زعيمة بنت طالب
الحوار المتمدن-العدد: 2480 - 2008 / 11 / 29 - 07:14
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
مقدمة:
شهدت مناهج الرياضيات في النصف الثاني من القرن العشرين موجات متلاحقة من التغير والتطور بدون توقف، وبالرغم من ذلك بقيت الأعداد وعملياتها الحسابية مركزا ثابتا تدور في فلكه معظم المواضيع الرياضية، وتبقى الأعداد وعملياتها الجوهر والمعنى للرياضيات بجميع فروعها.
إن الأصل أن يثابر معلم الرياضيات ويستمر في مساعدة طلبته على تطوير المهارات، والخوارزميات، والعمليات الحسابية، وبنفس القدر يسعى ليحقق الفهم والاستيعاب لديهم عن طريق التساؤل فيما يفعلون؟ ولماذا يفعلون؟ وكيف يفعلون؟ ولا تنجح عملية تعليم وتعلم الرياضيات دون عمل توازن بين استيعاب المفاهيم والحقائق العددية من جهة، والمهارات والعمليات من جهة أخرى من أجل تمهيد الطريق وتسهيلها أمام المزيد من المعرفة الرياضية، وحل المسائل.
ويبرز دور الطالب في إظهار الفهم والاستيعاب من خلال القدرة والكفاية الرياضية على فهم الأعداد وإجراء العمليات عليها، حيث يكون قادرا على فهم النظام العددي، ومعرفة الأسس التي تبنى عليها العمليات الحسابية، والقدرة على تقدير الأعداد والكميات والإجابات وإصدار أحكام على معقولية هذه التقديرات، والقدرة على إجراء العمليات بصورة مختصرة، وكذلك القدرة على الإجابة عن طريق الحساب الذهني، والتمكن من الأعداد الكبيرة وفهم المصطلحات الحسابية الأساسية.
لا يخفى على أحد أن مفهوم الأعداد إذا لم يقدم بصورة ناجحة يصبح معقدا وغير سهل على الطلبة؛ وذلك لأن الأعداد لها تمثيلات، وصور، ووجوه عدة، لذلك فإن فهم الأعداد لا يشمل فقط إدراك العدد، بل يتعداه ليشمل النظام المعقد للعلاقات المتشابكة مثل علاقة أكبر من، وأصغر من، وعلاقة الجزء بالكل، والقوانين والأنظمة الخاصة ببعض الأنظمة العددية والأعداد، أما الحاجة إلى الربط بين الأعداد وكميات حقيقية في البيئة، وعمل قياسات في البيئة عن طريق الأعداد فهي قضية ليست سهلة لكنها أساسية يتم تيسيرها بتنمية الحس العددي لدى الطلبة.
إن مساعدة الطلبة في فهم الأعداد والعمليات عليها يأتي عن طريق إعداد الطلبة من خلال الدقة والسرعة في إجراء العمليات، بجانب الإتقان والمعرفة للحقائق والمفاهيم الأساسية للأعداد والعمليات، وهذا لا يتم بمعزل عن موضوع الحس العددي (Reys, 1992).
لذبك فإن هذا البحث سيسلط الضوء على موضوع الحس العددي من حيث توضيح معنى المصطلح، والمكونات الأساسية للحس العددي، وأهميته ، وكيف يتطور، وكيفية تدريسه، واستراتيجيات ومهارات لتنميته، ومن ثم أهداف تنميته، ودور المعلم في هذا المجال.
تعريف الحس العددي:
يُعرف الحس العددي بأنه الشعور الحسي بالعدد الذي يوجه عملية اتخاذ القرار بذكاء ومرونة حول الاستخدامات العددية (Howden, 1989)، ويعتبر هذا الحس العددي ضروريا للحياة اليومية؛ وذلك للحكم على معقولية التقديرات أو الحسابات (NCTM, 1989)، كذلك فإن الحس العددي يمنح الشخص المرونة في الانتقال من تمثيل عددي إلى آخر.
وكما يتضح من خلال المعايير التي حددها المجلس القومي لمعلمي الرياضيات في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2000 في مجال الأعداد والعمليات عليها، فإن الحس العددي يتضمن:
1- فهم الأعداد وطرق تمثيلها والعلاقات فيما بينها والأنظمة العددية.
2- فهم معاني العمليات وارتباط كل منها بالأخرى.
3- المهارة في الحساب وإجراء تقديرات معقولة.
وبالطبع فإن هذه المعايير لا يمكن تحقيقها عن طريق التدريس التقليدي، أي عن طريق الحفظ الاستظهاري والتركيز المبالغ به على سرعة الحساب، وعلى العكس فإن تنمية الحس العددي تتطلب تعلما عن طريق الاستكشاف والبحث عن الأنماط والعلاقات العددية (السواعي، 2004)، وبالتالي فإنه لتحقيق الحس العددي يحتاج الطلاب فرص لاستكشاف وبناء العلاقات بين الجوانب الثلاث المكونة للنظام الرياضي، وهي: الكميات الموجودة فعليا في الوقت والمكان، الأرقام، الرموز الرسمية مثل الإشارة العددي والعملية الحسابية (Griffin, 1997).
ونظرا لحداثة مصطلح الحس العددي في الرياضيات كما بين ذلك ماكنتوش ورفاقه (Mcintosh et al, 1997) في أمريكا وأستراليا والسويد واليابان وتايوان، فقد تعرض إلى الكثير من الأسئلة والاستفسارات إلى جانب البحث والتنقيب بين المهتمين والتربويين والباحثين، وواضعي المناهج، وبالتالي ظهرت أسئلة عديدة مثل: ما تعريف الحس العددي؟ وما مكونات الحس العددي؟
ونتيجة لهذه التساؤلات فقد أُعطي الحس العددي تعريفا عاما متفقا عليه من قبل بعض المهتمين في مجال تربية الرياضيات كما بينت ريز (Reys, 1992)، وينص التعريف على أن الحس العددي هو إحساس الإنسان بخصائص الأعداد والعمليات عليها ومعناها وفهم كيف ومتى ولماذا نستعملها، فكما أن أسلوب حل المشكلات يعتبر الأساس في الرياضيات بشكل عام فإن الحس العددي يعتبر الأساس في دراسة الأعداد والحساب الذي يعتمد على الفهم، وعرف ماكنتوش ورفاقه (Mcintosh et al, 1997) الحس العددي على أنه يعود إلى الفهم العام للأعداد والعمليات، ويشمل ذلك الميل والقدرة في استخدام هذا الفهم بطرق مرنة من أجل إصدار أحكام رياضية وتطوير استراتيجيات مفيدة وفعالة في معالجة الأعداد والعمليات، كما يشمل انطباعات الشخص عن الحس العددي وأن الأعداد عبارة عن شيء له وجود ومعنى وأن الأعداد مفيدة وأن الرياضيات هي طريقة تفكير منظمة ومنطقية.
أما الحس العددي من وجهة نظر جرينو (Greeno, 1991) فهو عبارة عن مصطلح يحتاج إلى تحليل نظري بدلا من إعطاءه تعريفا محددا، وهو عبارة عن تفكير مفاهيمي أو استدلالي مفاهيمي بمعنى أن الحس العددي يشتمل على المرونة الحسابية للأعداد والتقدير العددي وإصدار أحكام كمية واستدلالية.
أما المجلس القومي لمعلمي الرياضيات في الولايات المتحدة الأمريكية فقد عرف الحس العددي على أنه عبارة عن حدس حول الأعداد يتم اكتسابه من المعاني المختلفة والمتنوعة للأعداد وذلك من خلال فهم معنى الأعداد والقدرة على إدراك عدة تمثيلات للأعداد وإدراك ومعرفة العلاقات لمقادير وحجم الأعداد ومعرفة تأثير العمليات على الأعداد وامتلاك مرجعية (نقط إسناد) لقياس الأشياء في البيئة.
