أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - باهر محمود عبد العظيم - القضاء السعودي بين الأحكام السماوية والقوانين الوضعية














المزيد.....

القضاء السعودي بين الأحكام السماوية والقوانين الوضعية


باهر محمود عبد العظيم

الحوار المتمدن-العدد: 2471 - 2008 / 11 / 20 - 01:08
المحور: دراسات وابحاث قانونية
    


كثر الحديث عن مدى مشروعية الحكم الصادر بحق الطبيبين المصريين والذين حوكموا بتهمة التسبب في إدمان مريضة سعودية, وهل هو حكم شرعي طبقاً للشريعة الإسلامية أم هو حكم جائر لا وجود له في الشريعة, وفي مقالنا الحالي نلقي الضوء على الحكم ومدى ملائمته للشريعة الإسلامية مع توضيح الجوانب السلبية المحيطة به.....

عقوبة الجلد في الشريعة الإسلامية نوعين:
الأول: الجرائم الحدية، وذلك في ثلاثة حالات فقط:
1. شرب الخمر أو أي مسكر، وهو أربعين جلدة
2. قذف المحصنات، وهو ثمانون جلدة
3. الزنا لغير المتزوج، وهو مائة جلدة
الثاني: العقاب التعزيري، وهو الذي تُرِكَ تحديد مقداره للحاكم، أو السلطة التشريعية، أو القاضي، وهذا لم يُتْرَك بلا ضابط، فحده ألا تزيد عدد الجلدات عن عشر جلدات، وذلك بنص ما روي عن أبي بردة قال: سمعت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى" رواه البخاري ومسلم

مما سبق يتضح لنا أن عقوبة ال 1500 جلدة المفروضة على الطبيبين لا وجود شرعي لها على الإطلاق في الشريعة الإسلامية, وإذا أضفنا لها عقوبة السجن 15 عاماً نجد انفسنا أمام معضلة لا تفسير لها لدى القضاء السعودي, تلك المعضلة تتلخص في الكيفية التي خلط بها القضاء السعودي بين حكم سماوي (الجلد) وحكم وضعي (السجن), فمن المعروف تاريخياً أن السجن لم يكن عقوبة معمول بها في وقت الرسول (ص), كذلك لم يُعمل به كعقوبة سماوية في كل العهود التي تلت وفاة الرسول, وبالتالي فإعتبار عقوبة السجن من ضمن الشريعة الإسلامية هو خلط غير مقبول ولا سند له في المصادر الرئيسية للتشريع (القرآن الكريم-السنة النبوية-السيرة المحمدية), وإذا كانت المملكة السعودية تتباهى دوماً بأنها الدولة الإسلامية السنية الوحيدة التي تطبق شرع الله فلماذا تستخدم قوانين وضعية (هي من وجهة نظرها مرفوضة أمام القوانين الإلهية) بجانب قوانين الشريعة الإسلامية؟

من جهة اخرى, من المعروف في أحكام القضاء أن إزدواجية العقاب يعتبر حكم باطل في جميع الأحوال, ولا يجوز للقاضي أن يحكم بحكمين مختلفين على نفس المتهم, فما بالنا إذا كانت العقوبتين إحداهما سماوية والأخرى وضعية في دولة القضاء فيها قضاء ديني بحت يستند فقط للمصادر الإسلامية الرئيسية في التشريع؟

لم يرد من قبل حكم في التاريخ الإسلامي مستند إلى المصادر الرئيسية للشريعة الإسلامية حدث فيه أن عوقب المتهم بالجلد بهذا العدد المهول من الجلدات إلى جانب السجن بتلك المدة الطويلة, والحوادث الوحيدة التي لها ذكر في التاريخ الإسلامي بشأن إزدواجية العقوبة أو قسوتها بما يتعدى العدد الشرعي للجلدات كان من نصيب الصحابة, ومن المعروف أنه لا يعتد بفعل الصحابي أو قولة إذا تعارض مع الشريعة الإسلامية بكل مصادرها.....

فما هو المبرر إذاً من الحكم الصادر من القضاء السعودي؟ وعلى ماذا إستند القاضي في حكمه؟ لو كان إستناده للشريعة كما تدّعي المملكة فالشريعة مختلفة كلية في حكمها, ولو كان إستناده لقانون وضعي فلتكف المملكة عن تباهيها بتطبيقها للشريعة ومطالبتها لجيرانها بالمثل وإلا فهم كفرة كما يقول شيوخها وحاكميها.....

