أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وهيب أيوب - في ما خصَّ... احتقار النظام للشعب السوري















المزيد.....

في ما خصَّ... احتقار النظام للشعب السوري


وهيب أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 2479 - 2008 / 11 / 28 - 08:12
المحور: حقوق الانسان
    


يعلم السوريون جميعاً، الكبير منهم والصغير، والمُقمّط بالسرير، أنه لا يمكن لابن امرأة في سوريا أن يقوم بإجراء حتى ولو حفلة "طهور" لرضيع لم تبلغ بعد أسنانه الحليبية، دون تصريح من أحد فروع الأمن الساهرة على أمن المواطن السوري في كل كبيرة وصغيرة!
لقد حرِصَ "الإعلاميون" السوريون المنتشرين بين المتظاهرين في دمشق احتجاجاً على العدوان الأميركي في البوكمال، على التنويه قبل إجراء أي مقابلة مع أحد المتظاهرين، بالتأكيد على عفوية خروجهم للشارع! وهم يرفعون صور الرئيس بشّار مُشيدين ببطولاته بالتصدي للعدوان الأميركي على طريقته الخاصة في الممانعة، مع عدم المنع طبعاً! هكذا بكل وقاحة، وعلى عينك يا تاجر! ثم تتكرّر التصريحات المنسوخة والممسوخة من المتحدّثين وكأنهم ابتلعوا شريط كاسيت يردّد ذات الكلمات. بحيث لن تجد في كل تلك "التظاهرة العفوية"! من يشذُّ عن الثلم أو يُنشِد لحناً مختلفاً، إنها نغمة القطيع الواحد الذي أُخرِج بالعصا والجزرة ويعود إلى قواعده بهما!
ثم ليلتفت المذيع بطريقة استعراضية إلى الجماهير الهائجة ليقول: هذا هو الشعب العظيم...
وكأني به يقول: هذا هو الشعب الذليل الحقير. هذه هي حقيقة نظرة أي نظام استبدادي لشعبه، مهما حاول إيهام الناس عبر شاشاته المُزيّفة بتمويه الحقائق.
وعلى سيرة العفوية والخروج العفوي، ماذا لو خرج ألفا مُتظاهر مثلاً بشكل عفوي ليست على غرار عفوية تلك التظاهرة! ليحتجوا على الأحكام التعسّفية الجائرة بحق مناضلي إعلان دمشق، فهل سيكون رد رجال الأمن عليهم إلاّ بالعصي العفوية والرصاص العفوي والاعتقالات العفوية...عفواً، هل هذا ما سيكون؟ أو هل هذا ما كان أثناء مظاهرة الكُرد احتجاجاً على المرسوم رقم 49 الذي ينال من حقوقهم كمواطنين سوريين.
وفي نفس الوقت الذي جرى فيه العدوان الأميركي على "البوكمال"، كانت محاكم النظام تطلق أحكامها بالسجن على مناضلي إعلان دمشق، سنتان ونصف لكل منهم عدّاً ونقداً.
وأذكُر أنه في الوقت الذي كان يُقتل فيه السجناء في سجن صيدنايا قبل عدّة أشهر، كانت الفضائية السورية تبث برنامجاً عن الانتهاكات الأميركية في سجن أبو غريب ومعتقلات غونتانامو، دون أن تذكُر ما يجري في سجون النظام داخل سوريا!
هل هناك احتقار للشعب، أكثر من أن يسمع مواطن البلد، أخبار ما يجري في وطنه من وسائل إعلام خارجية؟!
ثم يأتي دور احتقار بعض من يسموَّن بـ "النخبة" في سوريا والعالم العربي، من سياسيين وصحافيين ومثقفين، بحيث يتم استضافتهم ببرامج سياسية هزلية، هي عبارة عن حفلة عواء ونباح نظّمها النظام ضد ذئاب وأعداء القبيلة! وهؤلاء لا حاجة لترويضهم أو التحايل عليهم فهم يأتون بكامل الجهوزية في احتقار أنفسهم وذواتهم، كيف لا، وهم يعلمون مُسبقاً أنه لا مكان في هذا المكان للتفكير والتحليل والنقاش والاستنتاج... هنا في هذا المكان بالذات معروف مُسبقاً ما يجب قوله وما لا يجب، ولكن لا توصّي حريصا، هؤلاء متمرّسون بسحق ذاتهم بذاتهم، رقيبهم في داخلهم، وهم يحفظون عن ظهر قلب ما يودّون قوله وما يرغب سيّدهم بسماعه منهم.
ما أسوأ ذلّ الإنسان في احتقاره لنفسه وعقله بهذه الطريقة الكاريكاتورية المُهينة، هذا النفاق كما يصفه الراحل عبدالله القصيمي لهو أعلى درجات الاحتجاج على الاستبداد.... ولكن لا يعلمون!
إن أفظع ما في هذا العالم العربي وفي وطننا سوريا، أن المُطالبين بالحريّة والمقتنعين بها هُم قلائل جداً. والرافضون للدكتاتورية والظلم والاستبداد والهوان، والمستعدّون لمواجهته قلائل أيضاً.
وإن بعض الذين يدّعون – وهم ليسوا قلائل- النضال ضد الديكتاتورية والاستبداد لا ينفكوا يمارسون استبداداً وإقصاء بعضهم لبعض، وهم أحياناً كثيرة مزاجيون انفعاليون أكثر مما هم مبدئيون تغييريون. لا يمكن مواجهة الاستبداد والطغيان بصور أو أشكال مشابهة ومقابلة له ولكنها فقط تختلف معه. إن الادّعاء بالديمقراطية وقبول الآخر لا يجب أن يبقى مجرّد شعارات كالتي يطلقها النظام، وإنما إعطاء نموذج حي في تلك الممارسة على أرض الواقع.
أمام المعارضة في سوريا أو أي بلد عربي آخر، امتحان لا يقل صعوبة وخطورة عن مواجهة أنظمة الاستبداد، ألا وهو امتحان نفسها في هذا المجال – الديمقراطية وقبول الآخر- قبل حلمها في الوصول إلى السلطة وإرساء نظام ديمقراطي حقيقي يؤمن بحرية الرأي والحوار وحق الاختلاف، في ظل أسس الدولة المدنية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، التي تنادي بهم.
إن استطراد النظام السوري وإيغاله في احتقار الإنسان وعقله، وتهميشه أو مسخه وتطويعه واستدخاله في جبّته لخدمة وجوده وكينونته المتواترة بالاستخلاف والتوريث، يؤدي للمزيد من احتقاره للشعب واستخدامه فقط بأزماته الخاصة وخدمة لمصالحه وليس لمصلحة الوطن، أمر يجعل من الوطن نفسه مطيّة سهلة للنظام ليركبه متى شاء وليذهب به حيث أراد.
قبل المناداة بتغيير النظام وإسقاطه، أي نظام، يجب أولاً فضح وتعرية الذهنية الاستبدادية الاقصائية التي يستخدمها النظام، وإسقاط جميع الأدوات من بين يديه التي يستعملها في قمع المعارضة والشعب وإذلالهم واحتقارهم على هذا النحو الذي نسمعه ونراه. ولا يتم ذلك إلاّ من خلال تبني قيم وشعارات ومسلكيات من قِبِل المعارضين والمثقفين تنافي قيم النظام وأدواته وسلوكه، بحيث تستطيع إحراجه وجلاء حقيقته وكشفها أمام الشعب والعالم.
إن من أهم ما تستطيع المعارضة ونخبة المثقفين الحقيقيين أن تقدّمه للناس، هو إقناعهم بجدوى التغيير وليس مجرّد التبديل! التغيير الحقيقي، الذي سينقل البلد من مرحلة إلى أُخرى، من الطغيان للحرية، من الاستبداد للتعدّد والديمقراطية، من الفقر والجهل إلى الرخاء والتقدّم وحرية التعبير والتفكير، من احتقار السلطة للناس وعقولهم، إلى احترامهم وتقدير إبداعاتهم ومشاركتهم الحقيقية في بناء الدولة والمجتمع وخياراته.
إن التدجين المُمنهج للشعب السوري الذي اتبعه النظام عبر العقود الماضية بواسطة أدواته القمعية وأجهزته الأمنية ومؤسساته المصطنعة كـ "الجبهة التقدمية" و "مجلس الشعب" الصوري، ومنظمات الطلائع والشبيبة الـ "البعثية" وغيرها، جعل من الوطن مُجرّد كتلة بشرية مُهانة ومحتقرة.