ومن هنا نرى أن الحس العددي يشير إلى فهم الشخص العام للأعداد والعمليات والقدرة على التعامل معها بمواقف الحياة اليومية والتي بالتأكيد الأرقام جزء منها (Yang, 2005)، كما يتضح أيضا أنه عبارة عن شعور حدسي نحو الأعداد واستخداماتها المختلفة وتفسيراتها، وإدراك عدة مستويات من الدقة عند إجراء العمليات الحسابية، والقدرة على تعقب الأخطاء الحسابية، وإحساس عام نحو الأعداد، والحس العددي ليس شيء منته يمتلكه أو لا يمتلكه الطالب، وليس وحدة دراسية يمكن أن تدرس ثم ننتهي منها، بل هو طريقة من طرق التفكير والتي يمكن إكسابها لدى الطالب إذا وجدت طرق تدريس وفرص تعلم مناسبة (Reys, 1992).
مكونات الحس العددي:
مكونات الحس العددي الأساسية
أولا: الأعداد
ثانيا: العمليات
ثالثا: التفاعل والتطبيق بين الأعداد والعمليات
هذا وقد قام ماكنتوش ورفاقه (Mcintosh et al, 1992, 1997)، بتجميع هذه المكونات في ستة مجموعات، وهي: مفهوم العدد، التمثيل المتعدد للأعداد، تأثير العمليات، الصيغ والتعابير المتكافئة، استراتيجيات العد والحساب، ونقاط الإسناد، وفيما يلي شرح لهذه المجموعات مع مثال لكل مجموعة:
أولا: مفهوم الأعداد: فهم معنى وحجم الأعداد ومقدارها، ويتم هذا عن طريق فهم النظام العشري للأعداد الطبيعية والصحيحة والكسور العادية والكسور العشرية، وتشمل الأنماط والقيمة المنزلية التي تزودنا بإرشادات حول معنى وحجم ومقدار الأعداد، مثل: 5/6 كسر أقل من واحد صحيح وهو قريب من العدد واحد بسبب العلاقة بين البسط والمقام، أو 1000 عدد كبير بالنسبة لعدد طلاب صف، وعدد صغير بالمقارنة مع عدد سكان بلد ما، ويرتبط مفهوم العدد أيضا بالقدرة على استخدام مقارنات رياضية تشمل مقارنة بالنسبة لحجم ومقدار الأعداد من خلال صور تمثيلية أو رسم توضيحي يقدمه المتعلم.
مثال:
- كم كسر مختلف موجود بين الكسرين: 2/5 3/5؟
أ- لا يوجد، لماذا؟
ب- واحد، ما هو؟
جـ- قليل، أذكر واحد.
د- كثير، أذكر ثلاثة.
ثانيا: التمثيل المتعدد للأعداد: وهو أن يدرك الطالب ويعرف أنه يوجد للعدد عدة تمثيلات، وبصور مختلفة، فمثلا: الكسر العادي يمكن تمثيله بصورة كسر عشري، وبصورة كسر مئوي، وبصورة نقطة على خط الأعداد، ويشمل أيضا أن يختار الطالب التمثيل المناسب، ويستخدمه في الوضع المناسب، والتنقل من تمثيل لآخر لنفس العدد مع القدرة على التحليل والتركيب.
مثال:
- ضع دائرة على جميع الإجابات الصحيحة للعدد 2/5:
أ- أكبر من 1/2.
ب- يساوي 5,2.
جـ- أكبر من 1/3.
د- يكافئ 4,0.
هـ- أقل من 1/4.
ثالثا: تأثير العمليات: أن يفهم ويستوعب الطالب معنى العمليات وتأثيرها بشكل عام، أو على مجموعة محددة من الأعداد، فمثلا: القسمة وتعني تجزئة العدد إلى مجموعة من الأعداد المتكافئة، ومثلا: إذا ضربنا أي عدد موجب في كسر أقل من واحد صحيح تكون النتيجة أقل من هذا العدد، ويشمل تأثير العمليات قدرة الطالب في الحكم على معقولية الحل وصحته في ضوء فهم الأعداد والعمليات التي استخدمها.
مثال:
- بدون إجراء عملية حسابية، أوجد النتيجة بالضبط: إن أفضل تقدير لحاصل ضرب 87×09,0 هو:
أ- أكثر بقليل من 87.
ب- أقل بقليل من 87.
جـ- أقل بكثير من 87.
