أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الخالق كيطان - عاشوراء الدامي مسؤولية الأمن في العراق ومستقبل الدولة















المزيد.....

عاشوراء الدامي مسؤولية الأمن في العراق ومستقبل الدولة


عبد الخالق كيطان

الحوار المتمدن-العدد: 763 - 2004 / 3 / 4 - 09:08
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


لم يخرج مشهد عاشوراء الدامي في العراق عن مشاهد متصلة سابقة حصلت في غير مكان من الجغرافية العراقية المتنوعة .. أجساد مفخخة ، أو صواريخ موجهة تتقصد : جامعاً هنا ومركز شرطة هناك .. أو سفارة هنا ومنظمة انسانية هناك .. يبدو الأسلوب واحداً كما يبدو أن المنفذين لهذه العمليات ينسجمون فيما بينهم بشكل متكامل ..وأزاء مشهد انسكاب الدم العراقي المتكرر منذ سقوط نظام الطاغية صدام في 9 نيسان من العام الماضي ، تبدو المراجعة اليوم مهمة ، على الأقل من أجل صياغة غد عراقي نطمح إليه منذ عقود طويلة .

مسؤولية أمن العراقيين :
ومما لا شك فيه أن مسؤولية أمن العراقيين تتقاسمها جهتان هما : قوات التحالف ووزارة الداخلية العراقية .. علينا الإقرار هنا بفشل هذين الجهتين كلية في توفير الأمن العام للعراقيين بالرغم من جهودهما المشهودة لصد الكثير من الجرائم ، وخاصة الجنائية ، وذلك التطور الأمني الملحوظ في الشهور الأخيرة التي شهدته المدن العراقية ، على أن تكرار سيناريو الأجساد المفخخة والصواريخ الموجهة يترك أكثر من علامة استفهام حول استراتيجية الجهات الأمنية في العراق أزاء الأماكن الحساسة وأماكن تجمع الناس بشكل خاص .. فليس من المعقول أبداً ، ما دمنا نتحدث عن عاشوراء الدامي ، أن تكون مناسبة مليونية مثل مناسبة عاشوراء خالية من أبسط شروط الحماية .. وقد أشارت التحقيقات الأولية لهجمات عاشوراء إلى أن المهاجمين استخدموا ثلاثة محاور لتنفيذ هجومهم الإرهابي : أجساد مفخخة ، صواريخ موجهة ، وألغام مزروعة على طول الطريق التي يمر بها النادبون في ذكرى حفيد رسول المسلمين ..والتخطيط لضرب حشود الناس بثلاثة محاور يكشف وبجلاء عن ضعف الستراتيجية الأمنية في العراق ، خاصة وإن المتوقع في عراق اليوم استهداف مثل هذه المناسبات ، وبالتالي كان وضع حزام أمني متكامل ومحكم أكثر من ضرورة ، فيما الحاصل كان إزهاق أرواح العشرات من الأبرياء .. قلنا أن السيناريو ذاته تكرر في بغداد والنجف الأشرف والفلوجة والحلة وأربيل والموصل ، والسؤال هنا لماذا تبادر الجهات المسؤولة عن الملف الأمني إلى نسيان ما يحصل اليوم دون محاولة منع ما قد يحصل غداً ؟ حتى في كربلاء ذاتها ، بدا المشهد شديد الغرابة ، فبمجرد أن هدأت أصوات القنابل عاد النادبون إلى مناسبتهم ومن حولهم أشلاء الضحايا ! وعلى الرغم من دلالات ذلك التي تؤكد مرة تلو المرة رغبة بسطاء العراقين قبل غيرهم في استمرار حياتهم الطبيعية دون أحقاد أو خوف من مجهول قد يأتي على شكل جسد مفخخ ، إلا أن التعامل مع هذه العمليات المريعة بنوع من التساهل يعد خطيئة لا يمكن غفرانها في العراق اليوم ، ذلك التساهل هو الذي يوفر الأرضية الخصبة لتكاثر تلك العمليات وامتدادها إلى مناطق أخرى من الجغرافية العراقية المترامية .

