|
كيف يديرون أزماتهم
ايليا أرومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 2466 - 2008 / 11 / 15 - 03:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الديمقراطية الامريكية لقد ظللت متابعاً و معجباً بالديمقراطية الامريكية منذ زمن ترشح العم جيمي كارتر الديمقراطي .. وقتها كنت صبياً يافعاً مهتماً بالقضايا العامة .. شهدت في تلك الحقبة من الزمن مجريات احداث حصارالسفارة الامريكية بطهران من قبل الطلاب الايرانيين .. وقد حجز كل الذين بداخل السفارة من الامريكان كرهائن لفترة طويلة.. وقد قصمت حادثة حصار السفارة الامريكية ظهر عهد الشاهات ايران العلمانية و أذنت ببداية دولة ايات الله الاسلامية .. جاء رونالد ريجان الجمهوري و في عهده استهدف القذافي و دمر منزله لتفديه ابنته بالتبني بروحها و لينجو العقيد بجلده . و بينما بوش الاب يرقد هادئاً مطمئناً في بيته البيضاوي اذا بصدام حسين يقض مضجعه يكسر السكون و الهدوء بغزو الكويت و الاستيلاء عليها في صبيحة يوم مظلم .. و أجزم بان تداعيات غزوة صدام حسين للكويت هي واحدة من الاسباب التي لا تزال تشكل كل التغيرات الايجابية و السلبية التي تنتظم عالمنا و تشكله سياسياً و اقتصادياً .. اكتفي بوش الاب بطرد صدام حسين من العراق في حرب الخليج الاولي متضامناً مع الجيوش الاممية تحت أمرة الامم المتحدة .. حل بيل كلينتون الديمقراطي محل بوش لتعلن القاعد عن تدشين حقبها و بزوغ نجمها بتفجيرات السفارات الامريكية بكل من نيروبي و دار السلام .. في ولاية بيل كلينتون انفتح علي الكون عصر الارهاب الدولي العابر للقارات و المحيطات .. و في خطوة مفاجأة للمراقبين صب كلينتون جام غضبه علي السودان فضربة مصنع الشفاء بدعوي انتاجها للاسلحة النووية ..وقصف جبال تورابورا الافغانية بزعمها مأوي الافغان العرب الارهابيين .. اما عهد بوش الابن فهو اكثر العهود الامريكية بغضاً من سائر شعوب العالم و حكوماتها .. هو عهد الثأرات و تصفية الحسابات الشخصية و العامة و الانتقام لامريكا من اعداءها في الخارج.. فكأن بوش اراد ان ينتقم لأبيه من صدام وقد وجد ضالته المنشودة في الحادي عشر من سبتمبر ... استطاع بوش ان يصنع من الحادي عشر من سبتمبر فوبيا اسطورية يخيف بها الامريكان بمناسبة و بغيرها . بل ذهب بوش و قطع لنفسه شوطاً بعيداً في اخضاع العالم و تقسيمه الي معنا او ضدنا . مل الامريكان من خطابات بوش و كرهوا الجمهوريين بسسبه .. وقد ادركوا يقيناً اسباب كراهية شعوب العالم لأمريكا فتطلعوا بشوق عارم و شغف لا يقاوم الي التغيير .. اوباما و السباق المحموم نحو البيت الابيض اشتدت المنافسة لنيل شرف الفوز و من ثم استحقاق دخول البيت الابيض لما يقارب العام في سباق و تنافس شبه عنيف احياناً و عدوانياً في غالبه .. فتنافس أوباما هيلاري لترشيح الحزب الديمقراطي كان ساخناً و حاداً جدا .. فهيلاري التي دخلت الي حلبة المنافسة مع أوباما لم تفشع لها ماضيها و أرث زوجها الذي كان رئيساً سابقاً للولايات المتحدة الامريكية .. و لم تخدمها جنسها كأول امرأة امريكية تترشح لهذا المنصب الكبير الرفيع .. فقد اختار الامريكان خيارهم الي التغيير مبكراً .. و طلما كان النزوع التي التغيير قد شكل هاجساً و جداراناً فاصلاً للشعب الامريكي ينبغي اجتيازه و القفز علية .. فقد حسم هذا الشعب امره ووضع أولوياته التي لا تنفع معها الارث التاريخي او الخلفيات العرقية و ما شابه ذلك من التقسيمات العنصرية .. دغدت هيلاري و عزفت علي أوتار كثيرة و مختلفة من هذا القبيل