|
ضوء على واقع الصحافة العراقية.. الجزء الاول
نجاح العلي
الحوار المتمدن-العدد: 2470 - 2008 / 11 / 19 - 08:39
المحور:
الصحافة والاعلام
قررت بعد تردد ان اكتب ما لقيته في الوسط الصحفي العراقي من حالات.. خاصة وان لي تجربة في الصحافة العربية والعالمية واني من القلة الذين دخلوا المجال الاعلامي بفنونه المختلفة ووسائله المتنوعة في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة.. ساسرد ما مررت به بعيدا عن الانوية عسى ان نوفق في تسليط الضوء على بعض الحالات التي صرحت بها لبعض الاعلاميين الاكاديميين وبعض الاصدقاء فشجعوني على التطرق اليها واطلاع الجمهور عليها لتحقيق الفائدة.. في البداية عندما كنت شابا يافعا وفي اول طريق الدراسة في كلية الاعلام وبعد ان تخصصت اكاديميا في هذا المجال ولم يكن لدي سابق علم ومعرفة بحيثيات الصحافة والاعلام حيث لم اكن اميز بين الخبر والتحقيق او اي شكل من الفنون الصحفية.. وكنت في حينها لم ابلغ ال18 من العمر وكل عمر له ظروفه وقراراته وتصوراته ونضجه.. ورأيت ان ادخل هذا الميدان لان هذا هو مصيري بعد ان دخلت كلية الاعلام ضمن القبول المركزي.. وبمساعدة احد الاصدقاء عملت في جريدة القادسية وانا مازلت في المرحلة الاولى في الكلية.. وبدات بدخول عالم الصحافة العراقية الواقعي وليس الخيالي والاكاديمي واكنت اقف مذهولا عندما يكلف رئيس التحرير احد الزملاء بكتابة زاوية للصفحة الاخيرة والتي كانت عادة عن مناسبة (وطنية) كعيد الجيش او يوم الشهيد وما اكثر هذه المناسبات في زمن النظام السابق علما انني عندما كنت اكتب زاوية استغرق بها على الاقل اسبوعا كاملا واعيد صياغتها عدة مرات كي تاخذ طريقها الى النشر.. ولا اخفي على احد كنت في البداية مبهورا بجو الجريدة رغم الاثاث البسيط والبناية البائسة التي تحيط بها الكرفانات المبنية من الصفيح والتي يقبع داخلها الصحفيون في حر الصيف اللاهب والتقنية المتخلفة والتي لم اعيها الا بعد الاطلاع على ادبيات الاعلام بان جهاز اللاينو والتيكر قد تم الاستغناء عنه وسقط من التعامل عالميا منذ مطلع التسعينات ونحن في صحفنا نستخدمه حتى عام 2002 .. اتذكر ان سكرتير التحرير عندما طلبت منه ان يوجهني وينصحني قال لي: افضل ان تتخصص في الرياضة او الفن فاستغربت من قوله وعلى وجهي اكثر من علامة استفهام.. لكنها عاد ليبرر رايه بالقول: اولا هذان التخصصان بعيدان عن السياسة ولا يدخلناك في معمعة ومشاكل مع السلطة وثانيا من الناحية المادية ستحصل على الكثير من المنح المالية فضلا عن الايفادات الى خارج العراق.. وهذه الامور لايحصل عليها المراسل او المندوب او المحرر العادي.. كان الراتب الشهري 25 الف دينار بين عامي 1998 وعام 2000 وقد قال لي زميل في الصفحة الاخيرة انه اجرى لقاء مع مطرب مشهور واعطاه ظرفا بداخله 75 الف دينار اي راتب ثلاثة اشهر وهذا يعزز ما ذهب اليه سكرتير التحرير.. المحررون والمراسلون قسمت الوزارات بينهم فمثلا الزميل (س) يغطي نشاطات وزارة التربية والتعليم العالي والزميل (ص) يغطي وزارة الاوقاف ووزارة العمل والزميل (ع) وزارة التجارة وهكذا وهناك تنافس شديد بينهم للفوز بوزارة جيدة مثل التجارة والصناعة والتي تدر عليهم مردودا ماليا امام ضعف رواتب الصحفيين وطبعا كل مراسل يعرف الوزير والمداء العامين وبذلك لديه حضوة عندهم لتسهيل انجاز معاملة او اعطاء قطعة ارض او تسهيل الحصول على منتج معين.. واسمع المحررين يقولون ان المدير العام الفلاني