من المستفيد من العمليات الإرهابية ؟
وهو سؤال جدير بالطرح والبحث عن إجابات شافية له .. ثمة من يقول الأمريكان هم أول من يستفيد من اثارة فتنة طائفية في العراق تسمح لهم بالبقاء طويلاً في هذا البلد .. ونحن نرى العكس من ذلك تماماً .. فالأمريكان لا يحتاجون إلى حجة من أي نوع للبقاء ، وهم باقون في العراق ، على شكل قواعد أو غيرها على أية حال ، ولن تؤثر حتى العمليات التي تتقصد وجودهم العسكري والمدني في العراق ..إن الإدارة الأمريكية الحالية أخذت على نفسها وأمام شعبها وشعوب العالم العديد من التعهدات ، وأول تلك التعهدات هي بناء عراق آمن مسالم ومزدهر ، وبالتالي يصبح منطقياً أن تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ تعهداتها تلك أقلها لإثبات صدقيتها أمام العالم ، وبخاصة العالم الإسلامي المليء بالحقد عليها .. الإدارة الأمريكية هي أول الدول التي تربح في عراق آمن ومسالم وديمقراطي .. تربح جهودها الدبلوماسية في محاور أخرى من النزاعات الكونية ، كما يربح اقتصادها من ضخامة المشاريع المنتظرة في العراق ، وليس من المعقول بعد ذلك أن تضحي الولايات المتحدة بتلك المكاسب من أجل أن أن تبقى ، وتبقى أين ؟ بركة من الدم تصنعها هي ولا يغطس فيها غيرها !!!
في جانب آخر ثمة أعداء يعلنون أنفسهم بوضوح شديد ولا لبس فيه ، القاعدة مثالاً .. فتيار ابن لادن الأصولي ما فتأ يعلن رغبات دموية مختلفة : الحرب ضد الأمريكان ، الحرب ضد الأنظمة العربية وبضمنها النظام السعودي ، وأيضاً الحرب ضد الشيعة العراقيين وزرع بذور الفتنة بين فئات الشعب العراقي المختلفة ، كما نصت بذلك صراحة وثيقة الزرقاوي التي كشف عنها النقاب في الأسابيع الماضية ..إن تيار القاعدة ، وعلينا أن نكون أكثر صراحة بالقول أنه يجد له متعاطفين كثر في المدن العربية ، الفقيرة خاصة ، قد وجد في العراق فرصته السانحة لضرب عدة عصافير بأجساد دموية مجانية ، فهو مثلاً سيطبق قناعاته في محاربة المشروع الأمريكي أينما كان ، وهو ثانياً سيكون قريباً من مكة المكرمة هدف جهاده المعلن ، وهو ثالثاً سيكون قريباُ من عدوه الآيديولجي التاريخي المتمثل بالشيعة وكل من يناصرهم ( ومن يناصرهم في الحالة العراقية هم باقي العراقيين الذين ما فرقوا يوماً بين سني وشيعي أبداً ، ودليلنا في ذلك تاريخ العراق برمته الذي لم يشهد صراعات عرقية أو مذهبية من هذا النوع ، كما أننا شخصياً تربينا في ربوع مختلفة من عراقنا ولم نلحظ في أي يوم من الأيام أي ميل لمثل هذه الصراعات ) .. هكذا يصبح قتل العراقيين واجباً جهادياً وآيديولوجياً … أن العراقيين ليتفقوا اليوم على قضية تحل الكثير من زوايا لغز الإرهاب الوافد في العراق ، وهذه القضية تتعلق بهوية الانتحاريين ، حيث يجمع العراقيون على أن هؤلاء الانتحاريين ليسوا عراقيين بأية حال من الأحوال .. والعراقيون ليسوا ملائكة ، قد يقدم بعضهم تحت ضغط الحاجة أو الايمان أي نوع من المساعدة لفلول الإرهابين ولكنه قطعاً لن يقدم على تفجير جسده من أجل قتل بضعة عشرات من أبناء جلدته .. هذا إيمان راسخ في نفوس أبناء الشعب العراقي المعروفين بحبهم للحياة وإقبالهم عليها ، وكذلك إسلامهم غير المتطرف منذ أقدم العصور .

