استجابة لرغبة الكاتب والصحفي الاستاذ ابراهيم ابراهيم اجاب السيد صلاح بدرالدين على اسئلته حول واقع ومستقبل وافاق الحركة القومية الكردية في سورية متابعا قضاياها وشؤونها وشجونها وفي ما يلي النص الكامل للاجوبة :
- البحث عن اجوبة للتساؤلات المطروحة حول الوضع الكردي في سورية ليس سهلاً بل أقول بانه مهمة صعبة و أقرب الى التعقيد لكونه – الوضع الكردي – محكوم من جهتين ومشدود بين فكي كما شه
أزمتين ( اذا جاز التعبير ) : ازمة الحركة الوطنية الديموقراطية السورية وازمة الحركة القومية الكردستانية ، فلابد للوصول الى هدف الاحاطة والتوضيح من المرور بتفاصيل الحالتين الوطنية السورية والقومية الكردستانية لشدة التشابك والتداخل بين الجوانب الثلاث التي تشكل معاً كلا واحدا بالاساس .
فالحالة الوطنية السورية كما هي على ارض الواقع تتميز بصفة انتقالية موقته ، وهناك صراع متعدد الوجوه محتدم يدور في الخفاء بعيداً عن وسائل الاعلام سيقرر مستقبل وجهة سورية ونظامها وموقعها وبالتالي مصير الشعب السوري والديموقراطية والتغيير والاصلاح مقابل ذلك الصراع البنيوي العميق داخل السلطة والنظام والمعزول عن الشعب والجماهير. هناك جمود وتردد في الضفة الاخرى واقصد بين اوساط القوى والجهات والفئات السياسية من خارج النظام مع انعدام وجود أي برنامج بديل وآليات لتحقيقه وخطط عمل لرسم المستقبل السياسي للبلاد . هناك نوع من الدوران على الذات لدى البعض وضياع فكري وسياسي لدى البعض الاخر والبحث عن مواقع لدى آخرين وتقييمات خاطئه من جانب من كانوا يتصدرون مواقع المعارض- ولولفظيا – خاصة بالنسبة لحقيقة قضايا ومضمون الصراع الدائر في السلطة والنظام والتشخيص غير الواقعي لموازين القوى وتوجهات التيارات المتصارعة الى حد المراهنة على دور الرئيس في عمليه التغيير والاصلاح وتحقيق الديموقراطية والانحياز الى جانبه بمعزل عن النظرة الواقعية والتاريخية لطبيعة النظام الدكتاتوري الشوفيني وكون مؤسسة الرئاسة الراهنة امتداد عضوي لما كان قائماً منذ اكثر من ثلاثة عقود من استبداد ، وطغيان وفساد لايمكن تقويم اعوجاجه إلا بالحل الجذري عبر البديل الوطني الديموقراطي .
أما الحالة القومية الكردستانية فتكاد تنحصر في العراق كمركز قومي يجلب أنتباه الحركة السياسية الكردية القومية في كل مكان ، حيث الحركة هناك تواجه ظروفاً بالغة الدقة والخطورة اذ تقف أمام نيل الاستحقاقات في وضع حرج يمربه العراق الجديد ما بعد سقوط الدكتاتورية ، ألى درجة أن تحقيق الطموحات الكردستانية المشروعه في النظام الفدرالي يحدد ليس مستقبل العراق – الديموقراطي – فحسب بل مصير بلدان وشعوب الشرق الاوسط برمتها وفي القلب منها الشعب الكردي حول خيار التغيير والتطور والديموقراطية والقضاء على الارهاب والتعايش القومي السلمي بين الشعوب والقوميات التي تزخرا المنطقة بها .
