|
سلوكات مستفزة وغريبة ببيوت الله
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 2494 - 2008 / 12 / 13 - 07:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إن صلاة الجمعة في المساجد من شعائر الإسلام التي يقصد بها الاجتماع وتوحيد المسلمين وتذكيرهم بالآخرة وتقويم سلوكيات العامة، والوصول بهم إلى رضوان الله تعالى، وإن خطبة الجمعة عبادة مقدّسة لا يستطيع أحد أن يلغيها من حياة المسلمين؛ لأنها كالصلاة لها هيئة خاصة ومكان خاص وزمان خاص، شُرعت هذه الخطبة للوعظ والتذكير وزيادة إيمان الناس بربهم وتفقيههم في الدِّين ووصيتهم بتقوى رب العالمين. لكننا نفاجأ كل أسبوع وبعد انتهاء المصلين منها، بمشاهد غريبة وسلوكات مستفزة. حيث يتدافع الإنسان مع أخيه الإنسان تدافع العير.. في سباق محموم نحو البوابات والمخارج، يفتقد إلى النظام بل وإلى الاحترام ، وتضيع معه هيبة المكان وقدسية المناسبة التي جاء هؤلاء المتدافعون من أجلها ، فتنتفي بذلك تلك الصورة التي تمثل انعكاس هذا الطقس الإنساني ، وهذا التجمع العاطفي بين الإخوة والمحبين.. فما أن ينتهي إمام من تحية صلاة جمعة ، حتى ينفر الجموع وكأنهم على عجلة من أمرهم أو كأن القيامة على وشك الوقوع أو تكاد ... يتساءل الكثيرون باندهاش واستغراب بعد أن يمسهم الشعور بالأسى والحيرة أمام اللاجواب عن دوافع اختلاط الأجسام وتزاحم الأجساد باتجاه منافذ المساجد وأبوابه ومنافذه، وكأن الناس مسها" طيكوك" الذي يروع البقر في الحقول.. مشهاد فوضوية لا مبرر لها ولا دواعي لحدوثها في بيوت الله، لما تثيره من تقزز واشمئزاز عند المصلين المحتسبين.. طقوس "سيركية" أصبحت مساجدنا مسارح لممارستها، أو هكذا اختزل بعضنا دورها في رياضة مصارعة ما نفعت الامة في شيء، و عمائمنا وقلنسوات جلابيبنا المهتزّة كالأمواج، تتلاطم بأحديتنا المرفوعة فوق الرؤوس عند العتابات.. سلوكنا هذا المكرور كل جمعة ينم على أننا لا نملك القدرة على ضبط النفوس، وكبح جماحها الأمارة بالسوء، وتنظيم حركة الأعداد الضئيلة من الناس ومن بينها كبار في السن والطاعنين فيه والعاجزين والمقعدين ومن هم في حالة من المرض لا تساعدهم على مسايرة الأقوياء في هذا التدافع اللا آدمي.. الذي يفرض –في رأيي وعلى وجه الإلحاح والسرعة - من المراجعة واستحضار الحسابات الشيء الكثير، مما يجب أن يقوم به كل منا من حين لآخر، لمحاسبة النفس والتأكد من أننا نسير في الطريق الصحيح، حتى نبتعد عن سلوكات الذين لا يأتون إلا بما يضفي على مجتمعنا المزيد من الانطباع السيئ، و يلوث اللحظة وروحانيتها، ويجلب لنا الملاحظة والانتقاد وربما السخرية والاستهزاء..