جاسم محمد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2485 - 2008 / 12 / 4 - 01:27
المحور:
الادارة و الاقتصاد
بعد اكثر من ثلاثة عقود من الانتظار، وبعد السقوط المدوي للدكتاتورية في العراق ومع انحسار نزعات الشر والتطرف وجنوح الناس الى التعايش السلمي واحكام العقل، وازالة آثار القسوة والهمجية، حزمت حقائبي قاصدا بغداد، التي غص بها الواهمون دوما منذ ايام هولاكو الخوالي. وما ان وصلت مطار دمشق الدولي في ساعات الليل الأخيرة من يوم 24/11/2008على امل ان اواصل رحلتي الى بغداد في صباح اليوم التالي على متن طائرة الخطوط الجوية العراقية، أو هكذا تقول تذكرة السفر المؤكدة من قبل مكتب دمشق والتي اصدرها لي وكيلها في لندن، حتى وجدت نفسي وللأسف أجر امتعتي مهرولا مع جموع المهرولين من المسافرين العراقيين بين ردهات واروقة المطار وعيوننا شاخصة الى لوحات الاعلانات الالكترونية عسى ان يعلن عن وجود طائرة عراقية متجهة صوب بغداد.
وعند الواحدة ظهرا ، صرخ احدهم .. ياله من حظ عاثر لقد اعلن عن الغاء الرحلة الى بغداد.. ساد الهرج والتذمر اوساطنا .. اتصلت بالسيد فارس مدير مكتب الخطوط الجوية العراقية في دمشق هاتفيا، وابدى استغرابه لاصدار تذكرة سفر لي في هذا التاريخ حيث لا وجود لطائرة عراقية تغادر الى بغداد اليوم اصلا، مما رسخ قناعتي بصحة ما حذرني منه اصحابي الطيبون من الاكاديميين والمثقفين العراقيين في المهجر.. رجوت فارسا ان يجد لي حلاً، فوعدني كاذبا بتامين سفري في الغد على متن طائرة تابعة لشركة " اجنحة الشام " التي لم تحظ هي الاخرى بثقة زبائنها!
عدت في اليوم التالي مع العائدين لأكتشف وبحزن أكذوبة السيد فارس وليلف الجميع خيبة امل كبيرة.. اتصلت به ثانية ورجوته ان يبعث لنا احدا ليرد على تساؤلاتنا ويوقف تداعيات حيرتنا، فقال لي بلهجة الواثق:
- إن خطابات الصداميين هذه نعرفها جيدا !!
لم اشعر بالحزن في حياتي قط مثلما حزنت اليوم لوصفي صداميا ، كان لوقع هذه الكلمات على مسامعي وقع الصاعقة ، يبدو ان فارسا متمرسا في ايذاء الناس وجرح مشاعرهم وان سلوكه المريب هذا لا يستقيم مع الدعوات المحترمة للسيد المالكي لحث الكفاءات الوطنية على العودة للوطن، وانني لعلى استعداد كامل لان اعلن للناس في بغداد وغيرها وبالشهود والوثائق عن مسيرة تاريخي النضالي ضد الاستبداد البعثي ورموزه الانتهازية على طول تاريخ حكمه متحديا فارس بان يفعل الشئ نفسه – آملا ان لا يكون حدسي في محله ، رغم ان سلوكا كهذا لايصدر الا من مستبد انتهازي.
وبعد ان سمع المعذبون مثلي ما دار بيني وبين السيد فارس ، صرخ من بينهم رجل طويل القامة عذب اللسان وقال بالعربية الفصحى .. ايها الاصدقاء هؤلاء كذابون ..فتدبرو اموركم مثلما فعلتم في عقود الجفاف الثلاثة السالفات.. فمن اراد منكم السفر برا فليتبعني ، وبدأنا معا رحلة عذاب استغرقت حوالي 18 ساعة، تاركين ورائنا فارسا في دمشق يعبث بسمعة شركة الخطوط الجوية العراقية ويعكس تدني مهارات ادارتها في الشام.. دخلنا بغداد فجر يوم 26-11-2008 وقد سَرنا فيها دماثة اخلاق منتسبي الجيش العراقي وحسن معاملتهم للناس على طول الطرق.. ولمسنا تفاؤل مِن مَن التقيناهم على عجل بغد جميل واعد ، سينجز العراقيون فيه بناء الدولة الديمقراطية ، التي لا مكان فيها للانتهازيين والمتسلقين.
#جاسم_محمد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