امام هاتين الحالتين تقف الحركة القومية الكردية السياسية في ساحة النضال آخذة بعين الاعتبار لما يدور من حولها وتتأثر – بشكل يومي – بتطورات الحالتين سلباً أو ايجاباً . حيث السكون الوطني يؤثر سلباً والجمود المزمن في جسم المعارضة –الداخلية – وتهافت البعض الذي كان من معارضه – الخارج – يلحقان ضرراً بالغا بمسيرتنا ومستقبلنا على المستويين القومي والسياسي ، أما حل المسألة الكردية في العراق على اساس الفدرالية المطروحة من جانب شعب كردستان وتحقيق المشاركة الكردية – العربية
العادلة في اطار دولة ثنائية القومية فمن شأنه ان يدفع حركتنا نحو الامام ويسرع في ايجاد الحل السلمي الديموقراطي لقضيتنا القومية ضمن حدوث تطور ديموقراطي وتحول ايجابي على مستوى البلاد .
ومن هنا يلاحظ في وضعنا الخاص هذا وكما أشرتم اليه بروز ظواهر سلبيه اخرى تضاف الى ماهو قائم اصلاً ومتراكم في الجوانب العديدة من جسم الحركة الفكرية والسياسية والتنظيمية تلتقي اغلبيتها على الشعور بالحذر والازدواجية في التعامل والخوف من المستقبل ، وعدم المصداقية في العهود والمواثيق والتحالفات ، والتفرد في الخطوات – الاحادية – اعتقد أن هذه امراض سياسية للمرحلة الراهنة – الانتقالية – ستزول بعد حسم المسألة العراقية وانعكاس ذلك على مستقبل النظام السياسي في بلادنا وحركتنا .
هناك أيضاً انعكاسات المرحلة الانتقالية الراهنة على كافة بلدان المنطقة ودقتها للجميع بقراءة الوضع حسب مبدأ المهم والاهم . فالاهم هو تحقيق ماهو متوقع في العراق وعدم اضاعة الفرص التاريخية السانحة ، والمهم هو عدم اثارة – الجوار – أو استجلاب قواه العسكرية في هذه الاوقات العصيبه , وهناك ايضاً انتظار نتائج ما ستيرتب عليه من مستجدات ووقائع داخلية في موازين القوى السياسية في كردستان العراق عشية تحقيق الفدرالية وتوحيدالادارتين وتجديد وتطويرهياكل ووسائل وبرامج الاحزاب ومواقفها القومية في ظل انطلاق حركات المجتمع المدني ولجان الاستفتاء حول حق تقرير المصير والنهوض القومي العارم كدليل على نضوج العامل القومي واستكمال شروط وعي كردستاني شامل في ظروف ناضجة . لذلك نحن كحركة قومية كردية في سورية أمام احداث جسام وتحولات جذريه في النهج والسلوك والمفاهيم وعلى قاب قوسين أو ادنى من انعطافة حادة على الصعد القومية والوطنية والاقليمية . وعلينا التحضير لذلك والاستعداد لاستيعاب الجديد خاصة اذا كان بفعل العاملين الداخلي والخارجي .
