يقال في المثل الشعبي: ( لا تتدخل فيما لا يعنيك كي لا تلقى كلاماً لا يرضيك ).
ويقال أيضاً: ( رحم الله امرءاً عرف حده فوقف عنده ).
إن ما سأستهله به مقالتي هذه, ليس رداً على ميشيل كيلو, وأمثاله, بقدر ما هو تسليط الضوء على مواقف (بعض) الكتاب العرب, وأخطائهم الفادحة بحق أنفسهم وغيرهم, وجهل هؤلاء حتى بلغتهم الأم وهي العربية, التي أبرئهم منها, وإذا كنت أتحدث بهذا الشكل عن لغة هؤلاء-ولدي أمثلة كثيرة- فأن سبب ذلك هو هشاشة الركيزة الفكرية عندهم. فلا أرضية ثابتة يقفون عليها ولا يستحقون أن يكونوا أكثر من سكون على حرف الألف الذي يكتب ولا يلفظ في كلمات كثيرة, وخاصة إذا كانوا على درجة عالية من استشراء الجهل المتوارث والحقد الدفين في نفوسهم, فأغلبيتهم يقعون في هفوات لا محل لها من الإعراب, بل ولا يعدون حتى على هامش الثقافة والفكر العربيين, رغم أنني هنا أتذكر بإجلال واحترام القامات الإبداعية العربية العالية في هذين المجالين.
سبق وان كتبنا, وسنكتب ونبدي مواقف حقيقة ومنطقية, حول موضوع فدرالية كوردستان العراق التعددي الديموقراطي, ولازلنا نأمل أن يتفهم كل عربي من أمثال- السيد ميشيل كيلو- وأن يرجع إلى القواميس ويتنور بفهم معنى الفدرالية, لا أن يرمي كلماته جزافاً,ويورد مصطلحات- هو نفسه -لا يعي ما حقيقتها, سوى أنه ببغاء مردد لأقاويل مرشديه, ومضيئي الطريق أمامه, ليكرر مواقفه الدفينة من القضية الكوردية والتي بات يبديها, ويظهرها لكل عربي وكوردي على حد سواء,بل ويبدي تأسفه على العراق الذي يتصور بأنه سيمزق وسيجزأ, علماً بأنه يعلم علم اليقين بأن الأكراد لا يريدون تجزئته, بل على العكس فلو كانوا طامحين في الاستقلال, لكان الآن ثمة ما ينغص عليك معيشتك ويقض مضجعك, وتسمع كلمات وأنباء تدوي كالرصاص في مسمعك, وكانت تلك جمهورية كوردستان أو دولة كوردستان, ولكن أبى الأكراد هذا الشيء وطالبوا بمحض إرادتهم الإتحاد الفدرالي مع العراق, وتكون كوردستان العراق التي وضعتها بين قوسين, وتقول ساخراً ما يسمى ( كوردستان العراق ) التي ألحقت بالدولة العراقية ستكون مثال الإقليم الذي يتعايش فيه الكوردي مع العربي, والمسلم مع المسيحي, والسني مع الشيعي, وجميع أطياف سكانه المزركش, ثم من تكون أنت وما دخلك في مصير العراق وأكراده حتى تقرر أو ترفض الفدرالية على أساس عرقي؟ وما هو محلك من الإعراب فهل صرت ناطقاً رسمياً باسم أيتام صدام ومرتزقته, أم سليل أسرة ملكت العراق – حاشى هؤلاء- تقرر الفدرالية على أساس إداري وترفضها على أساس جغرافي عرقي! فهل من عاقل يطرح مثل هذا الرأي الساذج دون أن يعرف أوجاع الأكراد ,وما ذاقوه على يد جلاوذته أي شيء, سوى ما أملي عليك كما أشرت من قبل!.
بدا واضحاً من مواقف السيد كيلو, بأنه إنسان لا يزال يعيش في العصور الجاهلية , ولا يريد لنفسه التطور وفهم الحقائق, بل ويفضل العيش في أوهام خلقتها ذاكرته وذاته المريضة, فيقول في ردة فعله على مواقف القادة الأكراد وتطلعات شعب كوردستان المقسم والمجزأ والمحتل من دول يعرفها تمام المعرفة, يرد بالقول :أنهم يطرحون( مطالب تضعف الديموقراطية كحركة و كهدف وترد الإعتبار للتعصب القومي ) نستنتج من كلامه, بأنه إنسان لا يعرف ماذا يقول, بل كائن مزدوج الفكر والقول والموقف.
