الكردستانيه التي شكل الأنصار من أبنائها نواتاة هذه الحركة السياسية المسلحه. تكمن صعوبة البدايه لغير أبناء كوردستان, في أنهم كانوا لايجيدون من اللغة الكوردية, سورانية كانت أم بهدينيه, سوى عدة كلمات شائعة كان يجري تداولها في الشارع العراقي, وفي مجموعها لاتشكل أي شيء, بل أنها لاتقدم ولا تؤخــــــر. وكذلك كان عليهم ترتيب كل متطلبات حياتهم اليومية بأنفسهم,اللوجستيه والأجتماعية والثقافية والأمنية والعسكرية ومتطلبات عديده أخرى كبناء المقرات وقطع الأخشاب لأغراض الطبخ اليومي وعمل المئات من أرغفة الخبز وغسل الصحون والملابس,ولا يمكن لهذا التعداد أن ينتهي , لأن المهمات اليومية لا تنتهي. كان على هذا الجيش اللجب أن يصنع المستحيل حتى لا تتعثر مهمته..تعلموا اللغة بأوقات قياسية, حتى أن قسما منهم أجادوها لدرجة أن أبناء القرىلايصدقون بأن هؤلاء من العرب, بل أن بعضهم جرت تكنيتهم من قبل أهالي القرى باسماء كوردية, كعباس رش(عباس الأسود)ووسام سكيري(نسبة الى قرية سكيرالكوردستانيه)وسامي طروانش(سامي الحامض).. بأختصار يظلم الحكايه.. كان هؤلاء الأنصاريصنعون حياة هي أشبه بحكايات الف ليلة وليله ,لما فيها من الغريب والعجيب. الى هنا ونحن لم نسمع أو نتحدث ألا بالصفة الذكورية, أفلم يكن للمرأة من حضور؟! بلا, فهي الحاضرة الحاضرة,ولولاها لما كان يعولعلى حركة الأنصار,التي هي مرجل التغيير,بالتغيير. فالبيت الذي لا يؤنث, لايعول عليه,كما قالها أبن عربي وهومحق كل الحق.
لقد أنثت النصيرة الشيوعية تلك الحياة الصبخة.. تلك الحياة التي كانت تسبح في غابة حجرية.. تلك الحياة التي أنشدتها جبال كوردستان كأغنية جميلة في نايمسحور بالحرية وحب الناس والوطن.. تلك الحياة التي كان دولاب أيامها يسيرعلى أيقاعات يختلف أولها عن ثانيها.. كن النصيرات يملأن فراغات تلك الحياة..فكن الأخت والأم والرفيقه.. كن كطائر الفينيق ينهضن بتلك الحياة من الرماد.. فكم من المرات دوى صوت الشهيد أبو كريم في مدخل كلي كوماته( واديكوماته)وهو يبشربطريقته الخاصة,أول مولودة بين الأنصاربهديتها.. لقد كن كما كن يأملن أن يكونن.. شجاعات بكل ما في القلب من صدق.. حتى أستحى البعض من بسالتهن في القتال.. جريئات حد الشهادة المبرره.. واثقات من خياراتهن , لا يشعرك أبتسامهن ألا بصدق خيارهن لحياة الأنصارالممتدة جهدا من النهوض الصباحي في الفجر حتى تسدل الأجفان.
كن النصيرات يشاركن الأنصاربكل الأنشطة, فالطبيبة أم هندرين ما كانت ترهن خبرتها الطبية للأنصار فقط,فلأهل القرى جزء من تلك الخبرة,أما سمر الطيبة التي تذيع الأخبار من أذاعة الأنصار التي هي أذاعة الحزب,فلا تتأخر لو طلبت منها أن تشترك في عمل مسرحي, وهناك ليلى التي ساهمت في أغرب عملية جراحية بمستشفى للأنصار خالية من الشروط والمشارط,لما تطلب الأمر بترنصف قدما أبو حازم,وهنالك ..هناك العشرات من النصيرات الباسلات اللواتي كن أعظم نموذج للعراقيات اللواتي ينشدن للعراق ولناسه لحن حريته وخلاصه من قبضة الجلاد.
أجمل مناسباتهن كان يوم الثامن من آذار يوم وعيد المرأة العالمي.. كن في هذا اليوم يسهمن في الأحتفالات التي تقيمها مقرات الأنصارالشيوعيين المتناثرة في كوردستان طولا وعرضا وخصوصا تلك التي في الجبال, يستقبلن التهاني بهذه المناسبة من رفاقهن,وهن واثقات أن تلك التهاني ,أنما جادتها مشاعر حلو ومر درب الرفقة الطويل..هذا الدرب الذي تعمد بسيل من دم الشهيدات والشهداء الشيوعيين منذ أول الأرهاصات في العراق.أطرف تلك التهاني التي كن يتلقينهن بأعتزاز ,هي جكليتات الشهيد النصير أبو وسن العراقي,ونظرات أبو حسن بوريات المايعه,ورقة تهاني أبو حسن حبيب ألبي.
أستعيد بهذه المناسبة شيئا من ألق الحياة الأنصارية فاتقدم بأسم كل من غاب من الأنصارأو رحل بباقة قرنفل حمراء لكل نصيرات الحزب الشيوعي العراقي

#هادي_الخزاعي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات