في مقابلة أجرتها صحيفة الخليج الإماراتية ونشرت بتاريخ 1/3/2004 ، مع مساعد وزير الخارجية الأمريكية " أرميتاج " في واشنطن ، نفى وجود مشروع للشرق الأوسط الكبير لدى الولايات المتحدة وأنها لا تملك خطة لذلك في الوقت الراهن ، وقال أنه يمكن أن نتقدم نحن وأصدقؤنا البريطانيون بمسودة خطة لمؤتمر الدول الثماني في إجتماعها القادم .
وقبل أكثر من عشرة أيام ، وفي 13/2/2004 ، نشرت صحيفة الحياة / لندن ، نص مشروع الشرق الأوسط الكبير المتسرب إليها ، والمنشور أيضآ على موقع صحيفة الشرق العربي الإلكترونية في لندن .
وإذا تجاوزنا " الكذب " الأمريكي الذي أصبح عادة ومنهاج وأسلوب من الرئيس إلى أصغر موظف في الإدارة الأمريكية ، فإنني أود أن أبين عدة نقاط حول ذلك المشروع المقترح للتنفيذ :
1- يدمج المشروع بين " تقرير التنمية الإنسانية العربية " لعام 2003 والذي يهدف إلى تطوير الحالة الإنسانية العربية منطلقآ من الواقع الذي نعيشه ، وينطلق ليلقي الضوء على هذا الواقع بصورة نقد هادف لإعادة البناء ، فيدمج المشروع الأمريكي هذا التقرير مع تقرير " فريدوم هاوس " لعام 2003 الأمريكي الصهيوني ، ثم يضع بعد دمجهما خاتم إمبراطورية الشر الأمريكية .
2- يعتبر تقرير " فريدوم هاوس " 2003 أن إسرائيل هي البلد الوحيد في الشرق الأوسط الكبير الذي صنف بأنه بلد حر تمامآ . – بغض النظر عن الإحتلال والقتل والتدمير والتجريف والسرقة - .
3- يخلص تقرير " التنمية الإنسانية العربية " 2003 إلى أن : الإحتلال – الإسرائيلي – لفلسطين يشكل عقبة كؤود في وجه التنمية الإنسانية في البلدان العربية ، ولا نقول في فلسطين فحسب ، حيث تمتد معاناة الإحتلال إلى عموم الشعب العربي ، وإن إقتصر جانب من أوخم عواقبه على حدود فلسطين .
أما مشروع الشرق الأوسط الكبير وخلال إستناده إلى تقرير التنمية الذي " حدد فيه كتاب عرب " النواقص الثلاثة : الحرية – المعرفة – تمكين النساء ، فإن المشروع الأمريكي تجاهل تمامآ بل أزال الفقرة الخاصة بإحتلال فلسطين التي نوهنا عنها أعلاه . ولم يكتف بالحذف ، بل بإضافة فقرة من تقرير " فريدوم هاوس " عن " إسرائيل البلد الحر تمامآ " . إن الحذف والإسناد لتقرير التنمية الإنسانية العربية ، هي : ( كلمة حق يراد بها باطل ) .
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لا بد أن نتساءل : إلى من موجه " مشروع الشرق الأوسط الكبير" ؟ .. إنه برأيي موجه الى :
1- الشعب الأمريكي : لتبين له الإدارة مدى " إهتمامها " بالإنسانية المعذبة في أكثر البقاع من العالم
" أكثر من جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا " ، كواجب إنساني مكلفة بالقيام به ، وكإيحاء الهي الى رئيسها لإنقاذ العالم .
2- الدول الثماني : والتي تهددها أمريكا بضرورة الدفع المالي والتنفيذ السياسي وإلا .. أعذر من أنذر
وإنتظري الإرهاب الذي سيأتيك من هذا الشرق الأوسط الكبير – الإسلام - ، وليتخذ ذلك المشروع صفة " العالمية المعولمة " .
3- أنظمة الحكم : في هذا الشرق الأوسط الكبير . بأنهم إن نفذوا ما تريده أمريكا " أمثلة واردة في
في التقرير " فإن المديح والرضا والسكوت عنهم هو الجائزة . وإن " تمردوا " فإن الدعوة واضحة ومحددة بالتفصيل خلال المشروع الأمريكي لكيفية التدخل والتصرف الأمريكي ودول الثماني في مجتمعات هذه الأنظمة بشكل يتجاوز هذه الأنظمة ، بل ويتجاوز " السيادة " لهذه السلطات حتى في بلدانها الأعضاء في الأمم المتحدة !! .
