|
هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2478 - 2008 / 11 / 27 - 10:00
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لا يمكن للمرء الا الاستغراب والدهشة و الصدمة عند تحليل الوضع الداخلي للاتحاد السوفيتي و ما كان عليه في حينه ، و العوامل الداخلية الذاتية التي تسببت في اهتزاز ركائز هذا الكيان بمساعدة و تضخيم الدوافع و المسببات الخارجية من قبل المتربصين و الذين دفعوا دم حياتهم حتى ساعة انهياره. و من جانب اخر ، ان الدول الصغيرة التي اصابتها الحيرة و المفاجاة و الذهول و عدم حسن التصرف بعد التفكك و انهارت هي ايضا من العديد من النواحي، فهي فقدت من كانت تلوذ اليه باعتباره خيمة تطل على الاصدقاء في حالة حدوث اي طاريء او مصيبة تصيبها ، وتلك الدول لم تتعامل مع المعطيات الجديدة بشكل طبيعي و رزن مما اصابها الحيف الكبير و اوقع عليها المآسي ، و لكن الصدمة كانت وقعها اكبر داخليا مقارنة بمستوى تاثيراتها العالمية و انعكست بشكل مباشر على اعادة التقييم و العلنية في بنية المجتمع السوفيتي و لم ينجح غورباتشوف في اجندته مما غلبت على خطته و عمله الفوضوية و انعدمت او تلاشت فيه الضوابط مما اثرت بشكل مباشر على تقاليد الحكم المؤسساتية ، و به تغيرت عادات و تقاليد حكمه ، و حقا اوقعت هذه العملية الصارمة ذهول واجم لاسلوب البلد و حكم سلوكه لمدة غير قصيرة الى ان استفاقت وريثته روسيا بشكل تدريجي و انتعش اقتصادها و ضبطت سلوك و نوع حكمها ، و انها استنهضت من قدراتها لكونها تملك عناصر النهوض و قدرات وخبرات هائلة و تمكنت الوقوف على رجليها في مواجهة العالم الراسمالي التي تكالبت عليها باسلوب جديد ، واصبح لها مضمون حكم و فكر مغاير الا انه تظهر من براقة ظواهرها ملامح العقائد و الافكار المتوجهة في خدمة مصالح فئات المجتمع كافة .لاشك ان للتاريخ دوره و اهميته باعتباره حاملا لصفات و مواريث محمولة في ذاكرة الانسانية ، و اهتمامها بالمسائل الانسانية ، و احست روسيا باقتراب القوى الى مواقع حساسة قريبة منها واهتماماتها بالشؤون السياسية للقضايا الشائكة بالقرب من حدودها على الرغم من تحول ملمح الدول المتاخمة لها بسبب غياب توازن القوى و مؤثرات الحروب و شراستها اضافة الى الاحتياجات الاقتصادية التي خلقت تلك الضرورات . الطبيعة الدينية الارثوذكسية الروسية قد تتحمل اراء سياسية عديدة و هي شرقية الطابع و الحاملة للفلسفة المبنية على قيمة الانسان و قدرته على التغيير و الارتقاء فيكون لها الدور الخاص في هذه الوقات. و تلمست طريق التقدم التقني و بشكل متسارع مما دفعتها نحو النهوض و هي الحالة التي يمكن المراهنة عليها في صراعات اليوم ، هذا بالاضافة الى ان وضعها الاقتصادي التي شهدت تقلبات كبيرة حتى الامس القريب بسبب السياسات التجارية العالمية المتحكمة بفرض السيطرة السياسية الراسمالية ، و لكنها تحمل عناصر هامة ستكون هي المحرك الاكبر و الدافع الاقوى لتحسن الوضع السياسي الاقتصادي الاجتماعي و ليس انقلابا كليا جذريا مفاجئا كما حصل للاتحاد السوفيتي ، و ربما تتجه روسيا بعد انهيار القطب الاوحد و ظهور بوادر التعدد الاقطاب الى الوقائع المستقبلية و الظواهر الشاخصة للعيان التي على اساسها يمكن تشكيل محور جبهوي متعدد الجوانب على حدود المنطقة و العالم اثر ممارسات البسترة السياسية التقسيمية التي قامت بها الولايات المتحدة الامريكية و هو الدافع الرئيسي الهام لظهور الارتداد المستقبلي ضدها. بدون شك ان العوامل الذاتية و الازمات الاقتصادية الداخلية المتفاقمة نتيجة اخطاء راسمالية الدولة السوفيتية من حيث التطبيق و العمل و الانحرافات و الشواذ في الفعل و العمل ضخمت الاسباب و سهلت الطرق نحو ما الت اليه بيد (المنقذ!) غورباتشوف و حله السحري . الا اننا لو دققنا بتمعن نكتشف بان الاسباب و العوامل الخارجية الفعالة ضد الاتحاد السوفيتي هي التي سببت الانفجار و التفكك المفاحيء و الفوضوي و لاسباب معروفة و مغرضة ، هذاعدا المؤامرات و الخطط المخابراتية المكائدية الراسمالية ، فان للماسونية و الحركات الدينية بشكل عام و الاسلامية بشكل خاص تاثيراتها الخاصة اما بامر و فعل ذاتي او مساعدة الدول الاخرى وكالة و خاصة القوى الراسمالية الكبرى، و بكل ما تمتلك من القدرة المالية و الاقتصادية و بالاخص فان من الدول من كانت يهمها التفكك لانها كانت تعتبرالاتحاد السوفيتي بالضد من عقائدها ، و اثناء تطبيق اجندة غورباتشوف ظهرت بوادر لبروز اساس و براعم ظاهرة العولمة التي نادى بها العلماء و الباحثين الراسماليين ،و ثورة الاتصالات و التقدم التكنولوجي هي ايضا من الاسباب الرئيسية الجذرية الاخرى المساعدة في انهيار الاتحاد السوفيتي و كما تعاونت جميع الاضداد ضد الهدف المشترك. ان الدراسات و البحوث تكشف لنا ما لعبته الماسونية من دور فعال وكبير في نخر الكيان السوفيتي دون ان تطالهم يد الحساب و العقاب ، و التي عمدت الى بلبلة النفوس و تشويش العقول و زرع الشك و الالتباس في العقول العامة و عملوا على تاليب الفاشية عليها و استجرار اللوبي الاسرائيلي و تركيزه على العمل ضد الاتحاد السوفيتي ، و كانت اسرائيل و مخابراتها تلم بفبركة المواضيع العديدة المتلاحقة من اجل استيطان يهود روسيا في اسرائيل و كان لخططهم دور فعال بعد نفاذ ما كانت تعمل من اجلها اسرائيل فجاءت دور التخريب و التفكيك ، و كما فعلت قبلا اثناء التعاون المتعدد الاوجه لاسرائيل ضد روسيا قبيل و اثناء الحرب العالمية الثانية تحت شعارات براقة و كانت مصرة و متعمدة و معتمدة على استخدام الوسائل العديدة عن طريق اثارة المواضيع العرقية و النخبوية و اعتماد التوحد للوقوف صفا واحدا ضدالاتحاد السوفيتي . اما في الفترة الاخيرة من الحرب الباردة كانت هذه الخطط الشائكة للتعاون بين الدول الراسمالية و المحاور العديدة في العالم باشراف امريكا و استغلالها لاية هفوة سوفيتية او ثغرات فكرية فلسفية لتضخمها و جعلها نقطة ارتكاز لمحاربته كما هو الحال في تاسيسها وانشائها للحركات الاسلامية المتطرفة و زرعها في اية بقعة من العالم مؤثرة استراتيجيا على السوفيت ، و كانت افعال و حركات المخابرات الامريكية تحت اغطية متعددة منها تجارية او انسانية و المؤسسات و الشركات المتعددة الجنسيات و مجالس و لجان علمية استشارية و قانونية و اعلامية ، و عمدت التاثير على المراكز الهامة في المناطق التي عملوا فيها و اثروا على صناع القرار للدول من اجل استغلال نقاط الضعف السوفيتي من خلال العمل السياسي الدبلوماسي و التاثير على القيادات الرفيعة المستوى او زرع العملاء او عن طريق شركات الاعلام الدعائية ، والهدف الاهم هو تقزيم و ضرب مصالح الاتحاد السوفيتي كيفما كانت. اما المحور الرئيسي الهام التي عملت عليه الولايات المتحدة الامريكية هو الاقتصاد و شراء ذمم الخبراء لاتخاذهم القرارات الخاطئة التي تضرب في عمق الاقتصاد السوفيتي ، و هذا ما كان متوازيا مع العزل الثقافي مما اثرت بشكل مباشر الثقافة الغربية على المنطقة و ادت الى نزوح العقول بعد سطوة الحاجة المادية ، و ادخلت المجتمع السوفيتي بعد بيروسترويكا في النفق المظلم من اجل انهياره بشكل كامل و مدمر . و مع الضعف الاقتصادي الثقافي و انهيار الحالة الاجتماعية ، فيتوجه الفرد رجعيا الى الروح و الدين ملاذا له، و في هذا الاتجاه ايضا استغلت امريكا ما كانت عليه المجتمع السوفيتي و ضخمت الثغور و استغلت ما ارادتها انتقائيا من مفاهيم مادية من اجل ازدياد الفوضى مع النقص الشديد في الاحتياجات النسانية الفردية مما اسهل الطرق