في الوقت الذي يبقى فيه أكثرية فقهائنا"حطباء الجمعة" ببّاغاوات يردّدون حديث الأموات و الكتب السحيقة في القدم من قبيل # شرح على شرح / حاشية على شرح الشرح / تعليق على شرح ، كتب صفراء و أفكار بالية متآكلة. العالم كلّه يتغيّر إلا أئمة بعض مساجدنا، وخاصة منهم الذين يأمون صلاة الجمعة، الذين يظلونّ يسردون على المصلين ما قالوه لهم ألف مرّة ومرة. يرددون على مسامعهم ما يعرفونه وما سمعوه من دروسهم المكرورة المحفوظة عن ظهر قلب، المستلهمة من غبار الكتب الصفراء. خطب تجعل المصلي أسير العادة والاعتياد، حتى أنه ومن لفرط التكرار و شدّة الاندماج، ُيتتمّ جمل الخطيب قبل أن يتمها، ويُكمل كلمات مواعظه المعادة قبل أن ينتهي إليها هو نفسه، ويباركون سرده للقصص التي يعرفونها حق المعرفة؛ وبهذا تستمرّ العادة ويتواصل الاعتياد، وتُنتهب طاقات الشباب وتهدر أوقاتهم وتتعطّل مواهبهم وابتكاراتهم، ليصبحوا مجرّد دمى في مهبّ الضياع، تحرّكهم العادة ويتحكّم بهم الاعتياد، مفرغون من محتواهم الروحي و القيمي و السلوكي.. ما ينفر الكثيرين من المسلمين من حضور صلاة الجمعة في الكثير من المسجد والاكتفاء بالصلاة في منازلهم، لا تكاسلا منهم عن الصلاة؛ لأن الصلاة لله. ولكن هربا من لغو بعض الخطباء الذين يحوّلون خطبة الجمعة إلى حلقات من الأحاجي والألغاز والعرافة والتهاويم، يستعرضون خلالها دروس عذاب القبر وخرائط جهنّم، ويعرضون دروس التوحيد التي تقسّم المجتمع إلى مؤمنين ومشركين وكفّار، و يكرّسون دونية المرأة وتبعيتها للرجل، دون الاكترات بالقضايا الحيوية التي تهم الوطن وحياة المواطن المعيشية والتنموية. و قد جاء في كتاب الفكر السامي، حوارا، يرجع إلى العقد الثاني من القرن العشرين، دار بين العلامة التونسي سالم بوحاجب والعلامة المغربي الحجوي الثعالبي سأل التونسي العلامة المغربي قائلا: - هل لا زال خطباؤكم على النسق القديم في خطبهم مقتصرين فيها على من صام رمضان واتبعه بست من شوال، غير مبالين بإنذار قومهم بما يتهددهم من بوار، وإرشادهم لما فيه صلاح دنياهم التي بها صلاح دينهم وأخراهم ؟ - فأجابه العلامة المغربي:"لا زال خطباؤنا على الطراز القديم تماما، وهم في نومهم كأمتهم تحسبهم جامدين، فتأسف كثيرا... فعلماء أمتنا أغرق في النوم من عامتنا". الفكر السامي4/379-380.