د- أكثر بكثير من 87.
رابعا: الصيغ والتعابير المتكافئة: وهي عبارة عن قدرة الطالب على فهم، واستعمال صيغ متكافئة، ومن خلال ترجمة صيغة معينة إلى صيغة أخرى مكافئة لها، ويكون هذا الفهم والاستعمال مستندا إلى خصائص العمليات مثل التبديل والتجميع والتوزيع والهدف من هذه الصيغ المتكافئة هو التسهيل والاختصار وتطوير استراتيجيات للحل، مثل استخدام خاصية التوزيع لإيجاد حاصل ضرب 7×52 = 7 × (2+50) = 14 + 350 = 364.
مثال:
- إذا كان: 93 × 134 = 12462، كم يكبر حاصل ضرب 93 × 135 عن 12462:
أ- 92.
ب- 93
جـ- 134.
د- 135.
هـ- لا أعرف.
خامسا: استراتيجيات العد والحساب: وتشمل القدرة والبراعة في استخدام أساليب الحس العددي في عمليات العد وإجراء الحسابات، مثل أسلوب التقدير وأسلوب الحساب الذهني.
مثال:
- هل 29 × 38؟
أ- أكبر من 400، لماذا؟
ب- أصغر من 400، لماذا؟
جـ- يساوي 400، لماذا؟
مثال:
- ضع دائرة على أفضل تقدير لعمرك بالأيام:
أ- 500 يوما.
ب- 5000 يوما.
جـ- 50000 يوما.
د- 5000000 يوما.
سادسا: نقاط الإسناد: استخدام أسلوب الحس العددي في قياس أوضاع مختلفة، وذلك عن طريق الفهم في استخدام المقاييس المعيارية وغير المعيارية والمقاييس الشخصية، مثل: وزن كتاب الرياضيات حوالي 400 غم، خمس حبات برتقال تزن واحد كيلوغرام، وهنالك المقاييس الرياضية والفيزيائية، مثل: الكتلة، والحجم، والطول، والزمن، والزوايا.
مثال:
- ما وزن رجل عادي طوله 180سم؟
أ- 10 كغم.
ب- 40 كغم.
جـ- 80 كغم.
د- 180 كغم.
أهمية الحس العددي:
منذ أن أصبح الحس العددي عاملا مهما في تعليم الرياضيات كثر النقاش والبحث حوله، فأولا تم تحليله من خلال المنظور النفسي، وثانيا تم وصف تطور خصائص الحس العددي، وثالثا من خلال إعداد أنشطة عملية موجهة والتي تشجع على تطوير الإحساس بالعدد من خلال النقاش الصفي، وفي النهاية قدمت هذه النقاشات إطارا نظريا مفيدا وذو معنى للحس العددي، حيث تم وصفه في مبادئ ومستويات مدارس الرياضيات، فالحس العددي هو القدرة على تفكيك الأرقام بشكل طبيعي، فاستخدام أرقام معينة مثل 100 أو 1/2 كمرجع هو استخدام للعلاقات ضمن العمليات الحسابية لحل المشكلات وفهم نظام قاعدة الرقم 10، والتخمين، والشعور بالأرقام والقدرة على معرفة التقريب والقيم المطلقة للأعداد (Yang, 2005).