فأي إضعاف لحركة الديموقراطية إذا أخذ أكراد العراق حقهم في تقرير مصيرهم أليست الديموقراطية بأن يأخذ كل واحد حقه وينفذ ما عليه من واجبات؟
أليست الديموقراطية هي أن يبدي أكراد العراق موقفهم من نظام الحكم القادم و الجديد في العراق الجريح الذي خرج وينزف من جراء حروب طاغية العصر صدام حسين؟
كما لكل الشعب العراقي الحق في تقرير مصيره واختياره نظام الحكم الذي يناسبه, ويرى فيه بأنه المنقذ وبأنه بلسم لجراحه التي لن تندمل بمرور مئات السنين التي افتعلها, وألهبها فيهم جلاوذة القتل والإرهاب وعلى رأسهم الديكتاتور الجبان صدام حسين والذي قلت عنه حرفياً: بأن نظامه كان يمثل العروبة والقومية العربية.
ألا يرد مواقفك ومواقف أمثالك من صهر ودمج القوميات الأخرى في البوتقة العربية إلى استرداد التعصب القومي للقومية العربية, والتي تظن نفسك بأنهم –فقط- موجودون على أرض الخليقة وغيرهم أنصاف بشر أو أقل بكثير من هذا الوصف ؟
ألا يرد التعصب القومي لكاتب مثقف مثلك كان ينادي في يوم من الأيام بمساواة الناس جميعاً, ولا يفرق بينهم شيء في الوجود سواء كان هذا الإنسان كوردياً أو عربياً أو كوبياً أو فيتنامياً؟
أم كنت تخادع رفاقك وتتظاهر بالأممية والمساواة لمصالح شخصية دونية وقبل كل شيء كنت خادعاً ذاتك!, فصرت تتحول –فكرياً- حسب الموضة والعصر.
أجل, ليس ببعيد عنك, وعن أمثالك تغيير مثل هذه المواقف والرؤى والأفكار التي لا تهمك, من خلال ركوب عربات الأيدلوجيات المتبدلة, بقدر ما تهمك المنافع الموقوتة – صحافة البترودولار- والمنابر الحريرية ,وما تتطلبه باستمرار من تغيير هذه الأفكار والمواقف, وهو سلوك حرباوي بحسب مقتضيات الطبيعة التي تحيط بك.وليس مستبعداً أن تغير هذه المواقف من الأكراد إذا قاموا بتوفير مثل هذه الأجواء لكم ,وما هم فاعلون طبعاً وهنا سأوفر عليك خوض مغامرة غير مضمونة النتائج.
الأمر الثاني في الموضوع هو أنك تتهم بعض القادة الكورد بالعمالة, وهذا ما يجعلني أدعو بمحاكمتك : لاهائياً, لأن الجريمة الأخلاقية التصفوية ليست أقل شئناً من جرائم الحرب, وهؤلاء برأيك عملاء- تارة لنظام البعث القمعي العراقي البائد, وتارة لإسرائيل ,وأمريك, ( يا للهول!)- وكأنك أنتربول دولي؟؟؟
ولا ننكر أن الأكراد طلبوا ذات مرة مساعدة قائدك السابق, بعد أن خطط هو وعملاؤه لذلك,بغرض إضعاف الأكراد وهؤلاء طلبوا المساعدة من حكومتهم, وليس من الخارج!!!
ولكن ألا تسمي العمالة التي قام ويقوم بها الكثير لإسرائيل وأمريكا, بل حتى وصل بهم الأمر إلى حد أن يكون العميل قائداً كبيراً, فالدكتاتور القذر كان رمزاً لك وللكثيرين من محامي الدفاع عنه, والذي دخل الكويت ونال ما نال, وهتك وما هتك من الأعراض, ونهب, وأحرق الأخضر واليابس, ألم يكن حينئذ عميلاً خدم أمريكا لتدخل بتلك الحجة إلى البيت العربي, ولتحمي العربي من بطش وجور أخيه العربي, والكثير من الشخصيات الفلسطينية -أنت تعرفها- أكثر مني, صنعتها أيادي المخابرات الإسرائيلية الموساد والأمريكية الــ(CIA) وهم حتى الآن قواد لحركات تعرفهم تماماً ألا تسمى تلك عمالة أم العمالة مخصصة للأكراد فقط !!!.
