أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهند البراك - حازم جواد لايتذكر ـ 1 من 2 محاولة عقيمة لتجميل الماضي















المزيد.....

حازم جواد لايتذكر ـ 1 من 2 محاولة عقيمة لتجميل الماضي


مهند البراك

الحوار المتمدن-العدد: 763 - 2004 / 3 / 4 - 09:29
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 في غمرة الأحداث العاصفة والمعقدة التي تمر بها البلاد، تحدّث حازم جواد فجأة ودون سابق انذار، وبعد غياب عن مسرح الأحداث السياسية وهو الذي كان احد ابرز اربعة اشخاص، كانوا مسؤولي انقلاب 8 شباط الدموي في العراق. تحدث بعد غياب عن مسرح السياسة منذ انهيار حكومة الأنقلاب ، وبعد مرور اربعين عاماً على ذكراه المؤلمة، ذكرى اكبر مجزرة في الشرق الأوسط عهدذاك، ولم يفوقها سوى انقلاب اندونيسيا الذي تسبب بمقتل اكثر من مليون مواطن، بقيادة الدكتاتور سوهارتو، آنذاك .
 بدأ حديثه في المقابلة اجراها معه الصحافي الأخ غسان شربل في صحيفة الحياة اللندنية، ( اعداد 9 ـ 18 / 2 / 2004 )  باعتبار ان انقلاب 8 شباط، كان محاولة لـ ( تحقيق وحدة العرب ومن اجل سعادة الشعوب العربية والوقوف بقوة امام اعدائها ؟! )  الأمر الذي لم يؤدّ الاّ الى نكئ الجرح العراقي الكبير، في محاولته اليائسة الى تكذيب وتسفيه ما اعلنه عدد من قادة الأنقلاب واقرب رفاقه اليه، عن عمق وسعة الخطأ في ذلك الأنقلاب الذي جرّ الى ويلات ومذابح نقلت البلاد الى مشاكل وتعقيدات اكبر وعطّلت طاقاتها في التقدّم والرقي الحضاري (1).
 ان ماتحدّث به حازم جواد لايذكّر الاّ بدوام وجود اشخاص في مراكز القرار، لايفكّرون الاّ بأنفسهم ومشاريعهم، غير مبالين من انها قد تكون على حساب سعادة وحياة الملايين من ابناء شعبهم. ان حديثه ومحاولته القائه الذنب على الآخرين وعدم تورّعه عن المس بذكرى شخصيات ورموز مثّلوا ويمثّلون الضمير الشعبي الذين لم يخسرهم الشعب الاّ على ايديهم هم، من الزعيم عبد الكريم قاسم والشهيد سلام عادل الى الشهداء فؤاد الركابي والأمامين الصدر .  .  يؤكّد مجدداً ان على العراقيين لمّ الصفوف وتوحيد الكلمة والاّ فهاهم موجودون، انهم يشعرون انها فرصتهم وليست فرصة قوى الشعب العراقي في تحقيق شئ من الفرح والأستقرار،  بعد ان طغت الأحزان وسادت لعقود من السنين .
 هل فعلاً، لايتصوّر السيد جواد ماذا فعل انقلاب شباط 1963، الأنقلاب الذي اهان وعذّب الشعب العراقي كلّه، متحدياً قدسية شهر رمضان المبارك وكما عبّر شاعر العرب الأكبر محمد مهدي الجواهري حين قال موجهاً كلامه الى قائد الأنقلاب :
" ياعبد حرب وعدو السلام ياخزي من زكىّ وصلىّ وصام"
لقد شكّل الأنقلاب الصدمة الأجتماعية الكبرى الأولى للشعب، التي لم يكن عبثاً ان دعاها العديد من الباحثين، انها كانت العقوبة الموجّهة الى الشعب العراقي، على قيامه بثورة 14 تموز 1958 ومحاولته البدء بأخذ قضيّته بيده في ظلّ ظروف ذلك الزمان . وانه ـ أي الأنقلاب ـ كان مخططاً من دوائر عليا لتطبيق تلك العقوبة، بعد محاولات اسقاط الثورة والحد من توسّع تأثيرها فى المنطقة ومنذ البداية، مستغلة ما ساد المنطقة من طموحات للزعامة على عموم العالم العربي، ومن طموح وعمل بعض العراقيين للأستيلاء على السلطة وتحقيق زعامتهم الأنانية هم (2) .
لقد صعقت شراسة الأنقلاب ودمويّته اضافة الى البالغين، الأطفال والأجيال الجديدة، التي فتحت ذهنها واعينها على سهولة القتل في الشوارع نهاراً جهاراً، وعلى مئات من مراهقين كانوا يحملون غداّرات بورسعيد، يلبسون ملابس كاكية مفتوحة الصدر مصففين شعورهم على طريقة جيمس دين والفس برسلي، كانوا يشتمون ويهينون ويضربون ويسوقون ويصفّون نحو الجدران شخصيات البلد ووجهائه من محامين واطباء ومهندسين وفنانين وادباء وصحفيين وسياسيين وعسكريين من ضباط ومراتب، وطلاب وعمال ورجال دين، نساءاً ورجالاً واطفالاً وشيوخاً، الذين جاوز عددهم عشرات الآلاف في العاصمة بغداد لوحدها.
ولم تتسع السجون للأعداد الهائلة من الموقوفين، فحوّلوا عشرات الأبنية والملاعب والمؤسسات الى سجون جماعية لسجنهم وتعذيبهم وتوقيفهم؛ من قصر النهاية وتوسيع سجن رقم واحد في معسكر الرشيد ومقر سرية الخيالة في الكسرة واقسام من البلاط الملكي القديم وملاعب الشرطة خلف السدة وملعب بني سعد، والنوادي الرياضية (كالأولمبي في الأعظمية، نادي قريش في الكاظمية .  . وغيرها)، ملعب المنصور الرياضي، ملعب الكشافة، نادي سباق الخيل في المنصور .  .  اضافة الى المئات من مقرات الحرس القومي والمواقع والثكنات العسكرية، الأمر الذي اثار وحدات الجيش عليهم بعدئذ.
لقد عاشت بغداد طيلة عهد البعث الأول حتى سقوطه، وكأنها بلدة محتلة من عدو غاصب .  .  .  الدبابات والمدرعات ـ التي لم يشاهدها الناس حقيقة قبلئذ الاّ في الأفلام ـ في مفارق الشوارع، سيطرات التفتيش (تفتيش الأشخاص والأمتعة والسيارات ذاتها بعد انزال ركابها) وتدقيق الهويات، اضافة الى مفارز التفتيش المفاجئ التي غزت المناطق التي كانت قد قاومت والأخرى التي لم ترحّب علناً بالأنقلاب، وشكّلت اكثر من ثلثي العاصمة. ولم تنم العاصمة عهدذاك الاّ نادراً بسبب اطلاق الرصاص المتنوع، وبسبب كثافة هدير الدبابات المنبعث من واقع خطير غير مستقر كان يدار ويحرّك القطعات في الظلام .
لقد عاش غالبية العراقيين والأطفال بشكل اخص توليفة لايمحى اثرها ونتائجها بسهولة، من ضياع اخبار آباء وامهات، الى الوقوع جميعاً في قبضة كمائن الحرس القومي السئ الصيت تمهيداً لضرب واعتقال وسَوق الأب او الأم او كليهما بالركلات امام الأطفال، الى رمي البيوت بمدافع الدبابات ورشاشاتها على ساكنيها، الى مناظر الجثث والمشوهين والفواتح والفقر والبطالة. والطواف على المعتقلات بداية ومنتصف كلّ شهر نساءاً واطفالاً صحبة شئ من طعام ونقود مقترضة وامل ودعاء بالعثور ولو على خبر او اثر للغائب، كانت تنتهي في الغالب بلا أمل، وبدموع وبقع زرقاء مؤلمة من ضرب اخامص اسلحة الحرس ( لترتيب) الجموع المتحرّكة لعشرات آلاف الزائرات والأطفال، عرباً وكرداً واقليات، مسلمين ومسيحيين ومن كلّ الوان الطيف العراقي .  .  وسط ضجيج مكبرات صوت كانت تصم الأذن بحماسيات " امجاد ياعرب امجاد . . " ، " جيش العروبة يابطل .  ." وغيرها من الحماسيات ( التي ما قتلت ذبابة ! )(2)، التي كانت تطغي على صوت مدفع الأفطار والآذان وعلى انين المعَذّبين والمعذّبات . 
ان حازم جواد لايتذكّر جهود القوى الوطنية وعلى رأسها الحزب الشيوعي والحزب الوطني الديمقراطي ـ الجناح المعارض، والحزب الديمقراطي الكردستاني، ومحاولتها دعوة حزب البعث لتشكيل جبهة وطنية، للضغط من اجل وقاية البلاد من مخاطر الفردية والأستعداد للصفح عن الأخطاء التي اقترفها البعث بداية عهد الجمهورية، التي تجاهلها البعث واخذ ينشط في الظلام مبيحاً لنفسه عقد شتىّ الأتصالات والأتفاقات المخلّة، آنذاك، واعطاء شتى الوعود التي تنكّر لها لاحقاً، من اجل تحقيق زعامة عدد من افراده ليس الاّ (3)، الأمر الذي ـ اضافة لعوامل اخرى ـ ادى الى انفراط عقد القوى الوطنية واضعف دورها . (يتبع)