اضافة الى كل ذلك تقف شعوب الشرق الاوسط ليس بمعناه الجغرافي الكلاسيكي بل بموقعه الاوسع كما حدد في المشروع الامريكي " للشرق الاوسط الكبير " امام منعطف حاسم ستتحدد معالمة المستقبلية على مدى تقبل عملية – الدمقرطة – المقترحة والتغيير المنشود في الانظمة السياسية والبرامج الاقتصادية والتربوية والثقافية وفي مجال احترام حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير المصير وحرية المرأة وعلى صعيد مواجهة الارهاب واستئصاله ووضع حد لحركات الاسلام السياسي الاصولية وعنفها الاعمى ، وفي هذا الاطار تتابع حركتنا في غربي كردستان وفي سائر الاجزاء تبعات ونتائج المعركة الدستورية – السياسية التي اطلقتها الحركة القومية الكردية في العراق بشأن الفدرالية والشراكة الكردية – العربية على قاعدة الاتحاد الاختياري ، وتتوقف المحصلة على مدى تجاوب وتفهم الاصدقاء والشركاء العرب لارادة الكورد وخياراتهم في العيش المشترك وفي تصحيح الخطأ التاريخي الذي أقترفته الانظمة السياسية العربية في كل من العراق وسورية بتجاهل الكورد شعباً وقضية وحقوقاً . نعم نحن أمام امتحان تاريخي واختيار مصيري في الموقف العربي الرسمي والشعبي ومن جانب النخب السياسية والثقافية . والسؤال هو : هل سيتقبل العرب وجود الكرد وحقوقهم في هذه الظروف المصيرية الحرجة على اسس ومبادئ القانون الدولي والشرائع السماوية والمصالح المشتركة ، وهل سيتحقق الحل العربي الحضاري للقضية القومية الكردية عن طريق الحوار والتفاهم والشراكة الحقيقية والتعايش السلمي . أم أن الادارة الشوفينية العنصرية والمصالح الضيقة ستفرض حلولها الضاره بالشعبين وتعيد الامور الى الهاوية من جديد وتدفع بالكورد للبحث عن مصالحهم بصورة منفرده والحفاظ على وجودهم وحقوقهم وانتهاج خياراتهم الخاصة ضمن ما يرسم من مشاريع وبرامج اقليمية وعالمية وآخرها المشروع الامريكي " للشرق الآوسط الكبير " حسب ارادتها ومصالحها ومتطلبات أمنها القومي وسلامة اجيالها .
من الصعب أن تتفق اطراف الحركة القومية الكردية في سورية على نهج واحد وصيغة موحدة واساليب نضالية مشتركة وبالاخير على الاولويات وحتى التكتيكات في ظروفها الحالية والمسافة يمكن أن تضيق بعض الاحيان بين عوامل الافتراق ولكن الفجوة ستدوم وخاصة بين مفهومين تاريخيين تزامنا مع البدايات ويجب أن لايغيب عن بالنا بهذا الصدد خصوصية حركتنا في مجال الخلاف والصراع والاختلاف بعضها مفيد ومحرك وعامل تطوير وتصحيح والقسم الاكبر يعيق سبل التقدم ويعرقل تحقيق الهدف . وتسجل هذه الحقيقة المؤسفة في قائمة السلبيات وتعود كما طرحت سابقاً والآن الى نوعية العامل الذاتي .
تاريخياً لم يحصل في مسار حركتنا منذ – خويبون – في ثلاثينات القرن الماضي وحتى الآن اية تسوية تاريخية بين طرفي الصراع الداخلي اللذين عبراً عن وجودها بشعارات ومفاهيم ومواقف وتعبيرات عديدة والتي تلخصت في كونفرانس الخامس من آب لعام / 1965 بجناحي – اليسار القومي – واليمين القومي – وكان هذا التبلور وذلك الفرز من حسن طالع الحركة القومية الكردية بحيث ادياً الى الخروج من حالة الضياع الفكري والضبابية السياسية والجمود . ولاشك ان رجال كونفرانس آب قد بذلوا جهوداً نظرية مشكوره للاجابة على مجمل التساؤلات المتراكمة عبر السنين ، وتحديد الوجهة الحقيقية الصائبه ، وتشخيص منابع الازمة وجذورها وحلولها عبر تحليلات ودراسات للمجتمع الكردي وتاريخ الحركة في اطارها المزدوج – القومي والوطني – وكذلك معرفة موازين القوى ودورها في مستقبل الديموقراطية والحلول الممكنة للقضايا المطروحة على بساط البحث وسبل انجاز المهام الموكوله للحركة السياسية على المستويين السوري والكردي .
