|
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة ؟ (2)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2472 - 2008 / 11 / 21 - 03:43
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
استقرت العلاقات الكوردية مع الاتحاد السوفيتي على مسار متموج تقريبا و تخللتها الازمات قصيرة المدى عند تجلي تاثيرات الضغوطات الغربية و حيرة الحركات التحررية الكوردية بين الطرفين الغربي و الشرقي، و لم يلتفت الاتحاد السوفيتي في كثير من المواقف الحرجة الى مايؤول اليه مصير الحركات التحررية الكوردية ، و انهارت في نهاية المطاف و ضاعت الكثير من المنجزات التي حصلت عليها هذه الحركات و هي تنتظر مدٌ يد العون من الاتحاد السوفيتي و لكنه لم يرمش له الجفن و ذهبت كافة التضحيات سداً و استمر الظلم و الاستبداد من قبل السلطات المركزية. الغريب في الامر ان العلاقات السوفيتية لم تاخذ المباديء و القيم و الافكار التي كانت يؤمن بها الاتحاد السوفيتي كاولويات تحديد اجندة علاقاته و انما كانت متاثرة بعلاقة الحركات مع الغرب و مدى تقربهم منه مهما كانت مبادئهم و ايديولوجياتهم و عقائدهم ، و تاتي علاقات السوفيت مع السلطة المركزية للدول التي انقسم عليه الكورد ماخذا في نظر الاعتبار . من المعلوم ان بعض الاحزاب الكوردستانية كان يدعي بانه حزب ماركسي الا انه لا يتمكن السعي نحو اهداف اشتراكية بشكل علني لانه كان يعتقد في قرارة نفسه ان المسالة القومية لمجتمع كالمجتمع الكوردي هي الاكثر اهمية ، و لذلك يريد السعي الى الاشتراكية و مضمونها بطريقة غير مباشرة ، و احترم الاتحاد السوفيتي هذا الراي و لكن استراتيجيته الدولية الحيوية هي التي حددت مستوى اية علاقة له مع الحركات التحررية ، و لكن الحركات التحررية الكوردية لم يدرسوا ذلك بشكل علمي دقيق لبيان مواقفهم ،و اعتمدوا في علاقاتهم على العاطفة و في حدود و أطر افكارهم المنعزلة و الضيقة غير المؤسساتية المنطلقة من مساحة افكار و عمق ايمان القادة فقط. و في كوردستان العراق كان الحزب الشيوعي العراقي في اكثر الاحيان هو الوسيط و كانت سياسته تعتمد على ما يفكر به الاتحادالسوفيتي و ما يقرره موقفه من الصراع الدولي و لذلك شاهدت العلاقات بين الحزب الشيوعي العراقي و الحزب الديموقراطي الكوردستاني حالات شهر العسل و انتابها التشويش في اخرى و في حين اخر وصلت الى الانقطاع و التحارب، و في نقد الحزب الشيوعي للحركة التحررية الكوردية كان يتجاوز في اكثر الاحيان كافة خطوط الحمر ، وكان يعتبر ان الحركة التحررية الكوردية افقها محدود لا يسعفها برؤية سوى المطامح القومية المتواضعة ، و الجدير بالذكر هنا ان التحاد السوفيتي على الرغم من موقفه من الحركة التحررية الكوردية و علاقاته مع السلطة المركزية الا انه لم يتخذ موقفا رافضا قاطعا للحركة الكوردية في اكثر الحالات و هذه الصفة التي كانت تميزه عن الغرب الذي رفض الحركة التحررية الكوردية بشكل قاطع و حازم و مطلق بعد كل ازمة بينهما ، و هذا ما يفسر البعد الاخلاقي بين الشرق و الغرب ، و اعتبر الاتحاد السوفيتي الحركة الكوردية حركة قومية تضفي مسحة تقدمية على المطامح القومية الكوردية ، و كان لممثلي الاتحاد السوفيتي مواقف مشرٍفة يجب ان تُذكر و منها فرضهم شروط على السلطة المركزية العراقية في العديد من العقود و المشاريع الاقتصادية معها ان تُنجز و تنفذ في منطقة كوردستان العراق في حينه الا انه من المؤسف في بعض الاحيان و للمصلحة الذاتية تصرًف الاتحاد السوفيتي ما اضرً بالحركة الكوردية و منها فرض شروط على تقديم مساعداته اعتمادا على مواقف الكورد ، و وصلت الحال في بعض الاوقات الى مساعدة المركز بالضد من الكورد عند احساسه بالتقرب الكوردي الغربي كمااقدم عليه اثناء ثورة ايلول عندما قدم نصائح للجيش العراقي في احتلال مواقع استراتيجية مهمة اثناء الثورة ، و مشاركة قاذفات تي يو 22 تقديم المعلومات و مشاركة مسلحي و عناصر الحزب الشيوعي العراقي الى جانب الجيش العراقي ضد الحركة الكوردية بامر منه. نتاكد من هذا ان العلاقات كانت تتاثر بمدى ميول الحركة الكوردية نحو الاتحاد السوفيتي و تطبيق افكاره و تنفيذ اوامره بشكل مباشر او خاضعا لسياساته ضمن استراتيجيته الدولية و ليست استنادا