أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أنور مالك - دستور بوتفليقة: الإحتفاء بالمجاهد عمارة العسكري والإعدام لإبنه جمال الدين















المزيد.....

دستور بوتفليقة: الإحتفاء بالمجاهد عمارة العسكري والإعدام لإبنه جمال الدين


أنور مالك

الحوار المتمدن-العدد: 2482 - 2008 / 12 / 1 - 03:34
المحور: حقوق الانسان
    


بدأت تظهر عجائب دستور الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، فبعد تحطيمه للرقم القياسي في التعديل الذي لم يتجاوز 15 يوما، وقد قضى الرئيس عشر سنوات وهو ينتقده في كل خرجاته ويصبّ جام الغضب عليه، بل يحمله كل مآسي البلد بسبب مواده وطبيعة الحكم غير الواضحة فيه، ولما اقترب الموعد الحاسم الذي ينهي حكمه ولا يسمح له للأبد بالترشّح لرئاسة البلاد، طلع علينا بتعديلات وصفت بالجزئية والتي يهدف من ورائها تلك المادة المزعجة لكل الحكام العرب وهي رقم 74، التي تحدد العهدات الرئاسية بمرتين فقط... هذا أمر يعرفه القاصي والداني ولا داعي أن نعيد حديثنا عنه، ولكن الغريب العجيب أنه لم تمر سوى أيام معدودات تقدر بـ 12 يوما، طلعت علينا ما تسمّى بالأسرة الثورية بملتقى تاريخي في المركز الجامعي بولاية الطارف "شرق البلاد" وفي يوم الخميس 27/11/2008، وإعتبره أمين عام منظمة المجاهدين السعيد عبادو أنه يدخل في إطار الدستور الجديد الذي يوجب تقديس التاريخ وأبطاله، وقد حضر الملتقى الكثيرون وعلى رأسهم الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد الذي ألقى كلمة طويلة ونارية، هدد فيها وهو يقسم بالله العظيم من أن يفضح المستور الذي ينام بين جنبيه، وإن كان الكثير مما سيحكيه الرجل معروف لدى الخاصة والعامة، ولكن أن يأتي على لسان الشاذلي له دلالات مختلفة ووقعه المثير، وإن كنا نستبعد أن يتحدث عن أسرار الإنقلاب عليه في يناير/كانون الثاني 199، وقد سبق وأن أكّد على إستقالته بمحض إراداته.
لقد تناول الحاضرون من مختلف الطبقات تاريخ أحد أعمدة القاعدة الشرقية إبان ثورة التحرير المظفرة، ويتعلق الأمر بالعقيد البطل عمارة العسكري الشهير بإسم عمارة بوقلاز، وقد هبّ الجميع ممن لبّوا هذه الدعوة في الحديث المستفيض والمرنان عن هذا المجاهد، ورووا الكثير من مفاخره وبطولاته، حتى أن التلفزيون الرسمي غطّى الملتقى وأعد تقاريرا مختلفة لمجاهدين ورفقاء المجاهد عمارة بوقلاز وهم يتحدثون عن تاريخه الكبير وبعض مواقفه عبر محطات مختلفة من ثورة الجزائر.
نحن لا ننكر أبدا أن نحتفي برجال ثورتنا المخلصين والخالدين، ولكن أيضا لا نقبل أن يتحول تاريخهم إلى مجرد ورقة للبزنسة السياسية والآنية لتحقيق أطماع طبقة لا همّ لها إلا السلطة وريعها، فأن يكون عمارة بوقلاز هو أول من يحتفل به في ظل دستور جديد أراده بوتفليقة لأجل تحقيق رغباته في الكرسي مستغلا ورقة الثورة والشهداء وحتى المرأة، هو قدر أراده الله تعالى ليفضح من خلاله حقيقة ما يريده هؤلاء في هذه المرحلة بالذات.
لمن لا يعرف أن عمارة بوقلاز هو والد جمال الدين العسكري المسجون منذ أكثر من 16 عاما في الجزائر بعدما أتهم بالتورط في تفجيرات مطار هواري بومدين عام 1992، وقد حكم عليه بالإعدام في 31/08/1993، وإستفاد لاحقا من عفو رئاسي لصالح المحكوم عليهم بالإعدام لتتحول عقوبته إلى المؤبد، ويعتبر الوحيد الذي لم ينفذ فيه الحكم، والذين بهم طوي تنفيذ أحكام الإعدام في الجزائر عام 1993.
ولما تمّ إعتقاله ألحّ المجاهد عمارة بوقلاز أن يرى إبنه وهو مهندس معماري والذي يحبه إلى درجة لا يمكن تخيلها، وقد لبّت مصالح الأمن طلبه وقد شاهده مكبّلا وعليه آثار التعذيب البشع الذي تعرض له، حتى كاد أن يغمى عليه، ومن تلك الصدمة وهو يعاني حتى توفي في 1995 رحمه الله، وشارك في جنازته الكبيرة كالمعتاد جنرالات وما يسمى بالأسرة الثورية إلا إبنه طبعا.