كما ان حركتنا السياسية لاتحمل اية تجارب بشأن التوصل الى اتفاقات عبر الحوار ولا تتميز بأي ارث ديموقراطي يختزن عبراً ودروساً في مجال تحقيق المصالحات القومية ووضع المواثيق بين الحركة السياسية المتمثلة بالاحزاب من جهه وبين التيارات القومية المستقله أو التي تحمل افكاراً مغايره وحتى بين اجنحة الحزب عندما كان موحداً والمنظمات والمجموعات لاحقاً ، بعبارة موجزة نفتقر جميعاً الى تقاليد ديموقراطية اصيله في عملية التفاعل والصراع السياسي بين التيارات والمواقف والاجتهادات ، وليس لنا إلا نبدأ من جديد لتدشين نهج التعايش بين الافكار وتعلم ادارة الصراع السياسي مع الآخر والحوار مع المختلف ، وحسب قناعتي من الصعب تحقيق ذلك دون اجراء التغييرات على العامل الذاتي وازاحة من عاش على وتعايش مع عقلية تخوين الآخر وتجاهل المقابل ورفض التمايز واقصاء المعارضة.
يحز في نفسي احيانا عندما يتكرر أمامي من جانب عدد من مثقفينا بين الحين والاخر اعادة طرح موضوعتي – اليسار القومي – واليمين القومي – كاشكالية مصطلحية احيانا ولغوية وسياسية احيانا اخرى ، ولا ادري إلى متى سيدوم سوء الفهم هذا وكيف يمكن لهم النجاة من الوقوع في هذا الفخ بعد الآن.
فتعبيرا – اليسار واليمين – كانا قد سبقاً ظهورنا بعقود وليسا من صنعنا ، وهناك مئات الآلاف من المصطلحات السياسية والعلمية واللغوية ظهرت الى الوجود بفعل تأثير الانسان وقوته ودوره في الحياة واكتشافاته وابتكاراته في مجالات الثورة والنضال والابداع والبناء ، وتزداد وتتضاعف هذه المصطلحات في كل زمان ومكان ، اغلبيتها ترافق مسيرة الانسان وبعضها يتبدل وهناك ماهو جوهري ومبدئي وماهو وقتي زائل .
لقد كتبت اكثر من مرة وشرحت مراراً ان خصوصية – يسارنا – تكمن في انه لم ينبثق من معارك طبقية اجتماعية ولم يتكون على مفاهيم الصراع بين الطبقات ، بل ظهر من صلب المعركة القومية عندما أشتدت حول مسألتي الموقف من النضال القومي الكردي في سورية والموقف من الثورة الكردية في كردستان العراق. المسألة الاولى دارت حول : هل نحن شعب أم اقليه وبالتالي كيف نرسم اهدافنا ومطالبنا على ضوء ذلك وكيف نرسم برنامجنا ونضع خططنا . هل كحزب قومي وطني ديموقراطي أم كجمعية اصلاحية .
والمسألة الثانية دارت حول تشخيص القيادة الشرعية لثورة ايلول على ضوء موقعها ودورها ومركزها التاريخي واهدافها ومطالبها وادارتها للعلاقة مع سلطات بغداد . فكان القرار بتشخيص القيادة التاريخية بزعامة البارزاني الخالد .
يسارنا بظهوره بهذا الشكل انطلق قومياً ليتوسع اجتماعياً بين صفوف الشعب واغلبيته الساحقه من الطبقات والفئات الاجتماعية المسحوقه قومياً واجتماعياً لانه عبر عن طموحاتها وحمل اهدافها ، لذلك استحق بجداره ان يسمى با – اليسار القومي – خاصة وانه لم يكن جزءً من الحركة الشيوعية ولم يكن عضواً في – الكومنترن – بل كان فصيلا من فصائل حركة التحرر القومي ، وتعرض الى محاربة من جانب الشيوعيين الاكراد الذين فضلوا التعامل مع نقيضه واقصد – اليمين القومي – تحت ذريعة – التطرف والاعتدال – حول المطالب القومية ، ووقوف – اليسار القومي – في مواجهة النظام السياسي الحاكم وفي صف المعارضة في وقت كان فيه الشيوعييون منحازون الى صف النظام وفي – جبهته - .
وبما أن هذا اليسارالقومي – لم يستنفد دوره وطاقاته على الساحة السياسية ، وبما أنه لم ينجز بعد دوره التاريخي فما علينا سوى التعويل عليه وبحث سبل تعظيم قواه وتوحيد صفوفه وذلك ليواصل دوره في العملية السياسية ويساهم بفعالية في العملين القومي والوطني .
ولاحاجه بنا الى القول بأن – ورثه – كونفرانس آب هم بمثابة العمود الفقري – ليسارنا القومي – ولابد لكل هؤلاء – الورثة من الرضوخ اولا لمتطلبات التجديد وتحسين العامل الذاتي – والاتفاق ليس على تقاسم غنائم الميراث بل لتوزيع اعباء ومهام وواجبات ذلك الميراث النضالي العظيم سياسياً وتنظيمياً وجبهوياً حسب ما تقتضيه الاحوال .
فمهام كونفرانس آب مازالت غير ناجزة في قسم منها رغم مر السنين وتغير الظروف ولاشك بان المضمون مازال كما هو وان طرأ التغيير في الشكل والوسائل .
وهنا لابد من الاشارة إلى أن – اليسار القومي – في الوقت الراهن ليس شكلا واحداً على صعيدي التكتيك السياسي والاطار التنظيمي وبالتالي لايجوز واقعياً مخاطبته بلهجة الجمع ، فقط استطاع كونفرانس آب استحضاره وتأطيره وتوحيده قبل حوالي 40 عاماً واخرجه حزباً واحداً مسلحا بالرنامج السياسي والمنطلقات النظرية والخطط الكفاحية الفاعلة إلا أن انفرط عقده – التنظيمي – وارادت القوى المعادية في السلطة الاستبدادية الشوفينية ان تعظم تقاطعاته الشلليه وتحول تعارضاته الهامشية والذاتية الى صراع حقيقي وتفرق في صفوفه باتجاه ايجاد واختلاق حواجز فكرية ونفسيه وخاصة بين مجموعات كانت – طرفية – مقارنة مع الاصل – المركزي - .
أما – اليمين القومي – نقد بات واضحا انه لم يكن في مستوى المسؤولية القومية التاريخية في معظم المراحل . وفي اغلب المحطات الهامة ان لم نقل في كلها اثبت ذلك اليمين انه ليس في حل عن المسؤولية القومية فحسب بل حتى عن تعهداته – الجبهوية – ووعوده من خلال الاطر والقواسم المشتركة في الشأن القومي التي تفرزها قضية التحرر الوطني والقومي في مراحل معينه . والسبب حسب تقديري هو عدم ايمانه اصلاً بالعمل القومي الكردي الجاد وافتقاره الى البرنامج الاستراتيجي حول الحقوق والمطالب القومية وبحثه اساساً عن سبل وطرق لتحقيق اهداف ورغبات اخرى مغايره لاتتعدى طموحات متواضعه حول منافع طبقية واجتماعية وشخصية ولاباس من – امرارها – بين الحين والآخر في بركة – اللون القومي – حتى لوكان لامد محدد ولتحقيق غاية سياسية.
هناك ولاشك ومن باب تطور الوعي القومي والوطني تحولاً في لهجة الخطاب السياسي نحو المواقع الاكثر واقعية وصدقاً ومسؤولية كما هناك ايضاً وبالملموس تغييراً جذريا في وعي الرأي العام الكردي والكردستاني وفي تعامله مع الاحزاب ومع الجملة القومية والوطنية ومع السلطة واجهزتها وبدأ يميز بوضوح بين الجدية والهامشية في العمل القومي وبين الاصالة الثورية المتجدده والجمود المزمن والارتداد والتهافت وبين من يعملون بصدق على وضع اللبنات من اجل تحقيق هدف بناء حركة كردية قوية ديموقراطية ذات برنامج واضح وشفاف ومؤثر وفعل جماهيري مقرون بالتضحية من اجل مصالح المجموع والنضال بدأب ونشاط ومن موقع – الجندي المجهول – وتحمل الصعاب بكافة اشكالها .