وككل مسلم بالغ عاقل حرّ ذكر مقيم غير معذور بعذر من أعذار ترك فرض صلاة الجمعة، أتوجه كلما دخل وقتها إلى مسجد الحي الذي أسكنه لأداء فريضة الله سبحانه وتعالى، أو إلى أي مسجد آخر متمنيا أن يكون الخطيب به أكثر واقعية، يعيش حياة الناس، و يراعي حال الذين يكلمهم، و يدرك ظروف حياتهم؛ حتى تكون الخطبة أداة إصلاح للناس، معبرة بحق عن دينهم وعقيدتهم، وعن مشاكلهم في الحياة بكافة جوانبها، وأن تكون الخطبة أداة إصلاح للمجتمع، لا مجرد كلمات يحفظها من كتاب، أو يسمعها من شريط لأحد مشايخ التهريج والتجهيل؛ إن تسرب الناس من صلاة الجمعة مشكلة ذات شقين: شق يعود للخطبة نفسها لتمسك اصحابها بالكثير من السطحية واللاعقلانية والانفلات والتحلل من أية ضوابط عقلية ومنطقية، لا تراعي حال المصلين، ولا ظروف حياتهم، ولا تعبر عن دينهم وعقيدتهم، وعن مشاكلهم في الحياة بكافة جوانبها، بل تستخدم لمآرب حزبية، أو نعرات فئوية، ما يخرجها عن مسارها الصحيح و يجانبها مقصدها الحقيقي الذي شرعت من أجله.، وتثير استغراب واستهجان البعض وحتى تندر وسخرية البعض الآخر، والشق الآخر وهم الخطباء، الذين عليهم – كما أسلفت- أن يكونوا أكثر واقعية، وأن يعيشوا حياة الناس، وأن يكونوا أداة إصلاح في المجتمع، لا مجرد كلمات محفوظة من كتاب، أو مسموعة من شريط لأحد مشايخ التهريج لا أثر ولا تأثير لها في النفوس. فبعض الخطباء يقرأ في أوراقه بصوت ضعيف ولحن ظاهر مع كثرة التنحنح والسعال والشهيق والزفير والعطاس، فلا ينتهي إلا وقد نكّل بالناس وأزعجهم. وبعضهم إذا سمعته كأنه يقرأ من صحيفة، إذ يلقي كلاماً بارداً سمجاً ثقيلاً مملاً يدخل به في كل موضوع، ويعالج مشكلات كثيرة مع الإسهاب والإطناب دون مراعاة لحالة السامعين، فيتكلم في المدينة عن مشكلات البادية، ويخطب بالقرية عن الغزو الفكري، ويحدث الأعراب عن حوار الأديان، حتى يجلب النوم للمصلين بحديثه المطول حتى الصداع عبر عموميات لا يدري المستمع إليها عما يتحدث.. وكأنه يبحث عن إبرة في كومة من القش، وآخر يصم الآذان بسجع الكهان وانتقاء القوافي الصعبة واستعراض قدراته اللغوية، أو اللت والعجن في موضوع واحد يكاد لا يتغير، وهو غضبان على المصلين متبرم منهم حاقد على تصرفاتهم، يتهددهم ويتوعدهم من على المنبر، ويدعو عليهم بالويل والثبور وعظائم الأمور وقاصمة الظهور وكأنه التقيّ وحده المنزّه المعصوم المجتبى وما سواه مذنب مخطئ ضالّ، وهذا من ضعف البصيرة وضحالة العلم وقلّة الفقه. وغيرهم من الخطباء لا يحضر الخطبة ولا يستعد للمقام، فيرتجل ويأتي بالعجائب، ويتكلم عن حقوق الجار، ثم حسن الخُلُق، ثم فضل تلاوة القرآن و إعجازه محاولا ربطه بالعلوم الدنيوية، وبأفعال المصطفى عليه صلاة الله وسلامه وسيرة الصحابة والتابعين؛ مدعين أنّ جميع تلك العلوم الغربية الحديثة ما هي إلا سطوٌ في جنح الليل على ما شرّعه الله وما فعله الرسول قبل أربعة عشر قرناً، معتمدين على نصوص وأحاديث وسرديات متواترة ومنقولة بدون أي توثيق علمي . اختلاف الناس حول خطبة الجمعة أزمة قائمة، وأمر مثير للجدل، يدفعنا للتساؤل عن الأسباب التي تدفع لهذا التسرب منها ؟ لأننا إذا عرفنا الداء، هان علينا توصيف الدواء. هل سر هذا التراجع كامن في المواضيع التي تطرحها تلك الخطب المكرورة؟ بمعنى هل المواضيع المطروحة لا تمس الجوانب التي تهم حياة الناس كي يقبلوا عليها بشغف ليستفيدوا منها؟ ولأن الخطباء إنقطعوا عن هموم الناس والمجتمع وصاروا يحلقون في أجواء بعيدة؟! أم أن السر كامن في المصلين أنفسهم؟ أي أنهم صاروا ينفرون من كل ما هو سطحي، ويتعلقون- ربما تسحرهم- الخطب التي تدعو إلى التفكير العميق.. حتى أننا إذا سرنا في وقت صلاة الجمعة في شوارع المدن المغربية؛ لا نجد توقفا عن مظاهر الحياة الطبيعية فيما يتعلق بالبيع والشراء وحركة المرور والجلوس على المقاهي؛ بل العجيب أنك تجد أناسا كثيرين منشغلين عن الصلاة بقضاء حوائجهم وقت الخطبة، رغم قول الله تعالى في سورة الجمعة: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع . ورغم أصوات خطباء المساجد المجلجلة عبر المكبرات، ويهم الكثير بكسل للحاق بآخر ركعة حتى يوهم نفسه أنه قد أدى الواجب، تخديرا لوجع الضمير.. لكن لماذا يا ترى، لا تمثل الخطبة أهمية في حياة البعض؟ رغم أنها عبادة مقدّسة شُرعت للوعظ والتذكير وزيادة إيمان الناس بربهم وتفقيههم في الدِّين ووصيتهم بتقوى رب العالمين؟؟. ومن المسؤول عن سطحية الخطب، و وضع ضوابط تضمن صحة ما يقدم من معلومات وانتقاء ما يجب ان يصل للمصلين؟؟، وكيفية وطرق وصولها إليهم لضمان تخريج أجيال ذوي عقول راجحة وثقافة عالية؟؟ حتى يمكننا محو الأميّة بكافة أشكالها من مجتمعاتنا. ولا أقصد هنا الأميّة بمعناها المعروف للجميع هي الجهل بالقراءة والكتابة، بل أقصد بها مفهوماً مختلفاً، فالأميّ ليس من لا يجيد القراءة والكتابة، ولكن قد يجيدهما ولكن لا يفكر فيما يتلقاه من معلومات عن الدين، ولا يفكر بها أو يعقلها فهذه هي الأميّة حقاً، أمية الفكر.. اذ لازال البعض يعتبر خطبة الجمعة عادة وتكليفا شرعيا أكثر من كونها أداة للحصول على الفائدة والرأي في ما يستجد على الساحة سواء الداخلية أو الساحة الإسلامية والعالمية، حيث يبحث البعض منهم على الإسراع في إنهاء هذا التكليف، فيتجهون نحو أسرع الأئمة وأخفهم على المسامع، وهؤلاء غالباً ما تجد مساجدهم مكتظة بالمصلين الذين يضطر بعضهم لاصطحاب سجادته معه لأنه قد لا يجد مكانا داخل المسجد، فيقبع للصلاة خارجه، غير مكترث للبحث عن مسجد آخر- وقد لا يبعد أحياناً سوى أمتار قليلة- فيتحمل الحر من أجل أن ينهي هذا التكليف بأسرع وقت.. لا بد إذا من إعادة النظر في خطبة الجمعة لتؤدي رسالتها ويحصل الانتفاع بها وتكون مناسبة إسلامية لزيادة الإيمان بتهذيب النفس وتطهير الضمير وإصلاح المجتمع، لقد أصبحنا في حاجة ماسة إلى معاهد لتعليم الخطابة في كل مدينة، تعلم الخطباء التحدث فيما ينفع السامع ويعظم التقوى عنده ويزيد من طاعته لربه وعبادته لمولاه، بتبسيط العبارة وتسهّيل الكلام والإبتعاد عن التّشدّق