#وهيب_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين -رأس المال- ورأس زغلول النجّار
- خازوق في إستِ الدرامة السورية
- أكثرُ من وطنٍ...في الوطن
- حواراتٌ بائرة
- شعوب ما قبل الدولة والانتماء الوطني- و-الدراما التاريخية-
- عندما يَهزمُ فأرٌ إماماً!
- المَشاهِد المتقطّعة لمسرحية المفاوضات الإسرائيلية السورية!
- أغوال دمشق وجهاً لوجه مع -غيلان الدمشقي-
- الثالوث المُدمِّر الصهيونية والأصولية وأنظمة الاستبداد تحالف ...
- - قصة مدينتين - لو أن غزّةَ يبتلعها البحر
- بين تل الفخّار.. وظهر الحمار
- جحيم الطائفية من حيث تدرون أو لا تدرون
- نيلسون مانديلا...عقبال ال120 ))بوش الصغير... دَربْ يسدْ ما ي ...
- ميشيل كيلو بين - السيف والمنسف -
- خط بيروت الجولان
- ليس بالبيانات وحدها يحيا الجولان!
- -حزب الله- ذابَ الثلجُ وبانَ المرج
- الأول من نيسان كالسابع عشر منه
- لماذا سقط العرب ونهض الغرب؟! -2-
- لماذا سقط العرب ونهض الغرب؟! -1-


المزيد.....




- السفير عمرو حلمي يكتب: المحكمة الجنائية الدولية وتحديات اعتق ...
- -بحوادث متفرقة-.. الداخلية السعودية تعلن اعتقال 7 أشخاص من 4 ...
- فنلندا تعيد استقبال اللاجئين لعام 2025 بعد اتهامات بالتمييز ...
- عشرات آلاف اليمنيين يتظاهرون تنديدا بالعدوان على غزة ولبنان ...
- أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت.. تباين غربي وترحيب عربي
- سويسرا وسلوفينيا تعلنان التزامهما بقرار المحكمة الجنائية الد ...
- ألمانيا.. سندرس بعناية مذكرتي الجنائية الدولية حول اعتقال نت ...
- الأمم المتحدة.. 2024 الأكثر دموية للعاملين في مجال الإغاثة
- بيتي هولر أصغر قاضية في تاريخ المحكمة الجنائية الدولية
- بايدن: مذكرات الاعتقال بحث نتانياهو وغالانت مشينة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - وهيب أيوب - في ما خصَّ... احتقار النظام للشعب السوري