الى جانب ذلك وبالتوازي معه بدأت الانظار تتجه نحو العامل الخارجي الفاعل خاصة بعد تحرير كل من – افغانستان – و – العراق – من سلطة الجهل والتخلف والاستبداد ونشر الديموقراطية وثقافة حقوق الانسان وحق الشعوب وبرامج الاصلاح الاقتصادي . وقبلهما ما حصل في يوغسلافيا السابقة وتحرير شعوب البلقان واعادة حقوق القوميات في تقرير المصير .
كذلك لايمكن في أي حال تجاهل جدية المشاريع الامريكية المطروحة من مشروع – الشراكة الامريكية – الشرق اوسطية الى مشروع " الشرق الاوسط الكبير " وبينهما المشروع الاوروبي الذي طرحته المانيا في مؤتمر الامن العالمي الذي انعقد مؤخراً هناك ، كل هذه المشاريع تدور حول مسائل اساسية تتعلق بمستقبل شعوب المنطقة ( ومن بينها الشعب الكردي ) حول التغيير والحرية والديموقراطية والتقدم والبناء وحرية المرأة . ان هذا التطور الاستراتيجي في المفهوم العالمي وخاصة في مواقف القوي العظمى وفي المقدمة القوة الاعظم الولايات المتحدة الامريكية تجاه قضايا شعوب المنطقة يفتح افاقاً جديدة رحبة أمام مصير الشعوب عامة والشعب الكردي على وجه الخصوص ويعزز من فرصه الموضوعية باتجاه تحقيق اهدافه وخاصة في تقرير المصير . كما يضع على كاهل حركة التحرر القومي الكردستانية مهاماً جديدة وفي مقدمتها ضرورة اعادة حساباتها في مجال الفكر والسياسية والصداقات والتحالفات على المستويين الكوني والاقليمي وانتهاج خطاب متجدد يتوافق مع نتائج هذا الزلزال الواقع في جميع المفاهيم والافكار السابقة ومن ابرز معالمها ان الولايات المتحدة – زعيمة الامبريالية العالمية – حتى وقت قريب تنوب عن قوى التقدم والتحررفي عملية التغيير الديموقراطي والاجتماعي والثقافي اضافة الى القيام بتحرير الدول من الدكتاتورية ورعاية وحماية حق الشعوب وحقوق الانسان فيا للمفارقة … هذه حقيقة يجب التعامل معها بكل انفتاح وقبول وتقبل والعمل على تطوير وسائل نضالنا وتبديل وتفعيل الشعارات في العمل السياسي ووضع البرنامج السليم دون – ركوب الرأس – وتجاهل الواقع والاصرار على العداوات – القديمة - من الواضح أن – اليسار القومي – الكردي وفي تجربته النضالية كان همه الاساسي البحث عن حل القضية القومية بأسلوب الحوار السياسي وفي اطار حركة التحرر القومي كان وما زال
معجباً بكل المبادئ والاطروحات التي انتصرت لحق الشعوب وللحق الكردي ابتداءً من مبادئ ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى ومبادئ الرئيس – ويلسون – وشعارات الاشتراكية الدولية ، والاحزاب الثورية وقبل ذلك مبادئ وشعارات الثورة الفرنسية . كما أنه كان ومازال يحبذ الحل الاشتراكي للمسألة القومية الكردية اذا امكن حسب مبدأ حق تقرير مصير الشعوب الذي تتبناه الثقافة الاشتراكية في المجال النظري . أو حسب مبادئ الديموقراطية الليبراليه المتداولة الآن والتي تتبنى ايضاً حق تقرير مصير الشعوب . وبسبب هذا – البحث – المستمر عن الحل من جانب – اليسار القومي الكردي – فانه لم يضع في برامجه أولوية التحول الى الصفوف الامامية في بحث ومناقشة ودراسة الاجتهادات النظرية في الفلسفة الماركسية أو الدخول في صراعات اجنحة الحركة الشيوعية بل كان دائماً وابداً في حدوده – القومية – والاقليمية وفي اجواء ثقافة التحرر القومي ، لذلك من الظلم تحميل – اليسار القومي الكردي – مهام ليس في صلب برامجه وليس من واجباته الملحة .