محامي جمال الدين وهو الأستاذ عبدالحميد عيساني أكد في تصريحات إعلامية مختلفة أن من حق موكله الإستفادة من ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، لأن محاضر المحكمة الخاصة أكدت على عدم تورّطه في تفجير مطار هواري بومدين بالعاصمة، وراسل الجهات المختصة بذلك، ولكن لم يتحقق الأمر ولا يزال جمال الدين العسكري يعاني من أمراض مزمنة في زنازينه بسجن لامبيز بعاصمة الأوراس باتنة التي تعتبر من معاقل والده إبان ثورة التحرير.
وبدورها قامت زوجته السيدة سعاد العسكري بمراسلة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وكذلك وزير العدل حافظ الأختام الطيب بلعيز في بداية العام الجاري، ولكن لا جديد يذكر في الأمر، وظلت هذه المرأة في ظروف صعبة وقاسية، ولكن ترى هل تنصفها المواد الدستورية الجديدة التي أرادها الرئيس وجماعته من أجل رد الإعتبار للمرأة كما يزعمون؟ !!
لقد أحسست بمرارة وأنا أتابع ما كتب عن ملتقى المجاهد عمارة بوقلاز، والكيفية التي أرادها القائمون على هذه المناسبة من أجل تمرير رسائل سياسية للشعب الذي هو في حاجة للعمل والخبز والحليب والماء والسكن، ولكن يقفزون على هذه المتطلبات نحو أشياء أخرى أقل ما يقال فيها أنها ملاذهم من أجل إستغلال بشع للتاريخ ومقدساته... لو كان عمارة بوقلاز على قيد الحياة وسأله بوتفليقة أو السعيد عبادو أو الشاذلي بن جديد أو محمد الشريف عباس: ماذا تريد أيها البطل المغوار؟ لأجابهم بلا تردد ومن دون أن يهتم بالعروض ولو كانت مناصبا عليا: أريد إبني جمال الدين حرّا في البلد التي ضحيت من أجلها، فهل يا ترى سيستجيبون له؟ !!
أنا لا أعتقد ذلك لأنني على يقين أن التكريم بهذا الملتقى ليس لبطولات المجاهد عمارة الذي رحل عن الدنيا بأمراض أشعلتها في جسده حسرته على إبنه وقرّة عينه، إنما هو تكريم للدستور الجديد الذي فتح لهم أمل البقاء في المناصب التي يحتلونها مادام في قصر المرادية رجل إسمه عبدالعزيز بوتفليقة... لكن المقادير أرادت أن تفضح هذا الدستور وهذه العصابة، حيث لم يجدوا سوى عمارة بوقلاز، الذي لا تزال أسرته تبكي إبنها وتناشد بوتفليقة أن يفرج عنه في إطار ميثاق السلم والمصالحة الذي صادق عليه الشعب الجزائري بإجماع في إستفتاء 29/09/2005، وهو حق قانوني أجمع عليه كل من إطلع على ملف جمال الدين العسكري... هكذا هو تقديس التاريخ في نظرهم، وهكذا هو تقديس رجال الثورة، عن طريق ملتقيات يتفنّن التلفزيون الرسمي في الإشادة بها، وتغدق الصحف عليها بالإطراءات والمديح، في حين الواقع عكس ذلك تماما، فكم من مجاهد يعرف الجميع بطولاته لا يملك بيتا يأويه من صقيع الشتاء وحر الصيف؟ وكم من ثوري لم يستفد حتى من أجرة الشبكة الإجتماعية بها يدفع الجوع الذي يقرع أبواب منزله القصديري أو الهش؟ في حين نجد حركى وحتى مجاهدين مزيفين كانوا ممن يقتلون الشعب وينهبون ثرواته ويسرقون خبز صغاره، اليوم يتزعمون الناس بإسم شرعية الثورة والتاريخ، بل حتى أبناء يدّعون أن آباءهم من الشهداء والأبطال وهم من الخونة والعملاء، ويتزعمون تشكيلات وهيئات لا هدف لها سوى التطبيل وهزّ البطن ونهب ريع البلد !!
ليس الإحتفال ببطولات عمارة بوقلاز أن تصرف الأموال على ملتقى، في حين لم تجد أسرته ما تشتري به ألبسة وقفّة تحتوي على المواد الغذائية تحملها لإبنها الذي سوّست الزنازين أسنانه ونهشت الدموع خدوده وثقبت القرحات أحشاءه من أطعمة ووجبات فاسدة... وليس الإحتفال به أن تدعو مجموعات تتخذ من المنبر فرصتها لتصفية حسابات سياسية في ظرف حساس للغاية تعيش فيه سرايا الحكم حربا خفية من أجل تقاسم الكعكة، في حين أسرته اليوم لا مطلب لها سوى أن يحرّر إبنها وفي إطار قانون إسمه ميثاق السلم والمصالحة، ودون ذلك لا رغبة أخرى لهم في مناصب الجزائر ولا حتى ثرواتها...
وأترك هذا السؤال معلقا: ترى هل سيستجيب بوتفليقة لدموع البطل عمارة بوقلاز الذي لقي ربه وعيناه تدمعان حسرة على إبنه جمال الدين؟
هل ستكرم هذه العائلة أم سيظل العقيد عمارة العسكري مجرد ورقة تستعمل في إحتيالات سياسية وكغيره من شرفاء الوطن وعلى حساب مقدسات لا يقبل مطلقا التلاعب بها أو إستغلالها في أي شيء مهما كان نوعه؟ !!... والأيام كفيلة بالإجابة.