والتفيهق والتّعمق في إشغال الناس بفتات الثقافة وهذيان الفكروالمجتر من المواضيع - وقد فعلتها مصر وتركيا وإندونيسيا-.. ولن أكون مبالغاً إن قلت أن الكثير من الخطباء يمارسون هواية (اللحن) في اللغة العربية من على المنبر بمعدل خطأ في كل جملة أو جملتين ينطقون بها، فيرفعون المنصوب وينصبون المجرور ويجرون المرفوع، ويخطئون حتى في قراءة بعض الآيات.. حقيقة أنه أمر يضايق الكثير من المصلين الذين يدققون كثيراً في ما يقوله الخطيب المتحدث، خاصة أن من يعتلي هذه المنابر لابد أن يكون أكثر فصاحة من غيره اذ هو فوق هذا المنبر يسمى (خطيب) والخطيب لا بد أن يكون مفوهاً ليقتنع المصلين بقوله ويستميل مشاعرهم ويملك أحاسيسهم.. فقد كان رسولنا صلى الله عليه وسلم إذا خطب هزّ القلوب، وأبكى العيون وسافر بالأرواح إلى العالم العلوي، كما قال شوقي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا خطبتَ فللمنابر هزّةٌ تعلو النديّ وللقلوب بكاء. وقال الزبيري يمدح الرسول صلى الله عليه وسلم: ما بنـى جملة من اللفظ إلا وابتنى اللفظ أمة من عفاءِ. وكان صلى الله عليه وسلم يأمر بالإيجاز في الخطبة، وسار على ذلك خلفاؤه الراشدون والأئمة المصلحون، فخلفهم من بعد ذلك خلف أطالوا الخطبة وأماتوها وخرجوا بها عن مقصدها، فجعلوها سياسية لا روحانيّة ربّانيّة شرعيّة، وجرّدوها من الأدلة وأسهبوا في الحديث، واشغلوا الناس بقضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فحرموهم من الاستفادة.
إن تجديد الشأن الديني، في زماننا الراهن، يفترض جعل الدين ملائما لحاجات العصر، قادرا على الوفاء بتقديم إجابات على التساؤلات الكبرى التي تشغل الإنسان المسلم في واقعه من جهة، وفي علاقة هذا الواقع بالعالم من حوله من جهة أخرى. فالعالم لم يعد تجمعات منفصلة، بل صار في حكم القرية الصغيرة بفضل تطور وسائل الاتصال ونقل المعلومات، وتعدد القنوات التي تفننت في استهواء جمهور المتلقين، بتوظيف الكفاءات واستغلال تقنية الصورة والإخراج، وأحدث نظريات التداول والتواصل، وكيفية تطور الرؤى والأذواق. خاصة أن المصادرالإسلامية تتناول خطبة الجمعة غالبا من باب الدعوة الجماعية، ولذا فهي أداة اتصال جماهيري بلغة اليوم، وليس شرطا حصرها في السياق الفقهي والطريقة التقليدية فقط، وإنما يمكن تطويرها شكلا ومظمونا في سياق الإعلام والاتصال أيضا. وتحديثها أمانة لأن صاحبها مؤتمن على عقول المستمعين، ويعتبر خائنا للأمانة من لا يعطيها حقها من الإعداد والتحضير والتجديد..فجمال الخطبة يكمن في قربها من الهم العام، وتحديد النقاط التي يريد الخطيب إيصالها للناس بأسهل أسلوب وفي أقل عدد من الكلمات وبكل وسائل الإتصال الحديثة، وهذا الأمر مطبق في عدد من مساجد ماليزيا وعدد من مساجد المسلمين في أمريكا وغيرها من الدول. فما المانع من استخدام أسلوب أدوات العرض الحديثة؟! فعلماؤنا أقروا بأنه لا يوجد أي بأس شرعي في أن يكون في المساجد "بلازما كبيرة" تعرض عليه المواعظ والدروس، إذا ولن يوجد أي بأس في أن يأتي الإمام في خطبة الجمعة ومعه مثلا "لاب توب" ليعرض عليها بعض نقاط الخطبة الرئيسية وبعض اللقطات التي تقوي من تأثير موضوع خطبته في المصلين طالما أنه لا يتم عرض ما هو مخالف للشرع. نريد خطب جمعة يأتي إليها الناس ليس فقط لأن صلاة الجمعة فرض!! نريد خطب جمعة يأتي إليها الشباب لأنهم منجذبون إلى الخطبة ولأنهم يشعرون أن هذه الخطبة فعلا تؤثر في حياتهم اليومية...