أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سهر العامري - أزمة السكن و تصريحات الوزير !















المزيد.....

أزمة السكن و تصريحات الوزير !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 762 - 2004 / 3 / 3 - 09:22
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 تتفاقم أزمة السكن في العراق يوما عن يوم بعد سقوط صدام ونظامة ، وصارت أسعار البيوت ، وقطع الأرض السكنية تعادل في قيمتها أسعار الذهب وتفوقها ، فقد نقلت التقارير القادمة من العراق ، وأمامي منها اثنان : واحد من بغداد ، والاخر من كربلاء، صورا عن هذا الجنون في الاسعار الذي لا يمكن لعاقل أن يتخيله ، فقد بيعت قطعة أرض خارج مركز مدينة كربلاء ، وبمساحة قدرها ثلاثمئة متر ، بمئة وستين الف دولار ، وعلى هذا يكون سعر المتر الواحد منها يزيد على خمسة آلاف دولار ، وهو المبلغ الذي كان يمكن للعراقي أن يشتري فيه بيتا مشادا من الطابوق ، وبمساحة لا تقل عن أربعمئة متر زمن صدام ، فقد أخبرني أحدهم من أنه قد عُرض عليه الآن ببيت كان قد اشتراه زمن صدام ، وبذات المساحة والسعر ، مبلغ مئة وخمسين الف دولار ثمنا له ، ولكن هذا الأحد لا زال يفكر في ألأمر ، وربما يطمع بالكثير .
العراقيون يردون سبب هذا الجنون في الأسعار الى الوقوف المتفرج لمجلس الحكم ، ومن بعده وزارة الأعمار والاسكان ، والتي ما انفك وزيرها يصرح ثم يكرر من أن وزارته ستبني الملايين الملايين من الدور السكنية ، وعلى طريقة : نسمع قرقعة ولا نرى طحينا ، اللهم إلا حجر الاساس الذي يتباهى به السيد الوزير في كل مرة ، ولكنه، وفي آخر تصريح له بدأ يخفف من غلواء تصريحاته السابقة ، وبات يرى بأم عينيه حقيقة أزمة السكن المتفاقمة ، فعاد مستنجدا بالقطاع الخاص في أن يساهم بحلّ طوق هذه الأزمة الذي بدأ يضيق شيئا فشيئا ، وفي وقت يلمس فيه السيد الوزير نفسه والمواطن الكريم أن القطاع الخاص هو الذي يقف وراء هذا التفاقم المسعور للاسعار ،  فالقطاع الخاص في العراق ليس كالقطاع الخاص في بلد أوربي متقدم ، والذي يخضع فيه هذا القطاع لاشراف الدولة ، ويعمل وفق خطط مدروسة ومعدة سلفا ، ومعرضا للمسائلة والمحاسبة من قبل الاجهزة الادارية التي تملك خبرة جمة في مراقبة هذا القطاع ، وبالأضافة الى ما يفرض على هذا القطاع من ضرائب تصل في بعض الدول الأوربية الى نسبة ثلاثين بالمئة ، فهل تتوفر مثل هذا الشروط في قطاع عراقي أو عربي أو شرق أوسطي أعتاد النصب والاحتيال والسرقة والربح السريع ، ودونما رقيب أو حسيب كما هو الحال مع العراق الآن ؟ اقول هل عقد الوزير مثل هذه المقارنة بين القطاع الخاص المتخلف في دول العالم الثالث ومنها العراق ، وبين القطاع الخاص في الدول المتقدمة ؟ ثم أما كان لوزارته أن تتدخل في حل هذه الأزمة المتفاقمة ، والتي يعيث فيها القطاع الخاص فاسادا ، من خلال وضع ضوابط معينة للبيع والشراء ، وعدم الاعتراف ، أو تسجيل الدور عقاريا باسماء مشتريها الجدد من الذين نهبوا أموال الدولة والشعب العراقي ، والذين يسميهم العراقيون بأبطال : الحواسم، هؤلاء الذين استغلوا ضياع الدولة بعد سقوط بغداد في اليوم التاسع من نيسان من العام المنصرم ، وقاموا على إثر ذلك بسرقة المصارف ، وممتلكات الدولة الأخرى،  فتكدست لديهم ثروات طائلة ، وما عمليات التصفية الجسدية الجارية بين أفراد هذه العصابات إلا دليل على ذلك .
أما أهل كربلاء فيردون سبب تفاقم تلك الأزمة ، والتي لم يوقفها الحجر الاساس الذي وضعته وزارة الاعمار والاسكان لمشروع سكني فيها ، الى التجار من الغرباء الايرانيين ، والمدعومين من قبل مخابرات دولتهم ، والتي تتوقع أن كربلاء ستصبح واحة للسياحة الدينية ، وعندها ستدر عليهم أرباحا طائلة ، وكأن قولة الامام الحسين تحققت في هؤلاء : شر شيعتنا سكان قبورنا !