3/ 3 / 2004، مهند البراك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع :  مذكرات طالب شبيب " عراق 8 شباط من حوار المفاهيم الى حوار الدم " .
" اوكار الهزيمة " لهاني الفكيكي . "المنحرفون"  الكتاب الأسود حول الحرس القومي، عن مطابع الحكومة العراقية في تشرين ثاني 1963 .
(2) نزار قباني، " على هامش النكسة "، 1967 .
(3) راجع :  حنا بطاطو، " كتاب العراق " ـ حول انقلاب شباط 1963 . مذكرات رتشارد هيلمز رئيس ادارة المخابرات الأميركية الأسبق، واخيه هيلمز السفير الأميركي في طهران آنذاك.  وثائق المعلومات الأميركية التي كشف عنها مؤخراً، عملاً بقوانين حفظ الوثائق والمعلومات، حول الأنقلاب العسكري في 8 شباط . " من هو صدام التكريتي؟ " عن وثائق السفارة الأيرانية في واشنطن التي سقطت بيد الطلبة عام 1979 ، اثر الثورة الأيرانية . مذكرات حردان التكريتي ـ الجزء الأول، فصل الكواليس .



#مهند_البراك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نصفنا الآخر ـ 2 حقوق المرأة والصراع الأجتماعي الطائفي
- نحو 8 آذار، نصفنا الآخر ـ 1 قضية المرأة، قضية المجتمع بأسره
- ادارة الدولة والتنوّع العراقي ـ 2
- قانون ادارة الدولة والتنوّع العراقي ـ 1
- اسلحة الدمار الشامل ومسألة التعويضات
- المجد لشهداء مجزرة اربيل! - الأرهاب لن يزيد القوى الوطنية ال ...
- قراءة في مشروع مارشال
- الأنتخابات (الديمقراطية) على ارضية رفض الفدرالية وحقوق المرأ ...
- الأنتخابات (الديمقراطية) على ارضية رفض الفدرالية وحقوق المرأ ...
- بعد خمس وعشرين عاماً على اختفاء آثارها - المجد لأبنة الشعب ا ...
- الفيدرالية الديمقراطية . . بين المخاطر والآمال الكبيرة ! 2 م ...
- الفيدرالية الديمقراطية . . بين المخاطر والآمال الكبيرة !
- لا لأعادة تأهيل صدام !!
- استسلام صدام وقضية محاكمته
- كل عام و- الحوار المتمدن- بالف خير . .
- ارادة التغيير بين السياسة والآيديولوجيا !
- نعم لنقل السيادة والرجوع للشعب ! لا لأنتخابات بما فصّل الدكت ...
- تغيير الأولويات، واهمية وحدة قوى التغيير العراقية !!
- العراق: احتلال ونهب وجرائم وبطالة و . . ديمقراطية
- من هموم منتسبي قطاع الدولة في العراق - 3


المزيد.....




- مشتبه به بقتل فتاة يجتاز اختبار الكذب بقضية باردة.. والحمض ا ...
- في ظل استمرار الحرب والحصار، الشتاء يضاعف معاناة نازحي غزة و ...
- قصف إسرائيلي عنيف يزلزل الضاحية الجنوبية لبيروت
- صدمة في رومانيا.. مؤيد لروسيا ومنتقد للناتو يتصدر الانتخابات ...
- البيت الابيض: لا تطور يمكن الحديث عنه في اتصالات وقف النار ب ...
- نائب رئيس البرلمان اللبناني: لا توجد عقبات جدية تحول دون بدء ...
- استخدمت -القرود- للتعبير عن السود.. حملة توعوية تثير جدلا في ...
- -بيروت تقابلها تل أبيب-.. مغردون يتفاعلون مع معادلة حزب الله ...
- مشاهد للجيش الإسرائيلي تظهر ضراوة القتال مع المقاومة بجباليا ...
- ماذا وراء المعارك الضارية في الخيام بين حزب الله وإسرائيل؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - مهند البراك - حازم جواد لايتذكر ـ 1 من 2 محاولة عقيمة لتجميل الماضي