|
التنمية البشرية.....مجرد وعود !!
إبراهيم حسن
الحوار المتمدن-العدد: 2468 - 2008 / 11 / 17 - 08:07
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
قبل الولوج في الموضوع يستحسن توضيح مفهومي التنمية والتنمية البشرية لغرض الإحاطة بالموضوع بصورة كاملة وواضحة.
إن مفهوم التنمية من خلال لفظة التنمية للوهلة الاولى للمتلفظ " يشير الى ارتباطهِ بعلم الاقتصاد"، وهذا صحيح الى حدٍ كبير.
برز مفهوم التنمية في بداية أمره في علم الاقتصاد وقد أستخدم للدلالة على عملية إحداث مجموعة واسعة من التغيرات الجذرية في مجتمع معين وبصورة تدريجية،بهدف إكساب ذلكَ المجتمع القوة والقدرة على النمو والتطور الذاتي المتواصل بمعدل يضمن للمجتمع التحسن المتزايد والمستمر في نمط ونوعية الحياة لكل أفراد ذلكَ المجتمع، بمعنى زيادة قدرة المجتمع على الإستجابة للحاجات الاساسية. بعين الوقت تفاعل المجتمع مع أفرادهِ وتفاعل افراده معه. اما عن التنمية البشرية فالمعروف إن تعريفَ التنمية البشرية بأنها توسيع خيارات الناس وتعزيز وأسناد قدراتهم من أجل إستثمار أمثل – وأعم وأشمل لهذه الخيارات – والتنمية بحد ذاتها إذا إستخدمت وفق فهم للواقع المعاش ومتطلبات النهوض بالمجتمع، والخروج من أزماتهِ الاقتصادية بشكل خاص والاجتماعية والسياسية بوجهِ عام.
هذهِ هي خلاصة مفهومي التنمية والتنمية البشرية، فهما من خلال ما ورد أعلاه يؤكدان على إحداث تغييرات في المجتمع من شأنها النهوض بواقع المجتمع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي.لكننا إذا ركزنا النظر في هذين المفهومين نجد إن من الصعوبة تحويل ما يتضمنه هذين المفهوين إلى أرض الواقع.
بمعنى آخر تطبيق التغييرات التي تتضمنها التنمية البشرية في أي مجتمع. فهل هناك عوائق وعراقيل تعوّق عملية التنمية في بلدان العالم بشكل عام، والبلدان العربية بوجه خاص ؟
نعم....إن هناك العديد من المعوّقات التي تشل من توّسع حركة التنمية في بلدان العالم أجمع، وعلى وجهِ الخصوص بلداننا العربية.لأسبابٍ كثيرة تتعلق بمجتمعاتنا العربية منها غياب الوعي الثقافي، أضافة الى العادات والتقاليد ( الموروثات الثقافية) التي تسهم بشكل فعال ومباشر في إعاقة التنمية، فضلا عن عقائد الدين الاسلامي كون الدول العربية حاضنة لهذا الدين الذي يفرض بعض القيود تجاه التنمية والتطور. أضافة الى عدم تقبل العقل العربي لبعض المفاهيم الفكرية المتعلقة بتطور مجتمعه وإنعزاله بعض الشئ وعدم مواكبته لسير جحافل التطور هذا ما ما قورن بالمجتمعات الغربية.
ونحن كثيراً ما نسمع عن التنمية البشرية في وسائل الإعلام وتقارير المنظمات الانسانية " الحكومية والغير حكومية" وسبل النهوض بها،عبر خطواتٍ تحددها بعض المنظمات الإنسانية، إلا إن هذهِ الخطوات لم تدخل حيز التنفيذ، أو بالاحرى أنها مجرد حبرٌ على ورق !!. فواقع العالم اليوم يشير الى تراجع او بالاحرى فقدان المشاريع التنموية التي من شأنها إعادة الفقراء الى روح الحياة، كما إن هناكَ مؤشراتٌ أخرى تدل على ذلك. الا وهي تفاقم الفقر المدقع خصوصاً في البلدان العربية، وخاصة تلكَ التي تعاني من أزماتٍ إقتصاديةٍ وسياسيةٍ وإجتماعية.
إن التنمية البشرية هدفاً منشوداً لكل بلدان العالم....نعم....لكنهُ بنفس الوقت ليس " سهلا للغاية" حتى نستطيع أن نحققهُ بما يتناسب وطبيعة المجتمع البشري، فهذا لا يتم الا بعواملَ عدة وبصورةٍ تدريجية. فنحنُ كثيراً ما نسمع عن التنمية البشرية والوصول بالبشرية إلى أوج سعادتها والهبوط بها إلى بر ألامان...لكن هذا لا يتحقق بمجرد سكب الحبر على الورق، أو بمجرد تحليلات بسيطة تعالج جانباً وتهمل جوانبَ أخرى.وإنما يتم عبر تواصل وإنكباب في الدراسات التنموية وتطبيقها على أرض الواقع تسبقها تجارب تجريبية أخرى من شأنها تسديد خطى العاملين في حقل التنمية البشرية.
وعليه فإننا لسنا بحاجةٍ الى مؤتمراتٍ وتقايرَ حول التنمية البشرية او إحصائيات حول عدد المتضررين والمتعففين في العالم....إننا بحاجةٍ إلى تحديد مسارات التنمية البشرية أولا.....وإعادة صياغة تطبيق خطواتها ثانياً.....ومن ثم العمل بمواظبة ومثابرة من أجل تحسين الواقع المترّدي " الوضيع" للفقر والفقراء.
إن التنمية البشرية مشروعاً ضخما يحتاج الى جهودٍ جهيدة ووقتٍ طويل ونمو بطئ يواكب ما نطرحه على ارض الواقع من فعل. وإلا فليسَ هناك تنمية بشرية تتم بواسطة التقارير والاحصائيات وغيرها من خزعبلات ما يكتبون !!
* إبراهيم الساعدي 16/11/2008
#إبراهيم_حسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما هي ألانثروبولوجيا ؟
-
هلوسة الصباح
-
الفهم الخاطئ للحرية.... هل سيؤدي بالعراقيين إلى الهلاك ؟
-
في ظل غياب الوعي الثقافي... هل نشهد عدم توزان أفكارنا ؟
-
دوّرُ الوعَيّ الفِكري فيّ إرشاد الفرَدِ العِراقي
-
عطر الغايب لـ جمعة الحلفي.... معالم لحركة تجديد في الشعر الش
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|