 لقد استغلت ايران  في احتلالها السلمي للمدن العراقية المقدسة بعض العراقيين من ابناء تبعيتها ، والمهجرين اليها زمن المجرم صدام ، فصارت تسجل البيوت باسمائهم كما يقول العراقيون من أبناء مدينة كربلاء والنجف .
أما البصرة فقد زحف عليها تجار الكويت وسماسرتها ، ويقال إن زحفهم هذا قد بلغ مدينة الناصرية ، فشتروا بيوتا لهم فيهما ، مثلما اشتروا بساتين وأراضي ، فعاد العراق أرضا مباحة يشتريها كل من هبّ ودبّ ومن اللاهثين وراء الربح السريع ، ومن سراق الشعب في وضح النهار ، وأمام أنظار مجلس الحكم ووزاراته ، وكأن الأمر أصبح لا عينيهم من قريب أو بعيد ، وذلك حين دخلت مشاريع وزارة الاعمار والأسكان في روتين العقار المعروف في العراق ، والقائم على مصلحة السمسار والاداري . فبعد أن بشرت الوزارة المذكورة بتحويل أرض معسكر الرشيد الى مشروع سكني ينتفع به من لا سكن له من فقراء العاصمة ، عادت وتراجعت بحجة أن أرض المعسكر مملوكة لوزارة الدفاع التي لا وجود لها الآن ، وعلى هذا فلا بدّ من انتظار تشكيل تلك الوزارة،  ومن ثمة مفاتحتها بالمشروع ، وهكذا الى آخر هذا الروتين ، وفات وزارة الاعمار والاسكان أن العراق والشعب العراقي يمرّ بظرف استثنائي ما مرّ به من قبل ، وعلى هذا توجب عليها أن تقوم بمعالجات استثنائية كذلك ، وأن تدفع بالاعذار بعيدا عن مسيرة البناء ، فالناس قد ملّت الوعود والتصريحات ، وحجي الجرايد كما يقول العراقيون . إن الذين تبوّؤوا مناصب في العراق من حكامنا الجدد عليهم أن يتذكروا أن مناصبهم هذه ما هي الا مسؤولية جسيمة تطوق أعناقهم ، وإن الشعب، الذي خرج من ظلم صدام، لن يقبل أن يحارب بمسكنه وعيشه ، ويقع في ظلم آخر ، ومن نوع مختلف هذه المرة .
وفي حال مثل هذه الحال ُتوجب معالجة أزمة السكن المتفاقمة تدخل الدولة الحازم في السعي لحلها ، من خلال افراز ما يمكن افرازه من قطع سكنية على المستحقين من المواطنين، مع إلزامهم بعدم المتاجرة بها ، وكذلك توفير مواد البناء باسعار مناسبة ، واعادة الحياة الى المصرف العقاري ، أو مؤسسات أخرى تساهم في أعطاء قروض للمواطنين ، وبفوائد متهاودة .
إن الاستجارة بالقطاع الخاص في حلّ مشكلة السكن المتفاقمة في العراق لا تجدي نفعا، ولا تقدم حلا مقبولا ، فلا يمكن مقارنة سيد ناصر الذي جمع ثروته من زوار الحسين، وصار مقاولا في القطاع الخاص ، بنوبل الذي اخترع الدناميت ، وساهم في تطوير بلده  بفكره قبل ماله . لقد رأيت سيد ناصر يساوم أمرأة تبيع الخضار صيفا على شراء خمسين كيلو باذنجان منها ، يريد ادخارها لفصل الشتاء ، بينما رأيت مكتبة نوبل محملة بمئات الكتب ، وعلى هذا يكون الفرق بين سيد ناصر والسيد نوبل هو الفرق بين القطاع الخاص في العراق ، والقطاع الخاص في السويد ، وشتان ثم شتان ما بين الاثنين ! 



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ولكنه ضحك كالبكا !
- حين صار كوكس مُلا !
- رشى صدام من القصور الى الشوارع !
- ظرف الشعراء (6) : ليلى الأخيلية
- شباط : الماضي والحاضر !
- ظرف الشعراء (5) : دِعبل الخزاعي
- مرفوض في عمان مقبول في بغداد !
- ظرف الشعراء ( 4 ) : بشار بن برد
- ويبنون بيوتا من خشب !
- ظرف الشعراء ( 3 ) : ولادة
- مكرمة السيد مجلس الحكم !
- وحدة العراقيين والحزب الشيوعي العراقي !
- ظرف الشعراء
- قومية النفط !
- ظرف الشعراء ـ 1 ـ العرجي
- الحجاج مظلوما !
- قصيدتان
- اثنان لايموتان في العراق : النخل والحزب الشيوعي !
- عن المهر والنهر والفكر المستورد !
- المقهى والجدل


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - سهر العامري - أزمة السكن و تصريحات الوزير !