#أنور_مالك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجزائر للبيع… ومن سيشتري شيئا يؤخذ مجانا؟
- الجزائريون لا يدخلون الجنة…
- مقدسات في الجزائر: ثروة الثورة والبوليساريو وإرهاب الجنرالات ...
- ماذا تبقى للجزائريين حتى يخسروه في الأزمة المالية العالمية؟! ...
- طوفان الجزائر: الحاجة لقنوات تصريف المسؤولين!!
- أبشروا بالخراب يا بؤساء الجزائر- الجزء الثالث
- أبشروا بالخراب يا بؤساء الجزائر (2)
- أبشروا بالخراب يا بؤساء الجزائر... (1)
- زمن بوس الواوا: عبث الانظمة وعبث الشعوب
- ماذا بعد أن نافس الجزائريون الكلاب الضالة على النخالة والمزا ...
- عولمة العبث الجزائري: ماذا لو شرع السفير الأمريكي فتح الحدود ...
- قبل تعديل الدستور الجزائري: وعود في ذمة الرئيس!!
- الإغتيال العربي لحقوق الإنسان: ما يحدث في سجون الجزائر نموذج ...
- تحت صمت ملايين الفقراء: ثورة المآزر البيضاء في الجزائر
- عن لجنة التحقيق الأممية: بان كي مون في مواجهة مغامرات البوكي ...
- عجائب المصالحة الجزائرية: تفجيرات ومساجين صاروا نجوم -القاعد ...
- ماذا لو ساند المغرب إستقلال القبائل في الجزائر؟
- الحرب على الرأي الآخر: دم -الجزيرة- المستباح في الجزائر!!
- بوقرة سلطاني في مفترق الطرق: أو عندما يعاقب الشعب الجزائري أ ...
- المصالحة الجزائرية: بين قسوة المحاكم ورحمة الرئيس!!


المزيد.....




- مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا ...
- إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
- مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
- مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري ...
- لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
- مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر ...
- لندن.. اعتقال نتنياهو ودعم إسرائيل
- اعتقالات واقتحامات بالضفة ومستوطنون يهاجمون بلدة تل الرميدة ...
- المقررة الاممية البانيز: مذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت غير كا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - أنور مالك - دستور بوتفليقة: الإحتفاء بالمجاهد عمارة العسكري والإعدام لإبنه جمال الدين