فالرسول صلى الله عليه وسلم جذب الصحابة من كل متع الدنيا التي كانت لديهم جذبهم وحببهم في خطبه، فأصبحوا يأتون إليه ويفضلون كلامه عن كل متع الدنيا من جلسات ومن أصدقاء، وأصبحوا يتركون كل هذه الأشياء ويأتون إليه صلى الله عليه وسلم رغبة في الاستماع إليه وهكذا نتمنى أن تصبح خطب الجمعة عندنا.. أن تجذب مشاعر وعقول الشباب. يقول أحد الإعلاميين إن المسلمين يمتلكون أهم وسائل الإعلام والاتصال المؤثرة أكثر من غيرها، وهي خطبة الجمعة، ويقول أحد علماء الدين: لتسيطر الحكومة على الإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام ولتترك لنا خطبة الجمعة. فأهمية خطبة الجمعة في توصيل الرسائل للمصلين، يقتضي الإشارة إلى الملاحظات التالية: 1- ما يميز خطبة الجمعة كأداة اتصال فعال مجموعة من الأمور، أهمها: 1- أنها متكررة أسبوعيا 2- وأنها إلزامية وركن من أركان صلاة الجمعة التي لا تصح في البيت، وبالتالي يصل تأثيرها غالبا إلى كل بيت 3- وأن جمهورها متنوع، حيث يحضرها الكبير والصغير، المثقف والمزارع والعامل وأصحاب المهن المختلفة، والرجل والمرأة، وغير ذلك، لذا يكون تأثيرها واسعا ولا بد أن تكون متوازنة وتراعي مختلف المستويات. 2- موضوع خطبة الجمعة: 1- أن يختاره الخطيب في وقت مبكر. 2- أن يكون حول واقع الجمهور فهناك أولويات (ربما حول حدث معين، أو مناسبة معينة). 3- أن يُحضّره جيدا. 4- ربما يشاور المقربين في الاختيار. 5- أن تتناول الخطبة موضوعا واحدا وأن يكون متماسكا وواضحا (إن من البيان لسحرا) لأن خطبة الجمعة ليست درسا نظريا بقدر ما هي حقيقة تُشرح وتُغرس. 6- الحرص على قوة المقدمة والخاتمة لأنها تعطي الانطباع الأول والأخير (الانتهاء عند نقطة قوية). 7- يفضل وضع عنوان للخطبة لأن العنوان يرسخ في ذهن المستمع ويجعله يستجمع أفكاره. 3- هناك أمور لا بد من تجنبها: 1- التركيز على سلبيات المصلين والانتقاد المباشر للناس، واستعمال ضمير المخاطب كثيرا. 2- تجريح الأشخاص والجماعات، ومدح من لا يستحق المدح. 3- تأثر الخطيب بعمله الوظيفي. 4- التعرض للأمور الخلافية والتعصب لوجهة نظر واحدة. 5- الإطالة المملة، وهنا لا بد من التذكير بالحديث الشريف: (إن قصر خطبة الرجل وطول صلاته مئنة من فقهه فأقصروا الخطبة وأطيلوا الصلاة). وكذلك التذكير بنصيحة أبي بكر الصديق ليزيد بن أبي سفيان حين أمّره على جيش الشام: وإذا وعظتهم فأوجز فإن كثير الكلام ينسي بعضه بعضا. لذلك وللأسف أصبحت خطبة الجمعة وربما صلاة التراويح مثالا على تشبيه كل شيء طويل. 6- كثرة الحركة الملفتة التي لا داعي لها، علما أن حركة العين تجعل الرسالة قوية، وإصبع السبابة قد يعني إعطاء الأوامر، والإشارة يمينا ويسارا عند الحديث عن أهل الحق والباطل أو الجنة والنار قد تعطي انطباعات سيئة غير مقصودة. 