من واجب ومهام الحركة القومية الكردية في سورية اتخاذ خطوات دون تأخير واولها تأطير وتنظيم
( وجود وفعل وفكر وسياسة ) الاتجاهين الرئيسيين فيها أي كل من – اليسار القومي – و اليمين القومي – ولاادري اذا كان هناك من مكان ثالث بين الاثنين كما ينادي به بعض مثقفينا ، الى جانب بلورة البرامج والمفاهيم والخطط السياسية حول الحاضر والمستقبل والتفاعل مع آفاق ومقدمات التطورات القادمة على صعيد بلادنا والعراق ( كردستان العراق ) والمنطقة بل واتخاذ الاستعدادات اللازمة من الآن ، وهنا وفي هذه المرحلة الدقيقة نحن احوج ما نكون الى مساهمة المثقف والاختصاصي في بلورة البرامج النضالية والعمل الفكري على صياغتها وتحديد المهام الاستراتيجية والمرحليه ووضع الخطط التكتيكية ، واعتقد أنه من واجب المثقف الكردي الملتزم بقضايا شعبه أن يخرج من شرنقته أولا ، ويكف عن نهج – العويل والمديح – الذي يكاد يطبع مسيرته الثقافية الآن وينتقل الى الابداع والانتاج المفيد ويغلق النوافذ نهائياً ويستعمل الابواب المشرعه فلا اعذار وذرائع بعد الآن حيث قضيتنا بدأت تطرح في كل مكان والنقاش حولها يدور من على كل منبر وجاء وقت التعبير السليم والواقعي عن ما يريده شعبنا وما يهدف اليه وبايجاز بدأت قضيتنا بكل مضامينها الفكرية والسياسية والبرنامجية والمطلبية تنتقل من النخبه السياسية
الى اوساط الجماهير الواسعة التي هي صاحبتها الحقيقية المعنية وهذا التطور يفسح المجال واسعاً امام المثقف الكردي ليقوم بدوره الايجابي المطلوب.
خطوتي في التنحي جاءت كعمل استراتيجي مدروس ومحسوب لصالح تطوير وتعزيز قدرات حركتنا القومية وستبقى ناقصه اذا لم تلحق بها خطوات اخرى من جانب آخرين فلماذا التأخير والى متى الانتظار ؟
كما أن انسحابي من رئاسة حزبنا المناضل لا يغير ولا يبدل من قناعاتي وممارساتي الوطنية والقومية وسأستمر في دعم واسناد الحركة القومية الكردية في سورية ورفاقي واصدقائي بطريقتي الخاصة وحسب ما أراه منا سباً ومفيداً للصالح العام .
ولاشك أنني كشخص فرد أو كمشرف على رابطة كاوا للثقافة الكردية سأحاول تحقيق العديد من المشاريع الثقافية في خدمة القضية القومية والديموقراطية والحوار الكردي مع الشعوب العربية والتركية والايرانية وسابذل جهدي للتواصل مع مثقفينا وكتابنا واعلاميينا من الجيل الشاب في غربي كردستان اللذين أكن لهم كل التقدير والاعجاب واتابع نتاجاتهم وابداعاتهم بكل فخر وسرور .