إن امتلاك قدر كاف من الحس العددي يعطي التلميذ الثقة في نفسه، والطمأنينة والراحة النفسية في معالجة الأعداد والعمليات (Mcintosh et al, 1992, 1997)، وهذا أهم ما يسعى إليه المعلمون والباحثون والتربويون؛ لأنه يؤدي إلى حب الرياضيات والنظر إليها على أنها ذات طبيعة منطقية، ومنظمة، ومفيدة في حياتنا، وأنه من دون الأعداد تكون الحياة صعبة بقدر كبير، هذا من الجانب الوجداني، والنفسي، والعملي، أما من الجانب العقلي والذهني فإن الحس العددي يمثل نمطا سلوكيا يسهم في تطوير التفكير الرياضي لدى الطالب، وتطوير المهارات العقلية وفوق العقلية من خلال التفكير في معقولية الحل، وتبرير وتعليل وتفسير الإجراءات العقلية التي يقوم بها، والنظر إلى الأعداد والعمليات من عدة زوايا وجوانب، بالإضافة إلى النظرة الشمولية للأعداد والعمليات عليها في معالجة المسائل الحسابية، فعلى سبيل المثال أوضحت ريز (Reys, 1992) أن الطالب الذي لديه حس عددي جيد ينظر إلى المسألة: 2/3 1 + 3/4 + 1/3، نظرة شاملة قبل الخوض في تفاصيل هذه المسألة الحسابية، حيث يقوم بإعادة ترتيب المسألة كما يلي: 2/3 1 + 1/3 + 3/4، وبعد ذلك يحسب في ذهنه، فيجد أن النتيجة تساوي 3/4 2، والطالب الذي لديه حس عددي جيد يستطيع بسهولة اكتشاف الأخطاء في الإجابات، وتعقبها من خلال الحساب الذهني والتقريب، ويستطيع أن يبتكر استراتيجيات لمعالجة الأعداد.
ويوضح ماكنتوش ورفاقه (Mcintosh et al, 1997)، أن الحس العددي تتضح أهميته في هذا العصر الذي تزايدت فيه المعرفة وأصبح الصغار والكبار معا في حاجة للتعامل مع الأعداد الكبيرة في مواقف كثيرة منها الميزانيات على المستويات المختلفة، وكذلك الحاجة إلى الأعداد الصغيرة جدا حيث يقاس الوقت بأجزاء صغيرة جدا من الثانية، وكذلك فالحس العددي هو الذي يخرج بالطلاب من القالب الروتيني في تطبيق القواعد والتي يمكن للأدوات المختلفة مثل الكمبيوتر، والآلات الحاسبة أن تنفذها، إلى الفهم العام والقدرة على إصدار الأحكام وتحديد المنطقية للنتائج والاعتماد على السببية والتفسيرات، فالحس هو الذي يفرق بين ما يقوم به الجنس البشرى وما تقوم به الآلات، ولذلك فإن القرن الحادي والعشرين سيرتفع فيه رصيد الحس العددي في اهتمام القائمين على التربية.
مما سبق يتبين أن للحس العددي الأثر الكبير، حيث يتيح للطلاب إمكانية الإدراك العميق للأعداد والمرونة في التعامل معها، كذلك فهو ينمي سرعتهم في الأداء وخاصة في المواقف الحياتية.
تنمية الحس العددي:
يرى (Howden, 1989) أن الحس العددي يبنى لدى التلاميذ الإدراك العميق والبصيرة، بالإضافة إلى القناعة بأن الرياضيات تعمل على بناء الحس وليست مجموعة من القواعد التي تجمع بهدف التطبيق فقط.
فعلى المعلم أن يخلق بيئة صفية ملائمة لتنمية الحس العددي لدى التلاميذ، ولا بد لهذه البيئة أن تتصف بما يلي:
1- الطابع الاستكشافي: فيجب أن تكون البيئة ذات طبيعة استكشافية يستخدم فيها التلاميذ استراتيجياتهم غير الشكلية لحل المسائل، فالاستخدام المرن للأعداد يتطلب اكتشافا للقواعد والعلاقات وليس حفظا لها، ولا يأتي هذا الاكتشاف إلا من خلال تأمل التلاميذ بالأعداد والعمليات والتلاعب بالأعداد ومعالجتها.
2- الحوار الديمقراطي: يجب أن تتميز البيئة الصفية بالحوار الديمقراطي سواء بين التلاميذ أنفسهم أو بين التلاميذ والمعلم، وهذا يتضمن إعطاء التلاميذ الحرية في التعبير عن آرائهم وطرح الافتراضات والدفاع عنها، كما يتطلب خلق ثقافة صفية تحترم الرأي الآخر دون اشتراط صحته، وعدم الاستهزاء بأي مقترح مهما قل شأنه.
3- الأنشطة الهادفة: تتميز البيئة الصفية الغنية بالأنشطة الممتعة والهادفة، وتتضمن هذه الأنشطة استخدام المسائل والأدوات والوسائل المتاحة لتشجيع استكشاف التلاميذ حول الأعداد والعمليات والعلاقات بينها، وتعتبر الألعاب الرياضية من الأنشطة التي تقوي فهم التلاميذ للأعداد والحس العددي.(السواعي، 2004).
