جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 2484 - 2008 / 12 / 3 - 03:25
المحور:
حقوق الانسان
حين فصلت من عملي في جامعة اليرموك سنة 1997م قال لي أحد المسؤولين البارزين : الوظيفة يا جهاد مقابل الثقافة ..!!
وكان يقصد إما أن تعود للعمل مقابل تخليك عن الثقافة والسياسة وإما أن تبقى مفصولا ,وبالعربي الفصيح , فضلت الثقافة على الوظيفة وفضلت أيضا حب الوطن على المساس بجواهره وفضلت حياة التعب والشقاء في كسب لقمة العيش بدل العيش مرفها ومدللا مقابل فقداني لكرامتي الشخصية .
وقلت مرارا وتكرارا أنني متفائل من خطابات جلالة الملك حول دعمه للحريات الصحفية وحقوق الإنسان ولكنني فعلا غير متفائل من ترجمتها على أرض الواقع وهذا ما حصل فعلا وكانت مخاوفي وظنوني بمحلها .
فمثلا هل تعتبر الحكومة الأردنية أن رجل الشارع العادي يحق له التعبير أم أن الموضوع خاص بالصحفيين ؟؟
هذه أسئلة ستطرحها الحكومة الأردنية القادمة على النظام الملكي الحاكم.
وقدأبدت إحدى السيدات المسؤولات في وزارة الثقافة الأردنية عن إعجابها بالمستوى العالي من الحرية لأحد الكتاب الأردنيين ولكنها فضلت قبل دعم مخطوطه وإرساله (دزه) للنشر ,نعم , فضلت أن تشطب كل الكلمات الجريئة من الديوان المنوي نشره وطبعه على نفقة وزارة الثقافة الأردنية , وطبعا حين ناقشتها في الموضوع أبدت وجهات نظر حكومية مقنعة_ وكان حضوري بالصدفة أثناء المناقشة مع أحد الكتاب الأردنيين_ حيث قالت :
(إحنا كوزارة ثقافة طبعا ما بنقدر ننشر شيء ضد الدول المجاورة أو بما فيه إساءة مقصودة أو غير مقصودة أو مثلا لا نستطيع أن ننشر قصائد وكتب بها سقف عالي من الحرية لأن ذلك سيمثل وزارة الثقافة الأردنية ..).
إلى هذا الحد إنتهى كلامها وتعبيرها وطبعا هي محقة في كلامها ولكن السوآل الذي يطرح نفسه على النظام الأردني الحاكم الملكي بالذات هو هذا السوآل:
-95% من كتاب المملكة القادرون منهم وغير القادرين على تكاليف النشر يعتمدون على دعم وزارة الثقافة وأمانة عمان الكبرى , ومن هنا فإن سقف الحرية الذي صرح به جلالة الملك المعظم يتراجع حتما بفعل ضغوطات وزارة الثقافة الأردنية وهذا يعني شيئا آخر وهو أن وزارة الثقافة الأردنية ستتخلى عن دعم المثقفين وإصدار المنشورات إذا إلتزم المثقفون بالحرية وخطاب جلالة الملك أي أن الحرية مقابل التخلي عن دعم الحكومة أو نظام شبه مقايضة تكون به: الحرية مقابل الخبز.. أو الخبز مثلا مقابل الجنس ...أو الجنس مقابل الماء والغذاء .....أو النفط مقابل الغذاء ..إلخ .
إذن تراجع المواطن الأردني عن تمثيل خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني على أرض الواقع أو على المسرح الثقافي .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