على القيم و المباديء المشتركة ، و كان للحزب الشيوعي العراقي دور فعال في تنفيذ مرامي الاتحاد السوفيتي ، و هذا ما يؤكد ان المصالح السياسية هي التي احالت المباديء و القيم الى الزاوية الضيقة و وضعتها على الرفوف المنسية . الحزب الشيوعي العراقي برر مواقفه و تحجج بان الصراع السياسي يجري على المستوى الدولي و الاتحاد السوفيتي هو مركز هذا الصراع ، و تعلقت هذه الاحزاب و القوى اليسارية بسياسات الاتحاد السوفيتي و لم تخرج من سياستها باي شكل ، ومن ابرز الامثلة لا حصر هو انتقاد قرار وقف اطلاق النار بين الحركة التحررية الكوردية و السلطة المركزية العراقية سنة 1964، بينما وافق التحاد السوفيتي على الاتفاق، تراجع الحزب الشيوعي عن انتقاده و غير موقفه من الاتفاقية، و هذا ما يفضح عدم الاستقلالية في السياسة و بيان المواقف وهذا ما كان دائما يؤخذ عليه ، و هكذا هناك العديد من المواقف التي تغيرت من قبل الجميع و منهم الحزب الشيوعي العراقي تجاه الحوادث و الظواهر السياسية و الاتفاقيات و منها الموقف من الحرب العراقية الايرانية و الانقلابات في المواقف ، و الى جانب نظرة الاتحاد السوفيتي الى الحركة التحررية الكوردية بشكل متغير باستمرار، فاعتمد التحاد السوفيتي على نظرية هازرتيان حول الحركة الكوردية على انها حركة ثورية في مجتمع متخلف الى درجة لا يمكن التعرف فيه على ملامح التناقضات الطبقية بشكل واضح و لهذا السبب اضطرت الحركات التحررية لاسدال الستار القومي او الديني على نفسها والظهور بمظهر حركة دينية لكي تحقق النجاح و انها تؤمن بالاشتراكية في مضمون اعتقاداتها، و في احيان اخرى فرضت السياسة الدولية علاقات طيبة بين الطرفين ، و انعكست الاية في احيان كثيرة اخرى. من المواقف المتناقضة التي ذُكرت سابقا تتبين العديد من الافرازات و الانحدارات الخطيرة في مسيرة الحركة التحررية الكوردية و ابعاد علاقات الاتحاد السوفيتي الكوردي، و بقيت الحركة الكوردية على حالها و لم تتقدم خطوات لتعقيد الوضع و استغلالها كورقة لمسائل دولية كبرى اكبر من القضية ذاتها و تاثرت بها ، و الخاسر الاوحد هو الشعب الكوردي المغدور، و لم تتحقق اهدافه و هو ضحية الصراع الدولي قبل ان يكون غارقا في تخلفه الثقافي الاجتماعي الااقتصادي العلمي ،و هو غارق في وحل الصراعات الداخلية منذ امد بعيد.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
-
الايحاء بمجيء شبح الموت للسلطة العراقية عند استفحال كل ازمة
-
ماذا تجني الدولة الليبية من زيارة القذافي لمنطقة قوقاز
-
ادعاء وجود لامركزية دكتاتورية تبرير لتجسيد و ترسيخ المركزية
...
-
هل اوباما غورباتشوف امريكا القادم ام ...........؟
-
الواقع الاجتماعي المتخلف سبب لتفشي مايسمى بجرائم الشرف
-
الصمت الخانق للمثقفين المرتبطين بالقوى المحافظة في العراق اي
...
-
ضمان حرية الفرد نتاج النظام السياسي و الثقافي المترسخ في الب
...
-
نبحث عن اي نظام سياسي في العراق؟
-
قانون الاحوال الشخصية و حقوق المراة في كوردستان العراق
-
ضعف القوى اليسارية في الشرق الاوسط
-
ما بين الثقافة و السياسة في العراق
-
تهجير المسيحيين في هذا الوقت لمصلحة من؟
-
كان الدكتاتور عادلا في ظلمه لكوردستان و الاهوار معا
-
حان الوقت المناسب لاستنهاض اليساريين في الشرق الاوسط (2)
-
حان الوقت المناسب لاستنهاض اليساريين في الشرق الاوسط
المزيد.....
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف يمكن لواشنطن مساعدة إسرائيل
-
زيلينسكي يقرّر سحب الأوسمة الوطنية من داعمي روسيا ويكشف تفاص
...
-
إسبانيا: السيارات المكدسة في شوارع فالنسيا تهدد التعافي بعد
...
-
تقارير: طالبان تسحب سفيرها وقنصلها العام من ألمانيا
-
لبنانيون يفضلون العودة من سوريا رغم المخاطر - ما السبب؟
-
الدوري الألماني: ثلاثية كين تهدي بايرن الفوز على أوغسبورغ
-
لحظة سقوط صاروخ إسرائيلي على مبنى سكني وتدميره في الضاحية ال
...
-
سلسلة غارات جديدة على الضاحية الجنوبية في بيروت (فيديو)
-
مصدر مقرب من نبيه بري لـRT: هوكشتاين نقل أجواء إيجابية حول م
...
-
فريق ترامب الانتقالي: تعليق القضية المرفوعة ضد الرئيس المنتخ
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|