أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم يوسف - ننتظر














المزيد.....

ننتظر


كرم يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2482 - 2008 / 12 / 1 - 07:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا أعتقد أنه يمرَّ لي لقاء مع أي صديق كان دون أن أكون قد وضعت ارشيفي السابق من متاعب ومشاكل وهموم أمامه ، طبعاً وذلك أملاً في لاشيء لأن صديقي أياً كان منهم فهو لا يملك أية معجزة تنقذني ، لأن الحال هو الحال نفسه منذ سنوات، ربما تتغير بعض مواضيع الأحاديث ولكن دائماً هناك نقطة القاسم المشترك في كل هذه الأحاديث هي أني ومن أحاوره كلانا نعاني ، وكلانا يبحث عن مخارج عبثية.


أحدثه ونحن نمر بكل الأمكنة عن أشياء تزعجني وتؤرقني ، ويحدثني هو عن أشياء مماثلة إلى درجة أعتقد أنه يمكنه أن يفهمني فقط بمجرد أن أفاتحه بمطلع موضوع ما ، كي نلج المقهى لتناول فنجان قهوة ، أو شاي أو لنحتسي أي شيء... أي شيء كان ...! ،حيث ثمة مقهى جميل في المدينة أحبه ،هو مقهى يجمع كل شيء فيه لينثره مع دخان الأراكيل والسكائر، حيث الصراخ يتعالى بسبب خدع أحدهم أو كثيرين منهم بأوراق الشدة أو بسبب الخسارات التي تتم على كل طاولة على حده ، ولكن الصراخ ينتهي ..الصراخ ينتهي لأجل أن يعود ،و الطاولة هناك لا يتوقف صوت أصحابها، هم زبن دائمون للمقهى، يرتادونه كلما أفاقوا من حزنٍ أو من فرح ، وهناك أيضاً في أقصى الجهة اليمنى من المقهى طاولة أخرى يعجبني منظر عجوز لا ينفك يلعب وحده بأوراق الشدة ، وكأنه في امتحان لمادة الاحتمالات ويحصي احتمالات سقوط المطر في محافظة الحسكة ، وإلى أي حد سيتمكن من وفاء ديونه،وعلي ألا أنسى خمس طاولات أخرى تمتلئ بأصحابها بعد الساعة الرابعة ، ولا يغادرونها إلا مع إغلاق أبواب المقهى،و هؤلاء كما كل رفاقهم -الزبائن الدائمون أو المؤقتون لجلسة- يتحدثون لا في كل شيء فحسب ، بل عن لاشيء أحياناً ، هؤلاء حينما يقص كل واحد منهم ما سمعه من أخبار في فترة الاستراحة في المنزل وقبل الدوام في المقهى ، فهم يجلبون تلك الأخبار إلى أصدقائهم، هذا بعد أن يتناولوا موجزاً للأحداث السياسية في العالم وإذاما انقطع بهم الحديث تراهم يصيخون السمع إلى طاولة تجاورهم ليتكلموا فيه ، أو يشاركونهم الحديث وأوراق الشدة في أيديهم وعقب السيكارة إما في طرف إحدى شفاههم أو أن السيكارة تتابع احتراقها على المنفضة لئلا تفوتهم كلمة واحدة من موضوع يبحثون عنه.


يغوصون في كل شيء يعنيهم ولا يعنيهم ،ويجيبون على ما كل يُسألون ولا يِسألون ويتابعون الموضوع بقلوب ملؤها الهرب من الواقع ،من مطر لا يأتي و ربما أقسم ألا يأتي ،و أولاد أو أسر هاجرت بكاملها خارج مدنها ، يتلهفون لموضوع جديد لأن المحافظة النفطية في سوريا لا تكفيهم وظائفها الكثيرة، ولأن الشركات التي ستبنى يوماً في أرجاء مدن الشمال السوري ستسعهم ، هم ممتلئون بالحياة قدر ما يستطيعون ، ولكن الحياة ليست تبالي بهم، فهم أناس يعيشون على مجرد حلم ولا يهم إن كان صيفياً أو شتوياً.


هم يختنقون لا بدخان مصانع لم تبن ، بل بهموم تكبر مع ساعة حائط المقهى ، مثقفون لدرجة عالية في كل شيء ليس بسبب الشهادة التي يحملها كثيرون منهم ، بل بحكم التجربةـ أو لم يقل معلمي ذات يوم في المدرسة : إن المجرب أدرى.


ما يحلق ليطير من مدن الشمال السوري هم ناسها ولكنهم ينسون طريق العودة إلى مطاراتهم إلا في الأعياد، هم أبناء الشمال الباحثين عن مجرد ما يحيون به، هنا أو هناك لا يهم ، ما يهم هو فرصة عمل.


هؤلاء الذين يرتادون مقهاي المفضل ، أو أنا أرتاد مقهاهم المفضل ، يضحكون ومستعدون في أي وقت لأن ينفجروا باكين.


في أغلب الأحيان ثمة دموع ، تستوطن أطراف أعينهم ، اعتادت بحكم السنين أن تنهمر بهدوء أو أن تكبر وتكبر ، ولا تنزل إلا بعد إشعال سيكارة ماقبل النوم ، وصور الغائبين في المدن البعيدة التي تمر في ظلام الغرفة تمنعهم من النوم .


بحكم أنّ مرتادي مقهاي في مدينة قامشلي أجادوا الحزن ، وأجادوا معه الحياة فإنَّهم مثلما يعالجون أي موضوع كان يلقى أمامهم ، فهم قد أصبحوا مضادين للأحزان التي يجيدونها ، تراهم يبتكرون ألف طريقة للهرب من الحزن ليعالجوا أنفسهم من هموم لن تستقر على عدد وحال، هم حريصون أيضاً أن يشاركوا أياً يصادفونه أو يجلسون إليه أحزانهم ليجدوا بذلك قوة مضاعفة للتغلب على حزنهم ، لذا تراهم يتفاعلون مع موضوع فاتورة الكهرباء لأي صديق أو موضوع أجرة الطريق أو انخفاض سعر الموز والتفاح والتين والرمان .


كرم يوسف











#كرم_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا أحيا ..هكذا يموت الرصاص.....!.
- تركيا : الشعب ،و العسكر، وأتاتورك، والخارطة وأمية الضمير
- حين يغني محمد شيخو في أعالي قاسيون
- خشية أنّ تستيقظ صحيفة الوطن ذات يوم على حلم دومريّ
- كرد سوريون -ضاع - مستقبلهم الدراسي بسبب- سلخ -جنسيتهم السوري ...
- الأنفال سورة حزن الكردي الكبرى
- الرياضة كأمثل حوار للحضارات
- العراقيّ يحمل كفنه أينما ذهب!
- هل يحتاج السوري إلى وصاية أكبر ....؟


المزيد.....




- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...
- إعلام: الجنود الأوكرانيون مستعدون لتقديم تنازلات إقليمية لوق ...
- مصر.. حبس الداعية محمد أبو بكر وغرامة للإعلامية ميار الببلاو ...
- وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
- شهيدان بجنين والاحتلال يقتحم عدة بلدات بالضفة
- فيديو اشتعال النيران في طائرة ركاب روسية بمطار تركي


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كرم يوسف - ننتظر