7- عبوس الوجه وهو ما يحدث كثيرا مع بعض الخطباء نظرا للموضوع. 8- نبرة الصوت: المحافظة على النبرة المناسبة لكل فقرة، وعدم التكلف في الصوت. 4- مؤهلات الخطيب: هناك فرق بين الخطيب الداعية والخطيب الواعظ، فالأول صاحب رسالة وواسع الثقافة والعلم والاطلاع، وتأثيره في المصلين واضح حسب استطلاع آراء المصلين، لغته سليمة وهنا لا بد من التأكيد على اقتران الدراسات الإسلامية باللغة العربية. 5- لغة الخطبة والخطيب: 1- أن تكون لغة سليمة من حيث النحو. 2- أن تكون لغة متينة ورصينة لا تبدو عليها الركاكة. 3- يفضل أن تكون الفقرات قصيرة. 4- علامات الترقيم تساعد على تحديد نبرة الصوت. 5- إشراك المصلين بالخطبة عن طريق طرح الأسئلة. 6- تحضيرات قبل الخطبة: 1- الراحة وعدم التعرض لموقف عصبي. 2- الاطلاع على الأخبار صباحا، لأنه قد يضطر لتغيير موضوع الخطبة في حالات معينة. توصيات: 1- عقْد لقاءات أو اجتماعات دورية لتقييم عمل الخطباء والتنسيق بينهم، ووضع برامج وتوصيات وأجندات معينة. 2- عقْد دورات تدريبية للخطباء الجدد أو الذين يلزمهم التصويب. 3- التواصل مع جمهور المصلين من خلال صندوق مقترحات يوضع في المسجد، أو إعلام المصلين بوجود دائرة في وزارة الأوقاف تهتم بملاحظاتهم. 4- احتفاظ الخطيب بأرشيف يحتوي على خطبه السابقة، ومكتبة متخصصة تساعده في المعلومات والمواضيع. 5- تحسين الوضع المادي للخطباء لتحقيق كفاية مالية من الراتب تمكنهم من الاستغناء عن أعمال إضافية. 6- البدء بعمل إطار نقابي للخطباء والأئمة والوعاظ. 7- وضع آليات لاستقطاب المبدعين في الثانوي وتوجيههم لدراسة الشريعة. أدعو الله سبحانه وتعالى أولاً أن يأخذ خطباء المساجد هذه الخاطرة مني بصدر رحب.... ثانيا أدعو الله سبحانه وتعالى أن يعينهم على ما هم فيه من مسؤولية ضخمة في الأمة الإسلامية وأن يجعل خطبهم سبباً مباشراً في إصلاح الشباب بإذن الله تعالى
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار افتراضي مع المرحوم محمد شكري الكاتب الذي صارع البقاء لي
...
-
التطرف
-
حوار مع الأديبة والشاعرة الكويتية بسمة عقاب الصباح
-
حميرنا وحمار أوباما
-
الإدارة والإداريون
-
العزوف عن القراءة
-
سيارة البلد لا تطرب
-
قيمة الإنسان من ماركة سيارته
-
النقل المدرسي
-
تعزيز منظومة النقل وتحقيق جودتها
-
دردشة مع سائق طاكسي!!!
-
سائق الطاكسي سفير فوق العادة
-
°°°أحلام سائق طاكسي
-
أرصفة مع وقف التنفيذ
-
مقالات حول المدن.
-
البقال
-
°°°عن تاريخ مدينة يتحدثون
-
المقاهي !!!!
-
الحرشة والملاوي في بيبان القهاوي
-
لاعذر للنساء...
المزيد.....
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
-
مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
-
سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|