|
هل الايمان بالاديان يقود الى التخلف
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 2478 - 2008 / 11 / 27 - 09:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
سوف لن نحاول في هذا المقال ان نتحدث عن فترة التدوين ومابعد التدوين او عن فترة التلاقح الفكري الذي حصل زمن العباسيين والترجمة والدراسة للعلوم اليونانية التي حصلت في تلك الفترة علما ان رجال الدين المسلمين يصنفون كل الذين قاموا بتلك الاعمال وهم من غير العرب طبعا بانهم منحرفين عن الدين وخارجين عن الاسلام لان العلم عند المسلمين هو علم الشريعة واللغة وماغيره علوم فاسدة يجب حمل من يقول بها على الحمير وضربهم في شوارع المدن كما يقول شيخنا حجة الاسلام الامام الغزالي؟ السؤال الذي يطرح نفسه لو استمرت الحملة التي قام بها هولاء المسلمين من غير العرب زمن العباسيين هل بقي حال المسلمين على ماهم عليه حاليا؟ اعني تطور المفاهيم في تلك الفترة واخذ مسارها الطبيعي دون ان تنكفيء على نفسها نتيجة تغلب اهل النصوص الجامدة بمساعدة الخلفاء طبعا على هولاء؟ ماذا لو قدر لها ان تستمر وتتفاعل الثقافات ويتم التنوير للشعوب في حينها عند ذاك كان يحق للمسلمين ان يتفاخروا بان الغرب صعد على اكتافهم وان الفضل يعود لهم فيما يتمتع به الانسان الغربي ولكن الذي حدث حدث وانتصر اهل النصوص على اهل الفكر والحوار . سوف نتجاوز هذه الفترة ونقفز الى فترة تطور الدولة في اوروبا . دولة الامبراطور الى دولة الحداثة السياسية دولة القانون فلماذا حصلت في اوربا ولم تحصل لدينا ؟ اي بمعنى اخر لماذا لم تتطور الدولة في بلاد الاسلام الى دولة حديثة من هذا الطراز؟ السبب واضح جدا . الاوربيون اخذوا العلوم وهذا حق مشروع والعلم مباح للجميع ليس فيه احتكار ولكن اضافوا علوم اخرى تتناسب مع العصر الذي كانوا فيه وحققوا كل الذي جعلهم في المصاف الاول بينما نحن الذين عزفنا عن العلوم لانها حرام وصاحبها مخلد في النار لان العلماء والنصوص التي يستشهدون فيها تدل على مانقول. ان الارث الكبير الذي خلفه لنا الاجداد من ان كل علم خارج علوم الشريعة هو انحراف عن جادة الصواب هو الذي آدى بنا الى هذا المآل اي ايماننا دون ان نفكر دون ان نستخدم عقولنا اي انغالقنا على موروثنا . لقد ظلت الثقافة العربية الاسلامية التي ليس فيها اي امتزاج مع اي حضارة اخرى والتي وجدناها في كتبنا والتي هي من حقنا ان ندرسها لان غيرها حرام تعيد انتاج نفسها منذ عصر التدوين ولحد الان شرح المتون المشروحة وشرح شرح المتون وهكذا الى مالانهاية. ان النصوص هي التي قيدت عقل المسلم وايمانه بها هو الذي ادى به ان يكون في اسفل الترتيب لقد جعلته النصوص ينبذ الحياة الدنيا ويكرس كل وقته في البحث عن الجنة والحور العين . كيف يمكن لهكذا مجتمع ان يتقدم ويتطور اذا كانت كل مشاعره عازفة عن الدنيا متعلقة باوهام الخيال وبهذا لايمكن للمسلمين ان ينتجوا حضارة او يتقدمون لانهم يعيشون في الماضي مع السلف الصالح ولهذا يقود الايمان باي دين على هذه الطريقة الى التخلف. لقد مرت البشرية بمراحل التطور الا ان التطور الذي فاق كل مراحل التطور هو ماحدث في القرن العشرين لقد اذهلت العقل واصبح العالم بمجموعه قرية صغيرة فعلا مثل ما يقولون ولكن هذا الشي الذي حدث لم يكن للمسلمين فيه اي دور بسبب طبعا عزوفهم عن الدنيا وانها دار فناء وانهم ينتظرون دار البقاء وسوف يحققون كل احلامهم هناك عندما يصلون اليها طبعا. ماذا لو سخر المسلمين دينهم لدنياهم كما فعل الغرب؟ وليس العكس حيث يسخر المسلمين دنياهم من اجل دينهم واذ بهم يخسرون الاثنين معا؟ هل حققت النصوص التي توارثوها من الاجداد اي شيء لهم؟ وفقط منذ عصر النهضة الاوربية ولحد الان ولانريد العودة الى ماوراء ذلك التاريخ ؟ هل قدموا شيئا للبشرية ؟ هل فعلوا شيئا من اجل الانسانية؟ اتمنى ان لايتشدق علينا احد بان فضل الاسلام على الغرب كبير وانهم يعيشون حاليا بفضل الاسلام فهذا كلام استهلاكي ينم عن عجز الانسان المسلم. نحن امة عاجزة نعيش في سياج من اشد الاسيجة صلابة . كيف يمكن لنا ان نخرج منه او ان نحاول احداث ثقب فيه؟ لقد تحولت الحرية الانسانية لدينا الى قدرية . لانه بقدر عجز الانسان عن السلوك سوف يزيد من سلطة الله وتتحول الى قدرية بحتة. هناك اسئلة كثيرة تدور في خاطر كل منا ؟ لماذا يغيب العدل والحرية والتقدم العلمي في المجتمعات العربية والاسلامية مع العلم ان هناك نصوص تشجع وتحث عليها؟ سوال كبير جدا؟ متى يصنع المسلمون السيارة. الطيارة. السفينة. الحاسوب. الدواء. والقائمة تطول؟ لماذا يعيش العرب والمسلمين على كل ماينتجه الاخرون؟ ان الطبقات الحاكمة بمساعدة رجال الدين المبررين لافعال الحكام استعملت ولاتزال تستعمل الدين لمصلحتها ووسيلة من وسائل القمع التي تستخدمها وبالتالي سوف تبقى شعوبها غارقة في الاوهام والجهل والفقر والمرض. ان عدد العرب الذين يستطيعون الدخول الى الانترنيت لايتجاوز 26 مليون من المحيط الى الخليج من اصل 300 مليون بينما في فرنسا وحدها 30 مليون يستخدمون الانترنيت من اصل 50 مليون. لقد تربينا منذ الطفولة على تقديس الحدود والخوف من تجاوز الخطوط الحمراء في كل مجال وخاصة مجال السياسة والدين ولهذا لم نرى في حياتنا اي مبدعين في مجال العلوم. التقليد والمحاكاة فقط وليس الابداع بالعقول. حسب تقرير عام 2004 سوف نذكر الاحصائيات التالية: نسبة الامية في العالم العربي 47%. وفي مصر وحدها نجد الارقام التالية: 7 مليون عاطل عن العمل . بقدر نفوس السويد. 70% نسبة الامية. 50 مليون يعيشون تحت خط الفقر. بينما نجد في فلندا وبالمناسبة فان سكانها لايعرفون من هو رئيسهم ان واردات مبيعات نوكيا الجهاز المحمول 40 مليار دولار وهذا الرقم يعادل 4 اضعاف ميزانية مصر. هل فقدت الشعوب الاسلامية حريتها ؟ لان من يفقد حريته يسأم حياته فيستولي عليه الفتور.فهل هناك فتور اكثر من فتورنا؟ لو ظلت اوربا مرتهنة لحكم رجال الدين كما هو حالنا لظلت تعيش حتى الان في ظلام العصور الوسطى كما نعيش نحن الان؟ هناك قول رائع: فما بال البحر الابيض المتوسط ينشيء في الغرب عقلا ممتازا متفوقا ويترك الشرق بلا عقل او ينشيء فيه عقلا منحطا ضعيفا. عدد سكان ايطاليا 50 مليون نسمة وناتجها القومي ترليون و470 مليون. وهو اكثر من ضعف انتاج الدول العربية مجتمعة. اسبانيا عدد سكانها 43 مليون نسمة انتاجها القومي 599 مليار بينما الدول العربية مجتمعة 604 مليار. ان داءنا الدفين هم المروجين من العلماء او رجال الدين او الجهلة المعممين الذين صدعوا روؤسنا ليل نهار بان القران فيه الاعجاز العلمي وان الغرب يكتشف كل اكتشافاته عن طريق القران. والمفارقة الغريبة اننا نقرا القران ليل نهار ولم نكتشف الة بحجم النملة وهم لايعرفون القران وصعدوا للمريخ؟ ناهيك عن الاحاديث التي تتقاطع حتى مع القران نفسه. اما الفتاوى المخزية التي جعلتنا اضحوكة للعالم اجمع فحث ولاحرج. ولو سالت اي معمم جاهل فسوف يقول لك ان اصاب المجتهد فله اجران وان اخطا فله اجر واحد . وسوف نبقى طول حياتنا نبحث عن الاجرين والاجر الواحد. ان العالم من حولنا يؤثر فينا ولانؤثر فيه ولاامل لنا ان نؤثر فيه يوما اذا بقينا على حالنا منعزلين عن عالمنا فرحين بما لدينا من حقائق لايفهمها الا نحن. ان اقل من كتاب واحد يترجم لكل مليون مسلم عرب ومسلمين. بينما في النرويج وهي بلد صغير يترجم 519 كتاب لكل مليون ناهيك عن اسبانيا 920 كتاب لكل مليون واذا ماعلمنا ان عدد نفوس اسبانيا 43 مليون سوف اترك الناتج لاهل العمائم لعلهم يخبرونا؟ ان الحضارة تبنى على العلم الطبيعي والرياضي. فاين علومنا واين رياضتنا؟ اذا تقدم العلم وظل الفكر على حاله نتيجة لتمسك الناس بقديمهم وتراثهم فهنا تحدث الكارثة والازدواجية والخلل في المجتمع . وماكثر هذه الاشياء لدينا؟ في خضم كل هذه الاشياء يخرج علينا اصحاب الاسلام السياسي ليقولوا لنا بان الاسلام هو الحل. وان قيام الدولة الاسلامية هي طوق النجاة مما نحن فيه. هل حقا مايقولون؟ ان العلم متغير وفي حركة دائمة والدين ثابت؟ ان العلم لايؤمن بالحقائق المقدسة. فهل نهضت اوربا بالدين ام بالعلم؟ نحن نعلم جميعا ان اوربا كانت غارقة في دهاليز الجهل والتخلف عندما كان يحكمها رجال الدين ولكن علماءها انتفضوا وضحوا وسالت دماءهم وغيروا وجه التاريخ بعد ان ابعدوا رجال الدين عن السلطة والحكم فكانت النتيجة وصولهم الى الانسان الحلر الذي يشعر بالمسؤلية والذي له حقوق وعليه واجبات. فمتى سوف ننتفض من اجل اجيالنا القادمة؟ يقول كامل النجار: ان الايمان يُعمي البصيرة. وهذا قول ينطبق على اهل الاديان حقيقة وواقعا. ان المسلمين يحاولون جهدا في امتحان قدرة الاسلام وجدارته في قيادة الحياة ولكن آنى لهم هذا وهم بعيدين عن كل تطوروعن كل تغيير وعن كل المراحل التي قطعتها البشرية. انهم يريدون تطبيق الاسلام حرفيا . الاسلام الذي جاء في القرن السابع الميلادي متناسين كل ماحدث وخلال 14 قرنا. ان العلم والمعرفة عند المسلمين كحال الذهب عند نساءهم يبقيان مجرد حلية يباهى بها الافراد. انهم لم يدفنوا بعد في انفسهم آباءهم.
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفقر في الاسلام
-
المرأة في الاسلام هل حقا مايقولون؟
-
الحرية الفكرية1
-
ولاتقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا
-
حديث كل مولود يولد على الفطرة
-
في نقد الفكر الديني0 رياض العصري0
-
من كتاب حصانة المقدس عباس عبود دين مقدس 2
المزيد.....
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|