أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - الآخرون: -معنا-...أم -ضدنا-؟














المزيد.....

الآخرون: -معنا-...أم -ضدنا-؟


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 2471 - 2008 / 11 / 20 - 10:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تجتمع عناصرُ وأبعادُ عددٍ من عيوب التفكير التي انتشرت في واقعنا فيما يشبه المعادلة الكيميائية لتخرج لنا عيباً (أو عيوباً) إضافية جديدة. فمن اختلاط "تقلص السماحة" و”تآكل هامش الموضوعية" ينبثق عيبٌ آخر جديد هو عجز الكثيرين منا عن رؤية (من ليس معنـا) إلاَّ بصفته (ضـدنا) أو (علينا). وقد ضاعف من عمق جذور هذا العيب، أن تاريخنا المملوكي الذي ترك أعمق الآثار في تكوين شخصيتنا قد عرف هذا الأسلوب في التفكير والحكم على الآخرين على أوسع نطاق. فطيلة القرون التي قبض فيها المماليكُ على زمـامِ الأمـور فـي حياتنا، كان المجتمـعُ يرى بوضوحٍ وكل يوم تطبيقاً عملياً على (أن من ليس معنا فهو ضدنا أو علينا) مع تـوابـعِ هـذه المقـولـة وآثارها المترجمة في مواقفٍ كثيراً ما اتسمت بالعنفِ والقسوةِ والدمِ. وكما يقول أُستاذ جامعي مرموق، فإن علم الاجتمـاع التاريخـي يؤكد أن آثار العهد المملوكـي علـى التفكيـر المصـري لا تـزال قـويـةً وحيـةً رغم انتهاء دولة المماليك في مصر بمذبحة القلعة منذ أكثر من مائة وثمانين سنة، (وبالتحديد في سنة 1811).

وجـوهـر هـذه المسـألـة، أننا ننشـأ في منـاخٍ ثقافـيٍّ عـام يتسمُ -إلى حد بعيد- بالشـخـصـانيـة أو الذاتية في مواجهـة الموضوعيـة، كما يتسم بضيقِ الصـدرِ بالنقدِ وعدم الاحترام العميق لكون الآخرين مختلفين وهو ما يحتم أن يرى الكثيرون منا "الآخرين" من منظورِ السؤال النمطي: أهو معي؟.. أم ضدي؟ ويزيد من تأصيلِ حقيقةِ هذا البعد من أبعادِ تفكير الكثيرين منا أن أعداداً كبيرة منا "قرويون" جاءوا حديثاً إلى المدن وهم يحملون في تكوينهم قانون تأسيسِ الانتماءِ على أرضيةِ الاشتراكِ في الخلفيةِ المكانيةِ والعائليةِ. وهذه الضفيرة من الأبعاد (ذاتيون لا موضوعيون.... تقلص السماحة تجاه الآخر المختلف.... الضيق بالنقد) هي ما تجعل العملَ الجماعي أبعد ما يكون عن التوفر. فروحُ الفريق تنسفُ نسفاً عندما تضربها هذه الأبعادُ في ذاتِ الوقت. وهذا الجانب هو أحد أهم أسباب تأخرنا عن عددٍ من الشعوبِ الآسيوية في اللحاقِ بركبِ التقدم الاقتصادي الحديث، فبينما كانت الحضارةُ الآسيوية (لا سيما في اليابان والمجتمعات التي انتشرت فيها الأقلياتُ الصينية )عاملاً من أقوى عوامل دفع العمل الاقتصادي والصناعي إلى درجاتٍ مرتفعةٍ للغاية، لوجود هذا الاستعداد القوى للعملِ الجماعي، كنا نحن بعيدين إلى حدٍ بعيدٍ جداً عن توفر روح الفريق في العملِ التي يصعب بدونها تصور أي إنجازٍ كبيرٍ في العملِ والإنتاج.

وخلال سنوات عديدة أمضيتها في مؤسسة اقتصادية عالمية كبرى كنت أرى -كل يوم تقريباً- كيف ينفرط عقدُ أي مجموعةٍ عمل منا بفعلِ غيابِ روحِ الفريقِ والعملِ الجماعي وغلبةِ تأسيسِ العلاقات على أرض (معنا أم ضدنا؟). وفى نفسِ الوقتِ كانت مجموعات العملِ التي ينتمي أفرادُها لخلفياتٍ أوروبيةٍ أو آسيويةٍ تنخرطُ في العملِ الجماعي دون أية تشققاتٍ في وحدة الفريق بسببِ العوامل الثقافية التي تلغى أسباب الفرقة وتغلب أَسباب الوحدة. ومن الضروري أن أُبرز أنه في ظل ظروف عامة معينة، وعندما تكون قيادة وحدات العمل في يدِ من هو مشربُ للغاية بنفسِ الروح ("معنا" أم "علينا"؟) فإن قيمَ تفسخِ روحِ الفريق تتعاظم وتضرب المناخ العام بسهامها من كل جانبٍ، تاركة إيانا أمام ما يشبه حالة استحالة لأن نعمل كفريقٍ واحدٍ متجانس ومتوائم.



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هامش -الموضوعية- المتآكل
- ثقافة الكلام الكبير
- المغالاة في مدح الذات
- تقلص السماحة في تفكيرنا المعاصر
- تحية لسدنة الحرية في مصر
- دانات...
- قيم التقدم وبناء مجتمع قوي
- قيم التقدم والخصوصيات الثقافية
- قيم التقدم : المنبع والهوية
- أهم قيم التقدّم
- ملاحظات جوهرية حول موضوع: قيم التقدّم
- لماذا أكتب ؟
- اختيار المفكر المصري طارق حجي للفوز جائزة -غرينزين- الدولية
- سجون العقل العربي المعاصر


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - الآخرون: -معنا-...أم -ضدنا-؟