|
هل ما زالت أبواب الحوار مفتوحة؟
احمد حماد
الحوار المتمدن-العدد: 2468 - 2008 / 11 / 17 - 08:09
المحور:
القضية الفلسطينية
على الرغم من التطورات التي جاءت مفاجئة بخصوص تأجيل موعد إجراء الحوار الفلسطيني في إعقاب امتناع وفد حركة حماس من التوجه إلى القاهرة "بذريعة المطالبة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في الضفة قبل بدء الحوار" وهو بالمناسبة سبب وجيه لأنه لا يجوز باى حال من الأحوال اعتقال أي مواطن فلسطيني في الضفة أو غزة اى كان انتمائه الحزبي أو الايدولوجى على خلفية سياسية , إلا انه للتذكير فان الإخوة في حركة حماس وعلى لسان السيد إسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة كان قد أكد أن "حركته تتجه إلى حوار الفصائل الذي تستضيفه القاهرة بصدر مفتوح ورغبة في إنهاء الانقسام لكنه شدد على رفضه التعامل مع أية شروط مسبقة أو تهديدات بالاستقواء بأطراف خارجية". القيادة المصرية من جهتها وبصفتها الراعي للحوار الفلسطيني, قررت الإبقاء على أبواب القاهرة مفتوحة أمام الفصائل الفلسطينية خلال الفترة القادمة أملا في التوصل إلى أرضية مشتركة بين طرفي النزاع فتح وحماس , على الرغم من محاولة البعض الدفع بالأمور إلى طريق مسدود. وفي هذا التأكيد تبرز الدلالة العظمى والمعنى الصادق على أن الحوار هو السمة الحاضرة والحية في كل التوجهات الوطنية باعتبار أن الحوار هو المرتكز الحضاري الذي يرقى بالممارسة الديمقراطية ويرتفع بمستويات وعي المكونات السياسية في الساحة الفلسطينية ويرشدها إلى المعاني الحقيقية التي تستمد منها العملية الديمقراطية جوهرها الأصيل وفعلها الإيجابي الذي يتم من خلاله العبور إلى المستقبل واللحاق بركب الحداثة والتطور. ولهذا نقول إن الحوار ولكي يؤتي نتائجه المثمرة فلا بد له أن يُبنى على المرجعيات القانونية والثوابت الوطنية لكون مثل هذه المرجعيات هي الناظمة أصلاً لقواعد ومعايير العمل السياسي والديمقراطي والتي بدونها تصبح الديمقراطية نوعاً من العبثية ومن يبحث عن الحوار بعيداً عن الالتزام بتلك المحددات إنما يسعى إلى تجريد الديمقراطية من أهم مبادئها وإفقادها أهم عناصرها والانحراف بغاياتها نحو منزلقات خطيرة لتتحول الديمقراطية من أداة للنهوض والتقدم وخدمة مصالح المجتمع إلى معول للهدم والخراب واستشراء عوامل الفوضى. ومن الخطأ الجسيم أن تصر بعض القوى السياسية الفلسطينية على طروحها ومواقفها التي تحلق من خلالها في الهواء دون إدراك منها أن إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة في موعدها الرسمي يمثل استحقاقاً قانونيا وشعبياً وأنها بسعيها إلى إعاقة هذا الاستحقاق إنما تتجه إلى الانقلاب على هذا الحق واسقاط الوجه الرسمي والشعبي للعملية الديمقراطية بل أنها بعدم احترامها للمبادئ والمعايير والمرجعيات التي تقوم عليها مجريات الحوار تعلن خصومتها غير المبررة لتوجهات الحل للانقسام الجاري في الساحة الفلسطينية مدفوعة بالرغبة في الإبقاء على الأوضاع "محلك سر". ولا ندري بأي منطق أو مبرر يسوغ البعض حديثهم عن الديمقراطية وهم لا يكنون احتراماً للنظام العام أو القانون الاساسى الفلسطيني ويعترضون سبيل مؤسسات السلطة في تطبيق النظام والقانون فبماذا وكيف سيحكمون إذا ما انتهت فترة الولاية القانونية للرئاسة .والسؤال الجوهري هو : ما العمل ؟ حيث أن عامل الزمن يقترب من استحقاق التاسع من كانون ثاني القادم؟ وتبدو حاجة هؤلاء مؤكدة إلى الحوار أولاً حول قواعد والتزامات العمل الديمقراطي والحوار مطلوب لفض التشابك والخلط المفاهيمي لدى من يعجزون عن التفريق والتمييز بين ما هو سياسي وإداري واجتماعي واقتصادي وهى جميعها جوهر العملية السياسية. والموقف الخالي من علامات التفكير المنطقي وعقلانية التفاعل تجاه العملية السياسية الجارية مع الطرف الاسرائيلى لتصحيح هذه العملية أو وقفها عند اللزوم لمنع الانزلاق في الوحل أكثر مما نحن فيه. وكذلك استغرب من رفض البعض من مبدأ التمثيل النسبي الكامل لاى انتخابات سياسية أو نقابية قد تجرى في الضفة وغزة لا لشئ إلا لهدف في نفس يعقوب . لا غرابة من توجهات بعض هذه القوى الفاعلة على الأرض وكأن الأمر لا يعنيها , فالقانون النافذ في شيء من الاستهجان لديها ولم تبد ما يشير إلى رغبتها في التعامل معه بهدف تطويره وإصلاحه. وعلى من يعمد إلى فرض القبول بطروحه حول تغيير النظام االسياسى الفلسطيني دون نقاش أن يراجع موقفه عله يتلمس سبيله إلى اكتشاف الوضعية المتناقضة بل المتعارضة مع العملية الديمقراطية التي أقحم نفسه فيها في العام 2006 والتي تستند إلى اتفاقية أوسلو. والجلي في هذه الوضعية حالة عدم القبول بالرأي الآخر وحرمانه قسراً من التعبير عن نفسه ومصادرة حقوقه من الاعتبار وحسابات التقدير والترجيح للخيارات. وتلك هي الوضعية التي تمارس عملية الفرض لتصوراتها على الآخرين من زاوية مصادرة حق الآخر في أن يقول كلمته ويقرر اختياره في شأن يتعلق بالنظام السياسي الفلسطيني ، وهو النظام غير القابل أو غير المسموح التصرف الانفرادي فيه من طرف حزبي وسياسي مهما كان. ومن الممكن أن نأخذ في الحسبان صيغة الدوحة لحل الأزمة اللبنانية بالحوار الشامل تحت رعاية الجامعة العربية هي الصيغة التي تؤدي لإنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية الفلسطينية، وليس صيغة الحوار واللجان الثنائية والمحاصصة الثنائية بين فتح وحماس، وهذا ما أكد عليه (12) إثنا عشر فصيلاً بما فيه فتح مع القيادة السياسية المصرية. كما أن التجربة المرة التي عاشها الشعب اللبناني الشقيق ، أدت إلى انهيار محاصصات "لتحالف الرباعي" بين (تيار المستقبل، حزب الله، اللقاء الديمقراطي، أمل) وفشلت محاصصات الثلاثي بحل الأزمة الوطنية اللبنانية، استخلص حزب الله بعد عدوان حرب تموز/ يوليو 2006 الدرس الأساسي حكومة وحدة وطنية لمكونات الشعب لا نسب التصويت البرلماني، وقانون انتخابات جديد توحيدي، مؤكداً لا للمحاصصة الرباعية أو الثلاثية أو الثنائية بين الكتل البرلمانية، بل حكومة وحدة دخلها بعد صيغة الحوار الشامل في الدوحة كل الأحزاب والشخصيات البرلمانية وغير البرلمانية وعلى حساب حصة "تيار المستقبل وحزب الله واللقاء الديمقراطي (جنبلاط)" ، لصالح الذين لا حضور لهم في البرلمان والشخصيات المستقلة عن الكتل البرلمانية الخمس كما تم التوافق على شخص رئيس الجمهورية وإجراء التعديلات اللازمة حول الصلاحيات المخولة له. ويؤكد المشهد السياسي الفلسطيني بأكمله والمظاهر السلبية للممارسات الجارية في إطاره في الضفة الغربية وقطاع غزة من انتهاك للحريات وإغلاق بعض الجمعيات الخيرية والمؤسسات الإعلامية وحملات الاعتقال السياسي التي طالت المئات من النشطاء السياسيين من حركتي فتح وحماس على وجه الخصوص , أن من الضرورة بمكان مواصلة التمسك بقيم الحوار والذود عن الديمقراطية والحفاظ عليها من التوجهات العدوانية، والانتصار للشعب والمستقبل الفلسطيني ، و العمل على عقد انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة تحت سقف زمني يتم التوافق عليه، بانتخابات تمثيل نسبي كامل لتوحيد الشعب والقوى الوطنية، لا قانون انتخابات انقسامي وتقسيمي كما وقع بانتخابات 1996 وانتخابات يناير/ كانون الثاني 2006. ومن الممكن أن يتم هذا كله من خلال العودة للحوار المباشر بمظلة مصرية أو عربية للوصول إلى شاطئ الأمان , وتقريب المسافة والزمن نحو الدولة المستقلة.
*استاذ الإعلام المساعد- جامعة الأقصى غزة ----------------------------------------------------
#احمد_حماد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ظلال الذكرى ال 39 للديمقراطية
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|