و ذاك عندما احتدمت و ضاقت حلقات التنافس و تباعدت فوارق النقاط بينها و منافسها أوباما .. و كم من مرة جنحت فيها هيلاري و كادت ان تفقد منطقها او تخرج من نطاق رباط جاشها .. و لا ننسي لها ثباتها فقد ظلت دائماً تستعيد توقد روح الحلم و تستدرك الامور سريعاً و احياناً تعتذر عن الاخطأ التي تبدر منها عن قصد وعن سهو .. صبرت هيلاري و ثابرت حتي النهاية التي كانت قاسية جداً عليها لكنها تقبلتها علي كل حال و لو علي مضض .. تقبلت هيلاري الهزيمة بشاعة بالرغم من مرارتها و قسوتها فقد ابتلعتها بصعوبة ... و ان نسينا فأننا لن ننسي لها وقفتها الاخيرة برفقة زوجها بيل كلينتون مأزرة لخصمها السابق بل عدوها اللدود العنيد باراك أوباما .. و لا شك في ان لمأزرة هيلاري لباراك الفضل الكبير في جذب اصوات النساء و حلفائها الحانقين علي باراك .. بفضل مساندة هيلاري تمكن اوباما من احراز النصر الكاسح علي غريمه ماكين .. فقد اختار ماكين ساره بالين طمعاً في اصوات النساء التي كانت ستذهب الي هيلاري و لكن هيهات .. أما عن التنافس بين ماكين و اوباما فان لم يكن اكثر شراسةً وعنفاً و عدوانية عن سابقتها فهو علي كل حال ليس بأقل منه .. توقفت كثيراً عند كلمة جون ماكين و هو يهنيئ اوباما و يعلن هزيمته و خسارة الجمهوريين للانتخابات الامريكية و فقدانهم لمنصب الرياسة .. كان موقف ماكين موقفاً شجاعاً و بطولياً يندر وجوده .. فهل تابعتموه معي و هو يقول وسط وجوم انصاره :- الفشل ليس فشلكم لم تفشلوا انتم لكنني انا هو الذي فشلت .. انا اعترف بالاخطأ و اتحمل وزر بعضها .. لقد قال الشعب الامريكي كلمته و اختار رئيسه و هو رئيسنا .. من اليوم فصاعداً باراك اوباما هو رئيسي و رئيسكم .. هكذا يمضي ماكين بثبات و ثقة المنتصر و ليس المنهزم يمضي قائلاً :- أن باراك شاب طموح ووطننا أمريكا هو وطن تحقيق الطموحات الكبيرة للذين يعملون امريكا هو المستحيلات الممكنة .. تكلم ماكين ووضع يده وخبرته الطويلة و كل الجمهوريين تحت امر و تصرف رئيسهم المنتخب باراك أوباما لبناء الامة الامريكية القوية .. وطلب بتضامن الشعب بكل انتماءاته و خلفيات مع الرئيس الجديد الحكومة المقبلة لخير أمريكا .. العالم يحتفل بفوز اوباما
لست جمهورياً انتمي الي حلف ماكين و لا انا من الديمقراطيين موالي لأوباما .. ولا انكر بأنني في اللحظات الاخير ملت الي اليمين قليلاً لأجد نفسي ضمن السرب الكبير المتعاطف مع أوباما . فتمنيت لسباب اجهل ان يكون الاسود في الابيض ... اما عن المتعاطفين مع أوباما فهم ألوان طيف متباين بعضهم يتعاطف مع لون بشرته السوداء .. لكنني عندما اتفرس بامعان في وجه أوباما يراودني الشك في صحة عيوني و امكانية اصابتي بعمي الالوان .. أخرين يتجاذبونه و يشدون علي أصول الرجل و يكادوا ان يقطعوها أرباً أرباً بينهم بحسب اختلافاتهم .. فالافارقة لا يأتي الشك من بين أيديهم فحبوبته لا تزال موجودة في ادغال غابات كينيا .. وقد نحر القريون الكينيون الثيران و أعلنت الحكومة الكينية يوم فوز باراك عطلة رسمية في البلاد و يوماً قومياً للكينين لتربعهم علي عرش العالم .. و في السودان اعلنت حكومة الجنوب يوم الخميس عطلة رسمية في جنوب السودان معبرين عن ابتهاجهم بفوز باراك بتعطيل دولاب العمل و توقيف عجلة الانتاج و التنمية ان وجدتا اصلاً . المسلمين من جانبهم و علي رأسهم القاعدة التي تتشبث بأصول أوباما الاسلامية بل تمعن في مس عقيدته المسيحية و تدعوه الي اعتناق الاسلام . اما أهلي النوبة النيمانج فقد انتزعوا أنتماء أوباما لهم