هنا ينبغي لنا أن ننظر بعين الإعتبار للدعاوى المطالبة بتطبيق الشريعة في مصر أو غيرها من الدول العربية, فإذا كانت الدولة الأولى الراعية للإسلام والمطبقة الوحيدة –كما تقول- للشريعة الإسلامية تطبق قوانين ما انزل الله بها من سلطان, فما بالنا بالدول التي حكمها مدني ودستورها وضعي مثل مصر؟ إذا كانت الشريعة غير مطبقة في بلد الرسول والإسلام والتي يسكنها أغلبية مطلقة من المسلمين مع أقلية تعد بالآلاف فما بالنا بدولة مدنية يسكنها ما يقرب من 12 مليون قبطي؟ هي دعاوى في النهاية خيالية وتأتي من دولة لا تفعل ما تنصح ولا تطبق ما تفرضه على غيرها ولا تهتم بالعدل الذي هو أساس الملك (أو الحكم) على رعاياها من جيرانها, أما الحكم الصادر بحق الطبيبين المصريين فهو ليس بحكم قضائي خالص, وإنما تشوبه شُبهة سياسية ومن الممكن القول أيضاً إنتقامية أو تحقيرية, والسؤال الواضح هنا, ماذا سيكون حكم القضاء السعودي إذا كان المتهمين يحملون الجنسية الأمريكية أو جنسية الإتحاد الأوروبي؟ أعتقد الإجابة واضحه ولا تحتاج لتفكير.....



#باهر_محمود_عبد_العظيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تصنع أفكار العودة للماضي دولاً إٍسلامية حديثة؟
- هل حان الوقت لإعادة النظر في القنوات والبرامج الدينية التي ت ...
- العلمانية الألمانية والعلمانية المصرية, هذا هو الفرق
- دور التنوير في حل أزمات المجتمع المصري
- عندما يقتل الأب إبنه, ماذا يتبقى ؟
- عبقرية الشعب المصري
- ما بين سطور المراجعات الفقهية, نرجو الإنتباه قبل فوات الآوان
- عقوبة المرتد أكبر إساءة للإسلام
- عقل جديد لعالم جديد – رؤية تحليلية للعقل المصرى المعاصر
- هل أصبح الأزهر منبر التطرف وضحالة الفكر وتعطيل العقل ؟
- وهم الصحوة الإسلامية
- العنصرية تحكم مصر
- عادات المصريين في خطر
- حزب الإخوان–كيف تتوازن سلطات الدولة المختلفة مع لجنة ظل الله ...


المزيد.....




- الأمم المتحدة ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان
- الأمم المتحدة ترحب بإعلان وقف إطلاق النار في لبنان
- معاناة النازحين اللبنانيين مستمرة
- الأمم المتحدة: غوتيريش يرحب باعلان وقف اطلاق النار بين -إسرا ...
- المفوض الأممي لحقوق الإنسان يدين الهجمات الإسرائيلية على لبن ...
- وزير الخارجية الإيراني يلتقي الامين العام للأمم المتحدة
- الوفد الجزائري يطرد تسيبي ليفني من منتدى الأمم المتحدة لتحال ...
- وفد جزائري يطرد وزيرة خارجية إسرائيل السابقة من منتدى للأمم ...
- عراقجي يؤكد على التنفيذ الفوري لأمر المحكمة الجنائية الدولية ...
- معاناة النازحين في غزة تتفاقم مع قسوة الطقس


المزيد.....

- التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من ... / هيثم الفقى
- محاضرات في الترجمة القانونية / محمد عبد الكريم يوسف
- قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة ... / سعيد زيوش
- قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية ... / محمد أوبالاك
- الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات ... / محمد أوبالاك
- أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف ... / نجم الدين فارس
- قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه / القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / اكرم زاده الكوردي
- المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي / أكرم زاده الكوردي
- حكام الكفالة الجزائية دراسة مقارنة بين قانون الأصول المحاكما ... / اكرم زاده الكوردي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث قانونية - باهر محمود عبد العظيم - القضاء السعودي بين الأحكام السماوية والقوانين الوضعية