أما الرشاوى التي حصل عليها صدام ونظامه, فيكاد المرء أن يجن من هول الأرقام التي لا يستطيع قراءتها ,فهي كبيرة وبمليارات الدولارات, حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز:(أن حكومة الرئيس العراقي صدام حسين كانت تحصل بشكل منتظم على مليارات الدولارات في شكل رشى من الشركات التي تقوم بأنشطة في العراق,وقالت الصحيفة على موقعها على الانترنت نقلا عن مسئولين عراقيين أشرفوا على تلك العملية إن أموال صدام السرية غذيت من خلال موردين وتجار نفط من مختلف أنحاء العالم كانوا كثيرا ما يحملون حقائب مملوءة بالأموال للوزراء وأضافت أن هذه الأموال كانت تحول بعد ذلك من خلال شبكة من الحسابات المصرفية الأجنبية في انتهاك لعقوبات الامم المتحدة, وقالت انتهاك العراق للعقوبات كان سرا مكشوفا منذ فترة طويلة,ولكن لم تتضح أبعاد الفساد إلا في الآونة الأخيرة حجم وتنظيم نظام الدفع وتواطؤ الشركات المتورطة والأسلوب الذي كان السيد حسين يمنح به العقود والهدايا لمن يطرون عليه وقالت الصحيفة إن العراق استطاع جمع 3ر2 مليار دولار منذ منتصف عام 2000 عندما أمر صدام بهذا البرنامج بعد ثلاث سنوات من بدء الامم المتحدة برنامجها للنفط مقابل الغذاء, وأضافت أن من بين موردي العراق شركات روسية وسماسرة عرب وشركات صناعة أوروبية وشركات مملوكة للدولة من الصين والشرق الأوسط, وكان العراق يرفض بوجه عام الشراء بشكل مباشر من شركات أميركية) وهذه المعلومة نقلتها حرفياً من جريدة البيان بتاريخ 29/2/2004.
جملة من التناقضات, يحملها كلام هذا- المنجم- كما قال عنه الأستاذ إبراهيم اليوسف والذي بدوره شتمه السيد كيلو-ضارب المندل كما أقول أنا-و بشكل بعيد عن الأدب ولغة النقد الأدبي حيث لم يبرهن سوى أنه حاقد بغيض يدفن في نفسه الحقد للشعب الكوردي بكل أطيافه وأشكاله, ويقطع كل خيوط التواصل, ولا يترك لنفسه- خط رجعة- أو شعرة معاوية, ولكن كما يبدو أن (الرجل) له منهج هجومي حاقد بغيض وبدا واضحاً في كل كلمة تناول بها الأكراد قواداً وشعباً وحكومة.
أجل. يا سيد كيلو هناك مخطط ومشروع لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط وقالها بالتحديد وزير الخارجية الأمريكية كولن باول بأنه:( سنغير خارطة الشرق الأوسط في غضون عشرة سنوات) أي انه لا أنا ولا أنت ولا الدول التي ذكرت بأنها ستمنع إقامة فدرالية كوردية تستطيع أن تنبت ببنت شفة أمام المد الأمريكي الهائل وسيلها الجارف الذي سيمحي آثارك وآثار أمثالك من أتباع العنصرية والحقد ولأنك تصدر الإرهاب والحقد بكلماتك ومقالاتك, فأنت تساهم رسمياً بزرع الفتن بين الأكراد والعرب والقوميات العرقية الأخرى الموجودة في المنطقة العربية وبالتحديد في سورية والعراق, وهو نسف للوحدة الوطنية المطلوبة.
أرجو المعذرة من الأخوة العرب الطيبين, والمثقفين, والواعيين منهم , وأتمنى أن يكون السيد كيلو نموذجاً شاذاً منهم, ولا يرفس –هو- وأمثاله التضحيات التي قدمها ويقدمها الشعب الكوردي في سبيل الأخوة العربية الكوردية, والتي توجت بأخوة الدين, والعقيدة, وأتمنى أن يكون السيد كيلو فقط يمثل الشق الثاني من اسم مقالتي, وان يكون الشق الأول منها ردة فعل بسيطة مني على ما يبديه الكثيرين من أمثال السيد كيلو, ويروجون لمسائل طائفية عرقية, وتزرع الفتنة, والضغينة في قلوب الأجيال القادمة التي تطمح لأن تعيش بسلام, وأمان مع شعوب المنطقة التي يشارك العربي فيها الكوردي, ويشارك المسلم فيها المسيحي, ويشارك السني فيها الشيعي ,وأطلب من كل عربي شريف أن يقف مواقف مشرفة, ومنصفة ,ويطالب بالحرية, والسلام لشعوب المنطقة كلها.