انتزاعاً من باقي اخوتهم في الجبال اذ احتفلوا بهذا الحدث في أمبده فمبروك لهم و للجبال اجمع .. ولكن المدهش في الامر حقاً هو ان اكون وحداً من المحتفلين بأوباما .. زرت الخرطوم يوم الخميس الموافق 6 / 11/ 2008م لبعض المهام وقتها كانت كرنفالات الافراح بفوز أوباما تجتاح مدن العالم و قراها كما فعلت اعصار كاترينا بسواحل امريكا قبل عامين .. و كنت وزميلي المسافر معي في ضيافة احد الاصدقاء الذي يقيم في قلب مدينة أم درمان النابض .. و كعادتي دائماً احرص علي زيارة شوايات المورده لتناول عشاء فاخر من سمك الصر .. اما مضيفنا الكريم فقد أصر هو الاخر بأن يكون العشاء معه في مكان اختاره بعناية وبذوق فداعبته هل ذبحت خروفاً علي شرفنا فاكتفي بالضحك .. اخذنا اخ ثالث بعربته الي مضيفنا لنذهب معاً الي مكان العشاء ... هو مطعم فاخر احسبه مطعم خمسه نجوم بحسب فهمي المتواضع لمصطلح الخمسه نجوم .. عند مدخل المطعم توقفنا قليلاً للتأمل في المكان المذدان بتلألي الانوار و الاضواء و اللمسات الجمالية التي تدخل البهجة الي النفس .. فقلت لضيفنا كان حرياً بك ان تبقي هذا المكان ليوم عرسك لتسعد به قلب عروستك .. ولجنا الي بهو المطعم في الطابق الارضي و من ثم صعدنا الي الطابق االعلوي وسط ترحيب و احتفاء كبيرين من مضيفي الفندق .. كان مضيفنا و هو صديقي الذي اعرفه جيداً حاتمياً بدرجة قف تأمل .. فأحترت في قرارة نفسي دون أنطق بكلمة واحدة .. قدمت الرقائق التي تحتوي علي ما لذه وطاب من اصناف المأكوت و المشروبات و الحلاويات و المحليات .. فطلب مضيفنا ان يختار كل منا ما يشتهي اختار صديقنا الخرطومي البيتزا و اختار رفيق سفري الفراخ .. اما أنا فقد أكتفيت بالنظر الي الاصناف و اسعارها و أحسب حساباتي في ظل الانهيارات المالية .. ألح مضيفنا علي بأن اختار صنفاً من الطعام فتركت له خيار ان يختار لي أي أكله حلوه يرأه مناسباً .. أعدت الوليمة الكبري و وضعت امامنا ليباركها مضيفنا معلناً بأنها عشاء الفرح الكبير بفوز اوباما هي مفاجأة لم اكن اتوقعها لكنني فرحت سعدت بها . عدت الي الابيض مدينتي و انا أزف البشري الي زملائي بأنني ذهبت الي الخرطوم للمشاركة في احتفالات فوز باراك أوباما في الانتخابات الامريكية.. الانتخابات الامريكية الاخيرة كانت انتخابات غير مسبوقة في كل جوانبها المحلية و العالمية .. و قد أجريت الكثير من استطلاعات للرأي في شتي انحاء العالم كما لو ان الرئيس الامريكي هو رئيس لكل العالم ... تحمس له العرب كثيراً جداً و بالاخص الاخوة الفلسطينين طمعاً في حل قضيتهم العادلة مع اسرائيل .. اما عن الاسرائيلين فقد سمعت بأذني التي ستأكلها الدود سمعت من فم السيدة ليفني المرشحة لمقعد رئيس الوزراء في اسرائيل ... سمعتها و هي تقول نحن سعداء بانتخاب رئيسنا تقصد و تعني انتخاب باراك أوباما .. قد نختلف مع الامريكان لدرجة كراهيتهم .. و قد نصفهم بالامبريالية او الشيطان و لكننا حتماً لا يمكن ان نداري اعجابنا الشديد بديمقراطيتهم الفريدة و طريقتهم في ادارة ازماتها و حل مشاكلهم .. فشعلة الحرية لم تزل مرفوعة و كل الذين يعشقون الحرية سيرفعون رؤوسهم الي السماء و سيبصرونه شامخاً عالياً مرفوعاً .. اما كل الذين يعشقون الحرية فحماً سينالونها ان قصرت الايام و ان طالت ...
ايليا أرومي كوكو الابيض 10/ 11/ 2008م
#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف
...
-
زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
-
-خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|