قرأت وحضرت عدد كبير من المؤتمرات الصحفية التى عقدت خلال هذا الاسبوع فى قلب القاهرة ,فبينما يتحدث المسئولين عن القمة العربية , والديمقراطيه, ومشروع الشرق الاوسط الكبير والصغير , والعراق وفلسطين والاحتلال الاسرائيلى ,, والاصلاح السياسى والاقتصادى , واجتماعات مجلسى الشعب والشورى , والرخاء الاجتماعى الذى يعيشه المواطن المصرى فى زمن الرئيس مبارك , كان على الجانب الاخر هناك الاف البشر يقفون على رصيف السكه الحديد وموقف عبود ليناضلوا لمدة 5 ساعات متواصله حتى يتمكنوا من العثور على مكان (ينحشروا فيه ) لكى يصلوا الى عائلاتهم فى جميع محافظات مصر , ويحدث ذلك يومى الاربعاء والخميس من كل أسبوع .!
لقد نجحت الحكومة المصريه فى (الهاء ) الشعب المصرى فى موضوعات أخرى فهو الذى يتصارع يوميا من أجل الحصول على رغيف العيش ويقف ساعات طويله أمام الفرن لشراء الخبز , ثم ينحشر فى الاتوبيس كل يوم ذهابا وايابا وسط الحر الشديد والبرد القارص , ويقف عاجزا أمام ارتفاع الاسعار الجنونى الذى يتواصل كل يوم دون ملل او كلل, فكيف سيفكر هذا المواطن المسكين فى تلك الاسطوانات المشروخه والمكرره حول الديمقراطيه والحريه والاحزاب وامريكا واسرائيل , وكيف سيطالب بالتغيير وهو يصارع الحياه فى الناحيه الاخرى ويتم اهانته فى أقسام الشرطه دون أن يتكلم ويكون كل هدفه هو ان يخرج لاولاده الذين سيواجهون الجوع اذا تم خصم يوم واحد من راتبه المتواضع . كيف نطالب المواطن أن يشارك فى الاحزاب ويكون له دور فى الاصلاح السياسى وهو يطرد من أرضه ومصنعه حتى انه يبيع صوته أحيانا لمرشحى الحزب الاحاكم فى الانتخابات مقابل( ساندوتش لحمه) .
وعندما قرأت عن اجتماع وزراء الخارجيه العرب فى القاهرة خلال هذا الاسبوع , ولقاء الاحزاب المصريه مع المبعوث الامريكى لبحث مشروع الشرق الاوسط الكبير الذى تدعو له أمريكا لمناقشته فى القمة العربيه المرتقبه , وعندما سمعت عن المبادات العربيه الاخرى , وعندما حضرت مؤتمر الاخوان المسلمين الذى طرحوا فيه برنامجا لكل الامور المطروحه على الساحه , وعنما قرأت كل الصحف الحكوميه والمعارضه , وعندما شاركت فى كل المظاهرات التى خرجت وهى محاصرة بقوات الامن تسأءلت : أين المواطن , وأجبت على نفسى : انه هناك يعيش الفقر والجهل والمرض , فهو مغيب وغائب وخائف وحزين فى وسط عالم متناقض وتصريحات متناقضه وجو فاسد وأرض ملوثه وأحزاب ممزقه واعلام كاذب ومنافق واقتصاد مضروب وسياسه وهميه واوضاع اجتماعيه متدنيه وثقافة مصطنعه وفاشله وأناس يدعون الوطنيه لتحقيق مأرب أخرى .
فيا ايها ( الكلامنجيه ) كفاكم تصريحات ومؤتمرات واجتماعات ومقالات , واعلموا انه لا تغيير للاحسن الا بمشاركة هذا المواطن المسكين الذى يجلس هناك بعيدا عنكم كل هدفة فى الحياه أن يحصل على رغيف العيش وأن يذهب لاولاده محشورا فى الاتوبيس خائفا من أن يتحرك ويثور لانه متأكد أنة لا توجد قويه وطنيه وحقيقيقة فى الشارع .. وسلملى على مشروع الشرق الاوسط !!