نبيل الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 2466 - 2008 / 11 / 15 - 06:24
المحور:
الصحافة والاعلام
هذا السم اليومي الذي يتوجب أن نشربه يوميا , ممزوج بحقد قديم مستمر لايبدو عليه سحنة نقص مرور الزمن وتغير الأحوال أو الانتهاء .
الأمر والأدهى والأكثر إيلاما هو أن تدفع ثمنه لساقيك إياه مع الشكر والتقدير,
هذا هو حالنا مع نسخة العراق من أفعى الشرق الوسط السعودية , النافثة أخبار بلادنا , لنا , على صفحاتها كما تراها , أو تتمنى أن تكون أو تريدنا أن نفهمها .
- لنقلب معا عدد 13/11/2008 من جريدة الشرق الأوسط , ونبدأ, بكم , الإعلانات المنشورة بالصحيفة , موضحة لنا مقدار فساد أجهزتنا الحكومية التي تقدم بدون مقابل ماكان صدام يجعلهم يقبلون حذائه من اجله (التمويل ) , الإعلان روح أي صحيفة مستقلة وشريان حياتها ولا أتحدث هنا عن ماتسمى بالجرائد الصفراء في كل زمان ومكان , تقبض لتمدح , وتعتاش دوما على فتات موائد السلطان , ولكن الجريدة السعودية مملوءة ويا للعجب بإعلانات حكومية عراقية وزارات ومؤسسات , ومن مجموع الصفحات أل(20) هنالك (6) صفحات محشوة وممتلئة تماما بإعلانات لأمانة بغداد و(سومو) وغيرها من المؤسسات النفطية العراقية ,ووزارة الإسكان مرورا بالشركة العامة لتجارة الحبوب وانتهاء بوزارة الصناعة والمعادن , والحديث يدور هنا عن (دفاتر ) أي عشرات وربما مئات ألوف الدولارات , لنسخة يوم واحد من الإعلانات , وهو مايترجم ماديا , أن (10) جرائد عراقية غير صفراء من الممكن أن تمول نفسها لمدة شهر !! , وتسلم رواتب (حلال) لمئات من العراقيين , ثم يسألونك عن أسباب البطالة !!, والعجيب إن الصحيفة المحترمة خالية من أي إعلان سعودي لمنتجاتهم المتواجدة مثلا في أسواقنا , أو طلب لعمال عراقيين و كفاءات للاشتغال في المملكة المحروسة , ليس بدل من , ولكن لنقل مع مئات الألوف إن لم نقل ملايين القادمين من مختلف بقاع الأرض للعمل في المملكة , فماذا لو طلبت السعودية عاطلين عراقيين ومن مختلف الاختصاصات وبعقود وضمانات للعمل المنتج داخل أراضيهم , ولن نمانع حتما إذا اخترتم عرب وسنة عراقيين مادامت حكومتكم تكره منا الشيعة والأكراد .
- لنقلب الصحيفة , ففي صدر صفحتها الأولى أخبار (الرب) أو حاميه الذي لا تناقش أفعاله , ومؤتمر الملك عبد الله السعودي المنعقد في نيويورك بمبادرة من المملكة حول الحوار بين الأديان , والحوار المقصود ذو طابع سياسي أساسه اللقاء مع رؤساء الدول الغربية المسيحية , وبحضور رئيس دولة إسرائيل , كيهودي , وكل ذلك للدعاية لمبادرة السلام السعودية ويدها الممدودة لإسرائيل , ولكن المرفوضة هنالك بانتظار المزيد من التنازلات وتلبية مطالب أبناء العم صهيون , وإذا كان الحوار أساسه ديني لاسياسي فأين صوت ممثلوا الديانات الهندوسية والبوذية والزرادشتية والسيخ وغيرها من الأديان والمعتقدات التي تمثل مجتمعة عددا اكبر من أتباع الإسلام والمسيحية واليهودية ؟ .
- ونعود للصحيفة وعناوينها حول أوضاع العراق , ومن سياقاتها يستنتج القارئ أن ملاسنات دامية (وليس حوار ديمقراطي لايفهمه الأوباش ) دائر بين مكونات الشعب العراقي وقادته سواء أهل الحكم أو المعارضة , كما إن الانفجارات تتوالى حسب الصحيفة , والشعب بأكثريته مريض جائع جاهل , لايعرف مايفعله حتى متنوروه , بانتظار سعودي شهم يريهم خارطة الطريق !!؟؟ .
- تعيد الصحيفة السعودية بنسختها العراقية , ترديد الابتكار ألعجائبي الشيطاني حول المؤامرة الأمريكية الصهيونية لذبح شعب العراق الجاهل بأمره ؟,وتنبه على لسان مراسليها المحليين , القابضين رواتبهم من لحم ثورهم , لتنبيه القراء بما تقوم به القوات الأمريكية من قتل متعمد للمدنيين , ولكن كيف ؟ ...
- انفجارات الكسرة , تقدم الجواب , وتحقيق في الصفحة الأولى والثانية يقدم للقارئ العراقي أدلة من موقع قلب الحدث , وبلسان عراقيين مدنيين وعسكريين , التقاهم المراسل على ذمته ومسؤوليته , واخبروه أن الأمريكان هم من تسبب في التفجيرات والدمار الذي حدث في سوق الكسرة , لا القاعدة ولا الوهابية ولا التكفيرية , ولا أي انتحاري سعودي متهم ظلما لاسامح الله .
