|
هنيئاً لكم اوباما
جمال الهنداوي
الحوار المتمدن-العدد: 2472 - 2008 / 11 / 21 - 06:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم يستطع- او لم يحاول- الاعلام العربي رسمياَ كان اوالممول رسمياً اخفاء تفاؤله الكبير بانتخاب السناتورالديمقراطي باراك اوباما كرئيس للولايات المتحدة الامريكية , وابداء مشاعر الارتياح بالتغيير المنتظر في السياسة الامريكية وخصوصاً في منطقة الشرق الاوسط والتبشير بتعاطي امريكي جديد مع القضايا العربية استنادا ًالى شخصية وخلفية السيد الجديد للبيت الابيض التي قد تكون السبب الرئيسي في هذا التفاؤل. فباراك اوباما يعد من ألمع السياسيين الأميركيين على الإطلاق واكثرهم شعبية و يتمتع بجاذبية قوية، وبقدرةعالية على التأثيرالجماهيري، وبخطاب جديد يبشر ببناء أميركا جديدة متحدة تتخطى الفوارق العرقية وتحقق نوع من الوحدة السياسية .وقدم نفسه كمثال للأميركي الجديد المتعدد الأعراق والخلفيات والمنفتح على الجميع فهو مولود من أب كيني وأم أميركية في آب1961,وعاش مع أمه وزوجها في إندونيسيا، ثم عاد إلى أميركا لكي يتربى في منزل جديه لأمه.و قاده تفوقه الرياضي والدراسي الى الحصول على تعليم جامعي راقي في أكبر الجامعات الأميركية، ليعود بعد ذلك لخدمة المجتمع المحلي والأفارقة الأميركيين والأحياء الفقيرة بمدينة شيكاغو. وليتحول الى معقد آمال الكثير في التغيير المنشود. ولكن مشكلة تلك التمنيات والآمال،وخصوصاً من جانب العرب,والتي تعلّق على تغييرات مفترضة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية، أنها غالبا ما تنطلق من رؤية تسطيحية للامور ومتعجلة وتشبثية ومتكلة على الآخر بطريقة غير لائقة. فحداثة عهد اوباما بالسلطة تجعل من غير المناسب الاسراف في الاعتماد على افكار وطروحات قد تكون قيلت تحت ضغط سير العملية الانتخابية.والمقلق هنا أن أوباما لم يواجه بعد ما يكفي من المواجهات ومن الضغوط التي تمارسها جماعات المصالح واللوبي والخصوم وأن «عقدة الدونية» الموجودة في شخصية أوباما باعتباره من الأقليات وخلفيته الاسلامية ستجعله يبالغ في محاولة إثبات الوجود أمام اللوبي الإسرائيلي بالولايات المتحدة بشكل كبير.والوقوع دائماً تحت سياط التشكيك والتلويح والاتهام بمحاباة العرب والمسلمين .مما قد يدفعه لاتخاذ مواقف لاتصب في المصلحة الوطنية لبلدان المنطقة. ففي الشهور الأخيرة طغت على السطح اتهامات لأوباما بأنه تلقى تعليمه الاولي في مدارس إسلامية متشددة بإندونيسيا، كما تعرض لضغوط ضخمة من مناصري إسرائيل بعد أن صرح بأن "لا أحد يعاني أكثر من الفلسطينيين".وقد نشرت مقالات تعطي انطباعا بأن أوباما يشعر بالذنب لأنه لا يساند القضية الفلسطينية بشكل كاف، وبأنه يهادن إيران ويتساهل معها . في المقابل يمكن أن يجد المتابع في خطاب أوباما على مستوى السياسة الخارجية، نوعا من التشدد وخصوصاً في مسألة القدس والدفاع عن اسرائيل. ومن اهم الأسباب أيضا التي تدعو الى التروي أن أوباما يتعاطى مع واقع سياسي معين تتحكم فيه سياسات أميركية ديناميكية راسخة ونخب حاكمة تقليدية ومسيطرة. وهذا يعني أنه وليد زمان وظروف أميركية ودولية معينة قد لا يستطيع بسهولة التخلص من تبعاتها الظاهرة والكامنة،.يضاف إلى ذلك أن آليات السلطة وتبادل الادوار وانتقاله من صفوف المعارضة الى قمة الهرم التنفيذي قد تدفع أوباما الحديث العهد بالسياسة وضغوطها بعيدا عن مواقفه السابقة. فمن المعروف إن السياسة التي تسير عليها الادارة، محكومة بصفة الثبات في القضايا التي تمس المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة الأميركية، والتي يمكن تلخيصها بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط بوجود اولوية قصوى للحفاظ على المصالح النفطية، من المنابع إلى الخطوط الناقلة إلى أماكن التصفية و التكرير والتسويق.ويليه في الاهمية الحفاظ على أمن إسرائيل واستقرارها وتفوقها الاستراتيجي في المنطقة ومن ثم الحفاظ على الهيمنة الأميركية في المنطقة، بوجه أية قوة دولية أو إقليمية منافسة. واخيراً دعم الأنظمة الصديقة والمعتدلة. وبعد حدث 11 سبتمبر (2001)، في الولايات المتحدة، أضيف لهذه الثوابت التاريخية المعروفة بندين أساسيين: أولهما، مكافحة الإرهاب والقوى المتطرفة. ثانيا، وضع حد لطموحات إيران تعزيز نفوذها الإقليمي، وخصوصا الحؤول دون تملكها للسلاح النووي .على ضوء ذلك لم يكن من المفيد انتظار تغيرات جوهرية في السياسة الأميركية تجاه منطقة الشرق الاوسط عموماً والتفاؤل بشكل مبالغ فيه بشأن امكان حدوث تغيير ما في الاستراتيجية الأميركية في هذه المنطقة والتسرع والتبسيط في التعويل على تغيير جذري في سياسة الولايات المتحدة الأميركية وهذا ما ينبغي أن ينتبه إليه جيدا صانعوا القرارات والمحللون في المنطقة قبل تبادل التهاني بفوز اوباما . وان كان , وللانصاف, ما يستحق التهاني ,بل وحتى الزغاريد, هوالتخلص من الكابوس الذي اقض مضاجع الانظمة العربية طوال فترة حكم الرئيس جورج بوش وكانت فكرة توريثه الى ماكين تثير القشعريرة في اصلب الحكام واكثرهم رسوخاً في الحكم. فاوباما لا يبدو عليه انه مهتم بتغيير الانظمة العربية بالقوة او محاولة نشر الديمقراطية والعياذ بالله. فأن الابتعاد المتقادم للانظمة عن الشرعية رسخ في اذهان الحكام بأن ضمانة استمرارهم الوحيدة في السلطة هو رضا القوى العظمى عنهم ولا دخل لعلاقتهم بشعوبهم ولا الى لون بشرة الرئيس في الموضوع. أخيرا بقي لنا أن نؤكد أن الحكم على أوباما ما زال مبكرا، إذ ما زال هناك متسع من الوقت والمصادر لبناء حكم أدق وأشمل عن أوباما ومواقفه ولا ننسى ان جورج بوش كان المرشح المفضل للعرب في الانتخابات في الانتخابات السابقة وأن أوباما الرئيس قد لا يعكس بالضرورة صورة أوباما المحامي المدافع عن حقوق الأقليات والمستضعفين بأحياء شيكاغو.
#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءات خاطئة
-
الماركسية الامريكية
-
الرأسمالية الافتراضية
-
البحث عن القطب الثاني
المزيد.....
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|