أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي ماضي - توقيع الاتفاقية الأمنية مكسب سياسي وعلامة استفهام اجتماعية















المزيد.....

توقيع الاتفاقية الأمنية مكسب سياسي وعلامة استفهام اجتماعية


علي ماضي

الحوار المتمدن-العدد: 2483 - 2008 / 12 / 2 - 07:02
المحور: المجتمع المدني
    


لكل حدث أكثر من زاوية رصد ،وكل راصد يتحدث عن مشهده هو ،ومجموع المشاهد يشكل في النتيجة النهائية الصورة الكاملة للحدث،ولعل حدث الاتفاقية الأمنية بين العراق والولايات المتحدة هو الأهم هذه الأيام إلى درجة دفعت الكتاب والمفكرين والمحللين إلى الكتابة وكل حسب ما يراه مناسبا كان معظمهم يحث على الموافقة او الرفض مستعينا بمقياس المنافع والمضار لإثبات وجهة نظره،في هذا المقال أحاول أن أسلط النظر على هذه الاتفاقية من زاوية مختلفة الا وهي زاوية نمط العقلية او بعبارة أخرى الآلية التي اعتاد العقل العراقي التفكير وفقها .
تنقسم أنماط العقلية في المجتمع العراقي إلى قسمين رئيسين هما العقلية الدينية(العقائدية) ،و العقلية العلمانية ،والعقلية العقائدية تنقسم الى قسمين ،عقلية شيعية وأخرى سنية ،سأتناول في هذه المقالة العقلية الدينية الشيعية على اعتبار إني انتمي لهذه الطائفة، ولدي من المعلومات الميدانية ما يؤهلني للحديث عنها.
لا يخفى على مراقب الساحة السياسية العراقية كثافة الزيارات التي قامت بها الشخصيات السياسية العراقية وغير العراقية إلى المرجعية الدينية الشيعية في النجف المتمثلة بالسيد علي السيستاني دون سواه ،واخص منها بالذكر الشخصيات السياسية الشيعية ،وهذه الزيارات جميعها تهدف إلى اطلاع السيد على آخر مستجدات الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة الأمريكية والحكومة العراقية،وكأنه صاحب القرار الأول والأخير في هذه المفاوضات، أو انه الوحيد القادر على التفكير، وهذا بحسب رأيي دليل لا لبس فيه على عدم استقلالية العقلية الشيعية عموما والسياسية منها خصوصا .فهي للان ما استطاعت أن تفلت من دائرة المرجعية والتقليد.
هذا الإقرار بالتبعية الفكرية ينم عن عقلية غير حرة ،لذلك فهي غير قادرة على أن تمنح الآخرين ما تفتقده،وبالتالي لا تستطيع ان تقودهم إلى الحرية الحقيقية ،الحرية التي تدفع الإنسان نحو الإبداع ،في كل مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية ،والسياسية ، فالإنسان على طرف المعادلة الأخرى أبدع بعد أن حرر عقله وفكره.
في فترة حكم صدام كان المتدينون الشيعة الذي يعملون في دوائر الدولة يعتقدون أن الرواتب التي يتقاضونها حرام لان صدام يدفع لهم الرواتب من أموال لا يملكها والمالك الحقيقي لها هو الحجة المنتظر أو من ينوب عنه من المراجع العظام لذلك كان لزاما على هذا المتدين أن يذهب إلى المرجع الذي يقلده ليحلل له راتبه وفقا لآلية تكمن في ان يعيد الموظف الراتب إلى المجتهد ،على اعتبار انه مالكه الشرعي وبدوره يقوم المجتهد بإعادته إلى الموظف ليذهب وهو قرير العين الى ان راتبه الذي كسبه بعرق جبينه أصبح حلالا عليه، هذه العملية تتم لفظا لا فعلا ولمرة واحدة ثم تستمر العملية دون الرجوع الى المجتهد حسب قاعدة اذن الفحوى،ولحسن الحظ فان بعض المجتهدين بادر من تلقاء نفسه وإشفاقا على المسلمين من نار جهنم بان يهبهم رواتبهم حتى دون أن يرجعوا أليه .
كما وأفتى بعض الفقهاء في تلك الفترة بجواز الاستيلاء على أموال الدولة إذا لم يكن فيها ضررا عليك أو ضرار على غيرك ،على اعتبار أن الدولة غير شرعية وبالتالي فان ملكيتها تعود إلى نائب الإمام المجتهد فما أن يمنحك الإذن باخذ تلك الاموال على ان يتحقق شرط لا ضرر ولا ضرار الذي أشرت إليه وان تكون في حالة اضطرار،حتى يحق اليك الاستيلاء دون ان تسمى سارقا، وعلى نفس المبدأ (المجتهد نائب الإمام) قامت مجموعة من( المؤمنين) التي تقلد اليعقوبي بتقاسم ما سرقوه من مؤسسات الحكومة بعد سقوط نظام صدام مقابل اثمان بخسة دُفعت إلى المرجع الذي أباح لهم اقتناءها على اعتباره وكيل الإمام وبالتالي له الحق في إن يهب ما يشاء لمن يريد وفقا لظوابط فقهية مستنبطة(حسب مفهوم المجتهد) من القران والسنة لامجال للإسهاب فيها الآن.
تداخل مصادر التشريع يعني أننا كنا نعيش دولة داخل دولة. والسؤال الذي يجب ان يطرح هل ما زالت العقلية الشيعية تفكر على هذا النحو؟
الجواب نعم. هذا النظام ما زال يهيمن على المتدين الشيعي ،فهذه عقيدته، والعقيدة تًخضع من يؤمن بها الى سلطانها مهما كان عنوانه الوظيفي او درجته العلمية ،كنت اعرف أطباء وحملة شهادات عليا وضباط يحللون رواتبهم بالطريقة التي أشرت إليها .
ومن المؤكد ان أعضاء الأحزاب الدينية الشيعية هم من المتدينين الذين يفكرون بالطريقة التي أشرت إليها . في العام 1998 عقد حزب الدعوة مؤتمرا أعلن فيه آية الله محمد مهدي الآصفي استقالته من الحزب اذ انه كان المرجع الذي يمنحهم الشرعية أمام الله ،فالأحزاب الشيعية لا تستطيع أن تعمل دون مباركة مجتهد(غطاء شرعي)،اذكر أن استقالة الآصفي أدخلت حزب الدعوة في دوامة إلى درجة جعلته يجمد نشاطاته خشية أن لا تكون مطابقة للشريعة،انشقوا بعد هذا المؤتمر إلى الشقين المعروفين حاليا ،ولحل إشكالية عدم وجود مجتهد اضطر حزب الدعوة تنظيم العراق إلى الاستعانة بمحمد حسين فضل الله المجتهد اللبناني المعروف، ليضفي على وجودهم الشرعية اللازمة. في حين يرجع الشق الثاني إلى السيد السيستاني على ما يبدو . وهكذا بالنسبة لباقي الأحزاب الإسلامية الشيعية الأخرى .
لو بحثت بين الكواليس ستجد ان موافقة الأحزاب الدينية الشيعية على بنود الاتفاقية الامنية، لم تكن من نتاج عقولهم، بل من نتاج الفتوى ،لعل من حسن حظ العراقيين أن السواد الأعظم للإتلاف الشيعي الحالي يرجعون بفتواهم إلى السيد السيستاني الذي أفتى بتفويض الأمر إلى نواب البرلمان على شريطة تغليب مصلحة المسلمين،كما إني أظن تغيير اسم الاتفاقية إلى اتفاقية سحب القوات صدر بفتوى أيضا على اعتبار انه لا يجوز التحالف مع دول الكفر ابتداءا ](لا تركنوا الى الذين ظلموا فتمسكم النار)،(ومن يتخذ اليهود والنصارى اولياء......)[ ،وإلا لو كان المجتهد الذي يقلدون متشددا ولا يُجوّز التحالف مع دول الكفر ،لما راى توقيع هذه المعاهدة النور،ولكان نصف النواب الشيعة اما مع نواب التيار الصدري ،او مع النواب الذين سلكوا درب الحيلة الشرعية وهربوا إلى الحج ،إذ أن السفر حيلة قديمة كان يستخدمها الناس حين ينتابهم الشك في اول ايام عيد الفطر،فيلجئون إلى السفر لتكون لديهم حجة للإفطار.
من وجهة نظر السياسي انتهت القضية بتوقيع الاتفاقية ،وهذا دون ادنى شك فيه مصلحة الشعب العراقي ،ولكن من وجهة نظر الاجتماعي الخطر ما زال قائما ،على اعتبار ان من يمتلك نمط العقلية التي أشرت إليها هو مشروع لدكتاتور بالضرورة ،وان استقرار المجتمع العراقي منوط بتحرير المجتمع من هذا النمط في التفكير ،والخطوة الاولى لتغير بهذا الحجم تبدا بقرار سياسي، والسياسي الحالي لا يمكن ان يتخذ هكذا قرار لانه ضحية هو الاخر لهذا المنطق.



