|
بين الإصلاح السياسي والإتفاقية
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2479 - 2008 / 11 / 28 - 08:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بالنسبة الى " الكتلة العربية " ، و " جبهة الحوار " و " جبهة التوافق " وبعض من " العراقية " وبعض " المستقلين " ، فأن الترجمة الصحيحة لل ( الإصلاح السياسي ) الذي يطالبون به ، قبل موافقتهم على الإتفاقية مع الجانب الامريكي ، هي : إلغاء المحكمة الجنائية العليا ، وإلغاء قانون المسآلة والعدالة . الاطراف الاخرى جميعاً والمتمثلة بالإئتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني وقسمٌ مهم من الفضيلة والتيار الصدري وبعض العراقية والمستقلين ، أعلنوا ومنذ البداية ، بأن " إجتثاث البعث " وبعد ذلك " المسآلة والعدالة " ، يشمل فقط كبار البعثيين ، والمتهمين بجرائم بحق الشعب العراقي ، اي فئةً قليلة ربما لا تتجاوز ال 5% من البعثيين في اقصى الاحوال . وكما هو معلوم فأن النظام السابق دأب حثيثاً ، لكي تكون القوات المسلحة من جيش وشرطة وامن واستخبارات ومخابرات ، كلهم بعثيين ، وكذلك كافة المنظمات المهنية ، من اتحاد طلاب وشباب ونساء وعمال وفلاحين وكافة المهن الاخرى ، ونّفذ سياسة الترهيب والترغيب ، في جميع دوائر الدولة ، من اجل حشر اكبر عدد من المواطنين في تنظيمات حزب البعث . كل هذا معروف ومفهوم للجميع . ولا احد يستطيع ان يلوم المواطن العراقي العادي الذي إضطر ان ينتمي لحزب البعث ، مداراةً لمعيشته وخوفاً على مصيره . اما المُتَهمين في جرائم بحق الشعب العراقي ، فلقد شُكلت محكمة دستورية مستقلة ، تحت اسم " المحكمة الجنائية العليا " العراقية ، من اجل محاكمتهم بصورة عادلة وشفافة طِبقاً للمعايير الدولية المتبعة . - ان ( الإصلاح السياسي ) ، هو مَطلبٌ مُلح وضروري مبدئياً . وحان الوقت من اجل تلافي الأخطاء التي صاحبت بداية العملية السياسية وبناء الدولة العراقية الجديدة . والإصلاح المنطقي هو ، إيجاد حلول كفيلة بتهدئة مخاوف المكونات ، بعضها من بعض . وإشراك الجميع في عملية صنع القرار ، وتوسيع وتفعيل حق الفيتو المتبادل ، لكافة الاقليات القومية والدينية والسياسية . مادامت ( الديمقراطية التوافقية ) ، مازالت هي الطريق المقبول والمعقول في هذه المرحلة الانتقالية من تأريخ البلد . - أعتقد ان اهم شيء في " الإصلاح السياسي " المطلوب ، هو ( تنازل ) الإئتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني ، عن بعض مكاسبهما في السلطة التنفيذية ، لصالح الجهات التي تشعر انها مُستبعدة عن السلطة . - من المستحيل " إرضاء " الجميع في آنٍ واحد ، حتى في ارقى الديمقراطيات التوافقية . فأرى من الافضل ان تعمد القوى السياسية الحاكمة ، الى ترضية أطراف مهمة ، مثل القائمة العراقية ، وحزب الفضيلة ، وجبهة الحوار الوطني ، ومجموعة واسعة من المستقلين ، من خلال إشراكهم في مناصب ذات تأثير فعلي وقريبة من مواقع صنع القرار . مع إستمرار المحاولات لتقريب وجهات النظر مع التيار الصدري . وهذا الامر يتطلب بالضرورة ، تنازل الإئتلاف العراقي الموحد والتحالف الكردستاني وجبهة التوافق ، عن قسمِ من المناصب التي يشغلونها ، لصالح القوى المُزمع إشراكها في الحكم . - ان مَطلب ( إلغاء ) قانون المسآلة والعدالة ، مَطلب مشبوه . فعلى الرغم من سوء تنفيذ قانون " إجتثاث البعث " ، والإنتقائية التي مورست في التطبيق لمصلحة اطراف السلطة لا سيما احزاب الاسلام السياسي الشيعية ، فأن " إستغلال " مبدأ [ المُصالحة ] لتمييع القانون وتفريغه من محتواه ، وكذلك الإعفاء الكيفي لكثير من المشبوهين تحت غطاء المصالحة ، والإنتقام من العديد من الأبرياء والبسطاء . فأن الكف عن محاسبة المسيئين والمتسببين بالمآسي للشعب العراقي ، لا يُرضي غالبية الشعب . - الآلية التي اُستحدثت للقصاص من الذين تثبت عليهم الجرائم من أزلام النظام السابق ، هي " المحكمة الجنائية العليا " العراقية . وهي المحكمة التي أصدرت الحكم العادل بإعدام صدام حسين وبرزان . وهي المحكمة العلنية الوحيدة في العراق ( عدا محكمة الشعب