أهداف تنمية الحس العددي:
من خلال نتائج بعض الدراسات أمكن تصنيف أهداف تدريس الحس العددي في مجالات ثلاثة (السعيد، 2005)، وهي:
أهداف في الجانب المعرفي: أن يكون التلميذ قادرا على:
1- إدراك المنظومة العددية كلية.
2- إدراك العلاقة بين الأعداد.
3- الفهم العام لأثر العمليات على الأعداد.
4- إدراك مفهوم العلامة العددية المميزة.
5- إدراك قواعد التقدير التقريبي.
6- إدراك استراتيجيات الحساب الذهني.
7- التمييز بين التقدير التقريبي والحساب الذهني.
8- فهم المسائل اللفظية وإعادة ترجمتها.
9- إدراك دلالة الأعداد بصفة مطلقة بالإضافة إلى دلالة الوحدات.
10- فهم العمليات جيدا والقياس والمنطقية والسببية وذلك لحل المشكلات الرياضية.
أهداف في الجانب المهاري: أن يكون التلميذ قادرا على:
1- تنظيم الكثير من استراتيجيات الأداء في الحساب.
2- الحساب الذهني بطريقة تتسم بالمرونة في العمليات الأربعة.
3- اختيار واختبار العلامة العددية المميزة وتحديد مدى مناسبتها واستخدامها في موضعها.
4- استخدام التقدير التقريبي في مواقف متعددة.
5- إصدار الأحكام على منطقية ومدى معقولية النتائج.
6- تحديد المتماثلات الحسابية.
7- تحديد الاحتمالات الممكنة لنواتج العمليات في عمليات التقدير والحساب الذهني.
أهداف في الجانب الوجداني: تتمثل في بناء القدرة والكفاءة الحسابية، والثقة بالنفس عند التعامل مع الأعداد، والاستقلالية في إصدار الأحكام، كل هذا يؤدى إلى الترابط والتواصل الرياضي، والذي بدوره يعنى اتجاها إيجابيا نحو الرياضيات.
دور المعلم في تنمية الحس العددي:
تتمثل أدوار معلمي الرياضيات في تضييق الفجوة بين الرياضيات المدرسية والرياضيات الحياتية، وهذا يتطلب الكفاءة من قبل المعلم في صياغة المواقف، وتصميم الأنشطة والتي يمكن من خلالها نقل الرياضيات الحياتية إلى الفصل الدراسي، والتي تهدف إلى تنمية التفكير، ولذلك فإن المعلم بحاجة لأن يدرك كيف يعمل العقل وكيف يعالج المعلومات ومنها التقريب والحساب الذهني، والأداء الحسابي، عوضا عن اكتشاف طرائق متعددة للعمل الذهني، وتشجيع التلاميذ لإنتاج طرائق متنوعة تتميز بالسرعة، وعلى درجة عالية من الدقة، وعلى الجانب الآخر فإن هناك الكثير من المفاهيم التي يغفلها المعلمون علما بمدى أهميتها لتنمية الحس العددي، ومنها: العد، التجزئة، الترتيب، المجموعات، القيمة المكانية، العلاقات، المتكافئات (السعيد، 2005).
عرض نماذج لإجابات الطلبة الذين لديهم أو ليس لديهم حس عددي جيد:
في دراسة (Reys, 1992) عُرض المثال التالي: عندما سأل المعلم الطلبة أن يقوموا بحساب 48 × 5,0 ذهنيا، قام أحد الطلاب بتحويل 5,0 إلى 1/2 ثم أخذ نصف العدد 48 وأوجد النتيجة 24، وقام طالب آخر بوضع 48 وتحتها 5,0 في ذهنه كما في استراتيجية الضرب العمودي ثم بعد ذلك ضرب العدد 5 في 8 ووضع 0 وحمل 4، ثم ضرب العدد 5 في 4 وجمع العدد الذي بالحمل وهو 4 وأوجد الجواب بعد وضعه للفاصلة العشرية 0, 24، فنلاحظ أن الطالب الأول يمتلك حسا عدديا جيدا بينما الطالب الثاني قام بتطبيق إجراء تعلمه وغير مقتنع كثيرا للحل الذهني.