ومن غير القاعدة ؟
إن بناء عراق آمن ، يجيء نتيجة لجهود الولايات المتحدة الأمريكية في معركتها لإسقاط نظام صدام شئنا أم أبينا ، لن يرضي الكثير من الأنظمة المحيطة بالعراق حتى وهي ترى سعي القيادات العراقية لرحيل الإحتلال وبسط السيادة ، وبالرغم من أن تلك الأنظمة تستقبل على الدوام القيادات العراقية التي يسبها إعلامها الرسمي ، إلا أن حقيقة العراق الجديد لن ترضي تلك الأنظمة ، وهو ما يعلنه الإعلام الرسمي لتلك الأنظمة ليل نهار وبصراحة كطلقة .. فلماذا تظل تلك الأنظمة بمنأى عن الإتهام وقد بلغ الدم العراقي مداه ؟؟؟ أليس أبرز كتاب تلك الأنظمة ، ويا للمفارقة فهم يذكرون بكتاب صدام حسين ، يدعون جهاراً لسفك الدم العراقي بأسم المقاومة ؟ أما دأب أولئك الكتاب والإعلاميين على دعوة العراقيين لشن حرب ضد الأمريكيين ومن يعاونهم ( من يعاونهم غير قطاعات الشعب المختلفة ؟؟؟ ) ، ألا تدخل دعواتهم تلك في مشروع واضح المعالم لزعزعة استقرار العراق ؟ وهل علينا أن نصدق مثلاً  أن تلك الدعوات لا شأن للأنظمة الحاكمة بها ، ونحن خير من يعرف بحرية الرأي العربية ؟؟؟

أخيراً ، ماذا بعد ؟
يخطئ كثيراً من يعتقد أن عاشوراء الدامي في العراق هو الأخير في سلسلة الإعتداءات الإرهابية التي تتقصد أبناء الشعب العراقي .. بل المرجح هو استمرار تلك العمليات ، وبضراوة أشد ،  كلما اقترب العراقيون أكثر من نيل سيادتهم .. ولهذا تصبح مسالة وضع استراتيجية أمنية عراقية متكاملة هدفاً أسمى ينبغي أن يعمل الجميع من أجل تحقيقه : قوات التحالف ، والأجهزة الأمنية العراقية ، قيادات الحكم والأحزاب ، وكذلك العشائر العراقية ورجال الدين والنخب المتنورة .. على العراقيين أن يبادروا إلى وضع النقط على الحروف فيما يتعلق بمستقبلهم ومستقبل أولادهم ..فالهجمات الإرهابية تريد تحقيق جملة من المطالب التي لا ترضي العراقيين بأي شكل من الأشكال ، ومن ذلك زرع بذور الفتنة الطائفية والمذهبية والعرقية ..كما تقع على عاتق الجهات الأمنية مسؤولية الكشف الصريح عن منفذي تلك العمليات أو أي معلومات عنهم من أجل اتاحة الفرصة للعراقيين أنفسهم بالمساهمة في تطويق ظاهرة الإرهاب الوافد هذه .. وعلى القيادات العراقية الاستمرار في حواراتها المعمقة مع دول الجوار العربية وغير العربية وتحذير تلك الدول من محاولتها دعم الهجمات الإرهابية في العراق على اعتبار أن تلك الهجمات ما هي إلا مقدمات أن لم يتم القضاء عليها فسوف تنتقل كالعدوى إلى دولهم ، وهذا ما حصل حقاً في الرياض  وتركيا مؤخراً .. على القيادات العراقية أن تتحلى بأقصى حدود الحكمة وهي تتعامل مع هذا الملف الذي لا يريد سوى عرقلة جهود بناء الدولة ، ولذلك فالتصدي إليه هو من أول أولوياتها الآن .. أن تلك القيادات مطالبة بمد جسور الحوار مع العراقيين والعرب أيضاً .. فحقيقة بناء عراق آمن لا تصب في صالح العراقيين فقط بل هي من أهم مصالح الدول العربية وكذلك الدول المحيطة بالعراق .. وأخيراً ، تبدو الدعوات العراقية المتكررة لنقل الملف الأمني برمته من سلطة التحالف إلى العراقيين دعوة مسوغة ومشروعة لاعتبارات عديدة أهما أن أهل العراق أدرى بشعابه ..أننا نضم صوتنا لتلك الأصوات التي تطالب بنقل الملف الأمني إلى العراقيين على أن يتبعه القيام بحملة توعية ضخمة ضد الإرهاب متوازية مع حملة مماثلة لتطويقه وتجفيف مصادره …
***
* عبد الخالق كيطان شاعر من العراق مقيم في أديلايد



#عبد_الخالق_كيطان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر الحرية في المسرح العراقي
- ارتكبت جريمة هذيان / مقالات ومواضيع اخرى
- عن رحيل الشعراء ومفارقاته
- خطيئة الاجتزاء
- المثقفون العرب وأم الحواسم: الحيرة واليقين في مخيلة مواطن عر ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عبد الخالق كيطان - عاشوراء الدامي مسؤولية الأمن في العراق ومستقبل الدولة