|
هل تنبثق قوى معارضة في اقليم كوردستان؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2486 - 2008 / 12 / 5 - 10:02
المحور:
القضية الكردية
منذ اندلاع الثورات و الحركات التحررية الكوردستانية ، و الامور تجري وفق مركزية متشددة بحيث المسيطر على زمام الامور اما من الاسر الدينية او العشائرية ذات النفوذ الاجتماعي ، و لحد الامس القريب و اثارها باقية الى الان. و بعد التغييرات المتعددة الجوانب و المحاور في الوضع السياسي الاجتماعي الاقتصادي و الظروف الموضوعية العالمية و الاقليمية و الذاتية للشعب الكوردستاني ، حدثت تغيرات متوازنة في بنية السلطات و التناقضات التي برزت الخلافات و نتجت عنها العديد من الانشقاقات من بطن الحركة التي كانت حبلى بالعديد من العوامل الاساسية للصراعات و اكثرها كانت عنيفة و دموية ، و كانت التشقق و الانفصال من الاعلى الى الاسفل دائما و لم تكن للقاعدة الواسعة التي تمتعت بها اي راي معلوم و هي كانت تابعة الى القيادة العليا على طول المسيرة و التي ارتكز عمل هذه القيادة على المصالح الذاتية دون النظر الى الافاق البعيدة ، و شاهدت الحركة الكوردستانية العديد من الانتكاسات ، و لم تحرز النصر و النجاح النهائي او تحقيق اهدافها لحد اليوم . بعد تلقي الحركات التحررية الكوردستانية الضربات القاضية من السلطات المركزية الدكتاتورية وهذا ما اجبرتها على ترك الخلافات جانبا فوصلت الحال الى انبثاق جبهات كوردستانية و هدات من روعهم الى حدما و الا لكانوا لحد اليوم متصارعين متحاربين دون الالتفات الى المصالح العليا للشعب، و هكذا انتفض الشعب بعد الهدوء التام في الجبال و عادت نواة الحركة التحررية الكوردستانية من وراء الحدود ، و ساعدت الظروف الدولية على بقاء كيان الاقليم الكوردستاني لحين سقوط الدكتاتورية ، و بعد هذه التغيرات الجذرية فتح الباب و الساحة السياسية على مصراعيه و شارك الكورد في حكم و سلطة العراق بشكل حقيقي لاول مرة منذ نشوئه . و ما يخصنا هنا هو سلطة اقليم كوردستان و ما تحتويه من السلبيات و الاحزاب المتسلطة التي وضعت يدها على الحكم بعدما وصلت الاحتراب الداخلي الى انشقاق الاقليم عن بعضه و ذهبت ضحيتها الالاف من الضحايا الابرياء دون ان يرجف رمش القيادة الكوردية . و نظرا لانعدام و جشع القيادة و التكتلات و المنافسة و الصراع غير الشرعي و المصالح الخاصة و حب الملذات ، انتشر الفساد و استشرى بشكل فضيح و من قمة هرم الحكم ، والشعب يرزح تحت ثقل و مخلفات الفساد الحزبي و الحكومي بحيث لم يبق جانب من السلطة و لم تستغلها الاحزاب كافة و في مقدمتها الحزبين المتنفذين المسيطرين على الحكم و السلطة السياسية العسكرية المالية ، و لم يستثن حتى الاحزاب الصغيرة التي تحالفت مع الاحزاب المتسلطة و كل حسب ثقله و قوته على الساحة السياسية ، و همشت العديد من شرائح المجتمع و ازدادت الهوة الفسيحة بين الغنى و الفقر، اي بين المسؤول الحزبي و عامة الشعب ، و لم يظل مجال للتجارة و الاقتصاد و لم يحتكرها الاحزاب و قادته و وصلت الحال الى المساومات مع المتربصين بالشعب الكوردستاني وتاريخه من اجل حفنة من المال و السلطة و ملذاتها . و يُكتشف يوم بعد اخر آخر ابداعات والطرق الملتوية لنشر الفساد في هذه البقعة الصغيرة ، بحيث لم يبق ماهو مقدس و محترم في فكر و عقيدة و لم يُدنسوه بافعالهم. و لم يبق من افراد الشعب مَن لم تُكتشف لديه الاعيب السلطة الكوردستانية فيما يخص الشعب و استغلاله من اجل حفنة من المال و السلطة و حاجياتهم و تامين ملذاتهم على حساب الفقراء و المضحين ، و ليس هناك من المنتمين لهذه الاحزاب الا من عنده لديهم لقمة عيشه سوى كانت مع الاحزاب او مع المسؤولين المتنفذين الفاسدين، و المتضرر الاوحد هو عامة الشعب ، اي الطبقة الكادحة المعدمة و المضحية في جميع الاوقات . و بعد كل هذه السلبيات و ما عليه كوردستان ، فان الفراغ السياسي قائم دون شك لان صلة الارتباط بين الشعب و الاحزاب و السلطة منقطعة بشكل نهائي ، و لا يمكن لهذه الاحزاب العودة عما وقعوا فيه لانهم انغمصوا في عمق الوحل باستمرارهم في الفساد ، و ليس بمقدورهم العودة عنه. اليوم نرى بشكل واضح ان جميع الفئات و الشرائح والطبقات فقدوا الثقة بجميع الاحزاب كبيرهم و صغيرهم ، و الوضع الراهن ليس فيه ما يُنظر اليه كمنقذ و بديل. و لكن الارضية التي تحكم فيها الاحزاب المتنفذة خصبة لانبثاق تياراو اتجاه او اي تنظيم عفوي حقيقي اخر نابع من متطلبات الواقع ، و هذا ما يحتاج الى عمل و تأني ليجتمع الجماهير حول البديل الحقيقي ، و السؤال الاهم من هو البديل ؟ بعدما تشدقت الاحزاب بالافكار و النظريات المكتوبة في مناهجهم و هم بعيدون عن الواقع ، و يفكر الجميع في من هو البديل النابض المنبثق من رحم الشعب و كيف له ان ينتظم ، بالنسبة للظروف الموضوعية ، فان كانت الراسمالية العالمية التي تتشدق بافكارها و نظرياتها التي اصابها الازمات المتعددة و هي بشكل ما تحتضر في وضعها الحالي ، و على الرغم من ذلك لن تدع من لم يكن في مصلحتها من الولادة او النمو الطبيعي ، فلابد ان يتغير الوضع مع ما يؤول اليه العالم و بدوره يؤثر على هذه البقعة ، اما الظروف الذاتية فيها التعقيد السياسي الاقتصادي فتحتاج الى قوة و ارادة بارعة لتنظيم ما يساعد انبثاق البديل الحقيقي. و كل ما يحتاجه الامر هو الفكر و الفلسفة الواقعية اليسارية التي يمكن ان يُناضل من اجل مجتمع مدني علماني ديموقراطي حديث يضمن الحرية و العدالة الاجتماعية و يقترب تدريجيا من المساواة ، وكل ما تحتاجه العجلة هو الدفع الاولي و الشعب الكوردستاني قادر على ادارة الكثير من الامور ان كانت في مصلحة القاعدة الاساسية للمجتمع، و هو غني بهذه المقومات و القيم الباهرة . لو القينا نظرة عامة على طبيعة الاحزاب و تركيبتها و مناهجها و فكرها وايديولوجيتها و فلسفتها ، نرى انها متقاربة الى حد كبير بحيث يمكن ان توضع العديد منها في خانة واحدة و لم تفرق بينها في التطبيق و الواقع العملي الا اسمائها ، و يدٌعي كل منها بالديموقراطية او الليبرالية او الاشتراكية الديموقراطية او اليسارية بشكل عام ، و كلهم في الهوى سواء في العمل و التطبيق ،الا الاحزاب الاسلامية التي كانت حتى الامس القريب متزمتين و متشددين ، بينما ملذات السلطة و النفوذ اسكنهم في حارة الاخرين نفسها و هم يشتركون بشكل و اخر في السلطة الكوردستانية ، اي هذا الواقع يفرض علينا ان نعلن عن انعدام احزاب معارضة بشكل قاطع. عند قراءة الواقع نكتشف بان الوضع السياسي الاجتماعي متعطش لحزب حقيقي واقعي معارض ، وكيف ينبثق هذا الحزب هو السؤال الاهم الذي يتبادر الى ذهن اي شخص ملمٌ بالوضع الكوردستاني و كيف يجب ان يكون الحزب و طبيعته المطلوبة و اهدافه و شعاراته و تركيبته و منهجه، و من هو الحزب الذي يزكيه الواقع الكوردستاني و يمكنه النجاح لتثبيت نفسه على الارض دون دعم او ارتكاز على اي كان و منه السلطة الحالية . ان الظروف الثقافية الاجتماعية الاقتصادية لاقليم كوردستان معلوم للجميع و تحتاج الى دراسة عميقة لتوضيح مكامنها و فحواها لتخطيط ما يمكن عمله و توضيح الاجندات المطلوبة للاعتماد على الذات و من تلقاء الذات دون اي عمل فوقي او اجباري ، وما الايديولوجية و الفكر السليم الملائم للواقع الكوردستاني ، و ما المقومات الاساسية و العوامل المساعدة لنجاح الحزب المعارض و نموه و تطوره ، فما نوع الحزب بشكل عام ، ما الاسس العلمية الرئيسية لبناء علاقات الحزب و اعتماداته ، و كيف يمكن قراءة السياسة العالمية و ما توليه امريكا اهتمامها و من تقف ضدها و مدى و اطر مصالحها و مساحة اهتمامها بهكذا حزب ان لم يكن ضمن اطار ثقافتها و سياستها المستقبلية في المنطقة ، ما دور روسيا و صراعاتها و الوضع المتجدد بعد الصراعات و الازمات الاخيرة المتفاقمة و قبلها