في عهد عبد الكريم قاسم ) ، التي وفرت فرصة كاملة للمتهمين ، للدفاع عن انفسهم ، مباشرةً ومن خلال محامي الدفاع ، كذلك اتاحت لكل المتهمين حداً معقولاً من الشروط الانسانية والتسهيلات ، التي لم يكن احدٌ يحلم بها في عهد النظام السابق . هذه المحكمة التي يطالب البعض بإلغاءها ، " رغم السلبيات التي تعاني منها المحكمة ، ورغم الضعف الذي يعتورها احياناً ، ورغم محاولات التدخل في شؤونها من جهات حكومية وغيرها " ، فأنها وجهٌ مهم من وجوه التغيير في العراق الجديد . نعم ، تصرفات او مواقف رئيس المحكمة او الإدعاء ، قد لا تُعجب فلان او فلان ، تساهُلهُ احياناً قد يُغضِبُ زيد ، وتَشددهُ احياناً قد لا يُرضي عُمر . ولكن شأن هذه المحكمة شأن كل الامور الاخرى في النظام الجديد ، الذي كل شيء فيه جديدٌ علينا . الشفافية ، العدالة ، الحرية ، الديمقراطية .. صحيحٌ كلها غير مكتملة وناقصة ويشوبها الإرتباك . ولكن اليسَ هذا هو ديدن كل أمرٍ جديد في مراحله الاولى ؟ - الكتلة الصدرية بنوابها الثلاثين رفضت الاتفاقية ، وأصرت على موقفها ، وحتى انها لم تقدم مقترحات ومطالب ضمن " الاصلاح السياسي " . بل فّضلت ان تكون حاملة راية الرفض علانيةً . ( 144 ) نائباً من مجموع ( 198 ) نائباً حاضراً في جلسة الخميس 27 / 11 / 2008 ، صوتوا للإتفاقيتين . وصّوت النائب " حسين الفلوجي " و " محمد تميم " و " عبد مطلك " وآخرين الى جانب الكتلة الصدرية بالرفض . - اعتقد بان الكتلة الصدرية ، بموقفها الرافض للإتفاقية ، مع عدم تقديم بدائل معقولة ، ستخسر المزيد من دعم جماهيرها المتبقية . حيث كانت هي من اشد الداعين سابقا الى " جدولة انسحاب القوات الامريكية " ، والإتفاقية توفر هذه الفرصة ، فلماذا الرفض ؟ ارى ان مؤيدي التيار الصدري قد " مّلوا " من المعرضة من اجل المعارضة فقط ، مّلوا من العنف والمشاكل والتصعيد . كان الاجدى ان تساهم هذه الكتلة الكبيرة في صياغة المطالب المشروعة في الاصلاح السياسي ، والاشتراك في حكومة إئتلافية واسعة . - هنالك خيطٌ رفيع بين " إلغاء قانون المسآلة والعدالة " ، وبين إلغاء [ ذاكرة ] الشعب العراقي . فما زال الوقت مبكراً جداً لطي الصفحة السوداء لحزب البعث، ونسيان الجرائم المروعة التي اقترفها قسم من البعثيين. كذلك ان " العفو العام " يجب ان لا يعني أبداً ، إطلاق سراح القتلة والفاسدين ، من مجرمي ما بعد 2003 . - من المهم ان تتطور " المحكمة الجنائية العليا " وتكتمل إستقلاليتها ، لتكون ركناً مهماً من السلطة القضائية المستقلة ، وأداةً لتحقيق العدالة الحقيقية ، التي يتعطش لها العراقيون . - كما كان متوقعاً ، فأن ألإتفاقية العراقية الامريكية ، مُررت . ولكن " الإستحقاقات " الداخلية الناتجة عن ضغوطات الإصلاح السياسي ، تفرض على الكتل الحاكمة ، ان تكون أكثر مرونةً وجديةً وسرعةً ، في تلبية المطالب المعقولة . خصوصاً وامامنا بعد شهرين ، إنتخابات مهمة ستحدد ملامح المرحلة القادمة .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كاريكاتير ديمقراطي
-
ثمانية اسباب مُحتملة ، لإغتيال باراك اوباما
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات اولية
-
الآغا والاسطة محمد
-
مجالس إسناد كركوك .. جحوش موديل 2008 !
-
بعد فوز - الحمار - على - الفيل - ..دروس وعِبَر
-
مليارات العراق الفائضة .. وقروض صندوق النقد الدولي
-
غارة البو كمال ..توقيتٌ سيء لخطوةٍ متأخرة جداً
-
الإتفاقية الامنية ..بين الواقع والطموح
-
- مفاجأت - علي بابا جان !
-
إنتخابات مجالس المحافظات ..حزب الفضيلة الإسلامي
-
إنتخابات مجالس المحافظات .. مؤشرات
-
البعثقاعدة يُهجرون المسيحيين من الموصل
-
الشَبَكْ : ما دامَ لدينا - قدو - ، فلسنا بحاجة الى - عدو - !
-
القادة العراقيون .. قبلَ وبعد التحرِلال !
-
إنتخابات مجالس المحافظات : إنْتَخبوا العلمانيين !
-
الأحزاب الحاكمة والتَحّكُم بأرزاق الناس
-
يومٌ عراقي عادي جداً !
-
-عوديشو - ومُكبرات الصوت في الجامع !
-
صراع الإرادات بين المركز والاقليم
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|