4- الشعوب العربية : وتريد أن تقول لهم : أننا لم نأت بشيئ من عندنا ، إنما نهدف ونتطلع إلى تنفيذ
ــ 2 ــ
ما إقترحته " نخبكم المثقفة " كوسيلة لتجاوز التخلف والفقر والديكتاتورية وفقدان الحرية السياسية والإجتماعية والإقتصادية . إننا قادمون لإنقاذكم من فقركم وجهلكم وتخلفكم ، ومن إعتقالكم وقهركم لتنعموا " بالحلم الأمريكي " .
وأعود لأتساءل لم " الشرق الأوسط الكبير " وما يشمل ؟ .
الشرق الأوسط الكبير هو : كل الوطن العربي ، وإسرائيل ، وتركيا ، وإيران ، وباكستان ، وأفغانستان .
إن هذا التعريف يؤدي بنا إلى : -
· إسقاط مفهوم " الشرق الأوسط " التقليدي .
· إسقاط القضية الفلسطينية التي لها الأهمية المركزية في الوطن العربي وفي تلك الدول التي ستضم للشرق الأوسط .
· إقرار زرع " إسرائيل " ضمن هذا الوسط ، وإنهاء هذا " الخلاف البسيط " معها تفرغآ للهم الأكبر " الإرهاب " .
· إن " الإرهاب " الفلسطيني ما هو إلا رديف للإرهاب الدولي " الإسلام " المنتشر في هذه الدول ،
وأن ( تلك النواقص الموجودة في هذه الدول ، تخلق الظروف التي تهدد المصالح الوطنية لكل أعضاء مجموعة الثماني ، حيث يمكن أن تؤدي إلى زيادة في التطرف والإرهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة ) كما يقول مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي .
· إلغاء وإسقاط " القومية العربية " فلا تكون هي الجامع للشرق الأوسط ، كما هي الحال الآن لأن
القومية العربية هي ( إيديولوجية المواجهة مع إسرائيل ) . وسيكون الجامع الجديد للشرق الأوسط الكبير هو " محاربة الإرهاب " – الإسلام - . وندخل في صدام ومواجهة بين عالم الإسلام ، وبين
العالم المسيحي واليهودي ضمن معالم " صدام الأديان والحضارات " حيث سيعامل هذا الشرق الأوسط الكبير كموطن رئيسي لقوى الإرهاب المعادية للعالم والإنسانية .
وأخيرآ يزف لنا مشروع الشرق الأوسط الكبير الأمريكي خبرآ : ( ستقوم المبادرة الأمريكية للشراكة في الشرق الأوسط ، وقبل إنعقاد مجموعة الثمانيه المقبلة في / مارس أو إبريل / وبرعاية " قمة الشرق الأوسط لإصلاح التعليم " التي ستكون ملتقى لتيارات الرأي العام المتطلعة إلى الإصلاح ، والقطاع الخاص ، وقادة الهيئات المدنية والإجتماعية في المنطقة ، ونظرائهم من الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد الأوروبي ، وذلك لتحديد المواقع والمواضيع التي تتطلب المعالجة .. ) .
إستحقاقات كثيرة في الشهور القادمة ... مشروع الشرق الأوسط الكبير ، إجتماع دول الثماني ، المبادرة الأمريكية للشراكة في الشرق الأوسط ، زيارة شارون إلى واشنطن ، القمة العربية في تونس ، مشاريع إصلاح الجامعة العربية ، تسليم " السلطة " وليس ( السيادة ) إلى العراقيين ، إنسحاب إسرائيل من غزة ونقل المستعمرات للضفة الغربية ، الإنتهاء من الجدار الفاصل العازل ، ..
وماذا بعد ؟ .. لننتظر و نرى ، ولكن .. ماذا سنقول نحن الشعوب العربية ؟ " قليلآ من التململ " . وماذا ستقول الأنظمة العربية في القمة العربية ؟ .. " لا شيئ " يستحق الذكر . و .. إصحوا يا عرب .
================
فائز البرازي : 2/3/2004 .
www.alarabi-aldemokrati.com