لتنفيذ مرامها و اسهل طريقة لاستغلالها هو الدين لاتمام خططها المغرضة المكائدية التي اوقع بالفرد قبل المجتمع ، و في هذا المنوال تكالب جميع المتعاونين على الاتحاد السوفيتي و اوقعوه ارضا، الى ان روسيا الوريثة اعادت النظر و تمكنت من الاستفاقة من الاغماء السوفيتي و التخدير ، مما حدى الى استقرار الوضع الاجتماعي تقريبا و اعادت تدبير امورها السياسية الاقتصادية الخاصة الثقافية الاجتماعية الخاصة بها ، و الان تحكم قبضتها على الحكم بشكل جلي و تبينت تاثيراتها المنطقية ايضا خلال الفترة الاخيرة بعدما شخصت الامراض و العوامل المؤثرة فيها و بقايا و مخلفات الانفاكاك السوفيتي للاعتبار منها و ازالة السلبيات او معالجتها للاستنهاض من جديد و تعمل جاهدا لانشاء جبهة قوية محورية في المنطقة لتؤثر على السياسة العالمية ، و كام نعلم ان العولمة لها جوانبها الايجابية و لروسيا اهتمام مباشربها و تدقق في التعامل معها والابتعاد عن المؤثرات السلبية لها و التي ارادت الراسمالية العالمية انجراف القواعد الراسخة للسياسة و الاقتصاد الاتحاد السوفيتي و الفكر الاشتراكي بها ، و هذه من اهم العوامل و المسببات الانية و التي تحاول امريكا تقزيم الدور الروسي العالمي بها لمسح تاريخها نهائيا ، و عليه من الواجب عليه و كما هو فان روسيا تهتم بهذا الجانب لتتكيف مع ما تتطلبه الاوضاع العالمية الجديدة ، و لازالة المسبب الرئيسي لانعزالها و تتمكن من تحقيق ما تاملها لمستقبل اجيالها و للمنطقة و الانسانية جمعاء لابعاد شرور افرازات التطبيق الاعمى للراسمالية الاحتكارية العالمية ،و بانت بدايات انفكاك القطب الاوحد و تلاشت سيطرتها جزئيا ، و هذا ما يسهل العمل و الواجب و ظهرت في الافق قيم جديدة جديرة بالاحترام.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهما طال الزمن سيتجه العالم نحوضمان العدالة الاجتماعية
-
هل تقرأ القوى السياسية العراقية استراتيجية امريكا و نظرتها ل
...
-
اليس حجب وسائل الاعلام التقدمية دليل على خوف و تخلف السلطات؟
-
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة
...
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
-
الايحاء بمجيء شبح الموت للسلطة العراقية عند استفحال كل ازمة
-
ماذا تجني الدولة الليبية من زيارة القذافي لمنطقة قوقاز
-
ادعاء وجود لامركزية دكتاتورية تبرير لتجسيد و ترسيخ المركزية
...
-
هل اوباما غورباتشوف امريكا القادم ام ...........؟
-
الواقع الاجتماعي المتخلف سبب لتفشي مايسمى بجرائم الشرف
-
الصمت الخانق للمثقفين المرتبطين بالقوى المحافظة في العراق اي
...
-
ضمان حرية الفرد نتاج النظام السياسي و الثقافي المترسخ في الب
...
-
نبحث عن اي نظام سياسي في العراق؟
-
قانون الاحوال الشخصية و حقوق المراة في كوردستان العراق
-
ضعف القوى اليسارية في الشرق الاوسط
-
ما بين الثقافة و السياسة في العراق
المزيد.....
-
من أجل سرقة سيارات فارهة.. كاميرا ترصد لحظة سطو لصوص على منز
...
-
وسط ترقب لنتائج مفاوضات السعودية.. روسيا تشن هجمات واسعة داخ
...
-
إدارة ترامب تنهي إعفاءات العراق لشراء الكهرباء من إيران ضمن
...
-
حماس تكشف ما وافقت عليه خلال اجتماع وفدها مع رئيس المخابرات
...
-
حماس تنفي الأنباء المتداولة عن استعدادها لتمديد الهدنة حتى ن
...
-
ألمانيا - ملفات حاسمة في مفاوضات تشكيل حكومة إئتلافية جديدة
...
-
عراقجي يعلق على رسالة ترامب لخامنئي
-
إغراء الـ25 ألف دولار مقابل الاستقالة يصل إلى موظفي وزارة ال
...
-
الشرع: ما يحصل في سوريا متوقع ويجب أن نحافظ على الوحدة الوطن
...
-
كارثة كبرى تلوح في الأفق بعد تحرك أكبر جبل جليدي في العالم (
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|