وفي مثال آخر من دراسة (Reys, 1992): طلب المعلم من طالبين قياس زاوية باستخدام المنقلة، فأعطى الطالب الأول النتيجة 30° بينما الطالب الثاني أعطى نتيجة مختلفة وهي 150°، وعندما تم مناقشة النتائج وفي ضوء شكل الزاوية الحادة، تبين أن قياس الزاوية هو 30°، والواقع أن الطالب الأول لم يأخذ القياس الخارجي في المنقلة بل أخذ القياس الداخلي للمنقلة؛ لأن شكل الزاوية يوحي بأن قيمتها تنطبق على 30°، في حين قام الطالب الثاني بإجراء ميكانيكي بدون الملاحظة والتأمل في شكل الزاوية وصورة الزاوية ومعقولية النتيجة.
ومن الأمثلة الأخرى التي تدل على عدم وجود حس عددي لدى الطلبة في اختبارات الحس العددي الذي أجراه ماكنتوش ورفاقه (Mcintosh et al, 1997) على طلبة السويد حيث كان من ضمن الأسئلة التي قدمت لطلبة الصف الخامس والسابع الأساسيين السؤال التالي:
اختر الجواب الذي يدل على عمرك بالأيام تقريبا:
أ- 400
ب- 4000
ج- 4000
د- 4000000
حيث أجاب 10% من الطلبة أن عمرهم بالأيام هو 4000000 يوما.
ومن الأمثلة ألأخرى التي تدل على عدم وجود حس عددي لدى الطلبة قيامهم بإيجاد ناتج الجمع 1/3 + 2/5 = 3/8 أي القيام بإجراء خوارزمية الجمع بصورة خاطئة، فلو كان عند هؤلاء الطلبة حس عددي وفكروا بالجواب 3/8 لوجدوا أن 3/8 أصغر من 2/5، فكيف تم هذا؟ هل يعقل أن يكون ناتج جمع عددين موجبين أقل من أحدهما؟ ومثل هذا المثال في إجراء خوارزمية الجمع بصورة خاطئة قيام بعض طلبة الصف الثامن بإيجاد ناتج 4 + 4= ، وهذا أيضا غير معقول وهو أن نحصل على نتيجة أصغر من العددين المجموعين، فلو تأمل الطالب في 4 + 4 لوجدها تساوي 4 لكن 8 يساوي تقريبا أقل من 3 فهل 4 تساوي 3؟
ومثال آخر ما ورد في دراسة (Reys, 1992): قام أحد الطلاب بإيجاد حاصل ضرب 5,4 × 2,1 كما يلي:
5, 4
× 2, 1
0 9 0
+ 0 5 4
0, 4 5
ثم سجل النتيجة 54، فنلاحظ أن هذا الطالب قام بإجراء خاطئ فيما يتعلق بوضع الفاصلة العشرية، فهو لم يحاول التأمل في النتيجة ولم يكن لديه تصور حول معقولية الحل.
ومن الأمثلة أيضا ما أورده (Yang, 2005) في دراسته على طلبة أربعة مدارس حكومية في جنوب تايوان حيث طلب من طلبة الصف السادس أن يجروا عملية حسابية معقدة وهي 7/8 + 12/13 فثلثي الطلبة أجابوا إجابات صحيحة ومع ذلك فإن ثلاثة أرباعهم أخفقوا في استخدام الحس العددي في تخمين الجواب، حيث كانوا أقرب إلى رقم 2، وبشكل واضح تبين أن الطلبة لم يستوعبوا بشكل كامل ماذا يفعلون، وماذا تعني 7/8 + 12/13 فعليا، ولكن تمكن الطلبة، وبشكل ميكانيكي من تطبيق الخوارزميات التي تعلموها في المدرسة ولكنها لم تعكس مدى امتلاكهم للحس العددي، وهذه الحالات تتكرر في التعليم التقليدي للرياضيات.