اغدق علينا بهدايا نقدية وعينية اكثر مما اعطانا الوزير وبالطبع يكون الثمن هو الترويج لهذه الوزارة او تلك المؤسسة او الهيئة والتعتيم على شكاوى المواطنين التي ترد الى الجريدة عبر البريد والتي قد تطلع عليها بعض القيادات العليا ان وجدت طريها الى النشر. صدمت وذهلت امام هذا الواقع وتكسرت امامي الكثير من الصور والكثير من الاسماء اللامعة بل ان الوسط الاعلامي بدأ يشعرني بالاشمئزاز وــ عذرا لهذه الكلمة ــ وبدات انازع بين ان اسير على خطى هؤلاء او ان اترك المجال الاعلامي نهائيا لكن بصراحة وجدت ان صفحة شكاوى المواطنين التي كانت تسمى استشارات اقرب الى نفسي واقرب الى العمل الصحفي الحر خاصة وهي لسان حال الناس البسطاء ووجدت هناك فسحة صغيرة من الحرية في نقد بعض السلبيات في دوائر الدولة دون المساس طبعا بالسلطة.. لذلك عمدت الى اجراء استطلاعات عن مشاكل الناس وهمومهم وقررت ان اواظب على نشر عمود اسبوعيا يتناول ظاهرة معينة تهم الناس علها ان تجد طريقها الى الحل او معالجة وفعلا بدات اكتب زاوية شبه ثابتة تحت اسم نقطة ضوء او وقفة كل يوم خميس في الصفحة قبل الاخيرة وكنت اجد سعادة غامرة اني اكتب شيئا مقتنعا به.. ولاحظت في هذه الفترة بعض التحوطات من قبل بعض المتنفذين في الجريدة من السماح لي بالنشر كوني شابا صغيرا واسما جديدا ومن عائلة بسيطة لكن مع ذلك قرروا ان يسمحوا لي بالنشر بعد ان رفضت العديد من المواد وقد استمريت بالكتابة حتى لو رفضت المادة.. لاني ببساطة كنت اكتب من اجل الكتابة لذاتها ومن اجل ان اعتد على الكتابة سواء اخذت طريقها الى النشر ام لا.
#نجاح_العلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ظاهرة الانتحاريات العراقيات بحاجة الى وقفة
-
ترسيخ مفاهيم المجتمع المدني من خلال المناهج التدريسية
-
صناعة السعادة في الحياة الزوجية
-
بيوت مغتصبة !!
-
جامعاتنا تستغيث!
-
من هم الشبك؟
-
ضرورة انصاف الأرملة العراقية
-
انعكاس الوضع الراهن سلبا على الحياة الاجتماعية للمرأة
-
مساعدات باليورو للعراقيين!!
-
مصير مجالس الصحوات والترقب الحذر
-
البطاقة التموينية بين البدل النقدي والتقليص
-
ما الضير لو اصبحت كركوك اقليما مستقلا؟
-
رؤية لنشر الديمقراطية في المجتمعات الثيوقراطية
-
ضرورة اعادة النظر في التوافقات السياسية للاحزاب والكتل السيا
...
-
المعرفة العلمية من ضرورات العصر الراهن
-
قضية كركوك .. هل ستظل معلقة الى ما لا نهاية؟
-
تعاظم دور المرأة في الحياة السياسية
-
معوقات عمل التعليم العالي في العراق
-
معالجة ظاهرة الفساد الاداري من جذورها الاجتماعية
-
تحفيز المواهب الكامنة عند الاطفال
المزيد.....
-
ثوان فاصلة.. تسلسل زمني يكشف تفاصيل آخر محادثة قبل تصادم طائ
...
-
-مضادة للمدمرات-.. الحرس الثوري الإيراني يكشف عن مدينة صاروخ
...
-
من جنوب لبنان وزير دفاع إسرائيل يحذر خليفة نصرالله: لا تكرر
...
-
تشييع حسن نصر الله في 23 شباط.. ونعيم قاسم: قرارات حزب الله
...
-
نعيم قاسم: الدولة اللبنانية مسؤولة بشكل كامل لتتابع وتضغط من
...
-
العراق: البرلمان يتبنى تعديلا في الموازنة يسهل استئناف تصدير
...
-
ماجد سعيد ىخر مستجدات الوضع في الضفة الغربية
-
الذكريات قد تكون وراء إصابة الشخص بالسمنة
-
صحيفة تركية: إسرائيل تفقد ورقة -الكردستاني- بسوريا وتبحث عن
...
-
القناة 12 الإسرائيلية: نتنياهو أعاد تشكيل فريق المفاوضات لهذ
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|