#علي_ماضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية....ورسائل
- اثر التعلم الشرطي في تكوين الاوهام
- لمحة من تجذر العنف في لا وعي المجتمع العراقي
- تساؤلات في رحاب عاشوراء
- السنا بحاجة الى مراجعة مناهجنا الدراسية؟
- رسالة الى الأحزاب الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط
- قراءة في إستراتيجية الولايات المتحدة في الشرق الأوسط
- هل للمرأة دور في عراق ما بعد التغير؟
- الوضع الامني في جنوب العراق(1)
- إلى الاستاذ عماد البابلي مع التحية
- هامش على تعميمات الاستاذ الفاضل الدكتور عبد الخالق حسين
- تاملات في كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور علي الوردي(طبيعة ا ...
- ( تأملات في كتاب مهزلة العقل البشري للدكتور علي الوردي(1
- من سيوقف صناعة الغيلان في العراق؟
- إقليمي الوسط و الجنوب المزمع إقامتهما في العراق
- قراءة متاخرة في الحدث اللبناني
- العلمانية
- الاشعور
- صديقي ومنطق العجوز الأنكليزية
- سياسة الحمق في ايران والعراق


المزيد.....




- عضو بالكنيست الإسرائيلي: مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو وجالانت ...
- إسرائيل تدرس الاستئناف على قرار المحكمة الجنائية الدولية الص ...
- وزير الخارجية الأردني: أوامر اعتقال نتنياهو وجالانت رسالة لو ...
- هيومن رايتس ووتش: مذكرات المحكمة الجنائية الدولية تفند التصو ...
- الاتحاد الأوروبي والأردن يُعلنان موقفهما من مذكرتي الاعتقال ...
- العفو الدولية:لا احد فوق القانون الدولي سواء كان مسؤولا منتخ ...
- المفوضية الاممية لحقوق الانسان: نحترم استقلالية المحكمة الجن ...
- المفوضية الاممية لحقوق الانسان: ندعم عمل الجنائية الدولية من ...
- مفوضية حقوق الانسان: على الدول الاعضاء ان تحترم وتنفذ قرارات ...
- أول تعليق من -إدارة ترامب- على مذكرة اعتقال نتانياهو


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - علي ماضي - توقيع الاتفاقية الأمنية مكسب سياسي وعلامة استفهام اجتماعية