لنمشي معا ولنصدق ماجرى وفق هذا المبدأ , ولنجرع السم الذي تقدمه لنا الجريدة السعودية , ولنقل أن أمريكا والصهيونية أعداء لنا يجب اجتثاثهم والحذر منهم , فماذا يفعل اليوم ملكهم المفدى عبد الله في نيويورك تحت سقف واحد في حوار مع بوش وشمعون بيريس زعيم إسرائيل , ليمارسوا أكذوبة التقاء الأديان ؟ جربتموهم ونمتم في أحضانهم قبلنا , فهل تخشون اليوم الطلاق والفراق ؟؟ .
- حلال عليكم حرام علينا .
- عمود الخيمة في هذه الصحيفة السوداء , والتي تدفع لها حكومتنا ودوائرنا أثمان سمها وصدورها , إعلانات متواصلة , هو عبد الرحمن الراشد , الوهابي التكفيري السابق , والوطني الليبرالي الناصح حاليا , لايبرز ولا ينفث فقط حقده وكراهيته لكل مسمى عراقي من الشعب وحتى الأرض والحكومة , أي حكومة كانت لا فرق بين صدام وقاسم والمالكي ( وللمزيد من الاطلاع يمكن قراءة ماكتب مسبقا يحرض حكومته على أي عراق كان ويطلب منها عدم إسقاط أي دين اوتعويضات ومعارضة أي تسليح للجيش العراقي , حتى بسيوف خشبية ) , كراهيته تظهر طافحة بشكل احتقار وتقليل من شأن الشعب والشخصية العراقية بتكرار لا يستنتج منه غير محاوله تغطية الشعور بالنقص المتأصل والكامن داخله , كبدوي متخلف خارج من صحراء قاحلة يحبو تجاه ابن الخضرة والماء والحضارة , ارض الرافدين .
ونختم وجيزنا , بما ورد في مقاله في نفس العدد المذكور ولنرى اهتماماته , فهذا الراشد الموجه للدمى التي تكون هيئة التحرير , وصاحب الرأي في سياسات الجريدة وما تنشره يعنون عموده
كيف نعيش ب20 دولارا للبرميل
هل يذكركم العنوان بحدث ما أو بمصيبة ما ؟
بالنسبة لي خطرت ببالي فاجعة كربلاء ومقتل الإمام الحسين , ولكن كيف ؟ أرجو منحي فرصة قبل شحذ السيوف والسكاكين , فعبد الرحمن الراشد , الذي تشكلت دولته السعودية بأسرها بإيعاز ومباركة أمريكية بعد الحرب العالمية الأولى لتكون خزان البترول الاحتياطي الذي يمول الإنتاج والاقتصاد الأمريكي , وأرسلت شركة ارامكو وخبرائها لتكون المربية والحاضنة , للأسرة وأموالها وفكرها المتخلف , ليشتد ساعد , الأسرة الدولة , وتصبح رأس الرمح الذي سيطعن كل حركة تقدم وتنوير في العالمين العربي والإسلامي في القرن العشرين , ومن يستطيع نسيان أفعال يد الخير السعودية من أفغانستان واندنوسيا إلى الجزائر والمغرب مرورا بالعراق والسودان , ولكن ماعلاقة الراشد بفاجعة كربلاء ؟, في عموده بالصحيفة يبدأ باللطم والبكاء وتمزيق الثياب , فأسعار النفط إلى هبوط , وسلعته التي أعطته القيمة والمقام وأجلسته وسط المشاهير في أوربا وأمريكا , تبور هذه السلعة التي لايملك سواها غير رمل الصحراء وعقاربها , ونفسية أفاعيها .
لا فرق بينه هنا والكثير من قيادات التخلف الشيعي اللذين لاسلعة وتجارة لهم غير دم الحسين ومأساته , تستلزم اللطم وتدمير الذات آلاف السنين , فماذا لو بارت ؟
مقالة الراشد ثانية هي لطم وتطبير بسبب هبوط أسعار النفط وانخفاض (قيمة) السعودية بعدها , فما العمل بالنسبة لتاجر شاطر مثله في كل زمان ومكان ؟
في السوق يبحث التاجر وصاحب السلعة عن المشتري ليشرح له جودة بضاعته في نفس الوقت الذي ينكل وينتقص من قيمة سلعة الآخرين , كما يحاول خنق أي تاجر آخر يرى فيه ضعفا أو قلة انتباه وحذر , ولكن لديه من نفس البضاعة مايوازيه أو يفوقه ؟؟ ولا داعي للإطالة .....
- مشكلة عبد الرحمن الراشد وأمثاله إن العراق ليس نفطا فقط , بل أن البترول الذي خلق السعودية الثرية الجرباء , لعب هذا النفط دورا سلبيا في حياة العراقيين , وارتفاع أسعاره في السبعينات والثمانينات أدخلهم الحروب والاقتتال , ثم المجاعات والحضر والاحتلال , وكلما انخفضت أسعار نفطه , سيعود العراقي لأرضه وتجارته وحرفه وصناعته , ويهجره حكامه الطارئون الفاسدون , ويعيش كما كان مرتاحا لا يخشى إلا من غزوات بدو الصحراء القادمين جنوبا , عبر القرون والسنين , يبحثون عن لقمة عيش, حبة قمح أو قطرة ماء .
#نبيل_الحسن (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