حرب القوقاز ، و يجب ان يحلل ما يفكر به الاتحاد الاوربي ، وما الفكر والفلسفة الايديولوجية العامة التي يمكن ان تتقبلها الاكثرية و تعطيه الجماهيرية و قوة دفع ذاتية ، بحيث يمكن ضمان عدم وقوف اية قوة ضدها و ليست بمشكلة ان لم تسندها و تدعمها . و بعد تفاعل المعادلات الرئيسية من المتطلبات و الاسس المذكورة نستحصل على ناتج واقعي ملائم يمكن ان ينبثق منه الحزب المعارض الذي يمكن ان يدعمه الشعب و يخرج من رحم الجماهير. و كل ما يتسم به الشعب الكوردستاني و واقعه الحالي يميل الى تنظيم او تيار يساري واقعي معتدل اكثر من غيره ، و هذا ما يحتاج الى عقل مدبر كبير يعتمد على التقدمية العلمية والنزاهة و الزهد و الشفافية و الواقعية و موضع ثقة الجميع بحيث يستند على المؤسساتية في بنيان ومسيرة الحزب . وكما يعلم الجميع ان اية سلطة من دون معارضة حقيقية لا تتقدم ولو بخطوة واحدة ، فانه من مصلحة اقليم كوردستان قبل غيره ظهور و انبثاق معارضة مخلصة للشعب و التجربة ، وعليه هناك ما يفرض نفسه على الوضع ان كنا مقتنعين بما يجب ان يصل اليه اقليم كوردستان، و هو تعاون الجميع من اجل انهاء الوضع الفاسد لسلطة التي لا يمكن حله بمن هم السبب الرئيسي لما توصلوا اليه ، اذن من واجب الجميع العمل على استنتاج عوامل و ركائز و مقومات هامة للتقدم مهما كانت بالضد من المصالح الشخصية للقادة المسيطرين المتنفذين ، و على الجميع ان يعلم انه من مصلحتهم عدم اجهاض ما يحمله رحم التجربة الكوردستانية الحديثة الفريدة في تاريخه من ولادة معارضة ايجابية ، و على الجميع ان يضحي بمصالحه من اجل مستقبل الجيل الكوردستاني الجديد ، و في مقدمة الواجبات محاربة الفساد المستشري و بكل الوسائل و هو اللغم و القنبلة المفخخة المحطمة لما يضمن تحقيق الاهداف العامة للشعب الكوردستاني .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نظام اقتصادي عالمي جديد هو الحل للازمة الانية
-
ألم يأت دور الشباب بعد تسمين شيوخ العشائر في العراق
-
حان الوقت لاعادة النظر في صفة التكبر لدى امريكا
-
الشفافية و طرد مفتشي مكافحة الفساد في حكومة المالكي
-
تحزٌم بعض المثقفين بحزام العفة المذهبية!!
-
هل الازمة المالية العالمية قوضت العولمة ام حاصرتها ؟
-
هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟
-
مهما طال الزمن سيتجه العالم نحوضمان العدالة الاجتماعية
-
هل تقرأ القوى السياسية العراقية استراتيجية امريكا و نظرتها ل
...
-
اليس حجب وسائل الاعلام التقدمية دليل على خوف و تخلف السلطات؟
-
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة
...
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
-
الايحاء بمجيء شبح الموت للسلطة العراقية عند استفحال كل ازمة
-
ماذا تجني الدولة الليبية من زيارة القذافي لمنطقة قوقاز
-
ادعاء وجود لامركزية دكتاتورية تبرير لتجسيد و ترسيخ المركزية
...
-
هل اوباما غورباتشوف امريكا القادم ام ...........؟
المزيد.....
-
الجامعة العربية تبحث مع مجموعة مديري الطوارئ في الأمم المتحد
...
-
هذا حال المحكمة الجنائية مع أمريكا فما حال وكالة الطاقة الذر
...
-
عراقجي: على المجتمع الدولي ابداء الجدية بتنفيذ قرار اعتقال ن
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام مواطن -قصاصًا- وتكشف اسمه وجر
...
-
خيام غارقة ومعاناة بلا نهاية.. القصف والمطر يلاحقان النازحين
...
-
عراقجي يصل لشبونة للمشاركة في منتدى تحالف الامم المتحدة للحض
...
-
-رد إسرائيل يجب أن يتوافق مع سلوكيات المحكمة الجنائية الدولي
...
-
مياه البحر تجرف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس
...
-
مصرع عشرات المهاجرين بانقلاب قواربهم قبالة اليونان ومدغشقر
-
الجنائية الدولية تطالب الدول الأعضاء بالتعاون لاعتقال نتنياه
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|