تحسين وتطوير الحس العددي لدى الطلبة:
ليس هناك طريقة واحدة في تحسين الحس العددي وتطويره، فقد ذهب بعض الباحثين إلى تطور تحسين الحس العددي من خلال الآلة الحاسبة والحاسوب، والبعض الآخر عن طريق الألعاب الذهنية الرياضية، وذهب البعض إلى تطوير الحس العددي من خلال الأنشطة الصفية، وذهب البعض إلى تطوير الحس العددي لدى الأطفال عن طريق أصابع اليد.
فبالنسبة للأبحاث التي أظهرت أهمية الأنشطة الصفية في تطوير الحس العددي فقد وضعت (Reys, 1992) كتابا يهدف إلى مساعدة المعلم في تطوير الحس العددي لطلبة الصف الخامس والسادس والسابع والثامن، ويحتوي الكتاب على 43 نشاطا مختلفا تساعد الطلبة في تطوير الحس العددي، وقد تناولت الأنشطة: الكسور العشرية، والعمليات الحسابية، والنسب المئوية.
نماذج أسئلة لتنمية الحس العددي:
1- ما هو تصورك عن الكسر 5/100 ؟
- يساوي النصف
- أكبر من 1 بكثير
- أقل من 1 بقليل
- يساوي 1/20
2- كم كسر مختلف موجود بين الكسرين 2/5 و 2/3؟
- لا يوجد
- واحد
- اثنان
- ثلاثة
3- أفضل عدد يتم وضعه في الفراغ بالنسبة للعملية: 4.5 × ـــ = 270 رقم آحاده هو:
- 5
- 0
- 6
- 9
4- عملية الضرب التي ناتجها يزيد عن 300 بكثير هي
- 9 × 41
- 7 × 51
- 5 × 61
- 4 × 81
5- هل 29× 38 ؟
- أكبر من 600
- يساوي 600
- أقل من 600
6- العملية التي ناتجها 0.918 هي
- 54 × 1.7
- 54 × 17
- 54 × 0.017
- 54 × 0.17
7- أفضل تقدير لحاصل الضرب 99 × 0.09 هو
- أكثر بقليل من 99
- أقل بقليل من 99
- أكثر بكثير من 99
- أقل بكثير من 99
8- العدد 2/5:
- يساوي 2.5
- أكبر من نصف
- يكافئ 0.4
- أكبر من ثلث
- أقل من ربع
المراجع:
أولا: المراجع العربية:
- السواعي، عثمان نايف (2004): تعليم الرياضيات للقرن الحادي والعشرين (الطبعة الأولى)، دبي، الإمارات العربية المتحدة، دار القلم للنشر والتوزيع.
- السعيد، رضا مسعد (2005): الحس العددي، كلية التربية، جامعة المنوفية، جمهورية مصر العربية.
ثانيا: المراجع الأجنبية:
- Greeno, J. G. (1991). Number sense as situated in a conceptual domain, Journal for Research in Mathematics Education, 22, 170- 218 .
- Howden, H.(1989). Teaching number sense, Arithmetic Teacher, 36 (6), 6-11.
- McIntosh, A., Reys,. B .J., Reys, R., Bana, J., & Farrell, B. (1997). Number sense in school mathematics: Student performance in four countries, Perth, Australia : Edith Cowan University.
- McIntosh, A., Reys,. B. J. , & Reys, R. (1992). A proposed framework for examining basic number sense, An International Journal of Mathematics Education, 12 , ( 3 ) , 2 – 8.
- National Council of Teacher of Mathematics. (1989). Curriculum and evaluation standards for school mathematics, Reston, VA: Author.
- National Council of Teacher of Mathematics. (2000). Principles and standards for school mathematics, Reston, VA: Author.
- Reys , B. J.(ED). (1992). Developing number sense in the middle grades, (2ed.). Reston, VA: National Council of Teachers of Mathematics.
- Yang, Ching. (2005). Number Sense strategies used by 6th- grades students in Taiwan, Educational Studies, 31 (3), 317-333.
ماجستير في مناهج الرياضيات وأساليب تدريسها
#زعيمة_بنت_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